طوفان الأقصى 617 - إيران – هل هي أزمة نظام؟

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 01:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا



يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد



مع نهاية اليوم، يتعالى الصوت القائل إن ما حدث خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية في إيران يحمل سمات جوهرية لإنقلابٍ داخل الدولة. أولًا وقبل كل شيء، القادة العسكريون الذين تم إغتيالهم كانوا عماد السياسة الرامية إلى الحفاظ على المصالح الوطنية الإيرانية. هم بالذات من رفضوا الإنذار الأميركي خلال المفاوضات، لأن الشروط التي طرحها الأمريكيون كانت بمثابة إستسلام كامل. لكن ذلك ليس كل شيء.

▪ تبدأ هنا تأثيرات السياسة الداخلية: الجناح الليبرالي، الذي يتمحور حول الرئيس مسعود بزشكيان، تم تهميشه في المفاوضات، وتم إضعافه نتيجة الإستقالات. وقد جاء هذا نتيجة الضغط المشترك من الجيش والمحافظين الذين يتمحورون حول نجل المرشد الأعلى علي خامنئي، والذي يُنظر إليه كوريث محتمل. ولكن، كما يحدث غالبًا، فإن الإنتصار على العدو المشترك لا يعني وحدة المصالح لاحقًا. بل على العكس، فرّقتهم المصلحة الأهم – من سيحصل على السلطة العليا.

إنطلاقًا من ذلك، تطورت المفاوضات حول البرنامج النووي وفق تكتيك مفهوم. تبادلت الأطراف الإقتراحات، وظهر العرض الأميركي وكأنه ليس مجرد إنذار، بل إستسلام صريح. وإدراكًا من الجانب الإيراني لخطورة إنهيار المفاوضات، إختار تكتيك المماطلة. فكلما إزداد التوتر الأميركي، إقترح الإيرانيون جولة جديدة، أماكن جديدة للإجتماعات، وإجراءات جديدة للنقاش. وكان دخول العامل الروسي متوقعًا كطريق للخروج من المأزق، وكحلٍّ وسط. وهنا، قرر الأميركيون – على ما يبدو – إستخدام ورقتهم الأقوى: القوة، ولكن عبر أيدي إسرائيل.

ويُظهر حجم الهجوم الإسرائيلي اليوم إستحالته من دون دعم تقني عسكري أميركي. وهذا يشير أيضًا إلى ضلوع أميركي في الهجوم على القوات الإستراتيجية الروسية في الأول من يونيو – وهو هجوم يتجاوز قدرات أوكرانيا بكثير، فضلًا عن أنه يفوق بكثير إمكانيات إسرائيل.

▪ وماذا عن إيران؟ إن إغتيال القيادة العليا للحرس الثوري والجيش قد قطع رأس مجموعة القوى الأمنية المتمسكة بالمصالح الوطنية. وبذلك حصل المحافظون على فرصة لفرض سيطرتهم، محررين السلك العسكري من إستقلاليته السياسية. في هذه اللحظة، تدور في طهران تعيينات محمومة، والوجوه تتغير أحيانًا في غضون ساعات. وهنا وقعت في يد المعسكر الليبرالي فرصة نادرة لإثبات وجوده، إذ إنه – من الناحية الشكلية – يمثل السلطة الرسمية.

الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على المنشآت الذرية والصاروخية الإيرانية تبدو مؤثرة في الفضاء الإعلامي، لكن تأثيرها الفعلي لا يزال غير معروف. بطبيعة الحال، توقفت المفاوضات. ومع ذلك... يسود الإعتقاد بأنه سيُعاد إستئنافها، لكن في ظل ظروف مختلفة تمامًا. عمليًا، يقف الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة. أما إيران، فتبدو في حالة من الإرتباك العميق، بل إن هناك من بدأ يشكك في كفاءة المرشد الأعلى... ومن غير المرجح أن يؤدي الرد المتوقع بصواريخ مكثفة على إسرائيل إلى تهدئة الوضع الداخلي في إيران.

في جوهر الأمر، يتعرض النظام الإيراني لإختبار صلابته. فهل سيصمد، أم أن الليبراليين سيبدؤون "بيريسترويكا" خاصة بهم تعني إنهيار الجمهورية الإسلامية؟ فهل سنشهد ذلك في المستقبل القريب؟.

▪ ومن المؤكد أن رد فعل الغرب في هذه اللحظة يُعد مؤشرًا بالغ الدلالة – إذ يُظهر رغبة شديدة في تطور الأمور بهذا الإتجاه تحديدًا. أما الممالك العربية المجاورة فقد تجمّدت مترقبة العواقب، فيما دُهشت دول "الأغلبية العالمية" لكنها تدرك في الوقت نفسه مدى بعد كل ذلك عنها. والأهم: مدى عجزها التام إذا ما قرر "العالم الأول" فرض إرادته عليها. مع ذلك، لا يبدو أن إسرائيل تحتفل بإنتصارها حتى الآن. فالمشهد يجعل كثيرين في العالم يعيدون التفكير بمستقبل هذه الدولة التي تتصرف من دون أي قيود...

أما بالنسبة لروسيا، فها نحن من جديد نجد أنفسنا على صواب في تقديرات قيادتنا للوضع العالمي، حيث لم يعد هناك أي إحترام لأي حقوق أو قواعد، سوى "حق القوة". الغرب يتصرف على أساس أنه يمتلك القوة والحق الحصري في خرق القواعد وفرض إرادته. لكنه سيفاجأ لاحقًا بأن هذه القواعد التي كسرها وسوّغها لنفسه، ستُستخدم لاحقًا كحجة من قبل قوى أخرى (مثل روسيا أو الصين أو غيرهما) لتبرير سلوك مشابه، لأنه لم يعد هناك إحترام لقواعد موحدة – بل أصبح "منطق القوة" هو القاعدة، وهي قاعدة يمكن للجميع إستخدامها.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل