|
الحرب الإيرانية-الإسرائيلية: الحصيلة المرحلية للأيام الأربعة الأولى من الصراع
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 13:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
فيكتور بيريوكوف كاتب صحفي ومراسل حربي موقع Military Review بالروسية
17 يونيو 2025
منذ انطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية "الأسد الصاعد" مرّت أربعة أيام، ويمكننا بالفعل إستخلاص بعض النتائج المرحلية للصراع الإيراني-الإسرائيلي. فعلى الرغم من الدمار الواسع للبنية التحتية المدنية في كلا البلدين، فإن الجولة الأولى من هذا الصراع تميل بشكل واضح لصالح إسرائيل، إذ كانت ضرباتها أكثر دقة وفعالية.
في مادة سابقة بعنوان "إسرائيل بدأت عملية عسكرية ضد إيران. ما هدفها وإلى أين ستؤدي؟"، أشار الكاتب إلى أن جولة جديدة من المواجهة العسكرية بين تل أبيب وطهران كانت حتمية بعد فشل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي. وكان السؤال فقط حول مدى المواجهة وتوقيت إنطلاقها. إذ لم تستطع إسرائيل القبول بإمتلاك إيران لسلاح نووي، لذلك إستغلت فشل المفاوضات كذريعة لبدء الحرب.
ونتيجة لذلك، شهد الشرق الأوسط أعنف تصعيد عسكري خلال السنوات الأخيرة، وقد يتطور هذا التصعيد إلى حرب إقليمية شاملة بين تحالفات، إذا ما تدخلت دول ثالثة بشكل مباشر (حتى الآن، مشاركتها لا تزال غير مباشرة). وقد حوّل هذا الصراع أنظار الإعلام العالمي من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، الذي بات مصدر الأخبار الرئيسي على الساحة الدولية.
---
الضربات الإسرائيلية والإيرانية: تقييم الفعالية
لنبدأ بتقييم فعالية الضربات الإسرائيلية، ثم ننتقل إلى الضربات الإيرانية.
أولاً، إسرائيل:
خلال الأيام الأربعة الماضية، وجهت إسرائيل ضربات إستهدفت القيادة العسكرية العليا (ما يُعرف بـ "مراكز إتخاذ القرار")، حيث تم تصفية القيادة العليا للحرس الثوري الإسلامي – القائد العام للحرس، رئيس الأركان، قائد قوات القدس، قائد القوات الجوية للحرس، رئيس الاستخبارات ونائبه، بالإضافة إلى غالبية العلماء النوويين (وفق بعض التقديرات: 16 شخصًا).
وقد أستُهدفت منشآت نووية في نطنز وفوردو وأصفهان (حيث أشارت تقارير إلى وقوع هزات أرضية تحت الأرض بقوة 2.5 درجة نتيجة ضربة على منشأة فوردو في مدينة قم). كما تم إستهداف قواعد عسكرية ومحطات رادار ومبانٍ إدارية.
بالإضافة إلى ذلك، طالت الضربات مخازن نفط جنوب (شهريار) وغرب طهران، ومستودعات الغاز المسال في مصفاة فجر-جام بمحافظة بوشهر، وقواعد جوية في أنحاء متفرقة من البلاد.
وتوجد العديد من مقاطع الفيديو التي تُظهر الضربات الجوية الإسرائيلية على أنظمة الدفاع الجوي ومنصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية (بعضها ضُرب أثناء التحضير للإطلاق)، وصور أقمار صناعية تظهر دمارًا في قواعد ومطارات عسكرية.
كما لوحظ أن بعض عمليات "الموساد" لم تستهدف فقط منشآت عسكرية بل بنى تحتية مدنية أيضًا – ففي طهران، يُعتقد أن "الموساد" عطّل أنظمة الصرف الصحي وإمدادات المياه، مما دفع السكان المحليين إلى مغادرة المدينة بشكل جماعي وسط القصف المستمر. ---
الآن ننتقل إلى إيران: ما هي الأهداف التي أصابتها؟
شنّت إيران العديد من الضربات الصاروخية على إسرائيل، وإخترقت بعضها الدفاعات الجوية، ولكن ما هي الأهداف التي أصابتها فعلاً؟
هناك العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر إنفجارات صواريخ باليستية إيرانية في تل أبيب وحيفا، وتظهر أيضًا دمارًا في أحياء سكنية في هذه المدن.
وتوجد تسجيلات تُظهر إصابة محطة الكهرباء "غيزار" ومصفاة نفط في حيفا، كما تشير تقارير إلى إصابة مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في منطقة "كيريا" في تل أبيب مرتين. كما أصابت صواريخ إيرانية منطقة مطار بن غوريون، لكن لم يتضح ما الذي تم تدميره تحديدًا.
وكالة "تسنيم" الإيرانية تحدثت عن "أضرار كبيرة في تل أبيب وبني براك"، لكن هذه الأضرار مست بنية تحتية مدنية بالدرجة الأولى. أما بالنسبة للبنية التحتية العسكرية، فلا توجد أية أدلة على إصابة منشآت عسكرية إسرائيلية مهمة، ولا يوجد أي تأكيد على تصفية أي من قيادات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وبناءً على ذلك، يستطيع القارئ استنتاج الفرق في فعالية الضربات الإسرائيلية مقارنة بالإيرانية. ---
إسرائيل تهيمن على الأجواء
هناك نقطة مهمة أخرى تستحق الإنتباه: إسرائيل تسيطر بالكامل على المجال الجوي.
صحيفة "جيروزاليم بوست" ذكرت أن سلاح الجو الإسرائيلي تمكن من فرض سيطرته على المجال الجوي الإيراني بسرعة أكبر مما كان متوقعًا، مشيرة إلى أن القوات الجوية قادرة الآن على العمل بحرية حتى فوق طهران، بعد تدمير معظم أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
ولا توجد أي أدلة على سقوط طائرات إسرائيلية، رغم إعلان إيران عن إسقاط ثلاث طائرات، لكنها قدمت صورًا مولدة بالذكاء الاصطناعي ومنخفضة الجودة، ما يُضعف مصداقية هذا الادعاء.
وتنشر إسرائيل بانتظام تسجيلات فيديو لغارات جوية تستهدف منصات صواريخ ومركبات عسكرية داخل عمق الأراضي الإيرانية.
أما الطيران الإيراني فلا يُسمع له صوت، ما يثير التساؤلات: هل لا يزال سلاح الجو الإيراني موجودًا؟ وإن كان كذلك، فأين هو؟ إذ لا توجد أية تقارير عن أي نشاط جوي إيراني.
---
إلى أين يتجه الصراع؟
في مقال سابق، تساءل الكاتب: هل تستطيع إيران الصمود في هذه المواجهة أم أنها ستضطر لتقديم تنازلات؟ والإجابة التي بدأت تتضح: لن تستطيع الصمود، وستُجبر على تقديم تنازلات.
يبدو أن إيران، وهي تُدرك تفوق إسرائيل، أعلنت في اليوم الثالث من الصراع، على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي، إستعدادها للتوصل إلى إتفاق يضمن عدم إمتلاكها للسلاح النووي. وفي اليوم التالي، صرح الرئيس مسعود بيزشكيان أن "من يدعو لإمتلاك إيران للسلاح النووي لا مكان له في السياسة الإيرانية".
من خلال هذه التصريحات، تُرسل إيران إشارات واضحة إلى الولايات المتحدة بأنها مستعدة لإستئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، رغم تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن "جميع المفاوضين السابقين قد لقوا حتفهم".
لكن الوضع أعقد مما يبدو – فإسرائيل، رغم تفوقها، ليست معنية بصراع طويل الأمد. إنها بارعة في الحروب الخاطفة، والصراع المُطوّل سيكون مرهقًا ومكلفًا جدًا، خاصة وأنه لا توجد أي خطط لشن عملية برية داخل إيران. كما أن الجيش الإسرائيلي لا يزال غارقًا في حملة برية مرهقة في غزة، ولم ينجح بعد في "تطهيرها".
ولا يمكن لإسرائيل تدمير جميع المنشآت العسكرية تحت الأرض في إيران، رغم إستخدامها أحيانًا ذخائر خارقة للتحصينات، لذا فهي تتبع تكتيكًا أكثر دهاءً – ضرب مداخل المواقع، لجعل إستخدامها أكثر صعوبة.
الهدف الإسرائيلي المعلن هو تدمير القدرة العسكرية الإيرانية ومنع تطوير برنامجها النووي وتهديدها لتل أبيب. وهذا الهدف يُنفذ بنجاح حتى الآن، إذ تواصل القوات الجوية الإسرائيلية قصف الأهداف الإيرانية.
ورغم حديث بعض المحللين عن قدرة إيران على الصمود، فإن إسرائيل ما زالت في موقع أقوى. نعم، إيران قد تُلحق بإسرائيل أضرارًا مالية ومعنوية جسيمة (بسبب الصواريخ التي تخترق الدفاعات الجوية)، لكن من منظور عسكري فإن تلك الضربات ذات تأثير محدود.
وبالتالي، إن لم يتحول هذا الصراع إلى حرب إقليمية موسعة، فمن المرجح أن ينتهي خلال أسبوعين أو ثلاثة، بإنصياع إيران وتقديمها تنازلات كبيرة. --- لماذا يخدم التصعيد في الشرق الأوسط روسيا؟
ختامًا، تجدر الإشارة إلى أن هذا الصراع يخدم مصالح روسيا لعدة أسباب:
1. يساهم في ارتفاع أسعار النفط، مما يزيد من عائدات الميزانية الروسية.
2. يُحول إنتباه الغرب والولايات المتحدة عن الحرب في أوكرانيا – فالأميركيون يركزون على دعم حليفهم الرئيسي (إسرائيل)، مما يقلل من أهمية زيلينسكي الذي يعتمد على "إبتزاز" الشركاء الغربيين، الأمر الذي يزعجه بالتأكيد.
3. يفتح أمام روسيا نافذة دبلوماسية، فقد تتمكن من لعب دور الوسيط في المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران. ---
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 620 - عدوان إسرائيل يقرب إيران من إمتلاك السلاح
...
-
ثلاثة سيناريوهات مرعبة لحل -المعضلة النووية الإيرانية- - قرا
...
-
طوفان الأقصى 619 - حرب إسرائيل الخاطفة فشلت، فهل تبدأ حرب با
...
-
تصعيد الصراع الإيراني – الإسرائيلي _ سيناريوهات المستقبل في
...
-
طوفان الأقصى 618 – إسرائيل تواصل لعب دور الضحية بينما تقتل ا
...
-
حرب إسرائيل الكبرى على إيران - صراع على ملامح النظام العالمي
...
-
طوفان الأقصى 617 - إيران – هل هي أزمة نظام؟
-
إسرائيل فتحت **صندوق باندورا النووي. ماذا تنتظر روسيا؟
-
طوفان الأقصى 616 – إسرائيل عرضت على إيران الإستسلام. كيف ستر
...
-
طوفان الأقصى 615 – الحرب تطرق الأبواب – واشنطن في حالة تأهب
...
-
سياسية روسية بارزة تدق ناقوس الخطر - بصراحة، الجبهة الداخلية
...
-
طوفان الأقصى 614 - من غزة إلى لوس أنجلوس - مقاومة العنف المن
...
-
قبل سنتين من الحرب الكبرى - هل تنجو روسيا من العاصفة القاتلة
...
-
طوفان الأقصى 613 - سكاي نيوز تشوّه سمعة غريتا تونبرغ وتتهمها
...
-
طوفان الأقصى 612 - بوتين يحرك قطع الشرق الأوسط ببراعة
-
تصدّع التحالف الأنغلو-أمريكي في منظور فيونا هيل - قراءة في م
...
-
طوفان الأقصى 611 – مصر تخشى من إندلاع الحرب في سيناء
-
طوفان الأقصى 610 – لماذا أنشأ ستالين المنطقة اليهودية ذاتية
...
-
روسيا - جذور سياسة بريطانيا العدوانية
-
طوفان الأقصى 609 – سيناريو جديد – ترامب يروج لصفقة مقايضة في
...
المزيد.....
-
ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي
...
-
-كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم
...
-
وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55
...
-
السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
-
ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست
...
-
بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا
...
-
دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م
...
-
غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
-
كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا
...
-
ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|