أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين – الحرب العالمية الثالثة قد بدأت















المزيد.....

ألكسندر دوغين – الحرب العالمية الثالثة قد بدأت


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 12:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *

ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر
وكالة ريا نوفوستي للأنباء

22 يونيو 2025

مقدمة بقلم د. زياد الزبيدي:
في هذا النص الكثيف فلسفياً والملتهب سياسياً، يقدّم ألكسندر دوغين، الفيلسوف والمفكر الروسي المعروف بموقفه المعادي للعولمة والمدافع عن مفهوم "روسيا كحضارة"، أطروحته الصادمة: الحرب العالمية الثالثة لم تعد سيناريوً افتراضياً، بل واقعًا بدأ يتجلى على الأرض من خلال الضربات الأمريكية-الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني.

يعالج دوغين هذه اللحظة من زاوية أيديولوجية – لا كصراع جيوسياسي فحسب، بل كذروة لمعركة كونية بين أنماط متضادة من الرؤى حول الإنسان والمجتمع والمستقبل.دوغين لا يكتب كمحلل سياسي بل كمفكر رؤيوي يرى أننا دخلنا مرحلة "نهاية التاريخ" الحقيقية — لكن لا كما تصوّرها فوكوياما (بالديمقراطية)، بل عبر حرب نووية شاملة تمهّد لـ "حكم الآلة" وانقراض الإنسان الروحي. وفي مقاله يمكن تلخيص المحاور الرئيسية التالية:

1. الضربة الأمريكية لإيران بداية حرب عالمية ثالثة
2. روسيا مهددة بشكل مباشر
3. خطة العولمة: تدمير السيادة وإستبدال الإنسان
4. تفسير صعود ترامب كخدعة إستراتيجية
5. التحول من نظام عالمي إلى حرب الجميع ضد الجميع
6. تحوّل خطاب الليبرالية إلى تبنٍّ للقومية الراديكالية
7. تحذير لروسيا: لا مجال للسذاجة أو الحياد
8. الرهان على الأيديولوجيا الروحية – "القوة الروسية المقدسة"

------

الهجوم الجوي الذي شنته الولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية، وإستهداف منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، هو بداية الحرب العالمية الثالثة. لم يعد السلاح النووي يردع أحداً، وأصبح ضرب المنشآت الذرية أمراً مشروعاً، أولاً من قبل إسرائيل التي لم تواجه رداً حاسماً على المستوى الدولي، والآن من قبل الولايات المتحدة أيضاً. لقد تم تجاوز الكثير من "الخطوط الحمراء" لدرجة أنه لم يعد واضحاً إن كانت هناك أي خطوط لم يتم تجاوزها بعد.

وهذا الأمر يخص روسيا بشكل مباشر. فقد حاول النازيون في كييف مراراً ضرب منشآت نووية على الأراضي الروسية، كما أن الهجمات على قواعد الطيران الإستراتيجي، والتي تشبه بشكل مدهش تكتيكات الإسرائيليين في إيران، لا تترك مجالاً للشك: لقد أصبح هذا الآن وسيلة مقبولة تماماً لخوض الحروب ضد أي كان. وإن لم تكن هناك ضربات نووية مباشرة حتى الآن، فهذه مجرد مسألة وقت. لقد فُتح صندوق باندورا النووي**. وكثيراً ما أستُخدمت الإستعارة الأدبية لأنطون تشيخوف** في وصف السلاح النووي، حيث قال: "إذا علّقت مسدساً على الحائط في الفصل الأول (من المسرحية)، فعليك أن تطلق النار منه في الفصل التالي، وإلا فلا داعي لتعليقه." لقد عُلّق المسدس في الفصل الأول، أي في الحرب الباردة. والآن بدأ إطلاق النار منه. وهذا أمر لا مفر منه. فكل سلاح إخترعه الإنسان أستُخدم عاجلاً أم آجلاً. وقد بدأ سيرغي كاراغانوف** الحديث عن ذلك منذ زمن، لكن الجميع إعتبروه مبالغاً أو متشائماً. بينما هو كان يحذّر من أمر محتوم.

لكن، لكي نفهم الحروب النووية المستقبلية، يجب أن نسأل: تحت أي رايات أيديولوجية ستُخاض؟ ولأي مستقبل تُخاض؟ إذ إنه، عند بدء حرب عالمية، يجب أن يكون هناك تصور – ولو تقريبي – عما سيأتي بعدها.

فلننظر إلى الوضع من زاوية "العولميين" – أولئك الذين كان ترامب وأنصاره يسمّونهم بـ"الدولة العميقة"، والذين صاروا الآن أداة لها بشكل علني. تتألف أيديولوجيا العولمة ورؤيتهم للمستقبل من مرحلتين.

المرحلة الأولى تتمثل في إقامة سلطة شاملة لحكومة عالمية واحدة، وإلغاء الدول ذات السيادة – أي بقايا نظام فستفاليا**. ولتحقيق ذلك، يجب القيام بخلط شامل بين الشعوب، وإلغاء الحدود الوطنية، وتحويل البشرية إلى بوتقة إنصهار واحدة. كما يجب إيصال مبدأ الفردانية Individualism**إلى حده الأقصى، وإلغاء الجنس، ليصبح مسألة إختيار (كما سبق أن جعل الليبراليون الدين، والطبقة الإجتماعية، والإنتماء القومي مسألة إختيار). ومن يعارض ذلك ويدافع عن السيادة والقيم التقليدية، يجب القضاء عليه. هكذا كان يرى الغرب الجماعي مستقبله قبل ترامب، وهو في خضم الحرب على روسيا في أوكرانيا، وفي طريقه نحو حرب مع الصين، ومباشراً تفكيك العالم الإسلامي عبر الثورات الملونة أو حتى عبر التدخلات المباشرة. وفي الوقت ذاته، كانت السلطة الهندوسية في الهند تُزعزع.

حتى هذه المرحلة الأولى كانت تتضمن إستخدام السلاح النووي، لأن العقبات أمام إقامة الحكومة العالمية يجب القضاء عليها بأي ثمن، والبشرية بحد ذاتها لا تؤخذ بالحسبان – فهي كثيرة عدداً على أية حال.

أما المرحلة الثانية فهي أكثر جذرية: إلغاء البشرية ذاتها لصالح الذكاء الإصطناعي المتفوق. وهذا ما يُسمى بالتفرّد التكنولوجي (Singularity)**، وأصبح مفهوماً شائعاً بين عولميّي المستقبل. في البداية، يحلّ المهاجرون مكان السكان الأصليين، ثم يحلّ المتحولون جنسياً مكان الجنسين التقليديين والعائلات، وفي النهاية يحلّ الذكاء الإصطناعي والروبوتات محلّ الجميع. وهنا، تصبح الحاجة أكبر لإستخدام السلاح النووي ضد من أصبح "عتيقاً لا أمل منه". فالبشرية تشبه الهاتف القديم ذو الأزرار والكمبيوتر البدائي ذو البطاقات المثقبة – مصيرها سلة النفايات، بجانب النفايات النووية.

وقد كان هذا هو المسار حتى فوز ترامب، حين إتجه الغرب الجماعي نحو تنفيذ هذا المخطط. لكن ترامب وحركة MAGA "إجعل أمريكا عظيمة مجدداً" فازوا في الإنتخابات الأمريكية لأنهم وقفوا ضد هذا المشروع المستقبلي. شمل ذلك موقفاً مناهضاً للحروب، ومناهضاً للتدخلات الخارجية، ورفضاً للهجرة غير الشرعية، وحظراً لمجتمع المثليين. أي أن المستقبل كان يُرسم ضمن عالم متعدد الأقطاب (كما صرح به وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو)، وتم تأجيل الإبادة النووية للبشرية – وربما إلغاؤها.

وقد طبق ترامب بعض جوانب برنامجه: لم يُحظر مجتمع المثليين كلياً، لكن تم تضييق الخناق عليه، وبدأ بطرد المهاجرين غير الشرعيين بشدة. حتى مقرّ تصدير الليبرالية والثورات الملونة – الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) – تم إغلاقه، وطُرد جميع موظفيه. بدا حينها أن المحرقة النووية تأجلت، وأن التركيز سينتقل إلى أمريكا الشمالية – كندا التي بقيت تحت سيطرة العولميين، وغرينلاند.

لكن، بالكاد تنفّس العالم الصعداء، وفرحت القاعدة الإنتخابية لـMAGA بأمل في مستقبل بديل بلا حروب ولا شتاء نووي، حتى بدأ نتنياهو الحرب ضد إيران، فهاجم قدرتها النووية، وشارك ترامب فيها موجهاً ضربات جوية لمجمع فوردو النووي. وهنا عاد المسار نحو المستقبل الكارثي، بل وبدأت الحرب العالمية الثالثة فعلاً. لأنه، إذا فُتح صندوق باندورا، فلا سبيل لإغلاقه. وترامب فتحه. فكيف يبدو هذا المستقبل، إذا أخذنا بعين الاعتبار أيديولوجية ترامب، التي تختلف – وإن ليس كثيراً كما كنا نأمل – عن الليبرالية العولمية؟

إذا إفترضنا أن الدولة العميقة العولمية، التي حاول ترامب إلغائها، كانت أقوى مما إعتقد، فقد تكون هي من إستخدم ترامب وبرنامجه القومي لمصلحتها. فبينما كان الترامبيون يرون في القومية تركيزاً على مشاكل الداخل الأمريكي والقضاء على العولميين، كانت لدى الدولة العميقة خطة أخرى. ولكن ما هي؟

الأرجح أن مخططات العولميين لنقل السلطة طوعاً إلى حكومة عالمية واجهت عقبات ثم وصلت إلى طريق مسدود. فصعود روسيا والصين، وتحرك الهند والعالم الإسلامي وأفريقيا وأمريكا اللاتينية نحو السيادة الحضارية، وظهور وتعاظم دور البريكس، كلها شكلت تحدياً حقيقياً للأحادية القطبية. وكان من الممكن أن يخسر الغرب في مواجهة مباشرة مع العالم المتعدد الأقطاب، حتى في حرب نووية.

عندها تم إتخاذ قرار ماكر: عدم مقاومة الصعود القومي والشعبوي، بل إستخدامهُ لتحقيق الغاية. تم تأجيل إقامة الحكومة العالمية، والقبول بمشروع "صدام الحضارات" كمرحلة إنتقالية. ولهذا سمحوا بوصول ترامب إلى الحكم. وكان "تحية بيلامي"** التي أداها إيلون ماسك مرتين، ثم ستيف بانون وآخرون في مؤتمر العمل السياسي المحافظ (CPAC)** بحضور نائب الرئيس جاي دي فانس، رمزاً لهذا التحول. صار وجه أمريكا هو القومية. ويبدو أنه نقيض العولمية. لكن، إذا أخذنا في الاعتبار الخطة بعيدة المدى لإشعال الحرب النووية، فإن هذا المسار يحقق الأهداف بشكل أسرع.

نظام قومي متطرف آخر – حكومة نتنياهو في إسرائيل – أصبحت أيضاً أداة في تأجيج "صدام الحضارات". والأساليب الإسرائيلية في غزة، وممارسات الإبادة الجماعية، تذكرنا بأنظمة كان اليهود أنفسهم ضحاياها في الحرب العالمية الثانية. نتنياهو هو النسخة الإسرائيلية من "تحية بيلامي". والضربات على لبنان، وإستفزاز الحرب مع إيران، كلها تدخل في هذا النموذج. والبرنامج النووي الإيراني المستهدف، ما هو إلا تفعيل "القنبلة القذرة"، أي بداية الصراع النووي. وترامب إنخرط فيه الآن.

لكن هذا ليس كل شيء. فأوكرانيا في حالتها الراهنة هي أداة أخرى بيد العولميين. وهناك تزدهر النازية الجديدة، وإعادة تأهيل مجرمي الحرب النازيين، والاضطهاد الديني واللغوي. وكل هذا مرتبط أيضاً بالسلاح النووي: القصف المستمر لمحطة زابوروجيا، محاولات ضرب محطة كورسك، والهجمات على الثالوث النووي الروسي. وكل ذلك ليس فقط بموافقة العولميين، بل تحت إشرافهم المباشر.

وهل الصدام التجريبي بين باكستان والهند لا يدخل في هذا السياق؟ علماً أن من أشعل تلك المواجهة لم يُعرف حتى الآن.

لم يتبقّ إلا إدخال الصين وكوريا الشمالية في اللعبة، وإنتظار اللحظة التي تفقد فيها روسيا صبرها وتشارك في التصعيد النووي.

الإستنتاج الرئيسي: من المرجح أن العولميين قرروا إعادة تشكيل الصراع النووي الذي كانوا يسعون إليه سابقاً. لا على شكل مواجهة بين الغرب الجماعي والعالم المتعدد الأقطاب (إذ يمكن أن يخسروا)، بل على شكل "حرب الجميع ضد الجميع"، حتى بإستخدام أعدائهم، مثل ترامب. عندها ستُنشأ الحكومة العالمية بعد حرب نووية تُفني جزءاً كبيراً من البشرية، ويتوسل الباقون السلام بأي شكل، ويتقدم الذكاء الإصطناعي إلى الصدارة، إذ إن الحروب المعاصرة باتت تعتمد عليه بشكل شبه كامل. وهكذا ستتحقق "التفرّد التكنولوجي" لا طوعاً، بل عبر موجة عنف شامل.

وهنا نفهم معنى "تحية بيلامي". لا الإشتراكية ولا الليبرالية قادرتان على إلهام أحد. لقد أصبحتا آلاماً شبحية (phantom pain) لأيديولوجيات ميتة، تحولت إلى "كيتش" (kitsch) أي ذوق قبيح وعفن**. أما الطاقة فتكمن اليوم في الشعبوية، وأحياناً في القومية، وفي "الثورة المحافظة".

في السابق، كان الليبراليون يسحقون كل بذرة وطنية، ويسخرون من المحافظين. الآن غيّروا التكتيك. وبدأوا التجربة من النازية الجديدة الأوكرانية. ويجب الإعتراف: التجربة كانت فعالة جداً. دولة تنهار، وسكان تائهون، وصراعات بين الأوليغارشية، وأشباه مجانين في السلطة – كل ذلك تحول إلى آلة حرب فعالة، تعيش على الكراهية والغضب. وفي هذا الوضع، ومع "تحية بيلامي" ومسيرات المشاعل، يصبح المجتمع قادراً على قتل الجميع وحتى نفسه. ومن هنا القنبلة القذرة، والمقاومة العنيفة للجيش الروسي، والإرهاب المستمر.

رأى العولميون فعالية ذلك، فقرروا – على الأرجح – عدم قتل ترامب مبكراً. وها هم يستخدمونه لنفس الأهداف – وفعلياً، بدأوا الحرب العالمية الثالثة. على عكس الشيوعية والليبرالية المنهكة، لا تزال القومية تحتفظ بطاقتها. وكلما تكررت عبارة "لن يتكرر ذلك مجدداً"، كلما إقتربت عودة الهمجية – من MAGA إلى الإسلام الراديكالي، من نظام كييف إلى الصهيونية المتطرفة وتوراة الحرب لإسحاق شابيرا**، من الهندوسية السياسية إلى "القبعات البنية" في إنتفاضة كاليفورنيا وتكساس، من BLM والنظرية العرقية النقدية إلى العسكرية الأوروبية الجديدة لميرتس وماكرون وستارمر. ومن هي جورجيا ميلوني، على الأغلب الجميع يعرف. إنها أيضاً "تحية بيلامي". وإسم بلادنا في أوساط العولميين في الغرب، أظنكم تفهمونه دون حاجة إلى تذكير.

إذن، العولميون غيّروا التكتيك. بدلاً من محاربة صعود القومية وتعدد الأقطاب، قرروا مسايرته بشرط واحد: الحرب الشاملة، ويفضل أن تكون نووية. وبعدها، بحسب تصورهم، ستُقام الحكومة العالمية، ويتحقق "التفرّد"، ويبدأ ما تسميه التقاليد المسيحية "عهد المسيح الدجال". وأن يبدأ الصراع النووي في الأرض المقدسة، وأن من أشعل شرارته هم السياسيون الإسرائيليون الذين يؤمنون بقدوم "الماشيح"، وأن الشيعة يردّون عليهم بانتظار ظهور "الإمام المهدي" – كل هذا لا يمكن أن يكون مجرد صدفة.

وماذا على روسيا أن تفعل في هذا الوضع؟ أغبى شيء هو مواصلة لعب دور "القط ليوبولد" **، والتشبث ببقايا نظرة عالمية ساذجة – سواء كانت اشتراكية مسالمة أو ليبرالية قديمة، والتعويل على الأمم المتحدة وصداقة الشعوب. فمثل هذا التراخي في ظل حرب عالمية ثالثة بدأت فعلاً، ليس مجرد خطأ، بل جريمة. حان الوقت للنظر إلى الواقع بعيون مفتوحة. ماذا سنواجه به "تحية بيلامي"، إذا كان من يتبادلونها لا يفهمون لغة الإنسان ولا الاعتبارات الإنسانية؟ اسألوا أطفال غزة الذين مرّوا بطاحونة اللحم، إن كنتم تشكّون.

في السابق، واجهنا ألمانيا النازية بأيديولوجيا شمولية صارمة، منضبطة، هجومية، تتطلب التضحية الكاملة من أجل الطبقة والوطن. لكنها بمرور الوقت فقدت زخمها. والعودة إليها غير ممكنة. أما الآن، فنحن نواجه عالماً يقرر فيه كل شيء من جديد: عامل القوة الغاشمة، الإستعداد لفعل لا أخلاقي حتى وإن كان إنتحارياً، السرعة المتزايدة في إتخاذ وتنفيذ القرارات، والكذب الكلي الوقح الذي يبدّل بين الجلاد والضحية.

وفي هذا العالم المتفلّت، تبدو روسيا مثل "القط ليوبولد"، بعقلية كارتونية مسالمة، مستعدة للعفو عن العدو والتفاوض مع من دبّروا كل هذا لنا. بلا أيديولوجيا، فقط بنوايا طيبة وطلب سيادي واحد – إن أمكن، دعونا وشأننا. والجواب: لا يمكن. فالسلاح النووي لن ينقذ أو يحمي أحداً. والأسوأ، أن من يخططون لكل هذا قد إتخذوا قرارهم: هذه الحرب التي بدأت ستكون نووية.

لذلك، نحن بحاجة أولاً وقبل كل شيء إلى أيديولوجيا. جديدة، حية، مفعمة بالطاقة، صارخة، متفجرة، تعبّئ الإنسان من الداخل. أيديولوجيا القوة الروسية المقدسة واللامحدودة.


******
الهوامش:

1. أنطون تشيخوف، نظرية "المسدس على الجدار" – عنصر درامي يشير إلى أن كل تفصيل يجب أن يكون ذا وظيفة في السرد.

2. مصطلح "سينغولاريتي" (Singularity) يُستخدم في أدبيات الذكاء الاصطناعي للإشارة إلى لحظة تتفوق فيها الآلة على الإنسان، كما صاغها راي كورزويل.

3. "تحية بيلامي" Bellamy Salute – إيماءة كانت تُستخدم في الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الثانية، ثم تبنّاها النازيون والفاشيون لاحقًا.

4. MAGA – اختصار شعار ترامب: Make America Great Again.

5. CPAC – مؤتمر العمل السياسي المحافظ في أمريكا، منصة تقليدية لليمين الأمريكي.

6. "تورا الحرب" لإسحاق شابيرا – كتاب جدلي يبرر العنف باسم التوراة، أثار جدلاً واسعاً في إسرائيل.

7.الفردانية Individualism
هو مذهب فكري وإجتماعي يؤكد على أولوية الفرد وحقوقه وحريته وإستقلاله في مواجهة المجتمع أو الجماعة أو الدولة.

7. نظام وستفاليا هو: النظام الدولي الحديث الذي نشأ بعد "صلح وستفاليا" عام 1648، وأنهى حرب الثلاثين عامًا في أوروبا. باختصار، يقوم على 3 مبادئ أساسية: سيادة الدولة، مبدأ الحدود الثابتة والتوازن بين القوى. هذا النظام أسّس لفكرة الدولة القومية الحديثة، وهو أساس القانون الدولي حتى اليوم، رغم أنه يتعرّض للتحدي في عصر العولمة والتدخلات باسم "حقوق الإنسان" أو "مكافحة الإرهاب".

9.القط ليوبولد
هو شخصية كرتونية من الإتحاد السوفياتي، قط طيب للغاية، كان دائمًا يردّد عبارته الشهيرة: "يا رفاق، دعونا نعيش بسلام!"
المعنى: "التصرف بسذاجة أو حسن نية مفرطة في مواجهة أعداء لا يفهمون إلا لغة القوة".
ويهاجم دوغين بهذا الموقف أي توجه روسي متسامح أو مسالم في وجه ما يراه "عدوانًا وجوديًا" من الغرب.

10.سيرغي كاراغانوف
مفكر سياسي روسي بارز ومنظر إستراتيجي قومي يدعو إلى روسيا قوية بلا تنازلات، ولا يخاف من ذكر "الخيار النووي" بصراحة.
11.صندوق باندورا – مصدر كل أنواع الكوارث والمصائب والمتاعب. عبارة من قصيدة هسيود "الأعمال والأيام"، تحكي كيف عاش الناس ذات يوم دون أن يعرفوا أي مصائب أو أمراض أو شيخوخة، حتى سرق بروميثيوس النار من الآلهة. لهذا السبب، أرسل زيوس الغاضب امرأة جميلة، باندورا، إلى الأرض حملت معها صندوقًا مغلقًا فيه كل مصائب البشر.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 629 – الحرب الخاطفة بين إيران وإسرائيل - نهاية ...
- -الدروس الإيرانية لروسيا: كيف أختُبرت الحرب الحديثة على أبوا ...
- طوفان الأقصى 628 - إيران بين فخ الحرب ومصيدة التفكيك: قراءة ...
- الكل إنتصر ولا أحد فاز - أوهام النصر في حرب إيران وإسرائيل
- طوفان الأقصى 627 - فوردو تنجو وأمريكا تتخبّط
- ألكسندر دوغين - الفرصة الأخيرة لتوحّد العالم الإسلامي
- طوفان الأقصى 626 – ضربة مزدوجة
- بوتين ومحاولة إنقاذ إيران – مناورة دبلوماسية روسية معقدة في ...
- طوفان الأقصى 625 - «بين أن تكون أو لا تكون»: 22 يونيو... الي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عين العاصفة: من رقيب نووي إ ...
- طوفان الأقصى 624 - إسرائيل وإيران والوكالة الدولية للطاقة ال ...
- بعد غزة، إيران تصرخ - يا وحدنا - ملف خاص
- طوفان الأقصى 623 - إحدى الدول القليلة ذات السيادة الحقيقية. ...
- ألكسندر دوغين - يتحدث حول العدوان الإسرائيلي على إيران - الا ...
- طوفان الأقصى 622 - من المؤتمر الصحفي للرئيس بوتين
- دور واشنطن المحتمل في العدوان الإسرائيلي ضد إيران: متى تتدخل ...
- طوفان الأقصى 621 – الولايات المتحدة تزود إسرائيل بقنابل خاصة ...
- الحرب الإيرانية-الإسرائيلية: الحصيلة المرحلية للأيام الأربعة ...
- طوفان الأقصى 620 - عدوان إسرائيل يقرب إيران من إمتلاك السلاح ...
- ثلاثة سيناريوهات مرعبة لحل -المعضلة النووية الإيرانية- - قرا ...


المزيد.....




- ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغ ...
- ترحيل مصري من الولايات المتحدة بعد إدانته بركل كلب وإلزامه ب ...
- عودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملي ...
- صواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى ...
- روسيا تعلن التصدي لعشرات المسيّرات الأوكرانية وإصابة صحفي في ...
- سفيرة أميركا لدى روسيا تغادر منصبها في ظل نقاش عن ضبط العلاق ...
- خبراء أميركيون: ما الذي يدفع بعض الدول لامتلاك السلاح النووي ...
- الحكومة الكينية تعتبر المظاهرات محاولة انقلابية وسط انتقاد أ ...
- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين – الحرب العالمية الثالثة قد بدأت