أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - المصيدة؛ ثنائية الجنس والفساد















المزيد.....

المصيدة؛ ثنائية الجنس والفساد


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 02:40
المحور: الادب والفن
    


1
الاستبداد والفساد، هما آفة معظم دول المشرق في خلال النصف الثاني من القرن الأخير ووصولاً إلى زمننا الراهن. وقد كانت سورية، كما هوَ معروف، نموذجاً صارخاً في هذا المضمار. محاولات فضح الفساد، سينمائياً، إقتصرت على التركيز على حالات فردية ودونما مسّ بنية النظام البعثي ذاته. لقد كانت محاولاتٍ خجولة، إذاً، وعلى قلّتها. فحتى نهاية عقد السبعينات، لم يتناول ذلك الموضوع سوى فيلم واحد، " السيد التقدمي "، المنتج في عام 1974 من قبل المؤسسة العامة للسينما. وجديرة بالملاحظة، كيف عمدت ذات المؤسسة في عامٍ سابق إلى إنتاج فيلم " وجه آخر للحب "، الذي يتحدث أيضاً عن شخصياتٍ فاسدة، إلا أنّ الأحداث تدور في لبنان وليسَ سورية: مع أنه في ذلك الحين، كانَ لبنان دولة مزدهرة ويتمتع بنظام دستوري برلماني!
في مفتتح عقد الثمانينات، صدرَ فيلم " المصيدة " من إنتاج المؤسسة العامة للسينما؛ مدته 100 دقيقة وبالألوان الطبيعية. مخرج الفيلم، وديع يوسف ( 1937 ـ 2007 )، سبقَ لنا في مقال سابق أن تكلمنا عن تجربته السينمائية. ومع ما قيل عن تتلمذه، أثناء دراسته في موسكو، على يد المخرج السوفييتي الكبير غريغوري تشوخراي، فإنه حينما عاد للوطن انخرط في تسجيل أفلام وثائقية عن منجزات الرئيس القائد وزياراته واستقبالاته. أول مساهماته في فيلم روائي طويل، كانَ عام 1974، في " العار "؛ وهوَ عبارة عن ثلاثية، مأخوذة عن ثلاث قصص لفاتح مدرس، تعهّد وديع يوسف إخراج إحداها، " خيرو العوج ". أما مؤلف قصة " المصيدة "، فإنه الأديب علي عقلة عرسان ( مواليد 1941 )، المعروف ككاتب مسرحي. إلا أن هذا الكاتب، فوقَ ذلك، معروفٌ بترأسه شبه الأبدي لاتحاد كتاب سورية، فطبعه بمسحةٍ بيروقراطية تسلطية وإقصائية. علاوة على " المصيدة "، قدّم عرسان للسينما قصة فيلم " شناو "، 1977، عن عملية إرهابية فلسطينية في النمسا؛ وقصة فيلم " طارق بن زياد "، 1999.
فيلم " المصيدة "، تتمحور حبكته على فتاة فقيرة يتم استغلال جمالها، جنسياً، لترتيب عقد صفقات من قبل عدد من الرجال، المتورطين بالفساد. إنه يذكّرنا بفيلم " دمي ودموعي وابتسامتي "، المنتج عام 1973، عن قصة لإحسان عبد القدوس، ومن إخراج حسين كمال. في عام 1986، أنتجت السينما المصرية فيلماً تكاد قصته أن تكون مطابقة لقصة فيلم " المصيدة " في عدة تفاصيل: حنان ( ليلى علوي )، تعمل سكرتيرة لرجل الأعمال الكبير، زاهر بك ( عادل أدهم )، وفي إحدى حفلات أقامتها شركته، يُعجب بها عميلٌ أجنبيّ لديه صفقة مهمة مع معلّمها. هذا الأخير، يقوم بوهب سكرتيرته لذاك العميل كي يمارس معها الجنس. أحمد، حبيب حنان ( نور الشريف )، يعود من الكويت، التي سافر إليها للعمل، ليجد مَن كانت بمثابة خطيبته وهيَ قد أضحت عشيقة لزاهر بك. إلا أننا لو قارنا بين الفيلمين، لناحية الحبكة والإيقاع الدرامي، فلا شك أن " عصر الذئاب " كانَ الأفضل بما لا يقاس.

2
فيلم " المصيدة "، المنتج عام 1980، كانت شارته على خلفية من مناظر لحارات الشام القديمة، مع أنغام موسيقية من تأليف سهيل عرفة. فريال ( الفنانة سمر سامي )، تظهر في المشهد الأول وهيَ عائدة إلى منزل الأسرة العتيق، والمزينة باحته ببحرة دائرية. الأب، الذي يعمل حمالاً في السوق، كانَ قد أخرج ابنته من المدرسة عقبَ نيلها الشهادة الإعدادية، وذلك لمساعدة والدتها المريضة ( الفنانة ميليا فؤاد ). الحياة رتيبة وهادئة في المنزل، فيما ضجيج الأطفال يأتي من الخارج. وهيَ ذي فريال، تخرج من البيت فيما تلاحقها عينا الجار الشاب، سمير ( الفنان عبد الهادي الصباغ ). إنهما صديقا الطفولة، ويلوحُ أن ثمة علاقة حب تجمع بينهما. أحدهم يتحرش بفريال، فما أن لحظ سمير ذلك إلا ونزل من منزله كي يؤدبه: ربما كانت هذه بمثابة علامة، للمشهد التالي، الدموي.
والد فريال، نراه في مشهد عراك مع أحد زملائه الحمالين، ينتهي بمقتله بطعنة سكين. لاحقاً، يتجسّد التضامن الإجتماعي في الحارة الشعبية، بجمع مساعدة مالية للأسرة المنكوبة برحيل عائلها. من ناحيتها، تراجع فريال دائرة حكومية للمطالبة بتعويض عن مقتل والدها، إلا أن الموظف يعلمها أن القاتل لا يملك شروى نقير؛ وأن الدولة غير ملزمة بالتعويض. عند ذلك، يقترح عليها أحدهم أن تعمل ممرضة لدى طبيب إختصاص نسائية. الطبيب، واسمه طريف ( الفنان أسامة خلقي )، كانَ شاباً وسيماً له علاقات نسائية متعددة مثلما بدا من الزيارات الخاصة لعيادته. من ناحيته، فإن سمير وكانَ عاملاً في حرفة الزجاج الدمشقي، يجتمع مع فريال لكي يخبرها أنه عازم على السفر للكويت: " لو بقيت هنا أعمل كل عمري، فلن أستطيع الزواج وتكوين أسرة ". قبل سفره، يبلغ والدة فريال برغبته أن يكون صهرها. منذئذٍ وبين حينٍ وآخر، تنتقل الكاميرا إلى ميناء كويتي، مفترض، يعمل به الشاب مع عددٍ من مواطنيه.
الطبيب، يبدأ في محاولة إغواء الممرضة الجميلة، بدعوتها إلى سهرة عائلية، إلا أنها تعتذر. مقاومتها لم تستمر طويلاً، وهيَ ذي تقبل منه مبلغاً لشراء فستان سهرة. ثمة في السهرة، يبدي إعجابه بها رجل أعمال، يُدعى خالد بك ( الفنان سعد الدين بقدونس )، كانت لديه شراكة مع الطبيب في تعهدات بناء. ولكن هذا الأخير، نراه في مشهدٍ تال وهوَ في الفراش مع فريال، معلناً لها حبه. السهرات تتكرر، وكل مرةٍ تتحجج هيَ لوالدتها أن سبب تأخيرها ليلاً هوَ كثرة الزبائن في العيادة. إلى أن تظهر علامات الحبل على فريال، فيقنعها الطبيب بإجراء عملية إجهاض يتولاها بنفسه. لما قالت، أنها تتمنى الاحتفاظ بطفلهما، فإنه رد بالقول: " أن أحبك لا يعني أنني أرغب بالزواج منك! ".
عندئذٍ تقرر فريال الإنتقام من الطبيب، وذلك حينَ وافقت على طلب خالد بك ان تغدو خليلته مقابل إقامتها في شقة فخمة. في هذه الشقة، كانت تُعقد الصفقات المشبوهة، فما لبثت فريال أن تورطت بها بمساعدة من خليلها. ما لم تتوقعه، أن إحدى الصفقات تقضي بإزالة حارتها الشعبية لتشييد عمارات حديثة. في الأثناء، كانت فريال تسجّل ما يدور من أحاديث في الشقة. حالما علمت بأمر الشروع في هدم حارتها، فإنها تقرر تسليم تلك التسجيلات للقضاء. المفاجأة، أن الرجل المفترض أنه المسئول عن هكذا قضايا فساد، كانَ بنفسه من أعوان خالد بك.
يعود سمير من الكويت، ويسعى للقاء من يعدّها خطيبته. لا يعرف مُشاهد الفيلم، ما لو كانت عودته بقصد الزيارة أو أنها نهائية. عقبَ إجتماعه بفريال، تعترف له بكل ما جرى معها منذ سفره. بدا أنه على استعداد لمسامحتها، طالما أنها عقدت العزم على فضح خالد بك وجماعته. إلا أنها تفعل ذلك في سهرةٍ عامة، بأن تسمعهم تلك التسجيلات المَوْصوفة. هذا المشهد من الفيلم، كان غير منطقيّ: فأي فائدة تجنيها فريال من ذلك التصرف، بدلاً عن تسليم التسجيلات للقضاء؟ وإنه لمبرر غير كافٍ، أنها امتنعت عن ذلك لأن أحد المسئولين كان من عصبة الفساد.
في إحدى المقالات الصحفية، بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل المخرج وديع يوسف، وَرَدَ أن فيلمه " المصيدة " حققَ نجاحاً جماهيرياً كبيراً بحيث أنه بقيَ ـ كذا ـ معروضاً لمدة عشرة أسابيع متتالية في إحدى الصالات السينمائية بدمشق. وبرأيي، أنه مجرد كلام صحافة. فما يدحض ذلك الكلام، هوَ أن الأفلام السياسية الأجنبية الشهيرة، لم تكن تحظى بجمهور كبير، وفي التالي، بالكاد تعرض لأكثر من أسبوع.. فما بالك بفيلم " المصيدة "، ذي الإيقاع البارد والحبكة الضعيفة؟ هذا بالرغم من الأداء البارع لبطلة الفيلم، الفنانة سمر سامي، التي هيمنَ حضورها المؤثر على معظم المشاهد.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإتجاه المعاكس: فيلم فاشل
- كفر قاسم: القضية الفلسطينية سينمائياً
- وجه آخر للحب: الرغبة والجريمة
- اليازرلي والواقعية الجديدة
- بقايا صُوَر: الأدب والسينما
- السيد التقدمي والسيناريو السيء
- رشو آغا؛ العنصرية في السينما
- سائق الشاحنة: تدشين السينما الواقعية السورية
- المخدوعون؛ تأريخ الخيانة
- الفهد؛ قصة أصيلة أم منتحلة
- سينما المقاولات، سورياً
- المغامرة؛ الحكاية التاريخية سينمائياً
- دور الكرد في تأسيس السينما السورية
- من معالم السينما السورية: الكومبارس
- إغراء؛ ماذا بقيَ من إرثها الفني
- تشريح الذات: كانَ خريفَ الخبل
- تشريح الذات: كانَ صيفَ الخفّة
- تشريح الذات: كانَ ربيعَ العشق
- تشريح الذات: كانَ شتاءً كئيباً
- تشريح الذات: كانَ صيفاً فاتراً


المزيد.....




- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - المصيدة؛ ثنائية الجنس والفساد