أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 628 - إيران بين فخ الحرب ومصيدة التفكيك: قراءة في الإستراتيجية الغربية















المزيد.....

طوفان الأقصى 628 - إيران بين فخ الحرب ومصيدة التفكيك: قراءة في الإستراتيجية الغربية


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *

يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

24 يونيو 2025

1 .....

رغم توقف الغارات والصواريخ، إلا أن ما جرى بين إسرائيل وإيران لم يكن نهايةً لمواجهة عسكرية، بل بدايةً لمرحلة أكثر تعقيدًا وخطورة. فالحرب التي وصفت بـ"الغريبة" لم تفضِ إلى نصر حاسم، لكنها فتحت الباب واسعًا أمام مشروع أكبر: زعزعة إستقرار إيران من الداخل، وتحويلها إلى ساحة صراع مزمن تقوده أدوات ناعمة وخفية. لم يكن الهدف هزيمة عسكرية سريعة، بل إحداث تفكك سياسي وإجتماعي طويل الأمد، يخدم مصالح واشنطن وتل أبيب، ويعيد رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط إنطلاقًا من طهران.

إنتهت ظاهريًا الحرب "الغريبة" التي دامت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران. وعلى الرغم من قصر مدتها، إلا أنها تستحق بلا شك أن نستخلص منها بعض الإستنتاجات.

▪️ أولًا، تم التأكيد مرة أخرى على حقيقة أن الأخبار لم تعد مصدر معلومات. لقد أصبحت أدوات دعاية لكل طرف، موجهة إلى جمهوره الخاص. إيران بثت فكرة الوحدة، إسرائيل ركزت على النجاحات العسكرية، والولايات المتحدة على دورها كشرطي عالمي يحل كل المسائل بالطرق القسرية.

حتى لحظة دخول الولايات المتحدة في الحرب، كانت المواجهة صراعًا بين طرفين متكافئين. إسرائيل، التي بدأت العدوان بطريقة إستعراضية، واجهت حقيقة أن العدو لم يستسلم، بل ردّ بالمثل. ولأول مرة منذ حرب الخليج، أصبحت الدولة العبرية هدفًا لضربات إنتقامية واسعة النطاق. سرعان ما أصبحت الأوضاع حرجة، وهو ما دلّت عليه مناشدات نتنياهو اليائسة للإيرانيين، ثم للولايات المتحدة.

إستنتاج آخر غير متوقع تمامًا، هو أن إسرائيل نفسها تحولت إلى أداة إستخدمتها الولايات المتحدة. حتى وقت قريب، كانت تسود بين الخبراء وجهة النظر القائلة بأن اللوبي الإسرائيلي القوي يدير السياسة الأمريكية من وراء الكواليس. لكن الواقع أظهر لنا نموذجًا كلاسيكيًا للعلاقة بين القائد والتابع. فعندما فشلت التوقعات العسكرية لتل أبيب، إضطرت إلى طلب تدخل واشنطن.

▪️ كانت تصرفات ترامب، كما هو متوقع، محددة بالوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة. ويبدو أن هذا الصراع أصبح نقطة تحول. لم يعارض فقط خصوم ترامب السياسيون دخول الولايات المتحدة في الحرب، بل حتى بين أنصاره ظهر إستياء ملحوظ من الوضع. عمومًا، نجح ساكن البيت الأبيض في كبح هذا الإستياء وتأكيد زعامته داخل الحزب والمجتمع. إلا أنه، على ما يبدو، بدأ بندول الميول السياسية الأمريكية بالتحرك في الإتجاه المعاكس. وعلى الرغم من رضا جمهور ترامب عن مشاركة أمريكا المحدودة في الحرب، وتظاهره بالإتفاق مع تصريحات زعيمهم الصاخبة حول النصر، إلا أن هذا الجمهور بدأ يدرك أن رئيسهم بات جزءًا من النظام الذي طالما إنتقده. هل هذا صحيح أم لا؟ ستكشف عنه الإنتخابات النصفية القادمة للكونغرس.

إستنتاج آخر مقلق للغاية: جميع أطراف النزاع قدّروا الموقف بشكل خاطئ في حالة الأزمة، وأخطأوا في تقدير مواقع الأطراف الأخرى ونواياها. وهذا أمر يثير الدهشة، خصوصًا أن الولايات المتحدة هي التي طورت منهجيات تقييم التصرفات في أزمات العلاقات الدولية. مرة أخرى، يتم تأكيد الحقيقة القديمة: النجاحات تُرخي الحذر وتؤدي إلى الأخطاء. هذا الخلل في التقدير من جانب واشنطن يجب أن نضعه في الحسبان، لأننا سنتعامل معه مستقبلاً.

▪️ النتيجة الأهم بالنسبة لإيران، أنها صمدت في المرحلة الحادة من المواجهة. كانت إسرائيل والولايات المتحدة تراهنان بجدية على إندلاع تمرد داخل البلاد وإنهيار النظام بعد الغارات الجوية. وبدلًا من ذلك، حدث توحّد للمجتمع الإيراني في وجه العدوان. لقد بدأت الحرب ضد إيران، وفهم شعبها أن سقوط الدولة يعني كارثة تدخل كل بيت، كما حدث لدى الجيران.

ومع ذلك، فإن وقف الأعمال القتالية سيؤجل مؤقتًا فقط تهديد "الثورة الملوّنة" في إيران. النشوة الأولية الناتجة عن توقف القصف، والتي صوّرتها وسائل الإعلام الإيرانية على أنها إنتصار، لن تدوم طويلًا. وإذا ما أكدت طهران، بشكل أو بآخر، تخلّيها عن البرنامج النووي، فستجد المعارضة ذريعة لإتهام نظام الملالي بالضعف. وهذا ما نراه بالفعل في بيان الأحد الصادر عن الرئيسة المؤقتة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في المنفى، مريم رجوي، التي قالت: "الآن يجب أن يرحل خامنئي". وأضافت: "لا للإسترضاء، لا للحرب – نعم لتغيير النظام، أي تغيير الدكتاتورية الدينية من قبل الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. إلى الأمام نحو إيران حرّة وجمهورية ديمقراطية غير نووية تفصل بين الدين والدولة وتحقّق المساواة بين الجنسين!"

2 .....

بطبيعة الحال، سيلقي الحرس الثوري وخامنئي بكل قواهم من أجل الحفاظ على السلطة. وسيتم قمع أي إنتقاد. لكن ماذا لو بدأ الإستياء يأخذ شكل مؤامرة مدعومة من الغرب؟ على أية حال، فإن زعزعة الإستقرار الداخلي هو السبيل الوحيد القادر على تدمير إيران — ولهذا السبب ستُسخَّر الآن كل طاقات الولايات المتحدة وإسرائيل لهذا الهدف. ولا شك أن دول الناتو ستدعم هذه الجهود. وستُوجَّه كل طاقة الغرب نحو إشعال حرب أهلية في إيران بهدف تقسيمها إقليميًا في ما بعد.

▪️ وهكذا، من دون تحقيق نصر حاسم، وجدت إيران نفسها على أعتاب دخول عصر من اللاإستقرار الإستراتيجي. لكن هل يعني هذا أنها محكوم عليها بفقدان السيادة والتحول إلى دولة فاشلة أخرى على غرار العراق أو ليبيا؟ قطعًا لا.
أولًا وقبل كل شيء، لأن سقوط إيران يتعارض جذريًا مع المصالح الوطنية لدولتين محوريتين في أوراسيا — روسيا والصين.

لقد تم منذ وقت طويل حساب عواقب زعزعة إستقرار إيران، ونذكر منها فقط بعضًا مما يلي:
-سيبدأ على الفور التخريب الغربي النشط في آسيا الوسطى. وستفقد روسيا بشكل نهائي كامل منطقة جنوب القوقاز. وسيتعزز النفوذ التركي في المنطقة بشكل حاد. كما سيتم القضاء على جميع مشاريع ممرات النقل ضمن خطوط "شمال–جنوب" و"حزام واحد وطريق واحد". وسيتوقف بحر قزوين عن كونه "بحيرة للسلام"، وستظهر على سواحله قواعد عسكرية غربية. لكن الأهم — هو بدء إختراق الفوضى بشكل تدميري إلى داخل روسيا (القوقاز الشمالي ومنطقة الفولغا) وإلى داخل الصين (منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم للأويغور).

ولا يمكن منع هذا السيناريو إلا من خلال جهود مشتركة في إطار التعاون بين روسيا — إيران — الصين — كوريا الشمالية — إذا كانت طهران مستعدة بالفعل للمضي في هذا الإتجاه، وأن تستخلص الدروس الصحيحة من الأحداث الأخيرة. فالكثير معرّض للخطر، ولا يمكن السماح لخصمنا الجيوسياسي المشترك أن يبدأ في تدمير حلقات السلسلة الكبرى لأوراسيا، واحدة تلو الأخرى.


---



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكل إنتصر ولا أحد فاز - أوهام النصر في حرب إيران وإسرائيل
- طوفان الأقصى 627 - فوردو تنجو وأمريكا تتخبّط
- ألكسندر دوغين - الفرصة الأخيرة لتوحّد العالم الإسلامي
- طوفان الأقصى 626 – ضربة مزدوجة
- بوتين ومحاولة إنقاذ إيران – مناورة دبلوماسية روسية معقدة في ...
- طوفان الأقصى 625 - «بين أن تكون أو لا تكون»: 22 يونيو... الي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عين العاصفة: من رقيب نووي إ ...
- طوفان الأقصى 624 - إسرائيل وإيران والوكالة الدولية للطاقة ال ...
- بعد غزة، إيران تصرخ - يا وحدنا - ملف خاص
- طوفان الأقصى 623 - إحدى الدول القليلة ذات السيادة الحقيقية. ...
- ألكسندر دوغين - يتحدث حول العدوان الإسرائيلي على إيران - الا ...
- طوفان الأقصى 622 - من المؤتمر الصحفي للرئيس بوتين
- دور واشنطن المحتمل في العدوان الإسرائيلي ضد إيران: متى تتدخل ...
- طوفان الأقصى 621 – الولايات المتحدة تزود إسرائيل بقنابل خاصة ...
- الحرب الإيرانية-الإسرائيلية: الحصيلة المرحلية للأيام الأربعة ...
- طوفان الأقصى 620 - عدوان إسرائيل يقرب إيران من إمتلاك السلاح ...
- ثلاثة سيناريوهات مرعبة لحل -المعضلة النووية الإيرانية- - قرا ...
- طوفان الأقصى 619 - حرب إسرائيل الخاطفة فشلت، فهل تبدأ حرب با ...
- تصعيد الصراع الإيراني – الإسرائيلي _ سيناريوهات المستقبل في ...
- طوفان الأقصى 618 – إسرائيل تواصل لعب دور الضحية بينما تقتل ا ...


المزيد.....




- -من سيزوره؟-.. كيم جونغ أون يفتتح منتجعًا شاطئيًا ضخمًا يتسع ...
- كاميرا تلتقط مشهدًا مثيرًا لدوامتي مياه معلقتين بين السماء و ...
- قانون التجنيد يشعل أزمة الحريديم مجدداً.. ونتنياهو أمام اختب ...
- بعد أشهر من الحرمان.. أكياس الدقيق تعود إلى غزة والأمهات ينت ...
- موقع أميركي: المرشح لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني يثبت أ ...
- هل كانت روسيا حليفًا متخاذلًا لإيران في اللحظة المفصلية؟
- ميرتس يسجل أول حضور باجتماع أوروبي متشدد للهجرة
- حول تنظيم المنتدى الخامس للجمعية الدولية لعلم الاجتماع بالرب ...
- -النصر.. رونالدو، القصة مستمرة- بعد تمديد النجم البرتغالي عق ...
- محاكمة محتملة لوزيرة فرنسية بتهمة الفساد في قضية كارلوس غصن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 628 - إيران بين فخ الحرب ومصيدة التفكيك: قراءة في الإستراتيجية الغربية