أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - وجه آخر للحب: الرغبة والجريمة















المزيد.....

وجه آخر للحب: الرغبة والجريمة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 02:49
المحور: الادب والفن
    


1
نوهنا دائماً، إلى حقيقة أن السينما السورية وبالرغم من عراقتها، فإنها لم تتطور بالشكل المطلوب ولو بالحد الأدنى. فمن ناحية الكم، أنتجت المؤسسة العامة للسينما فيلما واحداً طوال عقد الستينات؛ وهوَ " سائق الشاحنة ". في حين أنه في ذلك العقد، قدّم الثنائي، دريد لحام ونهاد قلعي، عشرة أفلام غلبَ عليها النوع الكوميدي، المحقق التسلية والمرح لجمهور السينما التجارية. لم يكن الحال أفضل كثيراً، فيما تلى من الزمن، سواءً بالنسبة لأعمال المؤسسة العامة للسينما أو للأفلام المنتجة من لدُن القطاع الخاص.
مع ذلك، أخذ الجمهور يهتم بالأفلام السورية من نوع الميلودراما، ابتداءً من عقد السبعينات. وباعتقاد شخصي، أن السبب الرئيس يكمن في أن السينما السورية كانت الأولى عربياً، التي كسرت التابو وقدمت أفلاماً جريئة من حيث الموضوع والعرض. لقد سبق لنا في دراسات عن بعض الأفلام السورية، الإشارة لدور الفنانة إغراء في تحدي ذلك التابو منذ تعهدها بطولة " الفهد "، انتاج عام 1972. ثم توالت أفلامها، التي كانت مواضيعها الإجتماعية متخللة غالباً بمشاهد إيروتيكية، لدرجة أن تغدو نجمة الشباك في السينما السورية طوال ذلك العقد.
أكثر من فيلم للممثلة إغراء، كانت الحبكة فيه تتمحور حول جريمة أو تحقيق ذي طابع بوليسي. في هذا المضمار، سبقَ لنا دراسة كل من فيلميّ " راقصة على الجراح " و" السيد التقدمي ". في هذا الأخير، بيّنا الضعف البنيوي لفيلم الجريمة، المتمثل أساساً في السيناريو. ذلك، يمكن سحبه على بقية الأفلام السورية بشكل عام، التي حبكتها تعتمد على الجريمة. إلا أن هذا الضعف البنيوي، عانت منه أيضاً سينما لا تقل عراقة، وهيَ المصرية. هنا وهناك، نلحظ كيفَ يتعامل المحققُ مع واقعة الجريمة بأسلوب بدائي وأدوات عفى عليها الزمن. هذا يدل على أن السيناريست ( والمخرج أيضاً )، بلغ به الجهل أنه لم يقرأ حتى روايات أجاثا كريستي؛ أو بأحسن الأحوال، قرأها لكنه عجز عن فهم براعة المحقق فيها بكشف غوامض كلّ جريمة.
فيلم " وجه آخر للحب "، أنتجته المؤسسة العامة للسينما عام 1973. المخرج، محمد شاهين، سبقَ لنا أن تكلمنا عن مسيرته السينمائية من خلال دراسة فيلمه " المغامرة "، وكانَ أيضاً من بطولة الممثلة إغراء. وقد نوهنا إذاك، أن أعماله السينمائية تتسم بالرومانسية مع مسحة واقعية نقدية. الملاحظ أنه هوَ من تعهّد السيناريو والحوار لفيلمه، " وجه آخر للحب ". وفي المقابل، لم يتم ذكر مؤلّف القصة. إلا أنّ الفيلم، تذكرنا أحداثه بأفلام مصرية، محورها الجريمة. كذلك، أجواؤه الرومانسية تحيلنا إلى فيلم " أبي فوق الشجرة "، لناحية توزع قلب بطل الفيلم على إمراتين، إحداهما خطيبته والأخرى ذاتَ ماضٍ شائن: بل وكأنما مخرج " وجه آخر للحب " أراد البرهنة على ذلك، حينما أعاد تقريباً نفس مشهد ظهور عبد الحليم حافظ ونادية لطفي في أغنية " جانا الهوى "؛ وتحديداً المشهد، الذي تثبّت فيه هذه البطلة الكاميرا لالتقاط صورة لها مع البطل.

2
منذ المشهد الافتتاحي لفيلم " وجه آخر للحب "، يوضع المُشاهد أمام لغز بوليسي. الطبيب سالم ( الفنان يوسف حنا )، كانَ عائداً في سيارته من بيروت إلى دمشق، حينما أبلغوه في نقطة الحدود اللبنانية أن أمراً قضائياً صدرَ بتوقيفه في جريمة قتل. الغريب، أنه عند سماعه اسم الضحية، لم يبدِ عليه أي تأثر. هذا مع العلم، أن الضحية كانت حبيبته إلى الأمس القريب. الملاحظة الأخرى في هذا السياق، هوَ سرعة معرفة السلطات اللبنانية بأمر الجريمة ومن ثم إبلاغها نقطة الحدود مع سورية: وهذا غير منطقيّ بالمرة، إذ يحتاج الأمر إلى عدة أيام من البحث لحين أن تتأكد النيابة من شكوك المحقق، أو براهينه، لكي تصدر أمراً كهذا وتعممه على المنافذ البرية والبحرية والمطارات؟
المشهد الثاني في الفيلم، سيكون على طريقة فلاش باك؛ وهيَ طريقة، تتكرر طوال الفيلم لاستعادة العلاقة بين الطبيب والضحية. هذه الأخيرة، اسمها سوسن ( الفنانة إغراء )، نراها على سرير في المستشفى عقبَ إجراء عملية الزائدة الدودية، قام بها الطبيب سالم. إنها سيدة أعمال لبنانية، كانت في زيارة لدمشق لما تعرضت لأزمة صحية. رئيسة الممرضات، واسمها وداد ( الفنانة منى واصف )، تخبر السيدة اللبنانية أن من أجرى لها العملية هوَ الطبيب سالم. ثم يأتي هوَ بدَوره للاطمئنان على نزيلة المستشفى، ويبدو من الحوار بينهما أن ثمة إعجاباً متبادلاً. وداد، يلوحُ أنها تشعر بالغيرة من اهتمام الطبيب بالمريضة. إلا أن هذه الأخيرة، ما لبثت أن غادرت إلى بيروت في نفس اليوم.
المشهد التالي، كأنما كانَ علامة على مصير سوسن. إذ نراها في سيارة، يقودها مريد ( الفنان أسامة الروماني ). إنه شابٌ متهور، سنعلم لاحقاً أنه مدمن مخدرات. يقول لسوسن، فيما كانَ يقود السيارة بسرعة جنونية، أنه مستعدٌ للموت معها في هوّة الوادي لو تأكد من أنها تحب غيره. ثم تعود الكاميرا إلى الزمن الراهن، لنجد سالم في مواجهة النائب العام اللبناني، الذي يبلغه انه متهم بقتل سوسن. فلاش باك، مجدداً، ونرى بطلتنا مجتمعة فور وصولها إلى بيروت مع رجل الأعمال، خليل ( الفنان هاني الروماني ). نعلم من الحوار بينهما، أن سوسن تمارس الجنس من أجل مساعدة صديقها خليل في إنجاز صفقاته التجارية. عندما تبدي الآنَ نفورها من مهمة مماثلة، يذكّرها صديقها بمساعدته لها في الطلاق وحيازة أمومة ابنها: هنا، برأيي، كانَ على المخرج أن يُدخل الزوجَ في الأحداث بما أن ثمة جريمة، ستكون ضحيتها طليقته. فالزوج، مثلما نفهم من طليقته، كان يبتزها بالمال مقابل ألا يطالب بحيازة ابنهما. بل إنّ المحقق، عقبَ وقوع الجريمة، لم يستدع الزوجَ؛ ولا حتى المحكمة اهتمت بذلك؟
مخرج الفيلم، يبدو أنه شاءَ عكس حكاية حب أسطورية على العلاقة بين الطبيب والممرضة. فإن سالم يأخذ وداد لحضور مسرحية " فرهاد وشيرين "، من تأليف الشاعر التركي ناظم حكمت، ويبدو أنها كانت تعرض على المسرح القومي. إذ تظهر الفنانة ثناء دبسي، وهيَ تؤدي دورَ " شيرين "، لتعلن لحبيبها أنها صبرت عشرة أعوام فيما تراه ينحت الجبل طوال هذه الفترة الطويلة.
وإذا سوسن تفاجئ سالم، بقدومها إلى دمشق وزيارتها لشقته. ثم على الأثر، نراهما على السرير في مشهد إيروتيكي. ينساق للعلاقة معها، لدرجة قبوله السفر إلى بيروت كي يدرس عرضاً في العمل بمستشفى حديث، من المفترض أن يبدأ خليل بتشييده. هناك ما أن وصلا، إلا ووجدا مريد بمواجهتهما. أيضاً، لما أخذت سوسن صديقها إلى ملهى ليلي، يأتي مريد ليشاركهما الجلوس على نفس الطاولة وقد بدت عليه علامات الغيظ بسبب الغيرة: كانَ من الممكن، برأيي، أن تكون هذه إشارات في سياق التحقيق بجريمة قتل سوسن، لو أنّ المخرجَ لم يهمل ذلك في سبيل تشويش الفيلم بأحداث لا أهمية لها في سياق حبكة القصة؟
وإذاً، يجتمع الطبيبُ برجل الأعمال خليل، ليستمع منه عن تفاصيل بناء المستشفى. الغريب، أنهما كل مرة يتباحثان في أمور العمل وهما في ذلك الملهى الليلي. ثمة، يبدأ سالم بمراقبة حبيبته سوسن وهيَ ترقص بمجون أو تتفق على عقد صفقة تجارية. كذلك ينتبه إلى ما يراه من الخيانات الزوجية، لدرجة أن كل امرأة تعرفها سوسن لديها عشيقٌ أو أكثر. وها هوَ مريد، يصطحب سالم إلى شقته كي يبرهن له أن سوسن لا تختلف عن تلك النساء. يفتح له ألبوم صور، فتظهر هيَ في أكثر من لقطة بصحبة عشاقها. إلى الأخير، يعلن سالم لسوسن أنه لن يستمر بالعلاقة معها: " قبل مجيئي لبيروت، عقدتُ خطبتي على الممرضة وداد! "، يقول لها. وإنما في نفس الليلة، وفورَ خروج سالم من الشقة، تقتل سوسن.
مشاهد الفيلم اللاحقة، كانت في المحكمة والشهود يجمعون على أنهم شاهدوا سالم كآخر من خرجَ من شقة القتيلة. هنا، يتولى صديقٌ محام ( الفنان أديب قدورة )، مهمة الدفاع عنه. وهوَ مَن كانَ له الفضل في إطلاق سراح صديقه الطبيب. لكن الفيلم، لم يفهمنا كيفَ أثبت المحامي براءة موكله، ولا أيضاً عرفنا شخصية القاتل. فكأنما الضحية، وفق قناعة المخرج، تستحق القتل كائناً من كانَ القاتل!
ملاحظة أخيرة على فيلم " وجه آخر للحب "، وهيَ أن جميع الممثلين، الذين من المفترض أنهم شخصيات لبنانية، كانوا سوريين. هذا أيضاً وجهٌ آخر للعجب: فقد رأينا فنانين لبنانيين، يسهمون في أفلام سورية؛ مثل نادية أرسلان وليز سركيسيان ووليد شميط وغيرهم.. فلِمَ لم يعهد إليهم المخرجُ بأداء أدوارشخصيات فيلمه هذا، بدلاً عن إتحافنا بممثلين سوريين يرطنون باللهجة اللبنانية؟



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليازرلي والواقعية الجديدة
- بقايا صُوَر: الأدب والسينما
- السيد التقدمي والسيناريو السيء
- رشو آغا؛ العنصرية في السينما
- سائق الشاحنة: تدشين السينما الواقعية السورية
- المخدوعون؛ تأريخ الخيانة
- الفهد؛ قصة أصيلة أم منتحلة
- سينما المقاولات، سورياً
- المغامرة؛ الحكاية التاريخية سينمائياً
- دور الكرد في تأسيس السينما السورية
- من معالم السينما السورية: الكومبارس
- إغراء؛ ماذا بقيَ من إرثها الفني
- تشريح الذات: كانَ خريفَ الخبل
- تشريح الذات: كانَ صيفَ الخفّة
- تشريح الذات: كانَ ربيعَ العشق
- تشريح الذات: كانَ شتاءً كئيباً
- تشريح الذات: كانَ صيفاً فاتراً
- تشريح الذات: كانَ ربيعاً عارياً
- تشريح الذات: كانَ خريفاً دافئاً
- أنهارٌ من زنبق: الخاتمة


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - وجه آخر للحب: الرغبة والجريمة