|
بعد غزة، إيران تصرخ - يا وحدنا - ملف خاص
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 15:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *
1) مفارقة التضامن الإسلامي - من من الإخوة في الدين سيساعد إيران؟
كيريل سيمينوف مستشرق روسي وخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، خبير في شؤون الشرق الأوسط وأنشطة الحركات الإسلامية والمنظمات الإرهابية؛ عالم ومعلق سياسي وكالة REGNUM للأنباء
19 يونيو 2025
ردًا على الهجمات الإسرائيلية ضد إيران في 13 يونيو، أظهر العالم الإسلامي درجة نادرة من التضامن الدبلوماسي. تجلّى ذلك في بيان مشترك لعشريْن دولة بقيادة السعودية ومصر وتركيا والإمارات وباكستان. لكن وراء هذا التضامن النادر في إدانة إسرائيل، تكمن لوحة معقدة من المواقف تعكس تناقضات إقليمية عميقة.
صنّف البيان الجماعي أفعال إسرائيل على أنها انتهاك صارخ لسيادة إيران وقواعد القانون الدولي، خاصةً في ضوء الضربات المستهدفة للمنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحذّر الموقّعون بشكل جماعي من أن مثل هذه الأفعال تخلق سابقة خطيرة، وتهدد إستقرار الشرق الأوسط بأكمله، وتعرض للخطر أمن الملاحة في مضيق هرمز، الذي يمر عبره ثلث إمدادات النفط العالمية.
دول الخليج تحت التهديد
يثير النزاع الحالي قلقًا خاصًا لدى دول الخليج العربي، التي تراقب بقلق متزايد إحتمال تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران. في الأيام الأخيرة، عبّرت دول مجلس التعاون الخليجي بوضوح عن موقفها: فهي لا ترغب بأي حال في الإنجرار إلى صراع مسلح واسع النطاق لم تكن طرفًا فيه.
هذا الموقف ليس مدفوعًا بمخاوف نظرية. فوجود قواعد عسكرية أمريكية كبيرة وبُنًى تحتية إستراتيجية حيوية مثل محطات النفط والموانئ والمراكز اللوجستية على أراضيها يجعل دول الخليج أهدافًا محتملة في حال إنضمت إدارة دونالد ترامب إلى تحركات إسرائيل.
يدرك قادة الممالك العربية أن التصعيد قد ينتشر بسرعة إلى مدنهم، مما يعرض ليس فقط أمن السكان للخطر، بل وأيضًا أساس اقتصاداتهم المرتبطة بشبكات إمدادات الطاقة العالمية. في هذا السياق، يتزايد الاستياء في العواصم العربية من نهج ترامب تجاه الأحداث الحالية، ودعمه الضمني للعدوان الإسرائيلي.
الآن، لا تضمن إسرائيل وعدم قدرة الإدارة الأمريكية على كبح جماح نتنياهو أمن دول الخليج حتى لو حافظت على حيادها. إن الهجمات الجوية الإسرائيلية على البنية التحتية النووية الإيرانية تثير تساؤلات حول توسيع نطاق الأهداف. الكابوس الأكبر لدول الخليج هو ضرب محطة بوشهر النووية الإيرانية، التي تقع على بعد 300 كيلومتر فقط من سواحل الجزيرة العربية.
سيؤدي إطلاق الإشعاع في مياه الخليج العربي إلى عواقب فورية وطويلة الأمد كارثية، مثل تلويث محطات تحلية المياه (المصدر الرئيسي لمياه الشرب)، وتدمير الثروة السمكية، وإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالنظام البيئي البحري.
إدانات متناقضة
تبدو تركيا وكأنها اتخذت الموقف الأكثر تشددًا، حيث دعت علنًا إلى فرض عقوبات على إسرائيل، ودعمت الرد العسكري الإيراني كحق في الدفاع عن النفس. لكن في الوقت نفسه، لا تزال الأراضي التركية تُستخدم من قبل طائرات الولايات المتحدة والناتو لجمع معلومات استخباراتية لصالح إسرائيل.
من ناحية أخرى، أصرت قطر على ضرورة إجراء تحقيق دولي فوري تحت رعاية الأمم المتحدة، معربةً عن تضامنها المباشر مع ضحايا الهجمات في إيران.
أما السعودية، رغم تنافسها التاريخي مع طهران، فقد أدانت الهجمات بشدة، مستخدمةً خطاب "الأخوة الإسلامية" وانتقاد "المعايير المزدوجة" للغرب، في محاولة يائسة لمنع تصاعد قد يُعطّل خطط التنويع الاقتصادي للمملكة.
كما دعمت باكستان هذا الموقف، واصفةً أفعال إسرائيل بالعدوان والتحدي لجميع المسلمين، ومطالبةً باتخاذ إجراءات جماعية للدفاع.
في المقابل، أظهرت الإمارات ومصر تحفظًا ملحوظًا، حيث دعت أبوظبي إلى الحوار "لمنع اتساع النزاع"، بينما عرضت القاهرة نفسها وسيطًا لتجديد المفاوضات حول "الاتفاق النووي".
خلافات جوهرية
مع ذلك، ظهرت الانقسامات العميقة داخل التضامن الإسلامي في الساعات الأولى بعد الهجمات. لم تقدم أي دولة، بما في ذلك أكثر المنتقدين شراسةً لإسرائيل (تركيا وقطر وباكستان)، دعمًا عسكريًا حقيقيًا لإيران، واكتفت بالخطاب والتحركات الدبلوماسية.
كما ظهرت خلافات كبيرة في تفسير القضية النووية: بينما أكدت السعودية ومصر على ضرورة مراقبة البرنامج النووي الإيراني، تجاهلت باكستان وقطر هذه النقطة تمامًا وركزتا على "العدوان الإسرائيلي".
وأكد حياد الجزائر والمغرب وماليزيا (التي امتنعت عن التوقيع على البيان المشترك) حذر العديد من الدول الإسلامية التي لا ترغب في التضحية بعلاقاتها مع الغرب من أجل إظهار التضامن.
وهكذا، فإن رد فعل العالم الإسلامي على المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية يعكس مفارقة الوحدة التكتيكية في مواجهة الانقسامات الاستراتيجية. لقد سمحت إدانة إسرائيل، المستندة إلى مبادئ السيادة والخوف من حريق إقليمي، بتحقيق تجمّع مؤقت. لكن التناقضات العميقة (من التنافس السني-الشيعي إلى الاختلافات في العلاقات مع الولايات المتحدة وتقييم التهديد النووي الإيراني) تمنع الانتقال إلى إجراءات جماعية فعلية.
ومع ذلك، فإن المزيد من التصعيد قد يعيد تشكيل نظام التحالفات الإقليمية بأكمله، مما يدفع حتى الأنظمة المعتدلة إلى المواجهة مع إسرائيل وحلفائها، وهو ما يهدد الشرق الأوسط بزعزعة استقرار غير مسبوقة.
*****
2) لماذا لم يقف العالم الإسلامي مع إيران ضد إسرائيل؟
غيفورغ ميرزيان أستاذ مشارك، قسم العلوم السياسية، جامعة العلوم المالية التابعة لحكومة الإتحاد الروسي باحث في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية صحيفة فزغلياد الألكترونية 20 يونيو 2025
ليس من قبيل الصدفة أن تحتوي أعلام معظم الدول على الألوان الأحمر والأبيض والأخضر والأسود – ألوان المقاومة العربية ضد الأتراك. وليس من قبيل الصدفة أن تتحد جميع دول المنطقة تقريبًا ضد إسرائيل في بداية تشكيل الدولة العبرية. بل إنها حاولت حتى التوحد في دولة واحدة – مثل الجمهورية العربية المتحدة (كما فعلت سوريا ومصر بين عامي 1958 و1961).
لكن تبين لاحقًا أن الهوية العربية الإسلامية تتعارض مع المصالح الوطنية. على سبيل المثال، كانت الحرب ضد إسرائيل – حليفة الولايات المتحدة – تعيق السعودية والممالك الخليجية الأخرى عن تطوير العلاقات والتجارة مع الأميركيين.
علاوة على ذلك، اتضح أن حاملي الهوية العربية الإسلامية يشكلون تهديدًا للأمن الوطني للدول العربية المستقلة كما حدث في الأردن ولبنان. وأدركت مصر ذلك عندما قتَل حاملو فكرة الوحدة العربية الإسلامية الرئيس أنور السادات عام 1981 لتوقيعه معاهدة سلام مع إسرائيل.
تركيا وإيران: استغلال الوحدة الإسلامية لأغراض سياسية
في الواقع، هناك دولتان فقط تستغلان اليوم فكرة الوحدة العربية الإسلامية بشكل نشط – وكلتاهما ليستا عربيتين.
الأولى هي تركيا: يقول فلاديمير أفاتكوف، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، إن "الرئيس أردوغان يهاجم نتنياهو بشدة، ويقارنه بإنتظام بهتلر، لكن الأمر لا يتجاوز الخطاب. بل إن المعارضة تتهم الحكومة بالتعاون مع إسرائيل".
فعلى الرغم من كونها أحد أشد المنتقدين لإسرائيل، كانت تركيا واحدة من أكثر الدول تجارةً معها. نعم، تم تعليق هذا النشاط رسميًا، لكنه يستمر عبر شمال قبرص. كما أن تركيا تدين إسرائيل بسبب هجماتها على إيران، لكنها ترفع طائراتها في الجو عندما تُطلَق الصواريخ الإيرانية نحو إسرائيل – ويشتبه المعارضون بأنها تفعل ذلك لإعتراضها.
ويوضح أفاتكوف أن "تركيا لا تمانع في أن تنتهي الحرب بتراجع قدرات كل من إسرائيل وإيران"، لأن إسرائيل تعيق جهود أنقرة لإستخدام القضية الفلسطينية لتلميع صورتها في العالم العربي، حيث لا تزال ذاكرة القمع العثماني حية. أما إيران، فهي منافس جيوسياسي لتركيا في المشرق والقوقاز والعراق.
الثانية هي إيران: "من بين جميع دول الشرق الأوسط، فقط إيران تنكر بشكل قاطع حق دولة إسرائيل في الوجود – ليس اليهود، بل الدولة نفسها"، كما يذكر أفاتكوف. لكن هذا الرفض لا يعود لأسباب دينية بقدر ما هو سياسي.
فإيران الشيعية هي خصم تاريخي للدول العربية وتركيا. ولتعزيز نفوذها، عليها أن تستغل العامل الإسرائيلي إما بالتعاون مع إسرائيل ضد الأعداء العرب المشتركين، أو بالتصادم معها لكسب تعاطف الشارع العربي. اختار نظام الشاه المسار الأول، لكن نظام الملالي إختار الثاني بعد الثورة الإسلامية، معتمدًا على دعم الحركات المعادية لإسرائيل لتحويل غضب العرب السُنّة من إيران إلى إسرائيل.
لكن هذا المسار قاد الإيرانيين اليوم إلى صراع مفتوح مع إسرائيل – دون أن يجدوا دعمًا من "الإخوة في الدين" في المنطقة. ------
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 623 - إحدى الدول القليلة ذات السيادة الحقيقية.
...
-
ألكسندر دوغين - يتحدث حول العدوان الإسرائيلي على إيران - الا
...
-
طوفان الأقصى 622 - من المؤتمر الصحفي للرئيس بوتين
-
دور واشنطن المحتمل في العدوان الإسرائيلي ضد إيران: متى تتدخل
...
-
طوفان الأقصى 621 – الولايات المتحدة تزود إسرائيل بقنابل خاصة
...
-
الحرب الإيرانية-الإسرائيلية: الحصيلة المرحلية للأيام الأربعة
...
-
طوفان الأقصى 620 - عدوان إسرائيل يقرب إيران من إمتلاك السلاح
...
-
ثلاثة سيناريوهات مرعبة لحل -المعضلة النووية الإيرانية- - قرا
...
-
طوفان الأقصى 619 - حرب إسرائيل الخاطفة فشلت، فهل تبدأ حرب با
...
-
تصعيد الصراع الإيراني – الإسرائيلي _ سيناريوهات المستقبل في
...
-
طوفان الأقصى 618 – إسرائيل تواصل لعب دور الضحية بينما تقتل ا
...
-
حرب إسرائيل الكبرى على إيران - صراع على ملامح النظام العالمي
...
-
طوفان الأقصى 617 - إيران – هل هي أزمة نظام؟
-
إسرائيل فتحت **صندوق باندورا النووي. ماذا تنتظر روسيا؟
-
طوفان الأقصى 616 – إسرائيل عرضت على إيران الإستسلام. كيف ستر
...
-
طوفان الأقصى 615 – الحرب تطرق الأبواب – واشنطن في حالة تأهب
...
-
سياسية روسية بارزة تدق ناقوس الخطر - بصراحة، الجبهة الداخلية
...
-
طوفان الأقصى 614 - من غزة إلى لوس أنجلوس - مقاومة العنف المن
...
-
قبل سنتين من الحرب الكبرى - هل تنجو روسيا من العاصفة القاتلة
...
-
طوفان الأقصى 613 - سكاي نيوز تشوّه سمعة غريتا تونبرغ وتتهمها
...
المزيد.....
-
أزمة مياه خانقة تحاصر 60% من أحياء الخرطوم منذ عامين
-
متخذًا قرارات جديدة.. ماكرون: على فرنسا أن تتحرك بمزيد من ال
...
-
شبكات تجسس ومسيّرات.. كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟
-
الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط انقسام دولي حاد
-
ترامب يعلن تبرعه براتبه لتمويل تجديدات البيت الأبيض: -ربما أ
...
-
ترامب يقول إن لقاء ويتكوف مع بوتين كان -مثمرًا للغاية-
-
مجددًا الدعوة لنزع السلاح من الخرطوم.. قائد الجيش السوداني ي
...
-
هل يتجنّب الجيش الإسرائيلي قتل المدنيين؟ إحصاء يظهر أرقاماً
...
-
في اتّصال مع القادة الأوروبيين.. ترامب يكشف عن خطة للقاء بوت
...
-
سموتريتش لا يهمه سكان غزة ويريد خنقها وتدمير حماس لتحقيق الن
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|