أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - -الدروس الإيرانية لروسيا: كيف أختُبرت الحرب الحديثة على أبواب طهران؟-














المزيد.....

-الدروس الإيرانية لروسيا: كيف أختُبرت الحرب الحديثة على أبواب طهران؟-


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 19:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 13 يونيو 2025، تلقى العالم درسًا عسكريًا إستراتيجياً من العيار الثقيل — ليس فقط في الجغرافيا الإيرانية، بل في الفضاء الأوسع للصراع العالمي المتصاعد بين الشرق والغرب. الهجوم الإسرائيلي المباغت على البنية العسكرية الإيرانية، والذي أسفر عن تصفية جماعية لقيادات الصف الأول، لم يكن مجرد ضربة ضد "العدو الإقليمي" كما تصفه تل أبيب، بل إختبارًا عمليًا لتكنولوجيا وإستراتيجية حربية تم تطويرها في دهاليز مراكز القرار الأمريكية، وعلى رأسها مؤسسة RAND الشهيرة.

الكاتبة الروسية البروفيسورة يلينا بانينا، عضو البرلمان الإتحادي، رئيس معهد الدراسات الإستراتيجية في السياسة والإقتصاد، في مقالها المنشور على جزأين بتاريخ 17 يونيو 2025، ترصد الحدث بعيون روسية، وترسم من خلاله خريطة تحذيرية لموسكو حيث تقول: "أحد أهم الدروس التي يجب على روسيا أن تستخلصها من الهجوم الإسرائيلي على إيران هو أن عدم الإستعداد للعدوان الأجنبي وسوء نوعية الإدارة يؤديان إلى عواقب كارثية." في هذه العبارة، تختصر بانينا محور التحليل: كيف يمكن لحرب خاطفة ذات طابع تقني – إستخباراتي أن تطيح بقدرات دولة كبيرة دون أن تطلق الأخيرة حتى صافرة إنذار حقيقية.

الضربة القاضية: من الخيال النظري إلى الواقع العسكري

ما يثير الإنتباه، بحسب بانينا، أن إسرائيل في هذه العملية لم تكتفِ بتصفية شخصيات معزولة، بل "حاولت تصفية القيادة العسكرية العليا بأكملها دفعة واحدة... وقد فقدت طهران عشرات الشخصيات القيادية الرئيسية." لم تعد الضربة القاضية "قتل القائد" مجرد سيناريو إستخباراتي، بل تحوّلت إلى نموذج عسكري للتنفيذ الفوري، يهدف إلى تفكيك منظومة القيادة والتحكم خلال الساعات الأولى من العدوان.

وتربط الكاتبة هذه الاستراتيجية مباشرة بما طُوِّر في مراكز التفكير الأمريكية، حيث تشير إلى أن "مفهوم الضربة القاضية تم تطويره من قبل مؤسسة راند الأمريكية وقد عُرض على البيت الأبيض في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين." وبالتالي، فإن ما جرى في إيران ليس "إجتهادًا إسرائيليًا مستقلًا"، بل إختبارًا حيًا لسيناريو سبق رسمه على الورق في واشنطن.

هل روسيا هي الهدف التالي؟

بانينا تطرح السؤال صراحةً في الجزء الثاني من المقال: ما الذي ينبغي أن تستعد له روسيا بعد هذه التجربة الإيرانية؟ وتجيب بتحذير صريح: "من المرجّح جدًا توقع ضربة مركّبة تنفذها قوات الناتو بالوكالة ممثلة بأوكرانيا، تستهدف منظومة القيادة العسكرية والسياسية الروسية، بالتزامن مع هجوم على قدراتها في الردع النووي."

الكاتبة تستند هنا إلى وقائع سابقة، مشيرة إلى التشابه الزمني والميداني بين الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو، والهجوم الأوكراني على المطارات الإستراتيجية الروسية في 1 يونيو، والذي سبق جولة تفاوضية مزعومة في إسطنبول بيومين. وتقول بانينا متهكمة: "أليس في هذا كثير من المصادفات؟".

التكنولوجيا.. سيف ذو حدين

من أبرز النقاط في المقال هو تسليط الضوء على التحول العميق في أدوات الحرب الحديثة. فالهجوم على إيران لم يُنفّذ فقط بالصواريخ أو الطائرات، بل بمزيج قاتل من الذكاء الإصطناعي، والإستطلاع الفضائي، وتحليل البيانات، بل وحتى بإستخدام شركات التكنولوجيا العملاقة. في مفارقة لافتة، تذكر بانينا أن قادة أربع شركات أمريكية كبرى — Palantir، وMeta، وOpenAI، وThinking Machines Lab — "أدّوا القسم العسكري كضباط إحتياط في الجيش الأمريكي"، بالتزامن مع الضربة الإسرائيلية على إيران.

وترى الكاتبة أن هذا الإندماج بين "وادي السيليكون" و"البنتاغون" لم يعد مجرد علاقة تمويل أو خدمات، بل تحول إلى بنية عضوية في الحرب الغربية الجديدة: "الرقمنة الكبرى في الغرب تخدم البنتاغون بشكل مباشر... والمثال الأبرز هو إستخدام ستارلينك كمزود رئيسي للإنترنت لصالح القوات المسلحة الأوكرانية."

التحذير الأخير: لا تنتظروا الصواريخ

في خاتمة تحليلها، تقدم بانينا ما يشبه "خطة دفاعية إستراتيجية" لروسيا، تبدأ من إعادة تفعيل العقيدة النووية الروسية، ورفع الجاهزية الإستخباراتية، وإنشاء إحتياطات بشرية وإدارية متعددة المستويات. لكنها تضيف تحذيرًا أكثر جذرية: "لا تنتظر حتى تبدأ الصواريخ المعادية بالتساقط على رأسك، بل بادر بشكل وقائي إلى حرمان العدو من الإمكانات التقنية اللازمة لتوجيه الضربة." هنا لا تتحدث الكاتبة عن الدفاع فقط، بل عن الضربات الوقائية كحق مشروع في منطق الحرب الجديدة.

خلاصة:

المقال ليس مجرد تحليل لحرب في بلد ثالث، بل هو تحذير مدروس: ما جرى في إيران يمكن أن يتكرر، بأدوات جديدة، في أي مكان، وخاصة روسيا. إسرائيل لم تضرب إيران فقط، بل فتحت الباب لعصر جديد من الحروب حيث تتحول المفاوضات إلى خدعة، والتكنولوجيا إلى سلاح، والسرعة إلى معيار وجودي.

ومن قلب التجربة الإيرانية، تبعث بانينا برسالة واضحة: لا مجال للثقة بالوقت، ولا بالتفاهمات، ولا حتى بالتفوق التقليدي. الحرب القادمة ستكون حرب ذكاء إصطناعي، معلومات، تحكم — ومن لا يستعد لها سيسقط في أول موجة، دون أن يُسمع له حتى صوت استغاثة.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 628 - إيران بين فخ الحرب ومصيدة التفكيك: قراءة ...
- الكل إنتصر ولا أحد فاز - أوهام النصر في حرب إيران وإسرائيل
- طوفان الأقصى 627 - فوردو تنجو وأمريكا تتخبّط
- ألكسندر دوغين - الفرصة الأخيرة لتوحّد العالم الإسلامي
- طوفان الأقصى 626 – ضربة مزدوجة
- بوتين ومحاولة إنقاذ إيران – مناورة دبلوماسية روسية معقدة في ...
- طوفان الأقصى 625 - «بين أن تكون أو لا تكون»: 22 يونيو... الي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عين العاصفة: من رقيب نووي إ ...
- طوفان الأقصى 624 - إسرائيل وإيران والوكالة الدولية للطاقة ال ...
- بعد غزة، إيران تصرخ - يا وحدنا - ملف خاص
- طوفان الأقصى 623 - إحدى الدول القليلة ذات السيادة الحقيقية. ...
- ألكسندر دوغين - يتحدث حول العدوان الإسرائيلي على إيران - الا ...
- طوفان الأقصى 622 - من المؤتمر الصحفي للرئيس بوتين
- دور واشنطن المحتمل في العدوان الإسرائيلي ضد إيران: متى تتدخل ...
- طوفان الأقصى 621 – الولايات المتحدة تزود إسرائيل بقنابل خاصة ...
- الحرب الإيرانية-الإسرائيلية: الحصيلة المرحلية للأيام الأربعة ...
- طوفان الأقصى 620 - عدوان إسرائيل يقرب إيران من إمتلاك السلاح ...
- ثلاثة سيناريوهات مرعبة لحل -المعضلة النووية الإيرانية- - قرا ...
- طوفان الأقصى 619 - حرب إسرائيل الخاطفة فشلت، فهل تبدأ حرب با ...
- تصعيد الصراع الإيراني – الإسرائيلي _ سيناريوهات المستقبل في ...


المزيد.....




- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - -الدروس الإيرانية لروسيا: كيف أختُبرت الحرب الحديثة على أبواب طهران؟-