سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 22:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
القسم الثالث
التحقيق بشكل صحيح في المعجزات الكتابية الرئيسية
المقال 12: التطور الدارويني، حقيقة
بقلم: آبي هافر
في البداية، كان هناك تكاثر ذاتي. وهكذا بدأت الحياة. بدأت بعض الجزيئات بنسخ نفسها. ثم نسخت هذه النسخ نفسها، ونسخت المزيد. بعضها لم يكن نسخًا مثالية، وأصبحت هذه الجزيئات أولى الطفرات. إذا استمرت في نسخ نفسها المتحورة، وُلدت سلالات جينية جديدة. وهكذا نشأ أول جانبين من جوانب الحياة: التضاعف والطفرة: أي تغيرات جينية طفيفة.
يرجى ملاحظة أن الخلايا لم تكن قد تطورت بعد، ناهيك عن الكائنات متعددة الخلايا مثل البشر. فقد حدثت أعداد هائلة من الطفرات على مدى ما يقرب من 4 مليارات سنة قبل تطور البشر. لذا، إذا كنت إنسانًا، فأنت طفرة مرات عديدة.
حسنًا، أيها المتحولون، دعونا نلقي نظرة على أدلة التطور - العملية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، والتي تستمر في جميع أنحاء العالم حتى الآن.
التطور يتبع قواعد العلم
لنبدأ بأكبر وأفضل دليل على التطور. وهو أن نظرية التطور تتبع قواعد العلم، وخاصةً أنها تقدم تنبؤات قابلة للاختبار، وقد يتبين صحتها.
ما هي النظرية؟
الآن، لإرضاء القراء الذين قد يزعمون أن التطور "مجرد" theory نظرية، دعونا نبدأ بالأساسيات: النظرية في العلوم هي فكرة تفسيرية واسعة وواسعة النطاق مع الكثير من الأدلة عليها، وليست تخمينًا مؤقتًا لشخص ما (هذه hypothesis فرضية، وهي مختلفة). النظرية في العلوم هي نموذج شامل يأخذ في الاعتبار العديد من الحقائق المختلفة، بما في ذلك تلك التي لم تُشرح من قبل، ويشرحها بطريقة متماسكة، باستخدام أدلة قابلة للقياس الكمي. ويجب أن تقدم النظرية تنبؤات حول أمور لا نعرفها بعد، ولكن قد تكون قابلة للاختبار.
على سبيل المثال، الجاذبية. الجاذبية "مجرد" نظرية. على وجه التحديد، بدأت النظرية بمعادلة إسحاق نيوتن التي تنبأت بما ستفعله الجاذبية في أي مكان، وفي أي زمان، من التفاحة إلى القمر. إذا أسقطتُ قلم رصاص، يُمكنني التنبؤ بأنه سيتصرف تمامًا كما تنبأ نيوتن عام 1687، وكذلك إذا أسقطتُ قلم رصاص على كوكب المشتري أو أفلته في محطة الفضاء الدولية. نقول إن نظرية الجاذبية صحيحة لأنها تُقدم تنبؤات دقيقة تُثبت موثوقيتها. تعلمتُ الرياضيات للقيام بذلك في المدرسة الثانوية.
كان الناس يعلمون أن معادلة نيوتن ليست سوى جزء من الصورة. هنا على الأرض، على سبيل المثال، يجب أيضًا مراعاة مقاومة الهواء واتجاه الرياح. في بعض الأماكن الغريبة أو المتطرفة في الكون، اكتشفنا أنه يجب استخدام معادلة أينشتاين الموسعة لنيوتن. شق صغير ظاهري حول حافة نظرية نيوتن فتح الطريق لنظرية أوسع وأكثر شمولاً للجاذبية، وهي نظرية the General Theory of Relativity النسبية العامة. لم تكشف هذه النظرية عن كيفية عمل الجاذبية فحسب، بل عن ماهية الجاذبية أيضًا.
هذا لم يُخطئ نظرية نيوتن. فهي لا تزال تُجدي نفعًا كما كانت دائمًا بالنسبة للتفاح والقمر وقذائف المدفعية. كل ما في الأمر أننا اكتشفنا واختبرنا نظريةً أوسع وأشمل تشمل نسخة نيوتن.
مثال أبسط: تطفو بالونات الهيليوم لأعلى بدلًا من لأسفل. هذا لا يُبطل قانون الجاذبية، مع أن بالونات الهيليوم تبدو وكأنها تتحداه. لم أسمع بعدُ أيَّ شخصٍ متدين يدّعي أن بالونات الهيليوم "تدحض" الجاذبية. ما تُثبته بالونات الهيليوم هو أن الهيليوم أقل كثافة من الهواء، لذا فهو يطفو في الهواء كفقاعة في الماء.
إذن، نحن نفهم الجاذبية، ونستخدمها اليوم للتنبؤ بدقة بظواهر الثقوب السوداء وصولًا إلى الكوازارات quasars [وهي أجسام سماوية ضخمة وبعيدة للغاية، تنبعث منها كميات هائلة من الطاقة، وعادةً ما تُظهر صورةً شبيهةً بصورة النجوم في التلسكوب. وقد أُشير إلى أن الكوازارات تحتوي على ثقوب سوداء هائلة، وقد تُمثل مرحلةً من مراحل تطور بعض المجرات.]؛ ولا تُنكرها غرائب مثل بالونات الهيليوم.
وينطبق الأمر نفسه على التطور. إذا اعتقد أي شخص أنه يستطيع رفض حقيقة علمية بأمان لمجرد أنها "مجرد" نظرية، فإني أدعوه لاختبار هذا الاعتقاد بالقفز من نافذة في الطابق العاشر، لأن الجاذبية، في النهاية، مجرد نظرية.
بدأ التطور كفرضية في ذهن Charles Darwin تشارلز داروين وAlfred Russel Wallace ألفريد راسل والاس منذ ما يقرب من مئتي عام. وقد أثبت جمع البيانات الهائل أنه حقيقة علمية قوية، تُفسر العديد من الحقائق الأخرى. إنها الفكرة الأكبر والأهم في علم الأحياء، تلك التي تربط كل شيء آخر. لا شيء في علم الأحياء منطقي إلا من خلال منظور التطور، ونتظاهر بعدم وجوده على مسؤوليتنا. في الواقع، المشكلة أسوأ من ذلك. إذا كان أحدهم أحمقًا بما يكفي لتجاهل نظرية الجاذبية ويقفز من نافذة عالية، فإنه لا يضر إلا نفسه. لكن الناس تجاهلوا تنبؤات التطور لعقود، ويموت آخرون نتيجة لذلك، كما سنرى لاحقًا في هذا الفصل. غالبًا ما تكون هذه هي مشكلة أولئك الذين يتجاهلون الواقع العلمي: فالآخرون هم أول من يتضرر.
ما هو العلم
العلم نقيض السحر. فبينما يتطلب السحر (والجوانب السحرية للدين) وجود ما هو خارق للطبيعة، يرفض العلم أي اعتماد عليه. ويؤكد العلم أن العالم مادي، وأنه يمكن استكشافه بنجاح من خلال الوسائل المادية.
حيث المعرفة السحرية غامضة، أي خفية، المعرفة العلمية معلنة، منشورة في المجلات، وخاضعة للفحص وإعادة الاختبار من قبل أي شخص. وحيث السحر درامي، يَحسم العلم بهدوء. إنه يقترب من الواقع بخطوات صغيرة ومتواضعة، متقنًا كل خطوة، ويتراكم ببطء أجزاءً صغيرة من المعرفة. العلم ليس مثيرًا للإعجاب يوميًا. لكن هذه الأجزاء الصغيرة من المعرفة تتراكم وتتراكم. ومثل ندفة ثلج واحدة، فإن أي جزء صغير من المعرفة العلمية ليس له تأثير حقيقي وقد يبدو تافهًا. ولكن كما هو الحال مع ندفات الثلج، عندما تتكاتف جهود كافية في عاصفة ثلجية، فإنها تُصبح قوةً تُغير عالمك.
بعبارة أخرى، العلم أشبه بجرافة تتحرك بسرعة نهر جليدي. قد لا تراه يتقدم من عام لآخر، لكنه يتحرك ويغير كل شيء في طريقه.
العلم منهج بحث. وباستخدامه، اكتسبنا كمًا هائلًا من المعرفة. أحيانًا يختلط الأمر على الناس، فيظنون أن العلم ليس سوى مخزن ضخم مليء بالحقائق المتشابكة، بدلًا من أن يكون أيضًا المنهج الذي نكتشف من خلاله الحقائق، ثم نرى كيف تتلاءم معًا لتكوين هياكل متماسكة، وكيف تكشف هذه الهياكل عن مبادئ عميقة تكمن وراء كل شيء.
الملاحظة الدقيقة هي أساس العلم. العلم في جوهره هو فن النظر الدقيق. أصل كل علم هو الملاحظة المنهجية. الباحث يعمل على الأشياء التي تُرصد.
عندما يكون العلم جديدًا، غالبًا ما تكون الملاحظات وصفية فحسب - أي إعداد فهارس - بينما يتعرف الباحثون على طبيعة الموضوع. لكن التجربة أثبتت أنه لكي يتقدم العلم، يجب أن تُقاس الملاحظات كميًا بطريقة مفيدة. أي أنها يجب أن تتضمن أرقامًا. وقد اتضح أن الأرقام أساسية لفن التدقيق.
مشاركة المعلومات
عندما لاحظ مستخدمو المجاهر الأوائل، ورسموا، وأحصوا حيوانات صغيرة جدًا لا تُرى بالعين المجردة في قطرة ماء بركة، شاركوا هذه المعلومات على نطاق واسع ليتمكن أي شخص من رؤيتها بنفسه، وإضافة ملاحظات جديدة خاصة بهم. وقد فعلوا ذلك أيضًا عندما فحصوا عينات من أنسجة نباتية، وعينات من أنسجة بشرية. وهكذا تعلمنا، على سبيل المثال، أنواع الخلايا العديدة التي يتكون منها جسم الإنسان، وكيف اكتشفنا نظرية الجراثيم المسببة للأمراض المُعدية.
لا تقتصر مشاركة المعلومات على المعلومات التي حصلت عليها فحسب، بل تشمل أيضًا كيفية حصولك عليها. على سبيل المثال، إذا اكتشف عالمٌ كائنًا دقيقًا جديدًا، فلا يكفي رسم صور له (أو تصويره في هذه الأيام). يجب أن توضح كيف وجدته. ما هي قوة التكبير التي استخدمتها؟ من أين حصلت على الكائن الدقيق؟ هل مسحته عن جلدك أم أخرجته من الطين؟ أين كان الطين؟ ما درجة حرارة الطين؟ إذا أجريت تجربة، فكيف أجريتها بالضبط؟ ما المعدات التي استخدمتها؟ إذا كان من الممكن العثور عليها في دليل المعدات، فما اسمها ورقم طرازها؟ ما هي إجراءاتك؟
يجب تدوين جميع هذه الأمور المتعلقة بكيفية حصولك على معلوماتك الجديدة كجزء من عملك. هذا هو قسم "الأساليب" في أي بحث علمي. لكي يُنشر البحث في مجلة علمية، يجب أن يتضمن وصفًا شاملًا لجميع الأساليب المستخدمة.
لماذا كل هذه الشفافية بشأن أساليب العمل العلمي؟ لأنه بهذه الطريقة، يمكن للعلماء الآخرين التدقيق فيما فعلتَ، وتحديد ما إذا كانت أساليبك ستؤدي بالفعل إلى النتائج التي ذكرتَ أنك توصلتَ إليها، ثم إعادة التجربة بأنفسهم لمعرفة ما إذا كانوا سيحصلون على نفس النتيجة.
إمكانية إعادة الإنتاج
لكي يُقبل ادعائك الجديد، يجب أن يتمكن العلماء الآخرون من إعادة إنتاج نتائجك. هذا جانبٌ بالغ الأهمية في العلم. إذا لم تكن النتائج قابلةً للإعادة، يُرفض الاكتشاف الأصلي. العديد من الأبحاث التي بدت في البداية إنجازاتٍ عظيمة، رُفضت لهذا السبب. إحدى الشكاوى التي يوجهها العلماء باستمرار ضد وسائل الإعلام هي استعجالها، ونقلها النتائج الأولية كما لو كانت اكتشافات.
جانبٌ أساسيٌّ آخر من العمل العلمي: لا يهمّ كم تتمنى أن يكون شيءٌ ما صحيحًا. إذا فشل في الاختبارات التي تُثبت صحته، بما في ذلك اختبار قابلية التكرار، فعليك التخلي عنه. وهنا يفشل مُعارضو التطور دائمًا. إنهم يتمنون أن يكون تفسيرٌ آخر صحيحًا، ويواصلون سعيهم لتحقيق هذه الرغبة - لا رغبةً في معرفة ما إذا كان صحيحًا أم خاطئًا. قد يُغطّون رغباتهم بلغةٍ تُشبه العلم، لكن عملهم لا يتبع قواعد العلم، بما في ذلك قاعدة قابلية التكرار.
صنع التوقعات
من القواعد العلمية المهمة الأخرى أن المجال العلمي يجب أن يتطور بما يكفي لتقديم تنبؤات قابلة للاختبار. أي أن العالم يجب أن يكون قادرًا على تقديم تنبؤ بناءً على الحقائق المعروفة والمتاحة بالفعل. يجب أن يكون من الممكن، من حيث المبدأ على الأقل، اختبار التنبؤ. بالعودة إلى مثال الجاذبية: هذا الجزء من الفيزياء متطور للغاية بحيث يمكن تقديم جميع أنواع التنبؤات التي تتحقق مرارًا وتكرارًا. إذا أسقطتُ قلم رصاص في غرفة معيشتي، فيمكنني التنبؤ بثقة بمدى سرعة سقوطه على الأرض. ولكن إذا كانت قوانين الجاذبية عالمية، فيمكنني أيضًا التنبؤ بأنه سيسقط بنفس السرعة في اليابان أو أستراليا، وبسرعة أبطأ على القمر، اعتمادًا على حجم القمر وكتلته. وسأكون محقًة.
قابلية الدحض
هناك قاعدة مهمة أخرى وهي قابلية الدحض. هذا يعني، من حيث المبدأ، أنه لا بد من وجود طريقة لإثبات خطأ فكرة معينة. إذا قلتُ: "انقرضت جميع ديناصورات Tyrannosaurus التيرانوصور منذ زمن بعيد"، فهذه عبارة قابلة للدحض. إذا عثر أحدهم على ديناصور تيرانوصور حي، وتمكن أي شخص من فحصه لمعرفة ما إذا كان كذلك حقًا، فسيُثبت خطأ قولي.
ولكن إذا قال أحدهم: "رأيت T. rex تي ريكس لكنه هرب، في الحقيقة لقد فعلت ذلك"، فهذا لا يكفي - جزئيًا، صدق أو لا تصدق، لأن مثل هذا البيان غير قابل للدحض؛ ولا توجد طريقة لاختباره حقًا.
التجارب والضوابط
إحدى طرق اختبار التنبؤ هي إجراء تجربة. تُهيئ ظروفًا دقيقة ومحددة تُمكّنك من معرفة ما إذا كان التنبؤ صحيحًا أم لا. هذا إجراء دقيق. أولًا، يجب عليك إزالة جميع التأثيرات المحتملة الأخرى من التجربة، قدر استطاعتك. على سبيل المثال، إذا كنت تختبر تنبؤًا بسرعة سقوط جسم ما بناءً على الجاذبية، فعليك استخدام أجسام ثقيلة بما يكفي بحيث تكون مقاومة الهواء ضئيلة، وعليك تحريرها بطريقة لا تُعطيها دفعة إضافية، وهكذا.
إذا تساءلتَ عمّا إذا كان جسم كبير سيسقط أسرع من جسم صغير، على سبيل المثال (كما فعل غاليليو)، فسيتعين عليك إجراء التجربة بنفس الطريقة تمامًا لكليهما. ويجب أن يكون الجسمان الكبير والصغير متشابهين قدر الإمكان في جميع الجوانب الأخرى. بهذه الطريقة، يمكنك التأكد بشكل معقول من أن أي تأثير تراه يعتمد على حجم الجسمين وحدهما، وليس على أي شيء آخر.
التحليل الإحصائي
للتأكد تمامًا من نتائجك، من الضروري إجراء الاختبار نفسه عدة مرات. ذلك لأنه على الرغم من بذل قصارى جهدك لإزالة جميع التأثيرات الخارجية، فقد لا تنجح في كل مرة. إذا كررت التجربة عدة مرات، ثم استخدمت التحليل الإحصائي على نتائجك، فمن المرجح اكتشاف خطأ. علاوة على ذلك، من المرجح أن يكون متوسط عدة قياسات لشيء ما أكثر دقة من قياس واحد فقط، وسيُظهر لك التحليل الإحصائي متوسط عدم اليقين في القياسات. في العديد من مجالات العلوم، إذا لم تُجرِ تحليلًا إحصائيًا جيدًا على نتائجك، فسيكون لدى الناس مبرر في الشك فيها، ولن يجتاز بحثك peer review مراجعة الأقران.
مراجعة الأقران
بعد الانتهاء من جميع ملاحظاتك وتجاربك وتحليلاتك، لا يقتصر الأمر على مشاركة معلوماتك فحسب، بل يجب عليك القيام بذلك بطريقة محددة. يجب عليك كتابة بحث يشرح منهجك ونتائجك وتحليلاتك وجميع الجوانب المهمة الأخرى لبحثك، ويجب عليك تقديمه إلى زملائك العلماء والسماح لهم بمحاولة تحليله. إذا لم يتمكنوا من إيجاد ثغرات لا يمكن إصلاحها في بحثك، فيمكنك نشر بحثك في مجلة مُحكّمة أو تقديمه في مؤتمر أمام زملائك العلماء.
كيف حدث كل هذا مع نظرية التطور؟
يتبع التطور قواعد العلم. لا توجد أي فكرة أخرى عن كيفية نشأة الأنواع تتبعها.
بدايةً، تُقدّم نظرية التطور تنبؤات. الكثير منها. دعونا نلقي نظرة على بعض تنبؤاتي المُفضّلة.
بعض التنبؤات التي قدمتها نظرية التطور
أمراض جديدة.
دليلي المفضل على التطور هو ظهور أمراض جديدة بشكل روتيني. يتنبأ التطور بالانتخاب الطبيعي بذلك، مؤكدًا أنه بديهي وحتمي. ستسمح mutations الطفرات الجديدة للكائنات الدقيقة الموجودة باستغلال موارد جديدة، مما يُمكّن بعضها من الازدهار والتكاثر بطرق جديدة. إن كون بعض هذه الطفرات سيسمح للكائنات الدقيقة باستغلال موارد جسم الإنسان بطرق جديدة، وبالتالي التكاثر والانتشار، أمرٌ تنبأ به التطور تمامًا.
من بين الأمراض الجديدة التي تصدرت عناوين الأخبار في حياتنا AIDS الإيدز [متلازمة نقص المناعة المكتسب] و Zika زيكا. لنلقِ نظرة.
يمكن أن يسبب فيروس زيكا صغر الرأس، وهو عيب خلقي في الدماغ عند الرضع، إذا أصيبت الأم بالعدوى أثناء الحمل.(هامش 1) تم التعرف عليه لأول مرة لدى القرود في عام 1947 في أوغندا، وتم الإبلاغ عن الحالات البشرية لأول مرة في عام 1953.(هامش 2) تشمل العيوب الخلقية الناجمة عن فيروس زيكا صغر حجم المخ وانهيار الجمجمة جزئيًا، وتلف العينين، ومشاكل المفاصل، وتقلص العضلات بشكل مفرط.(هامش 3)
يُسبب فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) مرض الإيدز (متلازمة نقص المناعة المكتسب). يُدمر هذا الفيروس خلايا الجهاز المناعي للجسم، مما يُضعف قدرته على مقاومة الأمراض الأخرى. إذا تُرك مريض الإيدز دون علاج، فسيموت من هذه الأمراض الأخرى. ينتشر فيروس نقص المناعة البشرية عن طريق الوصول إلى مجرى دم الشخص المصاب. تشمل وسائل الاتصال هذه الإبر الجلدية المشتركة، والوخزات العرضية من إبر جلدية ملوثة، والاتصال الجنسي حيث تتسرب سوائل جسم الشخص المصاب من خلال تمزق صغير في الأغشية المخاطية لشخص آخر.
تطور فيروس نقص المناعة البشرية من فيروس مشابه يُهاجم الشمبانزي، يُسمى فيروس نقص المناعة القردي أو SIV. كثيرًا ما يتواصل الصيادون الذين يقتلون الشمبانزي للحصول على لحومها مع دم الشمبانزي، ومن المرجح أن هذه كانت الطريقة التي حدثت بها القفزة الأصلية من الحيوانات إلى البشر.(هامش 4) في مرحلة ما، أدت طفرة صغيرة إلى ظهور نسخة جديدة من الفيروس قادرة على الانتشار بين البشر.
أصبح الإيدز وباءً عالميًا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وأودى بحياة عشرات الملايين من الناس.(هامش 5) في هذه المرحلة، أصبح الإيدز قابلًا للعلاج، ما يسمح للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية بالعيش لسنوات عديدة، ولكنه غير قابل للشفاء بعد. واعتبارًا من عام 2017، أُبلغ عن وجود ما بين 31 مليونًا و44 مليون شخص حول العالم مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.(هامش 6)
هناك بعض الأمور الإضافية المتعلقة بالإيدز جديرة بالملاحظة. أولًا، لو لم تتطور الأمراض، لما ظهرت أمراض جديدة. ثانيًا، لو لم نكن متشابهين بيولوجيًا مع الشمبانزي، لكان احتمال إصابة البشر بالإيدز أقل بكثير، إذ يبدو أننا أُصبنا بالمرض في الأصل من خلال مخالطة شمبانزي مصاب. علاوة على ذلك، لو قبل العلماء آراء بعض المتدينين بأن الإيدز عقاب من الله، لما اكتشفوا أبدًا أنه ناجم عن فيروس ولما طوروا العلاجات التي لدينا الآن. إنها حالة أخرى يجب أن يكون فيها الناس حول العالم ممتنين لأن العلماء لا يقبلون التفسيرات الخارقة للطبيعة. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن الكائنات الدقيقة لها أجيال قصيرة جدًا (ساعات أو أيام بدلًا من سنوات أو عقود)، ولهذا السبب نلاحظ في كثير من الأحيان تطور كائنات دقيقة جديدة.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا تتنبأ أي فكرة أخرى عن الخلق بأمراض جديدة. في الواقع، تُصرّ قصص الخلق (وكذلك نظرية الخلق والتصميم الذكي، وهما قصص دينية تدّعي العلم) عمومًا على أن العالم خُلق منذ زمن ليس ببعيد ولم يتغير منذ ذلك الحين. وهذا يشمل جميع أنواع الكائنات الحية، كبيرة كانت أم صغيرة. لذا، من هذا المنظور، لا ينبغي أن تكون هناك أي أمراض جديدة، لا أكثر.
يدّعي الناس أحيانًا أن الأمراض مُرسلة من إلهٍ ما لمعاقبة الناس على خطيئةٍ ما أو غيرها. وهذا، بالطبع، يتعارض مع فكرة أن جميع الكائنات الحية خُلقت من قِبل ذلك الإله نفسه منذ زمنٍ بعيد. فهذا يعني ضمنًا أفعالًا خلقيةً عديدةً منفصلةً وغير متوقعة. ولكن لماذا يختار الله فجأةً أن يصيب النساء بمرضٍ يُلحق الضرر بالأجنة في الرحم ويُسبب معاناةً لا تُوصف للأطفال الذين سيولدون؟ كثيرًا ما يدّعي المتدينون اهتمامهم العميق بالأجنة، ويستخدمون ذلك ذريعةً لمنع النساء من الإجهاض. ولكن في هذه الحالة، لماذا يخلق الله فيروس زيكا على حدة، بعد أن خلق كل شيء آخر، ثم يصيب الأجنة به؟ لماذا يخلق الله فيروسًا يُعذب الرضع تحديدًا، وهم، وفقًا للعديد من الأديان، غير قادرين على ارتكاب الخطيئة؟ وأخيرًا، في حالة الإيدز، لماذا يُرسل الله مرضًا يتجاوز عن إصابة المثلية الجنسية تحديدًا؟ على الرغم من أن الإيدز غالبًا ما ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، فإن النساء المثليات هنّ أقل عرضة للإصابة بالإيدز عن طريق الاتصال الجنسي.
علاوة على ذلك، إذا أُرسِلت الأمراض إلى البشر عقابًا على ذنوبهم، فلا ينبغي أن تظهر أمراض جديدة (أو أمراض أصلًا) بين الحيوانات أو النباتات الأخرى، التي تُعتبر غير قادرة على المعصية لجهلها بالله وشرعه. ومع ذلك، تظهر أمراض جديدة في الحيوانات والنباتات باستمرار.
من الأمثلة على الأمراض الجديدة التي تصيب الحيوانات مرض ورم الوجه لدى شيطان تسمانيا (DFTD). يُسبب هذا المرض نمو أورام معدية على وجوه شياطين تسمانيا، وهو حيوان موطنه الأصلي جزيرة تسمانيا الأسترالية. ظهر هذا المرض لأول مرة عام 1996، وأدى إلى نفوق ما يصل إلى 90٪ من الأنواع التي انتشر إليها. شياطين تسمانيا الآن مهددة بالانقراض.(هامش 7)
لفحة القمح مرضٌ جديدٌ يصيب القمح، ويُسببه فطر Magneporthe oryzae. اكتُشف لأول مرة في البرازيل عام 1985، وقد حدّ بشكل كبير من إنتاج القمح هناك. ومنذ ذلك الحين، انتشر في بنغلاديش، وقد يُصبح مُدمرًا لإنتاج القمح العالمي نظرًا لعدم فعالية مبيدات الفطريات في مكافحته.(هامش 8)
ومن المعروف أن مرضًا فطريًا آخر يصيب النباتات - "اللفحة المتأخرة" أو Phytophthera infestans "فايتوفثيرا إنفيستانس" - تسبب في مجاعة البطاطس الأيرلندية التي دمرت محصول البطاطس الأيرلندي لعدة سنوات في أربعينيات القرن التاسع عشر وأدت إلى مجاعة جماعية.(هامش 9)
لذا، نسأل أنفسنا: إذا كانت النباتات والحيوانات غير البشرية غير قادرة على ارتكاب الخطيئة، فلماذا تُصاب بأمراض جديدة، أو حتى بأي أمراض؟ من ناحية أخرى، تتنبأ نظرية التطور بأن النباتات والحيوانات ستُصاب بأمراض جديدة لنفس السبب الذي يُسببها للبشر: لأن الكائنات الدقيقة تتطور باستمرار، تمامًا كما تتطور الكائنات الكبيرة، ولكن بوتيرة أسرع، وبعض هذه الميكروبات الجديدة تتكاثر بنجاح كافٍ لإصابة عوائلها بالمرض. هذا منطقي تمامًا في ضوء نظرية التطور، ولكنه غير منطقي في ضوء أي قصة غير تطورية عن الأصول البيولوجية.
الأنواع الحيوانية المتطورة حديثًا
نشهد أيضًا ظهور أنواع جديدة كبيرة. ويتوقع التطور حدوث ذلك، لأن التطور مستمر. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك نوع جديد من جراد البحر. تطور جراد البحر الرخامي (Procambarus virginalis هو اسمه العلمي المقترح) من جراد البحر المستنقعي (Procambarus fallax)، الذي يوجد في فلوريدا وجورجيا. النوع الجديد أكبر حجمًا وجميع أعضائه من الإناث. أي أنه يتكاثر بدون ذكور. يُعد جراد البحر المستنقعي حيوانًا أليفًا شائعًا في أحواض السمك المنزلية، ويبدو أن النوع الجديد قد تطور (عن طريق الطفرات) في أحواض السمك. اكتسب هذا النوع الجديد شعبيةً بين تجار حيوانات الزينة، لكنه انتشر منذ ذلك الحين في البرية، حيث يزدهر بشكلٍ كبير، لدرجة أنه يُهدد الأنواع المحلية في عدة أماكن حول العالم. لا يستطيع جراد البحر المُستنقعي التكاثر بنجاح مع جراد البحر الرخامي، وهو تعريفٌ أساسيٌّ للنوع الجديد. بالإضافة إلى ذلك، يختلف جراد البحر الرخامي وراثيًا عن جراد البحر المُستنقعي بشكلٍ كافٍ لتصنيفه كنوعٍ مختلف. وهكذا، خلال حياة هذا المؤلف (اكتشف تجار الحيوانات الأليفة الألمان جراد البحر الرخامي لأول مرة عام 1995)، ظهر مخلوقٌ جديدٌ كبير الحجم وانتشر بنجاحٍ كبير، مع توثيقٍ جيدٍ لمظهره وسلالاته.(هامش 10)
كيف يُقارن هذا بالأفكار الأخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا تتنبأ أي قصة أخرى عن الأصول البيولوجية بظهور أنواع جديدة، ولا تتنبأ أي منها بنوع يتألف بالكامل من الإناث.
الكائنات الحية المقاومة للمضادات الحيوية
يتنبأ التطور بالانتخاب الطبيعي تمامًا بظهور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. تُهدد هذه البكتيريا الآن صحة الإنسان في جميع أنحاء العالم. لو كان داروين على علم بالمضادات الحيوية والأدوية المضادة للفطريات، لتوقع بسهولة أن البكتيريا والفطريات قد تُطور دفاعات ضدها.
لقد أحدثت المضادات الحيوية نقلة نوعية في عالم الطب، وأنقذت ملايين الأرواح. كان penicillin البنسلين أول من اكتُشف عام 1928.(هامش 11) كما اكتُشف أول مضاد حيوي قائم على sulfa (السلفا) عام 1932.(هامش 12) ومنذ ذلك الحين، أحدثت المضادات الحيوية نقلة نوعية في حياتنا. يمكننا الآن أن نتوقع أن نعيش حتى سن الشيخوخة، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى قدرتنا على النجاة من عدوى بكتيرية كانت ستودي بحياة أجدادنا. في عام 1920، كان متوسط العمر المتوقع للأمريكيين 56.4 عامًا. أما اليوم، فيبلغ متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة ما يقرب من 80 عامًا. يمكننا أن نتوقع أن نعيش حتى بعد إجراء عملية جراحية كبرى، وأن نتغلب على العدوى أثناء الخضوع للعلاج الكيميائي.
ومع ذلك، تتطور البكتيريا، كسائر الكائنات الحية. جميع التجمعات الطبيعية للبكتيريا تتميز بتنوع وراثي. هذا يعني أن بعض البكتيريا ستكون بطبيعة الحال أكثر مقاومة للمضادات الحيوية من غيرها. عند استخدام المضادات الحيوية، ستعيش بعض البكتيريا خلال اليوم الأول أو الثاني من العلاج، وذلك ببساطة لأنها أكثر مقاومة. لذا، إذا توقف الشخص عن تناول المضادات الحيوية (لأنه يشعر بتحسن الآن بعد اختفاء معظم البكتيريا)، فإن البكتيريا المتبقية هي تلك التي تتمتع بمقاومة طبيعية للمضاد الحيوي. ستتكاثر هذه البكتيريا مجددًا، ولن تموت هذه التجمعات الجديدة بنفس السرعة عند تناول جرعة أخرى من المضاد الحيوي. لذا، سيزداد مرض الشخص المريض لفترة أطول، وقد يموت.
علاوة على ذلك، تحتوي جميع التجمعات البكتيرية الطبيعية على بعض أعضائها الذين يخضعون للطفرات، أي تغييرات جينية طفيفة. على الرغم من أن الطفرات نفسها عشوائية، إلا أن القليل منها قد يؤدي إلى مقاومة أكبر للمضادات الحيوية. في بيئة خالية من المضادات الحيوية، لن تصبح هذه الطفرات مهمة. ولكن عندما تتعرض مجموعة من البكتيريا للمضادات الحيوية، فإن القلة التي تحمل هذه الطفرات هي التي ستنجو وتتكاثر مرة أخرى. لذلك، على مدى العقود التي انقضت منذ أن بدأنا وصف المضادات الحيوية، طورت البكتيريا المسببة للأمراض ببطء مقاومة لهذه الأدوية. وتتنبأ نظرية التطور بذلك تمامًا.
وينطبق الشيء نفسه على الأمراض الفطرية والأدوية المضادة للفطريات.(هامش 13)
ومع الإفراط في وصف هذه الأدوية القيّمة، وخاصة مع الممارسة طويلة الأمد المتمثلة في إضافة المضادات الحيوية إلى أعلاف الحيوانات، طورت البكتيريا والفطريات مقاومة لها، وبات الناس يموتون الآن من أمراض كنا قادرين على علاجها في السابق.
ما أنقذنا حتى الآن هو تطوير أدوية جديدة مضادة للميكروبات، إذ أصبحت الأدوية القديمة أقل فائدة. للأسف، وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيها بعض البكتيريا مقاومة لجميع المضادات الحيوية المعروفة. وهذا أمرٌ تنبأ به التطور. والطريقة الوحيدة للتغلب على هذه المقاومة هي تطوير أدوية جديدة مضادة للميكروبات، واستبدال الأدوية القديمة، وإيقاف استخدامها لفترة زمنية معينة، بحيث تتناقص مقاومتها في مجموعات البكتيريا مع مرور الوقت.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا توجد قصة أخرى تتعلق بأصولنا البيولوجية تتنبأ أو حتى تتخيل وجود كائنات مقاومة للمضادات الحيوية ومضادات الفطريات.
تطور مقاومة مبيدات الأعشاب في النباتات، ودروس أخرى مستفادة من المحاصيل المعدلة وراثيًا
أثبتت المحاصيل الزراعية المعدلة وراثيًا (GM) أنها مختبرٌ ممتاز للتطور بالانتخاب الطبيعي. على سبيل المثال، تُعدّ glyphosates الغليفوسات مجموعةً من مبيدات الأعشاب القوية، لكنها قد تقتل نباتات المحاصيل أيضًا. وقد تم ابتكار نسخٍ معدلة وراثيًا من نباتات المحاصيل الغذائية لتكون مقاومةً للغليفوسات. وقد حققت هذه النسخ نجاحًا باهرًا في البداية، حيث كان بإمكان المزارعين رشّ جرعاتٍ كبيرة من الغليفوسات على حقولهم وقتل جميع الأعشاب الضارة مع السماح للمحاصيل بالازدهار. ومع ذلك، وكما كان حتميًا، نشهد الآن مجموعاتٍ من الأعشاب الضارة التي طورت مقاومةً لهذه المبيدات القوية.(هامش 14) وهذا ما تنبأت به تمامًا فكرة داروين عن الانحدار مع التعديل.
مع الغليفوسات، كما هو الحال مع الأدوية المضادة للميكروبات، أُسيء استخدام أداة فعّالة ومفيدة. تُنقذ مضادات الميكروبات الأرواح، ويمكن للاستخدام الأمثل للغليفوسات أن يُعزز المحاصيل التي تُغذي المزيد من الناس. لكن الإفراط في استخدام هذه الأدوات - في تحدٍّ مباشر لتوقعات التطور عن طريق الانتقاء الطبيعي - جعل هذه الأدوات، التي كانت فعّالة في السابق، أقل فائدةً بمرور الوقت.
توقعات قوية
ومع ذلك، عندما يتم استشارة نظرية التطور، يستعيد البشر الميزة.
هذا ما حدث مع القطن المعدل وراثيًا. لدينا الآن نوع من GM cotton القطن المعدل وراثيًا يُنتج مبيدًا حشريًا خاصًا به. يُمكّن هذا المزارعين من زراعة محصول ناجح دون الحاجة إلى الرش. ومع ذلك، مع مرور الوقت، سيضمن القطن المعدل وراثيًا تقريبًا تطور سلالات مقاومة من آفات القطن. يتمثل الحل الذي تقدمه نظرية التطور في زراعة أصناف قطن غير معدلة وراثيًا في مكان قريب، حتى لو تم أكلها. يسمح هذا لأنواع الآفات الحشرية التي لم تتطور لديها مقاومة بالتزاوج مع تلك التي طورت مقاومة. من غير المرجح أن تمتلك ذرية هذه التزاوجات مقاومة للمبيد الداخلي للقطن المعدل وراثيًا. وقد أدت هذه الاستراتيجية، المعروفة باسم استراتيجية اللجوء،(هامش 15) إلى إبطاء تطور المقاومة في مجموعات الحشرات بشكل كبير، أو حتى إيقافه.
في كلٍّ من الزراعة والصحة العامة، أخشى أن يكون مسؤولو الصحة العامة غير مؤمنين بالتطور. أخشى أن يكون مسؤولو السياسة الزراعية غير مؤمنين بالتطور. والأكثر من ذلك، بما أن النظم البيئية تنطوي على علاقات تطورية مشتركة بين الكائنات الحية، أخشى أن يكون مسؤولو البيئة غير مؤمنين بالتطور.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
أضمن لكم أنه لا توجد قصة دينية ذات أصول بيولوجية تساعدنا في كيفية التنبؤ بنتائج المقاومة المتطورة.
الجينومات المشتركة
يتنبأ التطور بأننا سنتشارك جينات عديدة مع أقاربنا الأقربين، وجينات أقل مع أقاربنا الأبعد. ومع الاكتشاف الحديث لتسلسل الحمض النووي، هذا ما نراه.
على سبيل المثال، عند النظر إلى أقاربنا من القردة، نتشارك 99%(هامش 16) من جيناتنا مع الشمبانزي. ونتشارك حوالي 98% مع الغوريلا.(هامش 17) وبالنظر إلى الأنواع الأقل قرابةً بنا، نتشارك 90% من حمضنا النووي مع القطط،(هامش 18) و60% مع ذباب الفاكهة.(هامش 19) حتى أن لدينا بعض الحمض النووي المشترك مع النباتات.
هذا منطقي من وجهة نظر تطورية، وفقط من وجهة نظر تطورية. فالأنواع التي تطورت من سلف مشترك حديث يُفترض أن تشترك في كمية كبيرة من الحمض النووي. أما الأنواع التي انفصلت عن بعضها منذ زمن بعيد، فيفترض أن تشترك في كمية أقل من الحمض النووي، لأن المزيد من الطفرات تراكمت ببطء.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
عادةً ما تفترض قصص أخرى عن الأصول البيولوجية أن البشر خُلقوا منفصلين عن جميع الحيوانات الأخرى. لو كان الأمر كذلك، لما كان لدينا أي تراث حمض نووي منهم.
عند الحديث عن الأمراض والجينومات المشتركة، إذا لم يكن البشر مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالرئيسيات الأخرى، فلماذا نتشارك في العديد من الأمراض؟(هامش 20)
إن حقيقة أن العديد من الأمراض البشرية الجديدة تنشأ في الرئيسيات الأخرى أمر يتنبأ به التطور بطريقتين مختلفتين.
أولاً، يتنبأ التطور بأن البشر والرئيسيات الأخرى، نظرًا لتقاربهم الشديد، سيحملون جينومات متداخلة إلى حد كبير. وبشكل عام، يتنبأ التطور بأنه نظرًا لاستمرار الطفرات، ينبغي أن يكون لدى الكائنات الحية جينات مشتركة أكثر مع أقاربها المقربين، وأخرى أقل مع تلك التي انحرفت عن سلالتها سابقًا.
ثانيًا، تُعدّ معظم الطفرات تغييرات طفيفة جدًا في الجينات. ولكن حتى التغيير الجيني الصغير نسبيًا في بكتيريا ما قد يسمح لها بإصابة كائن حيّ وثيق الصلة بها، لأنه مجرد قفزة صغيرة. إن ارتباطنا بالقردة الأخرى هو سبب اشتراكنا في عدد من الأمراض مع القردة، وقليل منها مع قنديل البحر. وهذا أيضًا هو سبب حاجتنا إلى تحور طفيف فقط لكي ينتقل إلينا ككائن مسبب للأمراض، مثل فيروس نقص المناعة البشرية.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
أما الأفكار الأخرى المتعلقة بالأصول البيولوجية، فلا تُعلق على الجينات المشتركة، ولا على مشاركة الأمراض. يبدو الأمر كما لو أنهم لا يريدون حقًا معرفة سبب مرض الناس.
"Nylonase آكلات النايلون" - المزيد من الأدلة الميكروبية على التطور
تتكاثر الكائنات الدقيقة بسرعة وتمر عبر أجيال عديدة، ولهذا السبب تتطور بسرعة. يتوقع التطور أنه عند توفر مصدر طاقة جديد، وإن كان غير قابل للهضم، فمن المرجح أن يتطور كائن حي لهضمه. وهذا هو حال البكتيريا التي أصبحت الآن قادرة على هضم النواتج الثانوية الاصطناعية لتصنيع النايلون.
لم يكن النايلون موجودًا إلا منذ اختراعه عام 1935. ومع ذلك، في عام 1975، اكتُشف نوع من الميكروبات يعيش في مياه الصرف الصحي بالقرب من مصانع النايلون، والذي يمكنه هضم واستخدام بعض النواتج الثانوية لتصنيع النايلون، والتي كانت موجودة في الماء. هذه النواتج الثانوية غير موجودة في الطبيعة، لكنها تُعدّ غذاءً جيدًا لأي كائن حي قادر على هضمها. يُقال إن الطبيعة تكره الفراغ، وفي هذه الحالة، وبعد آلاف الأجيال من البكتيريا، طورت البكتيريا في مناطق الجريان السطحي القدرة على استخدام هذه الموارد. البكتيريا في هذه المناطق، والتي أصبحت Flavobacterium sp. K171 and K172 (هامش 21) وهامش 22 وهامش 23) لقد خضعت لطفرات مختلفة لأن هذا ما تفعله الكائنات الحية. أي طفرات تُمكّن البكتيريا من هضم المادة الجديدة ستُعزز تكاثرها، مع كل الطعام المجاني الذي لم يكن يتغذى عليه أي شيء آخر. عاشت أجيال كافية من البكتيريا وماتت في التربة المحيطة بمصانع النايلون من عام 1935 إلى عام 1975، مما أدى إلى طفرات عشوائية تُؤثر على مسار كيميائي حيوي يُهضم المادة الجديدة. ثم تكاثرت هذه البكتيريا المحظوظة بحرية.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
إن الأفكار الأخرى المتعلقة بالأصول البيولوجية لا تتنبأ بالاستخدام النهائي لمصادر الغذاء غير الطبيعية التي توفرها الصناعة - من بين البكتيريا أو أي شيء آخر!
الهياكل الأثرية
دعونا نبتعد عن الميكروبات إلى أشياء أكبر يمكنك رؤيتها وتجربتها بنفسك أحيانًا - سواء أعجبك ذلك أم لا!
يتنبأ التطور بأنه مع تطور الكائنات الحية، ستحتفظ بهياكلها القديمة، حتى لو لم تعد مفيدة. إذا لم تُسبب هذه الهياكل عديمة الفائدة الموت قبل التكاثر في أغلب الأحيان، فستميل إلى البقاء. ومع ذلك، إذا أدت الطفرات إلى انحلال بطيء لهذه الهياكل، فلن يُسبب ذلك عادةً أي ضرر - وقد يكون مفيدًا من خلال تقليل المخلفات غير المفيدة. لذا، في الكائنات المتطورة، يجب أن نرى بقايا، متدهورة أحيانًا، لهياكل كانت مفيدة في السابق، ولكنها لم تعد كذلك. في بعض الأحيان، قد تصبح هذه الهياكل القديمة مفيدة بطرق جديدة، ببساطة لأن التطور يستخدم كل ما هو متاح.
تحتوي أجسامنا على عدد لا بأس به من هذه الهياكل الأثرية. في قاعدة عمودك الفقري، لديك بقايا من ذيول أسلافك من الرئيسيات. لديك أقدام بأصابع تكاد تكون عديمة الفائدة، لأن أسلافك من الرئيسيات كانت لديهم أصابع قوية تشبه الأصابع، ساعدتهم على الإمساك بأغصان الأشجار.(هامش 24)
ما يجب تذكره هنا هو أن التطور غير قادر على التخطيط. فالأنواع تتعثر من جيل إلى جيل، وما دامت أعداد كافية من أفراد النوع قادرة على التكاثر قبل موتها، فإن النوع يستمر. عندما تفيد الطفرة مالكها، فقد تتاح له فرصة التكاثر أكثر من غيره، وتمتد الفائدة إلى نسبة أكبر من السكان. وعندما يستمر ذلك لفترة كافية، نرى تطورًا ملموسًا. ولكن إذا استوفى هيكل غير مفيد الآن معيارًا متدنيًا للغاية وهو "عدم التسبب في الموت قبل التكاثر في كثير من الأحيان"، فلن يُستبعد من السكان.
ومع ذلك، قد يتقلص هيكل عديم الفائدة على مدى أجيال عديدة. سيؤدي هذا التقلص إلى توفير طفيف في طاقة الحيوان، الذي لن يضطر بعد الآن إلى حمل شيء عديم الفائدة، مهما كان ضئيلاً. لكن الضغط التطوري لهذا الأمر ضعيف، ويزداد ضعفاً مع تقلص الهيكل، لذا تميل الهياكل الأثرية الصغيرة إلى البقاء لفترة طويلة.
من الأمثلة على ذلك ورك الحوت. تطورت الحيتان من ثدييات برية كانت تمشي على أربع أرجل. ومع ذلك، عاشت في البحر لملايين السنين. ونتيجةً لذلك، تطورت إلى شكل انسيابي يشبه شكل السمك، وتطورت أطرافها الأمامية إلى زعانف، واختفت أطرافها الخلفية تمامًا تقريبًا. ولكن ليس تمامًا. لا تزال عظام ورك الحيتان داخل أجسامها، وهي الآن صغيرة، وفي بعض الحالات حتى بقايا صغيرة من أرجلها الخلفية.
من المثير للاهتمام أن عظام الورك هذه قد استُخدمت لغرض جديد، كما هو الحال غالبًا في الأنظمة المتطورة. توفر هذه العظام مكانًا لالتصاق عضلات قضيب ذكر الحوت (نعم، لدى الحيتان عضلات قضيب). هذه العضلات مهمة جدًا للتكاثر، لذا تبقى عظام الورك الصغيرة هذه موجودة، على الرغم من أنها غير مفيدة لغرضها الأصلي وهو المشي. إذا كنت تتساءل عما إذا كان هذا يجعلها مثالًا جيدًا على شيء أثري حقًا، فتذكر أن إناث الحيتان لديها عظام ورك أيضًا - ولا تحتاج إليها من أجل قضيبها!(هامش 25)
بالحديث عن الأشياء التي لا تفيد كلا الجنسين، ولكنها تظهر فيهما، لدى الرجال حلمات. هذه الحلمات ضارة بعض الشيء - فقد تحتك بالملابس وتصبح مؤلمة وتنزف.
الزائدة الدودية البشرية appendix أكثر ضررًا. الزائدة الدودية جزء من الجهاز الهضمي، لكنها لا تهضم أي شيء لدى البشر. أما الحيوانات التي تتغذى على الطعام الخشبي، فلديها زائدة أعور أكبر بكثير، تعمل كحاضنة للبكتيريا التي تهضم السليلوز الذي يجعل الخشب صلبًا جدًا.(هامش 26) لا نستطيع هضم الخشب، لكن لا يزال لدينا هذا الكيس الصغير الأعمى، الذي تقلص حجمه كثيرًا منذ أيام الحضانة، ولكنه لا يزال معنا لأنه ليس ضارًا بما يكفي لقتلنا قبل الإنجاب في كثير من الأحيان. ومع ذلك، فإنه يقتلنا أحيانًا، لأنه لا يزال مستودعًا للبكتيريا، ويمكن لهذه البكتيريا أن تتكاثر بقوة مفرطة أحيانًا وتسبب appendicitis التهاب الزائدة الدودية.(هامش 27)
من بين التركيبات الأثرية المثيرة للاهتمام، العضلة الصغيرة التي تتصل بكل شعرة من شعرنا - العضلة المُقِفَّة للشعرة. عندما تنقبض هذه العضلات الصغيرة، تسحب الشعرة إلى وضعية الوقوف، فتشعر بقشعريرة. متى نشعر بالقشعريرة؟ عندما نشعر بالبرد أو الخوف. لماذا؟ لأن رفع شعرنا كان مفيدًا لنا عندما كان لدينا فراء حقيقي، بدلًا من الفراء الأثري الذي يغطي معظم أجسامنا الآن. في الحيوانات ذات الفراء الكثيف، فإن رفع الفراء عند الشعور بالبرد يزيد من سُمكه ويجعله أكثر دفئًا. أما عند الشعور بالخوف، فإن رفع الشعر يجعلك تبدو أكبر حجمًا عند مواجهة عدو. لكننا لا نملك فراءً حقيقيًا، والقشعريرة الناتجة عن رفع الشعر لا تجعلنا أكثر دفئًا أو نبدو أكبر حجمًا. إنها استجابة أثرية.(هامش 28)
تشمل الهياكل الأثرية في الحيوانات الأخرى عيونًا عمياء لدى أسماك الكهوف(هامش 29) وأرجلًا صغيرة داخل بعض الثعابين. على الرغم من أن الثعابين الأصلية والثعابين العاصرة لا تستخدم أرجلًا، إلا أن أسلافها من السحالي كانت تستخدمها.(هامش 30)
بقايا مأساوية
العديد من الهياكل الأثرية غريبة، مثل حلمات الذكور وعضلات الشعرة المنتصبة لدى البشر. بعضها قد يقتلنا أحيانًا، مثل الزائدة الدودية. ولكن في بعض الحالات، تكون النتيجة أقرب إلى المأساوية.
فيتامين سي C
هذا هو الحال مع فيتامين سي. فيتامين سي ضروري للحيوانات لإنتاج بروتين يُسمى الكولاجين، والذي يُشكل جزءًا كبيرًا من أجسامنا، وخاصةً الأنسجة الضامة التي تربط أجسامنا معًا. عندما نعاني من نقص فيتامين سي، لا تُعوض هذه الأنسجة لأنها تتآكل. لذلك، تشمل أعراض نقص فيتامين سي التهاب اللثة، ونزيف الجلد، وآلام المفاصل، وضعف التئام الجروح، وخلخلة الأسنان، والضعف العام، وفقر الدم، والوفاة في حال عدم علاجها.(هامش 31) تُعرف هذه الحالة باسم scurvy الإسقربوط، وقد كانت تودي بحياة الأشخاص في الرحلات البحرية الطويلة، أو في المناخات الشمالية، الذين لم يحصلوا على الخضراوات في الشتاء.
تُنتج معظم الحيوانات الأخرى فيتامين سي بنفسها. ولهذا السبب، تستطيع آكلات اللحوم، مثل القطط والذئاب، العيش على اللحوم وحدها. تُنتج سلسلة طويلة من التفاعلات الكيميائية الحيوية في أجسام معظم الحيوانات فيتامين سي من الصفر. ومع ذلك، نفتقر نحن البشر إلى هذا المسار الكيميائي الحيوي.
تتنبأ نظرية التطور بأنه بما أننا مرتبطون بحيوانات قادرة على إنتاج فيتامين سي، ولنا أسلاف مشتركة معها، فلا بد أن نمتلك بعض أجزاء هذا المسار الكيميائي الحيوي. وهذا ما نمتلكه بالفعل.
في الواقع، لدينا معظم مسار إنتاج فيتامين سي. كل ما ينقصنا هو القدرة على إنتاج إنزيم واحد في الخطوة الأخيرة من العملية. نحمل نسخة معطلة من الجين الأساسي لهذا الإنزيم. لهذا السبب، علينا اتباع نظام غذائي غني بفيتامين سي وإلا سنصاب بالإسقربوط.(هامش 32)
إن امتلاك معظم المسارات الكيميائية الحيوية التي تمتلكها معظم الحيوانات الأخرى، مع افتقارها إلى القدرة على إنتاج إنزيم واحد في الخطوة الأخيرة، يُعدّ حالةً نموذجيةً للبنية الأثرية. وهو تحديدًا نوع البنية التي تنبأ بها التطور.
كيف وصلنا إلى هذا الحال؟ حسنًا، كان لدى بعض أسلافنا من القرود الطفرة التي عطّلت الجين المُستخدم في تلك الخطوة الأخيرة. لو لم تحصل الحيوانات التي تحمل الجين المُعطّل على فيتامين سي تقريبًا في نظامها الغذائي، لكانت انقرضت بسرعة، ولكانت هذه هي النهاية. لكن أسلافنا من القرود تناولوا نظامًا غذائيًا مُختلطًا يشمل الفواكه والخضراوات وبعض اللحوم النيئة. لذلك نجت تلك الأسلاف التي تحمل الجين المُعطّل.
نجح هذا النهج لفترة طويلة، في المناطق الدافئة التي تتوفر فيها وفرة من الفواكه والخضراوات الطازجة واللحوم النيئة على مدار العام. ولكن بعد ذلك، انتشرنا نحن البشر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في مناخات لا توفر منتجات طازجة على مدار العام. كما طورنا الطهي، مما قد يقلل من فيتامين سي في الأطعمة. لذا، قد ينتهي الأمر بالرئيسيات التي يتكيف جسمها مع وفرة المنتجات الطازجة إلى الإصابة بمرض الإسقربوط، الذي كان الناس يموتون منه بشكل روتيني.
وهكذا، أصبح مسار كيميائي حيوي أثري، معطل منذ زمن طويل، مأساويًا ومميتًا - ليس لأن أجسادنا كانت مريضة، بل لأنها لم تستطع القيام بهذه الخطوة الأخيرة التي احتجنا إليها في النهاية. تذكروا، التطور أعمى ولا يستطيع التخطيط للمستقبل.
السرطان
السرطان حالةٌ أكثر مأساويةً من آثار الحياة. ففي الماضي، عندما كانت جميع الكائنات الحية وحيدة الخلية، كانت تلك الخلايا المفردة تتكاثر بأقصى ما تستطيع، تمامًا مثل البكتيريا اليوم. ويتوقع التطور أن الخلايا التي تتكاثر بأكبر قدرٍ من الكفاءة ستتولى زمام الأمور. ومع ذلك، عندما بدأت الخلايا بالتجمع وتشكيل كائنات متعددة الخلايا، أصبح من المهم للخلايا تنظيم تكاثرها، بحيث تمتلك الكائنات الحية الأنواع المناسبة من الخلايا بالكميات والأماكن المناسبة. وهكذا، تطورت الآليات التي تنظم سرعة التكاثر الخلوي مع تحول الكائنات الحية إلى كائنات متعددة الخلايا.
يُطلق على هذا النوع من التنظيم اسم contact inhibition تثبيط التلامس. ببساطة، عندما تتلامس الخلايا مع بعضها البعض، فإنها لا تتكاثر بطريقة تُزاحم جيرانها. قد تتكاثر بحرية أكبر قليلاً عندما تكون بالقرب من جرح يحتاج إلى التئام، وإلا فإنها تحل محل نفسها ثم تموت.(هامش 33) التركيب الوراثي الدقيق لأي سرطان معقد، لكن الأساسيات هي أنه عند إزالة تثبيط التلامس (بسبب طفرة)، تعود الخلية إلى حالتها الأصلية وتتكاثر بشكل لا يمكن السيطرة عليه. هذا هو السرطان.
في نظام مصمم، سيتم برمجة الخلايا للتكاثر فقط حسب الحاجة، على عكس النظام المتطور الذي لدينا، حيث يتم برمجة الخلايا للتكاثر قدر الإمكان وتحتاج إلى آليات قمع لمنعها من القيام بذلك.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا يمكن التنبؤ بالهياكل الأثرية من خلال أي فكرة خلقية مبنية على أساس خارق للطبيعة.
طرق تشريحية طويلة بشكل غير ضروري
مع تطور الكائنات الحية، فإن أبسط طريقة للتغيير هي توسيع أو تقليص شيء ما في اتجاه ما. إذا احتاج عضوان إلى البقاء متصلين، فسيُطيل التطور الروابط بينهما إذا ابتعدا عن بعضهما. وبغض النظر عن كيفية تغير الجسم مع تطوره، ستستمر الروابط في الازدياد، لأن التطور غير قادر على التخطيط أو العودة إلى الوراء لإعادة البناء. لذلك، لن ترى إعادة توصيل الروابط لتناسب أبعاد الجسم الجديدة بشكل أفضل، بل سترى فقط أن الروابط القديمة تطول أكثر فأكثر.
لذا، في الكائنات المتطورة، ينبغي لنا أن نتوقع أن نرى بعض الروابط الضرورية بين الأعضاء طويلة ومعقدة بشكل غير ضروري، مقارنة بما قد يبدو عليه الاتصال المخطط له.
العَصَبُ الحَنْجَرِيُّ الرَّاجِع
هذا هو الحال مع الأعصاب الحنجرية الراجع. وهي فروع للعصبين المبهمين الأيمن والأيسر. يمتد العصبان المبهمان من جزء من الدماغ يُسمى النخاع الشوكي، نزولاً إلى جانبي الحلق، ثم يتفرعان في النهاية. ويرتبطان بالعضلات التي تتحكم في larynx الحنجرة، أو "صندوق الصوت"، حيث توجد تفاحة آدم.
قد تظن أن الأعصاب الحنجرية الراجعَة ستسلك المسار المباشر: تتفرع من الأعصاب المبهمة عند الحنجرة. لكن لا. يمتد العصب الأيمن إلى أعلى القلب مباشرةً، ويلتف أسفل أحد الشرايين الخارجة من القوس الأبهرية، ثم يعود إلى أعلى الحلق ليتصل بمنطقة الحنجرة. أما العصب الحنجري الراجع الأيسر، فيمتد إلى أبعد من ذلك. ينزل إلى الصدر ويلتف أسفل القوس الأبهرية نفسها فوق القلب بقليل. ثم يلتف ويعود أيضًا إلى أعلى الحنجرة.(هامش 34) وهكذا، عند البشر، تبتعد هذه الأعصاب حوالي ست بوصات عن مسارها قبل أن تعود إلى الحنجرة.
في حيوانات مثل الزرافات، يُصبح هذا الانحراف غير الضروري مجرد بضعة أمتار من الأنسجة العصبية الزائدة. لا يُفيد هذا الفرد بأي شيء، ولكنه لا يُسبب ضررًا يُذكر أيضًا.
لماذا تُرتَّب هذه الأعصاب بهذا الشكل؟ لأن أسلافنا القدماء، وأسلاف الزرافات، كانت أعناقهم قصيرة جدًا، وكانت الأنابيب المعقدة المحيطة بالقلب قريبة من الحلق. كانت الأعصاب تمر عبر هذه الأنابيب هناك. ومع ازدياد طول الأعناق، لم يمتلك التطور، بالطبع، القدرة على التخطيط لقص الأعصاب وإعادة توجيهها دون التشابكات. لذلك، بقيت التشابكات، ممدودة بشكل غريب. حتى في الحالة القصوى للزرافات.
القناة المنوية عند الرجال
وبالمثل، عند الرجال، يمر الأنبوب الذي ينقل الحيوانات المنوية من الخصيتين إلى حيث تخرج من الجسم في نهاية القضيب عبر حلقة طويلة غير ضرورية. يُطلق على هذا الأنبوب اسم vas deferens القناة المنوية. يخرج من الخصيتين وينضم إلى مجرى البول الذي يُفرغ المثانة البولية. يكون المسار المباشر من الخصيتين مباشرةً إلى قاعدة القضيب. وهذا منطقي. ولكن ما نراه بدلاً من ذلك هو أن القناة المنوية تصعد إلى مقدمة البطن، ثم تتجه إلى الجزء الخلفي من البطن، ثم تنزل، ثم تتجه للأمام مرة أخرى، ثم تدخل إلى غدة البروستاتا، ثم تنضم إلى مجرى البول.(هامش 35) يبلغ طول هذا الأنبوب حوالي قدم، على الرغم من أن طول المسار المباشر لا يتجاوز بوصتين.
لماذا؟ كما هو الحال مع أعصاب صندوق الصوت، كان التطور عاجزًا عن التخطيط. تتطور الأعصاب والأنابيب دون تفكير في المستقبل. مع تطور الحيوانات، قد تستطيل أجسامها، أو، في حالة خصيتي الرجل، قد تنتقل من داخل الجسم إلى خارجه (في كيس scrotum الصفن). لكن الأعصاب والأنابيب لن تنفصل ولن تُعاد توصيلها. بل ستبقى على بنيتها الأصلية، حتى عندما تصبح النتائج غريبة.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
تميل أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية إلى الإصرار على أن الحيوانات خُلقت من قِبل إله واعٍ، أي أنها خُطط لها. هذه المسارات غير الضرورية، المتبقية من الأشكال السابقة، تُظهر غياب التخطيط الذي يُمثل السمة المميزة للتطور.
الهياكل التشريحية المشتركة (المتماثلات) [Shared anatomical structures (homologs)]
بما أن نظرية التطور تنص على أن الكائنات الحية الجديدة تتطور من كائنات أقدم، وأن العديد من الكائنات الحية الجديدة قد تتطور من سلف مشترك واحد، فإنها تتنبأ بأن الكائنات التي تطورت بعيدًا عن بعضها البعض ستمتلك العديد من البنى المشتركة. تُعرف هذه البنى المشتركة باسم المتماثلات، ونراها في جميع أنحاء العالم البيولوجي.
على سبيل المثال، في جسم الإنسان، تحتوي سواعدنا على عظمتين متوازيتين - الكعبرة والزند.(هامش 36) تمتلك السلاحف هاتين العظمتين في أقدامها الأمامية.(هامش 37) تمتلكهما الطيور في أجنحتها.(هامش 38) تمتلكهما الحيتان في زعانفها.(هامش 39) تمتلكها السناجب في أقدامها الأمامية،(هامش 40) وكذلك الكنغر، وخلد الماء، والتماسيح، والكلاب، والقطط، والسلمندر.(هامش 41) وكذلك الديناصورات.(هامش 42) وكذلك الأركيوبتركس، الطائر الزاحف الريشي القديم.(هامش 43)
لماذا هذا؟ لأنها جميعًا مرتبطة ببعض! جميعها تنحدر من رباعيات الأرجل القديمة، تلك الحيوانات الأصلية ذات الأرجل الأربع والعمود الفقري التي شقت طريقها لأول مرة من المحيطات إلى اليابسة منذ مئات الملايين من السنين.
نتشارك في الكثير من الأشياء الأخرى أيضًا. تمر حبالنا الشوكية عبر العديد من العظام الصغيرة التي تُسمى فقرات، ولفقرات جميع هذه الحيوانات المتنوعة بنية متشابهة. لدينا أيضًا نفس خريطة الجسم الأساسية ذات الأرجل الأربع - رأس في أحد الطرفين، وذيل في الطرف الآخر، وأربعة أرجل بينهما. لا يوجد سبب يدعو إلى أن تكون كذلك! للحشرات ستة أرجل، وهي تمشي بنجاح. في الواقع، استعمرت اليابسة قبل vertebrates الفقاريات بوقت طويل. للعناكب مثل العناكب ثمانية أرجل، وللعشريات (مثل lobster الكركند) عشرة أرجل وبعض الزوائد الأخرى، وللأمم والحريش العديد من أزواج الأرجل. لدينا ذراعان وساقان لأننا ننحدر من رباعيات الأرجل الأولى، وليس لأن هذه هي أفضل أو الخطة الجسدية الوحيدة التي تعمل. تُعرف هذه الهياكل المشتركة باسم المتماثلات، وهي دليل على التطور في جميع أنحاء ممالك الحيوان والنبات والفطريات.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
كما هو واضح في الروبوتات، لا يوجد سببٌ لامتلاك جسمٍ أربعة أطرافٍ بالإضافة إلى رأسٍ وذيل، أو عظمتين في الطرف الأمامي، أو عينين فوق أنفٍ فوق فم. هذه كلها نتائج تاريخنا التطوري، وليست خلقًا خاصًا. خالقٌ خارقٌ للطبيعة يبدأ من الصفر، لن يكون لديه سببٌ لخلق هذا العدد الكبير من الحيوانات بأجزاءٍ جسميةٍ مشتركةٍ إلى هذا الحد.
الانقراض
يتنبأ التطور بانقراض الأنواع. التطور عملية مستمرة، وكما تتطور أنواع جديدة إلى الوجود، فإن أنواعًا أخرى لن تتمكن من التكيف مع بعض الظروف المتغيرة وتنقرض. أو، في سياق تطورها مع مواجهة تحديات بيئية جديدة، قد يتطور نوع أقدم إلى درجة الاعتراف به كنوع جديد، أو حتى عدة أنواع جديدة إذا حدث إشعاع تكيفي.
يعشق كل طفل تقريبًا الديناصورات. وكوننا لا نستطيع زيارة هياكلها العظمية المتحجرة إلا في المتاحف، يُعدّ درسًا قويًا على أن الانقراض أمرٌ وارد.
تُعدّ ظاهرة الانقراض دليلاً بالغ الأهمية على التطور. ونرى أدلة على الانقراض في جميع السجلات الجيولوجية.
إن الانقراض يمثل مشكلة لأي وجهة نظر خارقة للطبيعة حول الحياة، لأنه من الغريب أن يقوم إله بتصميم كائنات حية غير صالحة للبقاء على قيد الحياة.
حتى أن أنظمة بيئية عالمية بأكملها قد مُحيت، ولم يبقَ منها سوى القليل أو لا شيء على قيد الحياة الآن. منذ حوالي 440 مليون سنة، حدثت خمسة انقراضات جماعية، حيث قُضي على أعداد كبيرة من جميع الأنواع على الأرض. أشهرها بالنسبة لمعظم الناس هو أحدثها، وهو الانقراض الذي قضى على الديناصورات (وكذلك على نصف جميع الأنواع بشكل عام) في نهاية العصر Cretaceous period الطباشيري قبل 65 مليون سنة. إجمالاً، انقرضت الآن أكثر من 90% من جميع الأنواع التي وُجدت على الإطلاق.(هامش 44)
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
مع أن الموت حاضرٌ بلا شك في جميع الرؤى الدينية، وأن الإبادة الجماعية شائعةٌ في هذه القصص، إلا أن الانقراض لا يُناقش كاحتمال. ولا تُذكر حتى في قصص الخلق الخارقة للطبيعة وفرة الحيوانات والنباتات الآسرة التي نراها في السجل الأحفوري. يا له من عالمٍ صغيرٍ ومحدودٍ الّذي يناقشونه!
الحفريات ونظم الأحافير الكاملة
يتنبأ التطور بأنه عندما تتغير البيئة، فإن الأنواع الموجودة فيها إما أن تتكيف أو تموت. وبالتالي، فإنه يتنبأ بأن بيئات كاملة من النباتات والحيوانات ستزدهر وتنهار.
الأحافير آسرة. في بعض الحالات، يتضح ارتباطها بالكائنات الحية المعاصرة، وأحيانًا تكون مختلفة المظهر لدرجة يصعب معها تحديد أقاربها الأحياء اليوم، إن وُجدت. ومن الجوانب الرائعة في علم البيئة أن بيئات الأحافير بأكملها تُوجد معًا في تجمعات يمكن التنبؤ بها.
لاحظ مهندس قنوات بريطاني يُدعى William Smith ويليام سميث هذا لأول مرة في أوائل القرن التاسع عشر. خلال حفرياته وفحوصاته للمناجم، لاحظ أن طبقات الصخور الرسوبية المختلفة تحتوي على أنواع مختلفة من الأحافير. والأهم من ذلك، أنه وجد أن طبقات الرواسب الأحفورية المختلفة تظهر دائمًا بنفس الترتيب، من الأعمق إلى الأقل عمقًا. ووجد أنه يستطيع التنبؤ بأي الأحافير ستظهر في أي طبقة، حتى عندما تكون طبقات الصخور متباعدة أميالًا عديدة.(هامش 45)
والأهم من ذلك، أنه وجد أيضًا أن مجموعات من الأحافير تتواجد معًا. وبمصطلحات حديثة، ما كان يراه ليس مجرد بقايا كائنات حية فردية، بل أيضًا أنظمة بيئية لكائنات حية عاشت معًا.
ما لم يجده ويليام سميث هو أحافير بشرية أو حيوانات زراعية، كما هو متوقع في عالم سكنه المزارعون منذ البداية. كما لم تكن هناك أحافير لحيوانات برية مألوفة في تلك المنطقة اليوم.
إن حقيقة أن الحيوانات الحديثة كانت غائبة عن هذه الطبقات، وأن أنظمة بيئية كاملة من الحيوانات غير المألوفة، والتي غالبًا ما تكون منقرضة، كانت موجودة هناك بدلاً من ذلك - في مجتمعات يمكن التنبؤ بها، وبترتيب يمكن التنبؤ به - هي دليل قوي، لأنها تنبؤية.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا توجد طريقة أخرى منطقية لتفسير هذه الظاهرة، ولا يمكن لأحد أن يقدم أي تنبؤات.
الأنواع الانتقالية
يتنبأ التطور بأنه مع تطور الأنواع، فإنها عادةً ما تتغير عبر أشكال وسيطة، لا أن تقفز فوق الفجوة لتصبح كائنات جديدة تمامًا. ومع تغيرها، ستقلّ تشابهها مع سلالتها القديمة تدريجيًا، حتى تصبح شيئًا جديدًا بوضوح.
يحب الناس تصنيف الأشياء. قد نضع السلالة القديمة في فئة، والكائنات الحية الجديدة في فئة أخرى. لكن الحياة ليست بهذه البساطة. ما يُخبرنا به التطور هو أنه مع تطور الكائن الحي، كانت كل خطوة على طول الطريق حية بذاتها، وتعمل بكفاءة كافية للبقاء والتكاثر. تُسمى الأنواع التي تقع بين الفئات التي أنشأناها بالأنواع الانتقالية transitional species.
كان انتقال بعض الفقاريات من الماء إلى اليابسة مثالاً على هذا الانتقال الدراماتيكي. وكذلك كان الانتقال من المشي إلى الطيران. ولكن في كلتا الحالتين، نجد بقايا أنواع ناجحة كانت في منتصف الطريق خلال هذه التحولات.
من أكثر الأمور الممتعة في التطور غرابة نتائجه. فالحيوانات التي لم يكن ليخلقها أي خالق عاقل، موجودةٌ بشكلٍ مثالي في عالمنا المتطور.
مرة أخرى، السبب هو أن التطور غير قادر على التخطيط طويل المدى. كل ما تفعله الكائنات الحية هو التعثر من جيل إلى جيل، وما دام عدد كافٍ منها يعيش للتكاثر، فإن النوع يستمر. لذا، يمكن أن تحدث تغييرات هائلة، لكنها تحدث بزيادات ضئيلة، مما يؤدي في النهاية إلى فوضى عارمة من الهياكل والأنظمة، بينما المصمم الجيد، الذي يعمل من الصفر، سيخلق شيئًا أبسط.
من أكبر المشاكل التي يواجهها الناس مع التطور أن نتائجه لا تبدو منطقية، وعقولنا تُحب المنطق. نريد تصنيفات مُرتبة. نُحب فرز الأشياء وتصنيفها مرة واحدة وإلى الأبد.
ولكن على الرغم من أننا نحب التصنيفات المنظمة، إلا أن العالم الطبيعي لا يهتم بها.
وهذا يقودني إلى سبب آخر يجعل العديد من الناس يجدون صعوبة في قبول التطور.
يبدو أن العديد من الحيوانات تندرج تمامًا ضمن فئة واحدة لدرجة أن الناس لا يستطيعون تخيّل وجودها في أي فئة أخرى. كما تبدو العديد من الحيوانات متكيفة تمامًا مع بيئاتها لدرجة أن الناس لا يستطيعون تخيّل نجاحها في العيش في أي فئة أخرى. لذا، فإن فكرة انتقال نوع ما ببطء من فئة إلى أخرى، ومن بيئة إلى أخرى، تبدو خاطئة. نتساءل كيف يمكن لنوع ما أن يبقى على قيد الحياة وهو ينتقل من كونه متكيفًا تمامًا ظاهريًا مع أسلوب حياة إلى شيء آخر. لماذا "يحاول" فعل ذلك؟ يبدو الأمر جنونيًا.
لهذا السبب، يُعد وجود الأنواع الانتقالية أمرًا بالغ الأهمية لفهم التطور. ومن الأمثلة على ذلك الديناصورات القديمة الطائرة ذات الريش والمناقير والأسنان، والتي أصبحت أحفادها الطيور الحديثة؛ والأسماك ذات الزعانف الرباعية الفصوص التي بدأت المشي؛ والتحول البطيء الذي نشهده في تطور الحصان الحديث.
التغيير بطيء، لكن الكائنات الحية لا تكترث إذا كانت تترك فئة بشرية محددة وتنتقل إلى أخرى. إنها ببساطة تعيش وتتكاثر بطريقتها الخاصة في وقتها. وهكذا، بدلاً من التكيف المثالي مع بيئة معينة، ما نراه في الواقع هو كائنات حية تتكيف جيدًا بما يكفي فقط لتجنب الموت قبل التكاثر في كثير من الأحيان. إذا كان ذلك يعني وجود أسنان "ديناصور" في منقار "طائر"، فإن الطبيعة لا تكترث. تذكروا - التطور غير قادر على التخطيط.
لذا دعونا نلقي نظرة على تلك الأمثلة الطريفة التي ذكرتها.
الأركيوبتركس Archaeopteryx، الديناصور الطائر ذو الأسنان والريش
تُظهر أحافير الأركيوبتركس المحفوظة جيدًا حيوانًا يُمثل مرحلة انتقالية واضحة بين الديناصورات الطائرة المفترسة الصغيرة والطيور الحديثة. كان له ريش وأجنحة وعظمة ترقوة (furcula فركولا) مثل الطيور. كما كان له مجموعة أسنان كاملة، وعظمة صدر مسطحة بدلًا من عظمة القص العميقة التي تتميز بها الطيور، وذيل عظمي طويل مثل الديناصورات (أو السحالي)، وعظام تشبه الأضلاع تُسمى gastralia "الغاستراليا" تطفو في عضلات البطن، مثل العديد من الديناصورات والتماسيح الحديثة. وباعتباره نوعًا انتقاليًا، يُصنف الأركيوبتركس من بين أهم الكائنات المكتشفة على الإطلاق.(هامش 46)
تيكتاليك Tiktaalik، السمكة القديمة التي كانت تمشي
قد تبدو فكرة خروج الأسماك من المحيط إلى اليابسة سخيفة للكثيرين. وهذا أيضًا مفهوم ساذج قديم، مفاده أن الكائنات الحية تنتقل فجأة من نوع إلى نوع مختلف تمامًا. ومع ذلك، حتى اليوم، لا تزال هناك أنواع عديدة من الأسماك التي تزور اليابسة من حين لآخر، وبعضها يقضي معظم حياته هناك. تستطيع أسماك الثعابين الأمريكية، وسمك الرئة، وسمك السلور الماشي قضاء وقتها على اليابسة. أما سمك النطاط الطيني، فيقضي معظم حياته على اليابسة، بل ويتسلق الأشجار. لذا، إجمالًا، لا تُعدّ قدرة الأسماك على "المشي" أمرًا مفاجئًا.
انتقلت سلالة من الأسماك القديمة ذات الزعانف الفصية بشكل كامل إلى اليابسة، وأصبحت أول الفقاريات التي عاشت على اليابسة. تيكتاليك هي أحفورة لإحدى تلك الأسماك القديمة التي شاركت في هذه العملية، وتتميز بخصائص الأسماك والحيوانات البرية. كان لها قشور وخياشيم كالسمك، ورأس مسطح كالتمساح، وعنق يسمح للرأس بالحركة كحيوان بري بدلاً من رأس صلب غير قابل للدوران كالسمكة. كان لها أربع زعانف - زعنفتان أماميتان وزعنفتان خلفيتان. ها هي بنية جسم رباعي الأرجل! تحتوي الزعانف، المواجهة للأرض، على عظام تتسع للسباحة، وعظام داخلية متينة بما يكفي لتمكين الحيوان من دعم وزنه في المياه الضحلة. تُظهر هذه الخصائص وغيرها أن التيكتاليك كان نوعًا انتقاليًا بين الأسماك السابحة وأحفادها الذين انتهى بهم الأمر إلى المشي كفقاريات رباعية الأرجل - المجموعة التي تشملك، وأنا، وزملائنا من الثدييات، والبرمائيات، والديناصورات، والسلاحف، والطيور.(هامش 47)
تطور الحصان
لدينا عينات ممتازة للعديد من مراحل تطور الخيول، بدءًا من حصان هايراكوثيريوم الصغير بحجم الكلب، الذي عاش قبل حوالي 55 مليون سنة. ومن خلال أوروهيبوس، وميسوهيبوس، وميوهيبوس، وباراهيبوس، وميريتشيبوس، وبليوهيبوس، ودينوهيبوس، يمكننا أن نرى التحولات التطورية البطيئة التي أدت إلى جنسنا الحديث المسمى إيكوس، والذي يشمل الحمير الوحشية والحمير والخيول المنزلية.
بتتبع التطور من خلال هذه العينات الأحفورية، نرى أسنانًا أصبحت ذات تاج أعلى تدريجيًا، وأرجلًا ووجوهًا أصبحت أطول، وأصابع أقدام تناقص عددها من أربعة في الخلف وثلاثة في الأمام إلى إصبع مركزي كبير مع إصبعين جانبيين أصغر، وصولًا إلى إصبع مركزي واحد (حافر) تراه لدى الخيول الحديثة. ومع ذلك، حتى الخيول الحديثة لا تزال تمتلك أصابع قدم أثرية صغيرة في العظام فوق حوافرها. في الواقع، تولد الخيول الحديثة أحيانًا بأصابع قدم "إضافية" بالإضافة إلى الحافر المركزي. تُسمى هذه الارتدادات الجينية العرضية بالارتدادات الوراثية.(هامش 48)
إن حقيقة أننا لا نرى شكلاً انتقالياً واحداً، بل أشكالاً عديدة من الخيول الأسلاف التي أدت إلى الخيول الحديثة، هي دليل صارخ على التطور.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
إذا افترضنا وجود إله أو أي كائن خلاق آخر هو من وضع هذا التسلسل لتطور الخيول، فلا بد من افتراض أن هذا الخالق هو من وضع جميع الأنواع الوسيطة خصيصًا بهدف القضاء عليها لاحقًا، لأنها غير موجودة الآن. ولا بد من افتراض أنها خُلقت واختفت بالترتيب الصحيح تمامًا، وبنفس تسلسل الزمن الجيولوجي الذي نراه في السجل الأحفوري. لكن قبول التطور يجعل تطور الخيول بسيطًا وواضحًا.(هوامش 49 و50 و51)
يتنبأ التطور، بالاقتران مع المعرفة الجينية الحديثة، بأن شفرتنا الجينية ستظل تحتفظ بالقدرة على صنع العديد من الهياكل القديمة، ولكن هذه القدرات سيتم قمعها وراثيًا في الأنواع الحديثة.
أحيانًا يحدث خلل وراثي، فتظهر سمة مكبوتة مجددًا. يُطلق على الارتداد atavism أحيانًا اسم throwback "الرجوع". والسبب في ذلك هو أنه مع تطور الأنواع، غالبًا ما يكون من الأسهل قمع السمة وراثيًا بدلًا من تعديلها مباشرةً من الحمض النووي كما يحدث عن طريق التعديل المتعمد. إذا فشل الكبح لسبب ما، فيمكن التعبير عن تلك الجينات. ولهذا السبب نرى أحيانًا دجاجة ذات أسنان، وخيولًا بأصابع إضافية، ونعم، بشرًا بذيول.(هامش 52)
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
إن الأفكار الأخرى [ذات التوجه الديني] حول الأصول البيولوجية لا يمكنها إلا أن تطلق على هؤلاء البشر والحيوانات اسم الوحوش التي لا يمكن تفسيرها.
أجزاء الجسم "المصممة" بشكل سيئ
يتنبأ التطور بأن العديد من الكائنات الحية ستمتلك هياكل ذات عيوب تصميمية واضحة. تذكروا أن المعيار الوحيد لنظام متطور هو "جيد بما يكفي لعدم التسبب في الموت قبل التكاثر في كثير من الأحيان". ستنشأ الهياكل التي تستوفي هذا المعيار المنخفض وتستمر في الوجود. هذا، بالطبع، لا ينبغي أن يحدث في كائن حي صممه خالق ذكي. لهذا السبب، تحتوي أجسام البشر على العديد من الهياكل التي تعمل بشكل سيء حتى عندما تكون في أفضل حالاتها.
خصية الرّجال
من الأمثلة الواضحة على ذلك خصيتا الرجل. تتدلى خارج الجسم في كيس جلدي يُسمى scrotum كيس الصفن. هذا يجعلها أكثر عرضة للخطر مما لو كانت داخل الجسم كسائر أعضائنا. تتدلى خصيتا الرجل خارج الجسم لأنها تحتاج إلى أن تكون أبرد قليلاً من درجة حرارة الجسم لإنتاج الحيوانات المنوية.
ومع ذلك، فإن العديد من الحيوانات ذوات الدم الحار الأخرى لا تحتاج إلى تبريد خصيتيها. تشمل الثدييات ذات الخصيتين الداخليتين الفيلة، ووحيد القرن، والكسلان، والوبر، والمدرع، والنضناض، وخلد الماء، وخراف البحر، والفقمات، والحيتان، والدلافين.(هامش 53) للطيور خصيتان داخليتان،(هامش 54) إلا أن درجة حرارة أجسامها أعلى من درجة حرارة أجسامنا. لذا، من الممكن أن توجد درجة حرارة أجسام دافئة مع خصيتين داخليتين، إلا أن البشر لديهم نظام رديء يُعرّض جزءًا أساسيًا من أجسامهم للخطر. لا يمكن تفسير هذا التصميم السيئ إلا بالتطور. هذا النظام المُشكل لا يقتلنا أو يمنع التكاثر بما يكفي لاستئصاله، لذا فهو لا يزال قائمًا.
الأنبوبان الموجودان في حلق الإنسان
يحتوي حلقك على أنبوبين: esophagus المريء للأكل وtrachea القصبة الهوائية للتنفس. ومع ذلك، يلتقيان ويتصلان في الرقبة. لذلك، أحيانًا يُستنشق الطعام في القصبة الهوائية ويعلق هناك. قد نختنق ونموت نتيجة لذلك.(هامش 55) لن يحدث هذا لو كان لدينا ببساطة أنابيب منفصلة للهواء والطعام. في الواقع، لدى الثدييات مثل الحيتان والدلافين هذا الترتيب، مما يُظهر أنه ممكن تمامًا.(هامش 56) إليكم حالة أخرى لعيب تصميمي واضح، قاتل أحيانًا، وغير ضروري على الإطلاق في البشر، يفشل في استيفاء المعايير المعقولة للمصمم الكفؤ. من ناحية أخرى، يُلبي هذا العيب معيار التطور المتدني: "جيد بما يكفي لعدم التسبب في الموت قبل التكاثر في كثير من الأحيان".
هناك العديد من العيوب "التصميمية" الأخرى التي يمكن تجنبها والتي توجد في جسم الإنسان وفي معظم الكائنات الحية الأخرى أيضًا.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
وتصر أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية على أن البشر وجميع المخلوقات الأخرى قد خلقها مصمم قوي وعالم بكل شيء إلى درجة أنه كان قادرًا على بناء الكون بأكمله وكل ما فيه، ومع ذلك فشلوا في مهام التصميم الأساسية البسيطة - فيما نعرفه الآن بالأنظمة المتطورة.
التعديلات الشريرة
التطور amoral غير-متعلق-بالأخلاق، أي أنه لا يكترث. ليس لديه عقل يهتم به. لذلك، يتنبأ بأنه لن يكون هناك مكان بيئي مقزز أو قاسٍ لدرجة أن كائنًا حيًا لن يشغله. إذا توفر الغذاء، أو الماء، أو المأوى، أو درجة الحرارة اللازمة بطريقة ما، فسوف يتطور كائن حي لاستغلاله.
بعض التكيفات مروعة للغاية لدرجة أن عملية التطور العمياء وغير المكترثة أخلاقيا هي وحدها التي لها معنى حقيقي. على سبيل المثال، هناك أكثر من 60 ألف نوع من الدبابير ichneumon النمسية.(هامش 57) تشل هذه الدبابير اليرقات، وتضع بيضها عليها، ثم تأكل اليرقات التي تفقس من البيض اليرقة المشلولة حية. كتب تشارلز داروين إلى عالم النبات Asa Gray آسا غراي عام 1860، "لا أستطيع إقناع نفسي بأن إلهًا كريمًا وقادرًا على كل شيء قد خلق عمدًا حيوانات النمس بقصد واضح وهو أن تتغذى داخل أجسام اليرقات الحية، أو أن تلعب القطة مع الفئران [قبل قتلها]".(هامش 58) ومن ديدان غينيا إلى البكتيريا آكلة الدماغ، الأمثلة لا حصر لها.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
على الرغم من أن الأفكار الأخرى حول الأصول البيولوجية تسمح بوجود الشر، إلا أنها لا تفترض وجود خالق شرير متعمد.
التوزيع الجغرافي الحيوي
لماذا يوجد الكنغر في أستراليا دون غيره؟ لماذا تختلف النباتات والحيوانات في المناطق ذات المناخ المتشابه؟ إذا كان خالقٌ خارقٌ للطبيعة قد خلق الحيوانات والنباتات لتتكيف مع بيئاتها، فلماذا نرى حيواناتٍ ونباتاتٍ مختلفةً تسكن أماكن ذات بيئات متشابهة، لكنها منفصلةٌ جغرافيًا؟
تُظهر الخرائط الدقيقة لأماكن تواجد الأنواع النباتية والحيوانية أن الأنهار والسلاسل الجبلية غالبًا ما تُشكّل حوافّ مناطق تواجد النباتات والحيوانات. فلماذا يحدث هذا، إذا كان المناخ مُشابهًا على الجانب الآخر من الجبال أو الأنهار؟
يتنبأ التطور بهذا، لأن التطور عشوائي، وليس موجهًا. والجواب هو أن الأنواع تنشأ وتتنوع أينما وُجد سلفها المشترك. ولهذا السبب، لا نجد نوعًا واحدًا من الكنغر في أستراليا، بل أربعة أنواع، ولا نجد أي نوع من الكنغر في أي مكان آخر.
يُطلق على هذا المجال الدراسي اسم الجغرافيا الحيوية، وقد كان محوريًا لكل من تشارلز داروين وألفريد راسل والاس في اكتشافهما المشترك للتطور عن طريق الانتقاء الطبيعي. ويُعتبر والاس، أكثر من داروين، الشخص الذي أدرك هذا المجال وطوّره.
إليك كيفية عملها: مع انتشار نوع ما، فإنه يستعمر مناطق جديدة قد تحتوي على تحديات جديدة. وهكذا، تبدأ التكيفات في ذلك الجزء من السكان. ومع ذلك، لا يمكن للنوع أن ينتشر إلا حيث يمكنه الوصول. على سبيل المثال، قد يكون النهر الواسع حاجزًا للحيوانات التي لا تستطيع السباحة أو الطيران لمسافات بعيدة. قد ينتشر هذا النوع بعيدًا على طول ضفة النهر، ولكن ليس إلى الجانب الآخر. ثم، إذا تم تقسيم نطاق هذا النوع المنتشر باستمرار، فلنقل عن طريق فيضان يُنشئ نهرًا جديدًا أو تحول تكتوني [طبقات تضاريس الأرض] يغمر جزءًا من الأرض، فإن السكان الكبير الواحد ينقسم إلى مجموعتين أو أكثر من السكان المنعزلين الأصغر حجمًا، ويتطور كل منهما من الآن فصاعدًا بمفرده.
التطور والجغرافيا الحيوية متداخلان لا ينفصمان. لفهم أحدهما، يجب فهم الآخر. لمعرفة أصل نوع ما، عليك معرفة تاريخه التطوري والتاريخ الجيولوجي للمنطقة التي عاش فيها.
كيف يُقارن هذا بالأفكار الأخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا تُشير الأفكار الأخرى حول الأصول البيولوجية إلى كيفية توزيع الأنواع حول العالم، ربما باستثناء أن كائنًا خارقًا وضع هذه الأنواع هناك، واستبدلها في أوقات مختلفة، ثم عاد ليضع أنواعًا مختلفة في أماكن مختلفة، بشكل مستمر وغير متوقع تمامًا. هذا الافتقار إلى أي أمل في التنبؤ بالعالم الطبيعي يعني أن هذه الأفكار لا تُصنّف علمًا، ولن يُضفي عليها أي قدر من الصبغة العلمية أي قيمة علمية.
التغيرات التطورية الملحوظة في الحيوانات اليوم
تتنبأ نظرية التطور بحدوث تغيرات انتقائية في الكائنات الحية حاليًا. كان ظهور البكتيريا التي تتغذى على نفايات مصانع النايلون بين عامي 1935 و1975 مثالًا على ذلك. ويتعلق سبب آخر بطول أجنحة الطيور.
أجنحة السنونو التي تبني أعشاشها فوق الطرق السريعة
طيور السنونو المنحدرة (Petrochelidon pyrrhonota) طيور بحجم العصفور، تبني أعشاشها الطينية بحجم الشمام تحت هياكل بارزة على واجهات المنحدرات. ولكن مع بدء بناء جسور الطرق السريعة، انتقلت طيور السنونو المنحدرة إليها مباشرةً. يمكنها بناء مئات الأعشاش بين عوارض جسر واحد. قبل ثلاثين عامًا، قُتل العديد من طيور السنونو التي تعشش على الطرق السريعة بسبب السيارات. ومع مرور السنين، انخفض عدد وفياتها بسبب السيارات القادمة بشكل كبير. لماذا؟ انخفض طول أجنحة هذه الطيور بشكل ملحوظ. تُمكّنها الأجنحة الأصغر من المناورة بسرعة أكبر، وبالتالي تجنّب السيارات بشكل أفضل. كانت الطيور ذات الأجنحة الأطول تُقتل بشكل أكثر تكرارًا. على مدى أجيال عديدة (30 عامًا تُعدّ جيلًا طويلًا لهذه الطيور)، تمكّنت الطيور ذات الأجنحة الأقصر قليلًا من البقاء على قيد الحياة والتكاثر بشكل أكبر، ونقل سماتها إلى الجيل التالي.
لا ينبغي اعتبار هذا حدثًا تطوريًا - فالطيور قصيرة الأجنحة التي تعيش في الأنفاق وأبناء عمومتها من الطيور الريفية طويلة الأجنحة ليست مختلفة تمامًا حتى الآن بحيث لا يمكنها التزاوج - ولكنه مثال جيد على الانتقاء الطبيعي الذي يعمل اليوم.(هوامش 59 و60 )
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
وتفترض أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية أن الأنواع لا تتغير، وأن جميع الكائنات الحية هي كما كانت دائمًا.
علم الوراثة المندلية
لم يتنبأ علم الأحياء التطوري مباشرةً باكتشافات Gregor Mendel غريغور مندل في علم الوراثة. لكنه يتنبأ بأن أي علم وراثة يجب أن يعمل بطريقة تسمح بحدوث التطور.
لم ينشر مندل، مؤسس علم الوراثة الحديث، نتائجه حول أسس الوراثة حتى عام 1866؛ أي بعد سبع سنوات من نشر داروين لكتابه "أصل الأنواع". وقد تم تجاهل أعمال مندل في الغالب لما يقرب من 40 عامًا. ولكن، بمجرد إعادة اكتشافها، اتضح أن علم الوراثة يوفر أدلةً هائلة على التطور، وأن الطفرة والانتقاء الطبيعي لهما معنى كآلية له. ومن المثير للاهتمام أنه على الرغم من أن داروين لم يكن يعرف علم الوراثة بالمعنى الحديث، إلا أن عمله في التطور تنبأ بأساسيات كيفية عمله. وقد ارتبط عمل داروين وعمل مندل ارتباطًا وثيقًا لدرجة أن اندماجهما أصبح يُعرف باسم "التوليف الحديث"(هامش 61) للتطور.
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا توجد أي فكرة أخرى حول الأصول البيولوجية تقدم أي تنبؤات حول الخصائص التي قد تمتلكها آلية الوراثة الجينية أو لا تمتلكها.
علاوة على ذلك، فإن التطور وحده يُفسر وجود 24 زوجًا من الكروموسومات لدى أقربائنا القردة العليا، بينما يُفسر وجود 23 زوجًا لدى البشر. ما سبب هذا الاختلاف؟ لأنه، كما اتضح، فإن أحد زوجَي الكروموسومات البشرية، تلك الموجودة في الموضع الثاني، هي في الواقع كروموسومات مُلتحمة. تحمل هذه الكروموسومات نفس المعلومات تقريبًا التي تحملها الكروموسومات الأصلية غير المُلتحمة، بل إنها تحتوي على بقايا نهايات الكروموسومات القديمة مدفونة (أثريًا) في نواتها. لا توجد أي فكرة "بديلة" عن الأصول البيولوجية تُقارب تناول هذه الأمور.(هامش 62)
التنبؤات في الطب
العديد من الاكتشافات الطبية هي نتيجة مباشرة لاستخدام تنبؤات التطور. وقد ساعد هذا الباحثين الطبيين على إيجاد علاجات جديدة للسرطان.(هامش 63) كما اكتُشف هرمون جديد يُثبط الشهية باستخدام تنبؤات قائمة على التطور عن طريق الانتقاء الطبيعي. قال الباحث: "لقد قادنا داروين إلى هذا الهرمون الجديد".(هامش 64)
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا توجد أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية تقدم أي تنبؤات مفيدة للبحث الطبي.
التنبؤات في مجالات العلوم الأخرى
الفيزياء
من الجوانب اللافتة لقوة نظرية التطور كعلم قدرتها على التنبؤ بمجالات علمية أخرى، بل وتصحيحها إن أخطأت. على سبيل المثال، صحّح كتاب "أصل الأنواع" لداروين مجال الفيزياء ووُجّه إلى الاتجاه الصحيح.
كان Lord Kelvin اللورد كلفن أبرز فيزيائي رياضي في عصر داروين. فقد حسب أقصى عمر للشمس (وبالتالي الأرض)، بناءً على افتراضات خاطئة حول سبب حرارة الشمس. كان العمر الذي حصل عليه أقصر بكثير من أن يُنتج التطور هذا التنوع الهائل في الأنواع على الأرض، لذلك قرر أن داروين مخطئ. لكن داروين لم يكن مخطئًا. كانت مشكلة كلفن أن الاندماج النووي لم يُكتشف بعد. في النهاية، تبيّن أن تقديرات كلفن الضئيلة للعمر خاطئة تمامًا، وأدرك الفيزيائيون أن الشمس والنجوم الأخرى لا بد أنها تعمل بمصدر طاقة خارق وغير معروف لم يُكتشف بعد.(هامش 65)
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا توجد أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية تقدم أي تنبؤات مفيدة في مجال الفيزياء.
الجيولوجيا
كان ألفريد راسل والاس، مكتشف التطور المشارك مع داروين، عالم أحياء ومستكشفًا قدم تنبؤات جريئة حول جيولوجيا المنطقة الواقعة بين جنوب شرق آسيا وأستراليا.
في عام 1856، أثناء وجوده في ذلك الجزء من العالم، سافر والاس من جزيرة بالي إلى جزيرة لومبوك. لا تفصل بينهما سوى 15،5 ميلًا. ومع ذلك، في لومبوك، وجد والاس حيوانات مختلفة تمامًا عن تلك الموجودة في بالي. في لومبوك، كانت هناك طيور الكوكاتو الأسترالية وطيور أسترالية تُسمى آكلات العسل. ولكن على الجانب الآخر من المضيق في بالي، وفي جزيرة بورنيو، وفي ماليزيا، رأى طيورًا آسيوية مثل نقار الخشب، وقلاع الفاكهة، والباربيت الشرقي. (الهوامش 66 و67)
مناخات هذه الجزر متشابهة جدًا، والجزر قريبة جدًا، ومع ذلك تختلف الحيوانات عليها. قال والاس: "إنها مختلفة جدًا لدرجة أن faunas حيوانات اليابان وبريطانيا العظمى كانت أكثر تشابهًا من حيوانات هاتين الجزيرتين!"(هامش 68)
لماذا كان الأمر كذلك؟ اكتشف والاس ذلك. اتضح أن جنوب شرق آسيا كان في السابق امتدادًا واحدًا من اليابسة يمتد حتى جزيرة بالي عندما كان مستوى سطح البحر منخفضًا خلال أحد العصور الجليدية. هذا يعني أن الأنواع الآسيوية كانت المجموعات الأولية لجميع الحيوانات التي عاشت على الجزر المتبقية من هذه الأرض بعد انتهاء العصر الجليدي وارتفاع مستوى سطح البحر مجددًا.
في تلك الأثناء، كانت أستراليا متصلة آنذاك بغينيا الجديدة. وهكذا، امتدت الحيوانات البرية الأسترالية حتى وصلت إلى غينيا الجديدة. شكّلت تلك القارة آنذاك نقطة انطلاق للأنواع التي جاءت لتسكن الجزر المجاورة. ومرة أخرى، مع ارتفاع منسوب مياه البحر، غُمرت أجزاء من قارة أستراليا وغينيا الجديدة. واليوم، تُسمى أجزاء هذه القارة السابقة المغمورة بالمياه جرف ساهول. أما الأجزاء التي لا تزال فوق الماء فهي أستراليا وغينيا الجديدة. ولا تزال هناك بعض بقايا تلك الجزر الساحلية أيضًا.
تُسمى الجزر (بما فيها Lombok لومبوك) الواقعة بين بالي وغينيا الجديدة الآن والاسيا، نسبةً إلى والاس. ويُطلق على الخط الفاصل بينها وبين الأجزاء السابقة من جنوب شرق آسيا (بما فيها بالي) اسم خط والاس.
هكذا تبيّن أن جزرًا تبعد 15.5 ميلًا فقط، ذات مناخات وتضاريس متشابهة للغاية، تعيش عليها حيوانات مختلفة تمامًا. تمكّن والاس من التعمق في الماضي الجيولوجي العميق لهذه المنطقة بأكملها، وقد فعل ذلك بمجرد النظر إلى علم الأحياء، ومعرفة أن التطور صحيح.(هامش 69)
كيف يقارن هذا مع أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية؟
لا توجد أفكار أخرى حول الأصول البيولوجية تقدم أي تنبؤات مفيدة لمجال الجيولوجيا.
الخلاصة
بحكم التعريف، العلم هو التعلم المستمر لأنه يعلم أنه لا يعرف كل شيء. لو كنا كذلك، لما أجرى أحدٌ المزيد من البحث العلمي. إن عدم معرفة الأمور هو سبب استيقاظ العلماء صباحًا! نريد أن نكتشف، ونعلم أننا غالبًا ما نستطيع ذلك، مع مرور الوقت.
كوسيلة لاكتشاف الحقائق المادية عن العالم المادي، للعلم سجلٌّ حافلٌ لا يُضاهى، والعالم المادي هو المكان الذي نعيش فيه. قد يفترض آخرون وجود عوالم أخرى، ولكن حتى الآن لا يوجد دليل سوى على أنها ليست إلا خيالا. يعمل العلم من خلال البحث الدقيق، والإيمان فقط بما يمكننا اكتشافه باستخدام حواسنا ومعداتنا التي تُعززها، ورفض التفسيرات الخارقة للطبيعة. هذا الأخير كان سيُوقف العلم في كل مرة.
على مدار 400 عام منذ اختراع العلم الحديث، حسّنت المعرفة المكتسبة من خلال هذا المنهج البحثي صحة البشرية وسلامتها وطول عمرها ورفاهيتها بشكل يفوق كل ما كان يحلم به أسلافنا. دعونا لا نفسد هذا الأمر!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هوامـــــــــــــش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“Zika Virus” Centers for Disease Control and Prevention ( https://www.cdc.gov/zika/about/overview.html
“The history of Zika virus” World Health Organization ( https://www.who.int/emergencies/zika-virus/timeline/en
Cynthia A. Moore, MD, PhD J. Erin Staples, MD, PhD William B. Dobyns, MD André Pessoa, MD Camila V. Ventura, MD Eduardo Borges da Fonseca, MD, PhD Erlane Marques Ribeiro, MD, PhD Liana O. Ventura, MD Norberto Nogueira Neto, MD J. Fernando Arena, MD, PhD Sonja A. Rasmussen, MD, MS Characterizing the Pattern of Anomalies in Congenital Zika Syndrome for Pediatric Clinicians JAMA Pediatr. 2017171(3):288-295. doi:10.1001/jamapediatrics.2016.3982, March 2017
(https://jamanetwork.com/journals/jamapediatrics/fullarticle/2579543
عن هذا المرض أنظر: Centers for Disease Control and Prevention (About HIV/AIDS
https://www.cdc.gov/hiv/basics/whatishiv.html
“The Global HIV/AIDS Epidemic” Henry J. Kaiser Family Foundation, July 25, 2018 https://www.kff.org/global-health-policy/fact-sheet/the-global-hivaids-epidemic
“Global HIV & AIDS statistics – 2018 fact sheet ”, UNAIDS http://www.unaids.org/en/resources/fact-sheet
Hamish McCallum “Disease and the dynamics of extinction” Philos Trans R Soc Lond B Biol Sci . 2012 Oct 19 367(1604): 2828–2839. doi: 10.1098/rstb.2012.0224 PMCID: PMC3427566 PMID: 22966138
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3427566/
“Wheat Blast” Plant Disease in the News http://www.pseudomonas-syringae.org/Outreach/EduOutreach-Vegevaders/EduOutreach-DiseaseInTheNews.html
Schumann, G.L., D’Arcy, C. J., and Ristaino, J. 2000. Late blight of potato and tomato. The Plant Health Instructor. Updated 2018. DOI: 10.1094/PHI-I-2000-0724-01
Elizabeth Pennisi “Crayfish create a new species of female ‘superclones’” Science, 2015, Aug. 26, 2015 , 1:00 PM https://www.sciencemag.org/news/2015/08/crayfish-create-new-species-female-superclones
C. Lee Ventola “The Antibiotic Resistance Crisis” Part 1: Causes and Threats, P T . 2015 Apr 40(4): 277–283. PMCID: PMC4378521 PMID: 25859123 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4378521/
“Gerhard Domagk—Biographical” The Nobel Prize
https://www.nobelprize.org/prizes/medicine/1939/domagk/biographical/
“Fungal Diseases--Antifungal Resistance” Centers for Disease Control and Prevention
https://www.cdc.gov/fungal/antifungal-resistance.html
Robert Douglas Sammons and Todd A Gaines “Glyphosate resistance: state of knowledge”Pest Manag Sci . 2014 Sep 70(9): 1367–1377. Published online 2014 Mar 12. doi: 10.1002/ps.3743
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4260172/
“Bacillus thuringiensis—Bt Crop Refuge Area” University of California at San Diego
http://www.bt.ucsd.edu/crop_refuge.html
Ann Gibbons “Bonobos Join Chimps as Closest Human Relatives” Science Jun. 13, 2012 , 1:30 PM https://www.sciencemag.org/news/2012/06/bonobos-join-chimps-closest-human-relatives
Dave Mosher “Gorillas More Related to People Than Thought, Genome Says” National Geographic News PUBLISHED March 8, 2012
https://news.nationalgeographic.com/news/2012/03/120306-gorilla-genome-apes- humans-evolution-science/
Joan U. Pontius , & James C. Mullikin , et al “Initial sequence and comparative analysis of the cat genome”Genome Res. 2007. 17: 1675-1689 doi: 10.1101/gr.6380007
https://genome.cshlp.org/content/17/11/1675.full
“Background on Comparative Genomic Analysis” December 2002 N ational Human Genome Research Institute https://www.genome.gov/10005835/
Pedersen AB , Davies TJ . “Cross-species pathogen transmission and disease emergence in primates.” Ecohealth. 2009 Dec6(4):496-508. doi: 10.1007/s10393-010-0284-3. Epub 2010 Mar 16.
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/20232229
Negoro S , Shinagawa H , Nakata A , Kinoshita S , Hatozaki T , Okada H . “Plasmid control of 6-
aminohexanoic acid cyclic dimer degradation enzymes of Flavobacterium sp. KI72.” J Bacteriol. 1980 Jul143(1):238-45. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/7400094
Shinichi Kinoshita , Sadao Kageyama , Kazuhiko Iba , Yasuhiro Yamada & Hirosuke Okada
“Utilization of a Cyclic Dimer and Linear Oligomers of εAminocaproic Acid by Achromobacter guttatus KI 72”Agricultural and Biological Chemistry Volume 39, 1975 - Issue 6 Pages 1219-1223 | Received 18 Nov 1974, Published online: 09 Sep 2014
Seiji Negoro, Hideo Shinagawa, Atsuo Nakata, Shinichi Kinoshita, Tomoya Hatozaki, And Hirosuke OKADA“Plasmid Control of 6-Aminohexanoic Acid Cyclic Dimer Degradation Enzymes of Flavobacterium sp. KI72”JOURNAL OF BACTERIOLOGY, July 1980, Vol. 143, No. 1 p. 238-245
Brian Switek “Ancie nt human ancestor had feet like an ape” NATURE | NEWS 28 March 2012 https://www.nature.com/news/ancient-human-ancestor-had-feet-like-an-ape-1.10342
Carl Zimmer, “The Erotic Endurance of Whale Hips,” National Geographic,
September 5, 2014. : https://www.nationalgeographic.com/science/article/the-erotic-endurance-of-whale-hips
“Cecum” Encyclopaedia Britannica https://www.britannica.com/science/cecum
Jerry Coyne “Is the appendix a vestigial organ??” Why Evolution is True
Jerry Coyne “A vestigial trait in humans: the arrector pili”
Why Evolution is True https://whyevolutionistrue.wordpress.com/2011/02/22/vestigial-trait-the-arrector-pili/
James Owen “How This Cave-Dwelling Fish Lost Its Eyes to Evolution”
National Geographic SEPTEMBER 11, 2015 https://news.nationalgeographic.com/2015/09/150911-blind-cavefishanimals-
science-vision-evolution/
“Vestigial Organs” American Museum of Natural History
https://www.amnh.org/exhibitions/darwin/evolution-today/how-do-we-know-living-things-are-related/vestigial-organs
“Vitamin C--Fact Sheet for Health Professionals” National Institutes of Health
https://ods.od.nih.gov/factsheets/VitaminC-HealthProfessional/
Yan Jiao , Jifei Zhang et al.“Differential gene expression between wild-type and Gulo -deficient mice supplied with vitamin C”Genet Mol Biol . 2011 Jul-Sep 34(3): 386–395. Published online 2011 Jul 1. PMCID: PMC3168176 PMID: 21931508 doi: 10.1590/S1415-47572011005000031
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3168176/
Ribatti D “A revisited concept: Contact inhibition of growth. From cell biology to malignancy.” Exp Cell Res. 2017 Oct 1359(1):17-19. doi: 10.1016/j.yexcr.2017.06.012. Epub 2017 Jun 20.
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/28642051
Haller JM , Iwanik M , Shen FH . “Clinically relevant anatomy of recurrent laryngeal nerve.”Spine (Phila Pa 1976). 2012 Jan 1537(2):97-100. doi: 10.1097/BRS.0b013e31821f3e86.
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/21540775
“Ductus deferens” Encyclopaedia Britannica https://www.britannica.com/science/ductus-deferens
“Homologous tetrapod limbs (5 of 6)” Understanding Evolution University of California at Berkeley https://evolution.berkeley.edu/evolibrary/search/imagedetail.php?id=393&topic_id%3D%26keywords%3D
“Pectoral Girdle and Appendage of the Turtle” http://campus.murraystate.edu/academic/faculty/tderting/anatomyatlas/turtappenskelamy-becky.html
“Homologous tetrapod limbs (5 of 6)” Understanding Evolution University of California at Berkeley
https://evolution.berkeley.edu/evolibrary/search/imagedetail.php?id=393&topic_id%3D%26keywords%3D
Ibid https://evolution.berkeley.edu/evolibrary/search/imagedetail.php?id=393&topic_id%3D%26keywords%3D
Thorington RW Jr , Darrow K . “Anatomy of the squirrel wrist: bones, ligaments, and muscles.” J Morphol. 2000 Nov246(2):85-102. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/11074577
“Tetrapod” George R. Zug Encyclopaedia Britannica https://www.britannica.com/animal/tetrapod-animal
Collin S. VanBuren , and Matthew Bonnan “Forearm Posture and Mobility in Quadrupedal Dinosaurs” PLoS One. 2013 8(9): e74842. Published online 2013 Sep 18. doi: 10.1371/journal.pone.0074842 PMCID: PMC3776758 PMID: 24058633 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3776758/
“Archaeopteryx : An Early Bird” University of California Museum of Paleontology (UCMP)
http://www.ucmp.berkeley.edu/diapsids/birds/archaeopteryx.html
“Mass Extinctions” National Geographic https://www.nationalgeographic.com/science/prehistoric-world/massextinction/
Michon Scott “William Smith (1769-1839)” May 8, 2008, https://earthobservatory.nasa.gov/features/WilliamSmith
“ Archaeopteryx : An Early Bird” University of California Museum of Paleontology (UCMP) http://www.ucmp.berkeley.edu/diapsids/birds/archaeopteryx.html
“What has the head of a crocodile and the gills of a fish?” May 2006, updates added in June 2009 and June 2010 Understanding Evolution University of California at Berkeley,
https://evolution.berkeley.edu/evolibrary/news/060501_tiktaalik
Adams, J. & Shaw, K. (2008) Atavism: embryology, development and evolution. Nature Education 1(1):131 https://www.nature.com/scitable/topicpage/atavism-embryology-development-and-evolution-843
“Horse Evolution Over 55 Million Years” Tufts University
http://chem.tufts.edu/science/evolution/horseevolution.htm
“ Hyracotherium had 4 toes on the front foot, and 3 toes on the hind foot.” University of Florida https://www.floridamuseum.ufl.edu/vertpaleo/fhc/hyraco4.htm
“On Your Toes” American Museum of Natural History
https://www.amnh.org/exhibitions/horse/the-evolution-of-horses/on-your-toes
Adams, J. & Shaw, K. (2008) Atavism: embryology, development and evolution. Nature Education 1(1):131, https://www.nature.com/scitable/topicpage/atavism-embryology-development-and-evolution-843
Werdelin, L, Nilsonne, A. Journal of Theoretical Biology 1999 Jan 7 196(1): 61-72
Jacquie Jacob Avian Reproductive System—Male eXtension—A Part of the Cooperative Extension System May 05, 2015, https://articles.extension.org/pages/65373/avian-reproductive-systemmale
Elaine N. Marieb Human Anatomy & Physiology , 6th Edition Benjamin Cummings May 2, 2003
Dziak, Bob & Haxel, J & Lau, T.-K & Heimlich, Sara & Caplan-Auerbach, Jacqueline & Mellinger, David & Matsumoto, Haru & Mate, B. “A pulsed-air model of blue whale B call vocalizations” Scientific Reports . 7. 10.1038/s41598-017-09423-7 2017
“Ichneumonidae” New World Encyclopedia, http://www.newworldencyclopedia.org/entry/Ichneumonidae
Darwin Correspondence Project, Letter no. 2814, accessed on 5 February 2019,
http://www.darwinproject.ac.uk/DCP-LETT-2814
] Meghan Rosen “Shorter-winged swallows evolve around highways.” Science News 12:48pm, March 18, 2013 Vol. 183 #8, April 20, 2013, p. 17 https://www.sciencenews.org/article/shorter-winged-swallows-evolve-aroundhighways
Mary Bomberger Brown and Charles R. Brown “ INTENSE NATURAL SELECTION ON MORPHOLOGY OF CLIFF SWALLOWS (PETROCHELIDON PYRRHONOTA) A DECADE LATER: DID THE POPULATION MOVE BETWEEN ADAPTIVE PEAKS?” The Auk 128(1):69, 2011 The American Ornithologists’ -union-, 2011.
“The Modern Synthesis: A Historical Approach” Science Education Resource Center, Carlton College https://serc.carleton.edu/introgeo/earthhistory/modsyn.html
Carl Zimmer “ The Mystery of the Missing Chromosome (With A Special Guest Appearance from Facebook Creationists) ” Discover July 19, 2012 12:13 pm http://blogs.discovermagazine.com/loom/2012/07/19/the-mystery-of-the-missing-chromosome-with-a-special-guestappearance-from-facebook-creationists/#.XE4ht817lOQ
L.M. Merlo et al., “Cancer as an Evolutionary and Ecological Process” Nature Reviews Cancer , 2006, 6(12), 924-35.)
“Stanford Scientists’ Discovery of Hormone Offers Hope for Obesity Drug” Stanford University School of Medicine, news release, November 10, 2005
S. Gavin, J. Conn, and S. P. Karrer “The Age of the Sun: Kelvin vs. Darwin”
http://rhig.physics.wayne.edu/~sean/sean/course_information_files/kelvinsunf.pdf
Penny van Oosterzee “Drawing the line at Bali”
http://www.abc.net.au/science/articles/2013/11/07/3885420.htm)
Jared Diamond “Mr. Wallace s Line” Discover magazine Friday, August 01, 1997
http://discovermagazine.com/1997/aug/mrwallacesline1198)
David Bressan “The Forgotten Naturalist: Alfred Russel Wallace” Scientific American, January 9, 2013 https://blogs.scientificamerican.com/history-of-geology/the-forgotten-naturalist-alfred-russel-wallace/
Penny van Oosterzee “Drawing the line at Bali”
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟