أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عزوف الحياة في قصيدة -خذ روحي إليك- علي البتيري














المزيد.....

عزوف الحياة في قصيدة -خذ روحي إليك- علي البتيري


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 01:10
المحور: الادب والفن
    


يا هذه الدنيا سئمتُكِ فاغربي"
عنّي ومن قلبي أنا لا تقربي
ما عدتِ واعدةً بفجر باسمٍ
وشروقُ شمسِكِ حالمٌ بالمغربِ
ما عادَ يخدعُني بوجهكِ بارقٌ
هو كالسرابِ وكم برقتِ لتكذبي
حزنٌ على حزنٍ ويكتمل الأسى
والعيشُ فيكِ عقوبةٌ للمذنبِ
وهو البريءُ وطبعُ حكمِكِ ظالمٌ
لا تظلمي ولَظى خطايَ تجنَّبي
ما عدتُ أرغبُ في وجودٍ حبْلُهُ
من مقلَبٍ جرَّ الحزينَ لمقلَبِ
هو واهمٌ مَن ظنَّ أنكِ جنةٌ
في الأرض تحضنُ كلَّ قلبٍ مُتعَبِ
أنتِ العذابُ بجمرهِ وبنارِهِ
أرجوك عمري باللظى لا تُلْهبي
الموتُ أفضلُ من حياةٍ أجدبت
وحقولُها أصفرَّت بفصلٍ مجدبِ
هوَ ذا خريفُ العمر يركضُ هارباً
من جورِ دنيا باحثاً عن مَهرَبِ
يا موتُ لا ترحم حياتي واطوِها
حتى أقولَ لها دعيني واذهبي
دارُ البقاءِ أحبُّ لي وتغرُّني
دارُ الفناءِ وأمرُها يحتار بي
ما عادَ لي أملّ بيوم واحدٍ
يصفو به عيشي فموتي مطلبي
يا ربِّ خذْ روحي إليكَ ونجِّني
من نابِ دنيا استنسَرَت أو مخلبِ
دنيا المذلَّةِ والمهانةِ لم تكن
في لحظةٍ من مبدئي أو مذهبي"
أقول عن رائد، ها أنا تجاوزت الستة عقود ولم أر أي نصر في حياتي، وأكثر من هذا، كل ما مررت به، هزائم متلاحقة، وتخاذل يكبر أفقيا وعموديا، ويمتد زمانيا ومكانيا، بحيث لم أعد أجد أي بقعة ضوء أسترشد بها، فما بالنا فيمن تجاوز العقد الثامن!
هذا الواقع يفرض ذاته على كل مواطن عربي نبيل، على كل موطن ينتمي لأمته/ لشعبه، فما بالنا عندما يكون هذا المواطن شاعر، يمتلك أحساس ناعم ومشاعر مرهفة، فكيف له أن يتحمل هذا الواقع!؟ وهذا يقودنا إلى العديد من الأدباء والشعراء الذي فضلوا إنهاء حياتهم على أن يعيشوا القهر، أو قضوا مقهورين من واقعهم، أو عزفوا عن الدنيا، وكتفوا بالعزلة، وهنا أذكر بالفنان والمسرحي الفلسطيني مصطفى الحلاج الذي قضى أكثر من خمسة عشر عاما دون كتابة، احتجاجيا على هزيمة 67.
"الشاعر "علي البتيري" يتحدث عن عزوفه الحياة في قصيدة "خذ روحي إليك" مبينا أساب ذلك: "سئمتك، ما عدت واعدة، ما عدت ارغب، وجهك كالسراب، تكذبي، العيش فيك عقوبة، حكمك ظالم، أنت العذاب، عمري باللظى" فمن عيش هذا الواقع بالتأكيد رحيله أرحم من البقاء في هكذا واقع.
وإذا توقفنا عند ألفاظ القسم الأول، فسنجد أن هناك مفاصل أساسية، تعطي القارئ صورة عن حال الشاعر، حيث يبدي قرفه من الدنيا وعدم رغبته بها، من خلال تصوير الدنيا على أنها الجحيم: "لظى/ باللظى، بجمره، وبناره، تلهبي" وأيضا نجدها تفتقد، للماء سبب الحياة: " كالسراب، أجذبت/ مجدب، أصفرت" هذا على الصعيد المادي، أما على الصعيد النفسي فيقول عنها: "سئمتك، حزن/ الحزين (مكرر ثلاثة مرات)، الأسى، ظالم، عقوبة، جور" وبهذا لم يعد هناك أي سبب يدفع الشاعر ليبقى/ يتمسك، يرغب في الحياة.
هذا ملخص لمضمون القصيدة، لكن طريقة تقديم القصيدة هو المهم، فالشاعر يقسمها إلى ثلاثة أقسام، حيث بدأ بمخاطبة الدنيا، ثم مخاطبة الموت، ويختمها بمناجة الله، وإذا ما توقفنا عند هذه التقسمات، سنجده يسهب في الحديث عن الدنيا، مبدي أساب عزوفه عنها، وقرفه منها وتناقضه معها، وهذا ما جعل القسم الأول طويل، بحيث أخذ هذا القسم أكثر من ثلثي حجم القصيدة، مبقي الثلث الأخير ليخاطب الموت والله.
وإذا ما توقفنا عند مخاطبة الموت، نجد الشاعر يتحدى الموت: "لا ترحم حياتي، اطوها، فموتي مطلبي" وهذا يشير إلى أن الشاعر أكتفى من الحياة ولم تعد له بها حاجة/ رغبة/ أمل/ طموح، ونلاحظ أنه يفتتح هذا القسم وختمه بالحداث مع الموت.
كما نلاحظ أن الشاعر يستخدم لفظ "دار" مرتين، دار البقاء: "دار البقاء أحب لي وتغرني"، ودار الفناء: "ما عاد لي أمل بيوم واحد" وإذا ما توقفنا عند الألفاظ التي استخدمها في دار البقاء "تغرني" أطول من تلك التي المتعلقة بدار الفناء، فأطول لفظ مكون من أربعة حروف، وهذا يخدم فكرة الشاعر عن دار البقاء ودار الفناء، فالفناء قصير، بينما البقاء "تغرني" دائم وطويل.
ويختم الشاعر القصيدة مناجيا ربه: "يا رب خذ روحي إليك ونجي" مشيرا إلى عدم انسجامه مع الحياة لأنها تتناقض مع طبيعته.
إذن نحن أمام قصيدة قاسة ومؤلمة، وهذا المضمون (يتعب) القارئ، من هنا نجد الشاعر يستخدم مخففات تحد من قسوة المضمون، فنجده يكثر من الصورة الشعرية التي تعم القسم الأول، وشروق شمسك حالم بالمغرب، هو كالسراب، حقولها اصفرت، خريف العمر يركض هاربا" وكما أن سلاسة القصيدة وانسيابها جعل القارئ يستمتع بما قدم له، رغم قسوة مضمونها وما فيه من ألم.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعبية في رواية خرفيش محمود عيسى موسى
- الاستعمار الاستيطاني في رواية -الحريق- محمد ديب، ترجمة سامي ...
- البياض المطلق في -أمي- مراد السوادني
- التسلية في قصة -معضلة الزنزانة رقم 13-
- الشعر وتقديم الواقع في قصيدة- طفلان يبتسمان-
- غزة في رواية -سلالة من طين، غزة الباكية- قمر عبد الرحمن
- الواقع والتغيير في -خطابات الإسكندر- فيصل زريقات
- الوطن في قصيدة -حين ثملت يا وطني- نزيه حسون
- عودة الحياة في قصيدة -صديقي الشاعر من غزة- لشاعر المتوكل طه
- الفلسطيني في رواية مرآة واحدة لا تكفي
- الواقع العربي في رواية -اللجنة- صنع الله إبراهيم
- -حكايات خريفية-* للفلسطيني حامد حج محمد رواية الغياب بامتياز
- -خبايا الرماد- لجهاد الرنتيسي ... رواية الأحداث السياسية
- الواقع اللبناني والعربي في كتاب -هذه وصيتي- كمال جنبلاط
- حول كتاب -المثقف في صورة نبي-* للكاتب فراس حج محمد
- التغريب في قصيدة -قصر طائر!- سامي البيتجالي
- صدى الأصوات في قصيدة -أصرخ- أحمد الخطيب
- أدب المقاومة في مجموعة -وقال الطائر الذبيح لا- سمير عزت نصار ...
- المخابرات في رواية -من جبل الجرف إلى تل أبيب- أشرف مسعي
- الطبيعة والمجتمع في قصيدة -البازلت- سامر كحل


المزيد.....




- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عزوف الحياة في قصيدة -خذ روحي إليك- علي البتيري