أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 614 - من غزة إلى لوس أنجلوس - مقاومة العنف المنهجي للدولة














المزيد.....

طوفان الأقصى 614 - من غزة إلى لوس أنجلوس - مقاومة العنف المنهجي للدولة


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي عن الانجليزية بتصرف *

أحمد إبسيس**
منصة Mondoweiss

9 يونيو 2025

في نهاية هذا الأسبوع، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بصورتين متزامنتين لا يفصل بينهما سوى ساعات: على ضفاف البحر المتوسط، يظهر متطوعون إنسانيون رافعين أيديهم في وضعية إستسلام أمام قوات الكوماندوز الإسرائيلية، بينما في شوارع لوس أنجلوس، يواجه المتظاهرون وحدات من الحرس الوطني أرسلها الرئيس الأميركي واصفًا إياهم بـ"الغوغاء العنيفين والمتمردين".

تكشف هاتان الصورتان عن ترابط مقلق بين مكانين بعيدين ظاهريًا، لكنه يعكس تشابكًا عضويًا في عمل آلة القمع الإمبراطورية المعاصرة، حيث تُواجَه شجاعة الضمير الإنساني، سواء في عرض البحر أو على الأسفلت، بعنف الدولة المسلح.

التحدي المشترك لسلطة الدولة

تكمن الصلة بين هذين المشهدين في كونهما تعبيرين عن مقاومة صريحة لكذب ممنهج تمارسه أنظمة تدّعي الشرعية. ففي الوقت الذي تكشف فيه سفينة "مادلين" – المحملة بحليب الأطفال والإمدادات الطبية – زيف الرواية الإسرائيلية بشأن تسهيل المساعدات إلى غزة، تكشف إحتجاجات لوس أنجلوس زيف مزاعم الإدارة الأميركية بأن حملات الترحيل جزء من "فرض النظام" وليس قسوة منظمة موجهة ضد الفئات الأضعف.

لا تملك إسرائيل أي صلاحية قانونية لإحتجاز سفن مدنية في المياه الدولية، ولا لتجويع سكان غزة المحاصَرين، لكن هذا ما حدث بالفعل حين إعترضت قواتها سفينة "مادلين"، التي حملت إسم أول وأشجع صيادة فلسطينية في القطاع. المفارقة الصارخة أن إسرائيل، التي تزعم عدم عرقلتها للمساعدات الإنسانية، سارعت إلى مصادرة السفينة وإحتجاز إثني عشر متطوعًا لا سلاح لديهم سوى ضمائرهم.

وفي مشهد متزامن، لجأت إدارة ترامب إلى إستخدام القوة المفرطة ضد متظاهرين سلميين خرجوا إلى شوارع لوس أنجلوس إحتجاجًا على سياسات الهجرة العنصرية. لم تتردد الإدارة في نشر الحرس الوطني، وإجراء مداهمات منسقة في وضح النهار داخل مستودعات ومواقف سيارات عامة، مستهدفة عمالًا مهاجرين لا "جريمة" لهم سوى عبور حدود إستُرِثت يومًا ما من أجدادهم الأصليين.

سحق إرادة المقاومة

تشابه الرد الإسرائيلي على متطوعي "مادلين" مع رد ترامب في لوس أنجلوس لا يقتصر على الوسائل – من طائرات مسيّرة وقنابل صوتية إلى إعتقالات تعسفية – بل يمتد إلى المنطق ذاته: مقاومة الحقيقة الأخلاقية بالقوة الغاشمة. كلا النظامين يوجّهان رسالة موحدة: الشجاعة الأخلاقية تُعد تهديدًا لا يُغتفر ويجب قمعه.

ما يحدث اليوم في لوس أنجلوس ليس مجرد إنفاذ للقانون، بل هو إستخدام داخلي لمنظومة قمع جُرِّبت وصُنِّعت في فلسطين المحتلة. إذ تُعتبر غزة منذ سنوات حقل تجارب مفتوحًا لتقنيات المراقبة والهجمات الجوية، والنتائج تُصدَّر إلى عشرات الدول، من بينها الولايات المتحدة، حيث تُستخدم الأدوات ذاتها ضد المهاجرين والمتظاهرين والسود والفقراء.

وفيما تصف إسرائيل الفلسطينيين بأنهم "إرهابيون"، تنعت إدارة ترامب المهاجرين بأنهم "غزاة"، لتبرير سياسات جماعية تتجاهل القانون الدولي وأبسط معايير الإنسانية.

الأمر لم يتوقف عند إستخدام السلاح، بل وصل إلى تجاوز حدود الدستور الأميركي ذاته، حين إستولى ترامب على وحدات الحرس الوطني في كاليفورنيا دون موافقة الحاكم، في سابقة لم تحدث منذ أحداث سيلما عام 1965. هذا الإجراء ليس رمزًا فقط، بل إعلان صريح بأن معارضة السلطة ستُواجَه بالإحتلال العسكري، وأن الشرعية الدستورية قابلة للتفاوض حين يقتضي الأمر الحفاظ على النظام القائم.

من الألم إلى الفعل

ورغم هذا التصعيد غير المسبوق، لم تبقِ لوس أنجلوس صامتة. ففي غضون ساعات، تحولت المظاهرات إلى موجة رفض شعبي عارمة. تدفق الآلاف إلى الشوارع، وأُغلقت البوابات الحكومية بأجساد المتظاهرين، وتراجعت قوات الأمن أكثر من مرة أمام إصرار شعبي يرفض الخضوع.

هذا الغضب لم يكن فوضويًا بل منظمًا، يتغذى من قناعة مفادها أن الصمت خيانة، وأن لا مجتمع صغيرًا بما يمنعه من المقاومة. لقد تحولت كل زاوية إلى منبر، وكل شارع إلى جبهة، وكل صوت إلى فعل سياسي.

هل نملك الشجاعة؟

إنتهت مهمة "مادلين"، لكن التحدي الأخلاقي الذي طرحتْه لا يزال قائمًا. في عالم يُعتبر فيه إثنا عشر متطوعًا يوزعون حليب الأطفال تهديدًا للأمن القومي، وتُواجَه فيه المظاهرات بالقنابل والدبابات، يظل السؤال ملحًا: هل سنصمت ونقبل بالواقع؟ أم نملك شجاعة أن نقف كما فعل متطوعو "مادلين" وأهالي لوس أنجلوس؟

لقد أظهروا لنا أن طريقًا آخر ممكن. والسؤال الآن: هل نسلكه؟
------
نبذة عن الكاتب والناشر
**أحمد إبسيس
فلسطيني-أمريكي من الجيل الأول، محامي، وشاعر، وكاتب يُصدر النشرة الإخبارية "حالة حصار". يتمحور عمله حول الهوية، والنزوح، والمقاومة، والتجربة الفلسطينية، حيث يدمج السرد الشخصي مع التحليل السياسي.
**منصة Mondoweiss:
منصة إعلامية أمريكية مستقلة تركز على تغطية القضايا المتعلقة بفلسطين والشرق الأوسط وحقوق الإنسان، وتقدم نقدًا للسياسة الخارجية الأمريكية والإسرائيلية

- تأسست في عام 2006 بواسطة فيليب وايس (Philip Weiss)، وهو صحفي سابق في نيويورك أوبزرفر.
- هو مشروع إعلامي تقدمي مناهض للإستعمار ويؤيد القضية الفلسطينية.
- ينشر مقالات وتقارير وآراء وأبحاثًا غالبًا ما تكون ناقدة لإسرائيل والولايات المتحدة والصهيونية والإمبريالية.
- هدف المنصة هو تقديم وجهة نظر بديلة ونقدية غير موجودة في الإعلام السائد، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل سنتين من الحرب الكبرى - هل تنجو روسيا من العاصفة القاتلة ...
- طوفان الأقصى 613 - سكاي نيوز تشوّه سمعة غريتا تونبرغ وتتهمها ...
- طوفان الأقصى 612 - بوتين يحرك قطع الشرق الأوسط ببراعة
- تصدّع التحالف الأنغلو-أمريكي في منظور فيونا هيل - قراءة في م ...
- طوفان الأقصى 611 – مصر تخشى من إندلاع الحرب في سيناء
- طوفان الأقصى 610 – لماذا أنشأ ستالين المنطقة اليهودية ذاتية ...
- روسيا - جذور سياسة بريطانيا العدوانية
- طوفان الأقصى 609 – سيناريو جديد – ترامب يروج لصفقة مقايضة في ...
- روسيا – الإمبراطور الأحمر – دروس ستالين والستاليتية
- طوفان الأقصى 608 - كيف تحولت اليهودية من دين إلى عرق - دور ا ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الثلاثون - التاريخ كسلاح – صحفي إيطال ...
- طوفان الأقصى 607 - من أين جاءت الكراهية لليهود في العالم: لم ...
- العيد 80 للنصر - الجزء التاسع والعشرون – حول مسألة التعويضات ...
- طوفان الأقصى 606 - كيف تم البحث عن وطن لليهود – وكان الإتحاد ...
- العيد 80 للنصر - الجزء الثامن والعشرون - النتائج المنسيّة - ...
- طوفان الأقصى 605 - التاريخ المنسي لليهودية المعادية للصهيوني ...
- العيد 80 للنصر - الجزء السابع والعشرون - فشل مخططات رومانيا ...
- طوفان الأقصى 604 – كراهية اليهود في الولايات المتحدة خرجت عن ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الخامس والعشرون – المجر في الحرب ضد ا ...
- طوفان الأقصى 603 - الصهيونية المسيحية - تناقض لفظي؟ لا، بل و ...


المزيد.....




- بعد سنوات من الغموض.. ماذا كشف هجوم إسرائيل -غير المسبوق- عل ...
- سماع دوي انفجارات في سماء القدس مع انطلاق موجة جديدة من الصو ...
- شركة سويسرية أخطر على السيادة الأمريكية من تيك توك
- خصوم حماس يَعِدون بإدارة قطاع غزة
- الرد الإيراني بدأ.. صليات متتالية من الصواريخ على إسرائيل ود ...
- ضربات جوية إسرائيلية تطال مواقع استراتيجية في إيران
- +++تغطية متواصلة ـ الهجوم الإسرئيلي على إيران ورد طهران+++
- باحث مصري: مكتب تابع للموساد بدولة آسيوية جارة لإيران نفذ ال ...
- علامات غامضة في الحواس تنذر بالخرف قبل سنوات من فقدان الذاكر ...
- المنتجات الأكثر فائدة للأمعاء


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 614 - من غزة إلى لوس أنجلوس - مقاومة العنف المنهجي للدولة