أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 624 - إسرائيل وإيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية: تآكل النظام النووي الدولي وشرعنة -حق القوة-















المزيد.....

طوفان الأقصى 624 - إسرائيل وإيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية: تآكل النظام النووي الدولي وشرعنة -حق القوة-


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 00:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. زياد الزبيدي


من الرقابة إلى التحيّز — أزمة الثقة في النظام النووي الدولي

في ذروة التصعيد الإسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية، تبرز أزمة ثقة متفاقمة في النظام الدولي للرقابة النووية الذي تمثله الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA). فبينما يُفترض أن تعمل الوكالة كمؤسسة حيادية علمية لضمان الإستخدام السلمي للطاقة النووية، يتكشف اليوم دورها كجهاز متأثر بالإستقطاب الجيوسياسي، وتُستغل تقاريرها وتوصياتها كأداة شرعنة للهجمات الوقائية.

الكاتب والصحفي والمحلل السياسي الروسي البارز سيرغي ستروكان يعكس هذه الأزمة في مقاله المنشور عبر قناة RT، مشيرًا إلى أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت الإيرانية لا تستهدف فقط البنية التحتية النووية، بل تمثل "قصفًا لمنظومة التعاون الدولي في المجال النووي تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

---

أولًا: اغتيال الشرعية الدولية... إسرائيل تتجاوز دور الوكالة

تجاهلت إسرائيل بشكل صارخ التفويض الأممي الذي تتمتع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ يشنّ سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته بينما لا يزال خبراء الوكالة يعملون ميدانيًا داخل إيران. وهو ما يصفه ستروكان بوضوح: "الضربات على المنشآت النووية الإيرانية تتم في وقت يعمل فيه خبراء الوكالة على الأرض، والذين يُفترض بهم مراقبة هذه المنشآت بموضوعية وحيادية..."
"...لكن إسرائيل، من خلال قصفها، أظهرت أنها لا تعبأ بنتائج عمل هؤلاء الخبراء."

هذا السلوك يمثل تحديًا صارخًا لأسس القانون الدولي، ويعيد تعريف "الشرعية" بناءً على موازين القوة لا على القرارات الأممية. إسرائيل تُعلن بذلك خروجها من دائرة الإعتراف بأي مرجعية رقابية أممية، خاصة أن موقفها من برنامج إيران النووي يتجاوز رفض التسلح النووي، إلى رفض أي برنامج نووي سلمي من حيث المبدأ، وهو ما يؤكده الكاتب في مقاله: "إسرائيل تنطلق من قناعة بأن إيران لا ينبغي لها من الأساس أن تمتلك أي برامج نووية، بما في ذلك قطاعها الذري السلمي."

---

ثانيًا: إنهيار دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية

الضربات الإسرائيلية تكشف هشاشة الموقف الأخلاقي والمؤسسي للوكالة، خصوصًا أنها لم تُدن هذه الضربات، بل قدّمت غطاءً خطابياً لها تحت عنوان "حق الدفاع عن النفس". وقد إنتقد ستروكان هذا التواطؤ بصراحة: "في إيران، أظهرت الوكالة نفس التحيز السياسي والمعايير المزدوجة كما في أوكرانيا... لم تكتفِ بعدم إدانة الضربات، بل حاولت تبرير أفعال إسرائيل بذريعة ‘الحق في الدفاع عن النفس’."

الوكالة، كما يرى الكاتب، أصبحت أداة للعبة الجيوسياسية الغربية، تمامًا كما كانت خلال هجمات القوات الأوكرانية على محطة زابوروجيا النووية، حيث "أصبحت عمياء وصماء وتظاهرت بأنها خرساء".

في هذا السياق، فإن صمت الوكالة ليس موقفًا سلبيًا فحسب، بل هو مساهمة مباشرة في تفكيك منظومة الردع الدولية، وتحويل دور الوكالة من مراقب إلى شاهد زور.
---

ثالثًا: إزدواجية المعايير والأثر الدبلوماسي للقرارات القديمة

تستند بعض الدول الغربية في تبرير الضربات الإسرائيلية إلى قرار صدر عن مجلس محافظي الوكالة يتهم إيران بإنتهاكات تعود إلى ما قبل عشرين عامًا. يربط ستروكان هذا القرار مباشرة بالتصعيد: "إيران ترى أن هذه القرارات، التي تعود مزاعمها لعشرين عامًا، قد شكّلت أحد الذرائع للضربات الإسرائيلية."


وهنا يطرح سؤالًا خطيرًا: هل يمكن لتقارير فنية قديمة أن تُستخدم كبوابة لشن هجمات عسكرية، دون وجود دليل إستخباراتي جديد؟ هذا الإستخدام الإنتهازي للماضي يجرّد المؤسسات الدولية من قيمتها الفنية، ويُحوّل الأرشيف التقني إلى منصة تسويغ للعدوان.

---

رابعًا: حتى غروسي إضطر للإعتراف... لكن بعد فوات الأوان

رغم كل هذا الإنحياز المؤسسي، وجد مدير الوكالة، رافائيل غروسي، نفسه مضطرًا للإعتراف بعدم صحة المزاعم الإسرائيلية: "غروسي صرّح بأن الوكالة لا تستطيع تأكيد معلومات الاستغخبارات الإسرائيلية حول تطوير برنامج نووي عسكري في إيران."

هذا التصريح المتأخر لا يُعيد للوكالة مكانتها، بل يُظهر حجم الضغوط التي تُمارس على مؤسسات يُفترض أنها فنية مستقلة. بل إن هذا الإعتراف يؤكد أن إسرائيل تجاوزت ليس فقط القواعد، بل والمعلومات المتوفرة، لتُبادر بفعل عسكري مدمر دون سند قانوني أو فني.

---

خامسًا: فلسفة "الإمتياز النووي" لا "الحق النووي"

جوهر الموقف الإسرائيلي، كما يشرحه الكاتب، ليس فقط منع الإنتشار، بل فرض رؤية إنتقائية للشرعية النووية. إذ لم يعد الحق النووي عامًا، بل أصبح إمتيازًا لفئة مختارة: "في تل أبيب يعتبرون أنه لا وجود لأي حق عالمي ، بل هناك إمتياز نووي لفئة مختارة فقط."

هذه الفئة تضم، بحسب المفهوم الإسرائيلي، "الدول المسؤولة" (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، إلخ)، بينما يُصنّف الآخرون كـ"أنظمة خطرة" تُجسّد "الشر العالمي"، وفي مقدمتهم إيران.
---

خاتمة: ما بعد الضربات... نهاية الوكالة كوسيط نزيه؟

تمثل العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، نقطة تحول خطيرة في النظام الدولي للرقابة على الطاقة النووية. فحين تصبح وكالة الطاقة الذرية عاجزة عن حماية مفتشيها، أو عن قول الحقيقة في وقتها، وتُستخدم تقاريرها القديمة كذريعة للعدوان، فإن دورها كوسيط أممي يكون قد إنتهى.

كما حذّر ستروكان: "نشهد لحظة تفكك في منظومة التعاون النووي الدولية، ومؤشرًا على عالم يتجه إلى الفوضى القانونية والعسكرية، حيث تُحكم العلاقات الدولية بمنطق القوة لا القانون."
---
نحن في مأزق، فما هو الحل؟

نورد بعض المقترحات للباحثين وصناع القرار لعل وعسى:

-ضرورة إعادة هيكلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان استقلالها الحقيقي.
-الدعوة لعقد مؤتمر دولي لبحث معايير شرعية "الردع الوقائي" النووي.
-المطالبة بتحقيق دولي مستقل في الاعتداءات على منشآت نووية تحت إشراف الوكالة.
فهل يحدث ذلك؟

---



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد غزة، إيران تصرخ - يا وحدنا - ملف خاص
- طوفان الأقصى 623 - إحدى الدول القليلة ذات السيادة الحقيقية. ...
- ألكسندر دوغين - يتحدث حول العدوان الإسرائيلي على إيران - الا ...
- طوفان الأقصى 622 - من المؤتمر الصحفي للرئيس بوتين
- دور واشنطن المحتمل في العدوان الإسرائيلي ضد إيران: متى تتدخل ...
- طوفان الأقصى 621 – الولايات المتحدة تزود إسرائيل بقنابل خاصة ...
- الحرب الإيرانية-الإسرائيلية: الحصيلة المرحلية للأيام الأربعة ...
- طوفان الأقصى 620 - عدوان إسرائيل يقرب إيران من إمتلاك السلاح ...
- ثلاثة سيناريوهات مرعبة لحل -المعضلة النووية الإيرانية- - قرا ...
- طوفان الأقصى 619 - حرب إسرائيل الخاطفة فشلت، فهل تبدأ حرب با ...
- تصعيد الصراع الإيراني – الإسرائيلي _ سيناريوهات المستقبل في ...
- طوفان الأقصى 618 – إسرائيل تواصل لعب دور الضحية بينما تقتل ا ...
- حرب إسرائيل الكبرى على إيران - صراع على ملامح النظام العالمي ...
- طوفان الأقصى 617 - إيران – هل هي أزمة نظام؟
- إسرائيل فتحت **صندوق باندورا النووي. ماذا تنتظر روسيا؟
- طوفان الأقصى 616 – إسرائيل عرضت على إيران الإستسلام. كيف ستر ...
- طوفان الأقصى 615 – الحرب تطرق الأبواب – واشنطن في حالة تأهب ...
- سياسية روسية بارزة تدق ناقوس الخطر - بصراحة، الجبهة الداخلية ...
- طوفان الأقصى 614 - من غزة إلى لوس أنجلوس - مقاومة العنف المن ...
- قبل سنتين من الحرب الكبرى - هل تنجو روسيا من العاصفة القاتلة ...


المزيد.....




- فوردو ونطنز وأصفهان.. الخطاب الكامل لترامب بعد الضربات الأمر ...
- أول حالة معروفة لاستخدام هذه القنبلة.. إليك ما نعلمه عن تفاص ...
- تحديث مباشر.. أمريكا -دمرت تماما- منشآت إيران وطهران ترد بأو ...
- قرب منشأة فوردو الإيرانية.. ناسا تلتقط إشارة حرارية الأحد
- قبل نحو 48 ساعة من ضربة أمريكا.. صور فضائية تكشف تحركات إيرا ...
- -هجوم وحشي-.. إيران تدين الضربات الأمريكية على المواقع النوو ...
- إسرائيل.. -دمار واسع النطاق- بعد هجوم صاروخي إيراني وهذا عدد ...
- 25 ألف طائرة ورقية تزيّن سماء جزيرة فانو الدنماركية
- دمى عملاقة تجوب العالم في رحلة فنيّة ضد تغير المناخ
- ترامب يعلن شن ضربات -دمرت بشكل تام وكامل- مواقع نووية إيراني ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 624 - إسرائيل وإيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية: تآكل النظام النووي الدولي وشرعنة -حق القوة-