تصعيد الصراع الإيراني – الإسرائيلي _ سيناريوهات المستقبل في ظل الحسابات المتغيرة حسب محلل روسي

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 16:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع


* اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*



ألكسندر نيوكروبني
كاتب ومحلل سياسي روسي
موقع Military Review بالروسية

14 يونيو 2025

في مشهد سياسي وعسكري متقلب يتجه نحو المجهول، يستمر الصراع العسكري بين إسرائيل وإيران في التصعيد دون بوادر للتهدئة. وبينما كان البعض يتوقع سيناريو "الضربة الرمزية والرد الرمزي"، تبين أن الواقع مختلف تماماً: إيران لم تنحنِ، بل ردت بقوة غير مسبوقة على هجمات الجيش الإسرائيلي بهجوم صاروخي كثيف استهدف مدنًا ومنشآت عسكرية داخل إسرائيل، مما أسقط فرضية التسوية السطحية وأعاد الجميع إلى دائرة الإحتمالات الأخطر.

ما هي أهداف الحرب؟

بعيدًا عن الشعارات المعلنة حول "منع إيران من إمتلاك سلاح نووي"، تتكشف تدريجيًا أهداف أعمق وأخطر. فإسرائيل، وبدعم أمريكي ضمني، لا تسعى فقط لإيقاف البرنامج النووي الإيراني، بل تمارس ضغوطًا عنيفة تهدف إلى إجبار طهران على توقيع إتفاق مهين يتضمن تفكيك كامل لقدراتها النووية. وهذا ما رفضته القيادة الإيرانية بشكل قاطع.

ولكن هناك بعدٌ أوسع: تؤكد تقارير أمريكية (مثل ما ورد في شبكة CNN) أن إسرائيل تدرس منذ سنوات إمكانية تغيير النظام في إيران، وتسعى الآن لإغتنام فرصة التفوق العسكري لتغيير التوازن الإقليمي بالكامل. وهذا ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صراحة عندما دعا الإيرانيين إلى "الإنتفاض ضد نظامهم" تحت شعار "حقوق المرأة، حياة، حرية". وهكذا يتضح أن الهدف ليس "إيران منزوعة السلاح"، بل "إيران خاضعة أو مدمَّرة".

فشل سيناريو الحرب الخاطفة

إعتقدت إسرائيل أن بإمكانها توجيه ضربة مباغتة تسحق قدرات إيران الدفاعية وتفرض عليها الإستسلام السريع. إلا أن النتائج جاءت عكس التوقعات. فعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدتها القيادة العسكرية الإيرانية في الضربة الأولى، فإن هيكل القيادة أستُعيد بسرعة، وتَمكَّن الإيرانيون من تنفيذ رد منظم أظهر أنهم لا يزالون يمتلكون قدرة قتالية مؤثرة، بما في ذلك منظومات الصواريخ الباليستية.

الإشكالية الكبرى أمام إسرائيل تكمن في عدم إمتلاكها القدرة على تنفيذ عمليات برية واسعة داخل إيران، مما يعني أن نطاق عملياتها سيبقى محصورًا بالغارات الجوية والعمليات الإستخباراتية المحدودة. وهذا النوع من الحروب، مهما بلغت شدته، لا يُفضي إلى حسم نهائي، بل يُطيل أمد الصراع ويزيد تكلفته.

العامل الأمريكي: دعم محدود وحسابات إنتخابية

تحاول إسرائيل، وبكل ما تملك من نفوذ، جر الولايات المتحدة إلى أتون الحرب. إلا أن البيت الأبيض، بقيادة دونالد ترامب، يبدو حذرًا للغاية. فالإدارة الأمريكية، في خضم عام إنتخابي، تبحث عن "صفقة" مع إيران يمكن تسويقها كنجاح دبلوماسي، وليس عن تورط مباشر في حرب دامية.

علاوة على ذلك، تتحرك واشنطن بهدوء لرسم ملامح سياسة شرق أوسطية جديدة، ترتكز على علاقات وثيقة مع دول الخليج وتركيا وسوريا، مما يثير قلقًا إسرائيليًا واضحًا. وبالرغم من الدعم الإستخباراتي واللوجستي المؤكد من الجانب الأمريكي، فإن الدخول المباشر في مواجهة عسكرية شاملة مع إيران يُعد إحتمالاً ضعيفًا، نظراً لخطورة الرد الإيراني على القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة.

خيارات إيران... ومخاطر التصعيد النووي

أمام طهران عدة مسارات، جميعها محفوفة بالتعقيد والمخاطر:

1. حرب إستنزاف صاروخية: لكنها ليست خيارًا رابحًا، إذ أن كفة التفوق التكنولوجي تميل بوضوح لصالح إسرائيل المدعومة بمنظومات غربية متقدمة.


2. الرد الإقتصادي – إغلاق مضيق هرمز: خيار يهدد الإقتصاد العالمي ويضع ضغوطًا هائلة على "المجتمع الدولي"، لكنه في ذات الوقت قد يُستخدم كمبرر لتدخل عسكري أمريكي مباشر.


3. الخيار النووي: وهو الأكثر خطورة. في حال قررت طهران تسريع وتيرة برنامجها النووي وصولاً إلى إجراء تجربة علنية، فقد يكون هذا "الورقة الأخيرة" لفرض معادلة ردع جديدة. ولكن مثل هذه الخطوة قد تجر المنطقة إلى دوامة من التصعيد تنتهي بكارثة نووية شاملة.

خاتمة: معركة كسر الإرادات

الصراع الحالي لا يدور فقط حول منشآت نووية أو صواريخ باليستية، بل هو صراع على الهيمنة في الشرق الأوسط بين مشروعين متناقضين: مشروع إسرائيلي توسعي يسعى لفرض التفوق العسكري والسياسي، ومشروع إيراني يرى في مقاومة هذا التوسع واجبًا سياديًا. لا يبدو أن أحد الطرفين مستعد للتراجع، ما يجعل من كل السيناريوهات ممكنة، بما في ذلك تلك الأكثر كارثية.

الأسابيع القادمة ستحدد شكل الشرق الأوسط لعقود قادمة. فإما ولادة نظام إقليمي جديد قوامه الردع المتبادل، أو انهيار النظام القائم وإندلاع حرب لا يعرف أحد متى ولا كيف تنتهي.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل