|
القسم 10: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس وآخرين ترجمة وتعليقات: سهيل أحمد بهجت
سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 8346 - 2025 / 5 / 18 - 23:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المقال 9- كيف ساعد كُتّاب العهد الجديد يسوع على تحقيق نبوءته(هامش 1) روبيرت جي ميلر يُعدّ الاعتقاد بتحقيق يسوع للنبوءة من أقدم معتقدات أتباعه. وكان هذا الاعتقاد بالغ الأهمية بالنسبة لهم لأنه مكّنهم من ربط الجديد (يسوع) بالقديم (كتب إسرائيل المقدسة). كان ربط هذه الأمور ضروريًا في زمن وثقافة كانتا تنظران إلى الكتابات المقدسة القديمة بإجلال، وإلى كل ما هو جديد في الدين بريبة. وهكذا، كان الإيمان بتحقيق النبوة وسيلةً مهمةً للمسيحيين الأوائل لتأكيد شرعيتهم الدينية. وهكذا، كوّن أتباع يسوع الأوائل هويةً لهم كشعب الله الجديد، ورثة وعود الله لإسرائيل. ويشهد العهد الجديد على تراكمٍ هائلٍ من النبوءات الواردة في الكتب المقدسة اليهودية، والتي آمن المسيحيون بأن يسوع مصداقٌ لها. استخدم المثقفون المسيحيون، منذ القرن الثاني فصاعدًا، تلك الأمثلة العديدة، وغيرها الكثير من عندهم، لبناء حُجة دفاعية تُفسَّر فيها هذه الإنجازات على أنها دليل على الأصل الإلهي لدينهم الجديد. كان الجميع على دراية بقصص عن شخصيات غير مسيحية حققت نبوءات نشأت خارج نطاق التقاليد اليهودية، لكن المدافعين عن المسيحية جادلوا بأن يسوع حقق نبوءات العهد القديم بأعدادٍ ودقةٍ كبيرتين، ما جعلها تُعتبر معجزة، وبالتالي دليلًا على حقيقة المسيحية الفريدة. هذه "الحجة المستندة إلى النبوة"، التي طورها علماء اللاهوت المسيحيون الأوائل بتفاصيل دقيقة وبتفصيل كبير،(هامش 2) لا تزال موجودة حتى اليوم بين المسيحيين الذين يسعون إلى إثبات صحة نسختهم من المسيحية. هذه العقلية معروضة بكثرة على الإنترنت. ما عليك سوى كتابة "300 نبوءة" (وهي عبارة شائعة بين المدافعين عن المسيحية) في محرك البحث، وستجد وفرة من المواقع التي تُجادل بأن احتمالات تحقيق يسوع لجميع النبوءات الثلاثمائة فلكية،(هامش 3) أي أنها معجزة. تُجادل هذه المقالة بأن هذه المعجزة تبدو كذلك فقط بفضل إبداع بعض الكُتّاب المسيحيين الأوائل الذين طوروا مجموعة من التفسيرات البارعة التي حوّلت نبوءات كتابية غامضة في كثير من الأحيان إلى (ما اعتقدوا أنها) تنبؤات واضحة عن يسوع وكنيستهم. تقتبس مقاطع عديدة في العهد الجديد نبوءةً من العهد القديم، ثم تشرح كيف تحققت هذه النبوءة في حياة يسوع، وهو أسلوبٌ يُظهر جليًا أن يسوع قد حقق العديد من النبوءات المتعلقة بمجيء المسيح. ومع ذلك، تُظهر بعض الدراسات النقدية الأولية أن الوضع أكثر تعقيدًا مما يصوره كُتّاب العهد الجديد. كل ما عليك فعله هو مقارنة اقتباسات العهد الجديد من النبوءات بأصولها في العهد القديم لرؤية الثغرات. على سبيل المثال: إن العلاقة بين النبوءة وتحقيقها المزعوم غالبًا ما تكون أقل وضوحًا، وأحيانًا تبدو بعيدة المنال؛ إن اقتباس النبوءة من قبل المؤلف المسيحي لا يتطابق دائمًا مع صياغة النبوءة كما تظهر في العهد القديم؛ حتى في الحالات التي يكون فيها الاقتباس دقيقًا، فإن معنى النبوة في سياقها في العهد القديم نادرًا ما يكون هو نفسه، وعادةً ما يكون مختلفًا تمامًا عن المعنى الذي تكتسبه في سياقها المسيحي الجديد. إن إدراك هذه التعقيدات يلفت انتباهنا إلى كيفية "مساعدة" الكتاب المسيحيين ليسوع في تحقيق النبوءة،(هامش 4) وهو ما فعلوه بطريقتين أساسيتين: (1) من خلال التلاعب الخفي أحيانًا والواضح أحيانًا أخرى بكتب العهد القديم بحيث تتوافق مع تحقيقاتها المقدمة في القصص عن يسوع، (2) من خلال التلاعب، أحيانًا خفيةً وأحيانًا أخرى صريحةً، بقصص يسوع لتتناسب مع نبوءات العهد القديم. (لا يسمح إيجاز هذا الفصل بتحليل العملية الثانية، ولكني ناقشتها باستفاضة في كتابي). إن التدقيق في كيفية عرض النصوص المسيحية لتحقق النبوة يُقدم أيضًا تفسيرًا لكيفية تحديد المسيحيين للمقاطع الكتابية العديدة التي يزعمون أن يسوع قد حققها. وتشير الأدلة إلى أن عملية ربط النبوات بأحداث في حياة يسوع كانت، في معظم الحالات، عملية retrospective استرجاعية. أي أن المسيحيين عملوا بشكل عكسي من أحداث قصة يسوع إلى النبوءات التي يُعتقد أن تلك الأحداث تحققها. ليس الأمر أن هناك قائمة قياسية تقريبًا للنبوءات التي كان من المفترض أن يحققها المسيح، وأن يسوع جاء وأتمها، وأن أتباعه آمنوا بأن يسوع هو المسيح لأنه حقق تلك النبوءات. بل إن العملية جرت عادةً في الاتجاه المعاكس: إذ استخدم أتباع يسوع، معتقدين أنه المسيح، قصة حياته لتوجيه بحثهم عن النبوءات التي حققها، من وجهة نظرهم. كيف ساعد كُتّاب العهد الجديد يسوع على تحقيق نبوءته في حدود هذا الفصل، سأحلل أربع طرق خاصة ساعد بها كُتّاب العهد الجديد يسوع على تحقيق نبوته: (1) ربط النبوءات بأحداث لا تحققها بأي طريقة واضحة، (2) اقتباس النبوءات خارج سياقها، (3) اختلاق النبوءات، و(4) إعادة كتابة (تعديل) النبوءات حتى يتمكن يسوع من تحقيقها. على الرغم من أن هذه التقنيات والعينة المحدودة من الأمثلة التي تم تحليلها في هذه المقالة ليست سوى جزء من قصة كيف ساعد الكُتّاب المسيحيون يسوع في تحقيق نبوءته، إلا أنها تقدم أدلة أكثر من كافية لإثبات أن "معجزة" النبوءة المتحققة هي من صنع براعة الكُتّاب المسيحيين. الاقترانات المحرجة بين النبوة والمِصداق يُعد إنجيل متى الأكثر اهتمامًا بتحقيق النبوة، ولذلك فإن معظم أمثلتي مستمدة من ذلك الإنجيل، الذي يحتوي على ستة عشر مشهدًا يقاطع فيها متى السرد ليستشهد بنبوة ويشير إلى تحققها فيه. ثمانية من هذه المشاهد مبنية على تفاصيل في قصص انتشرت قبل إنجيل متى، ولكن لا يوجد دليل على أن أحدًا غير متى لاحظ أن تلك التفاصيل تحقق النبوة.(هامش 5) من الجدير بالتساؤل لماذا لم يلاحظ الآخرون تحقق النبوءات في أيٍّ من تلك المشاهد الثمانية. ففي نهاية المطاف، يُوحي اهتمام متى الشديد بتحقيق النبوءات بأن الإشارة إليها كانت مهمةً أساسيةً لمن يروي قصة حياة يسوع. وما إن أصبح العهد الجديد إنجيلًا ثابتًا في المسيحية، حتى مهّدت مكانة متى، باعتباره الإنجيل المفضل، الطريق لما يتوقعه القراء في جميع الأناجيل، لا سيما وأن متى يُحمّل فصليه الأولين بخمسة مشاهد تحقق النبوءات. وهكذا، فإن الصفحات الافتتاحية للعهد الجديد زاخرة بالنبوءات. ويمكن للمسيحيين الذين يدرسون حياة يسوع، بدءًا من إنجيل متى، أن يكوّنوا انطباعًا بسهولة بأن يسوع قد حقق العديد من النبوءات، لدرجة أن تحقيقها كان واضحًا ليس فقط لتلاميذه، بل لكل من عرف الكتب المقدسة، وخاصةً للسلطات الدينية اليهودية. على عكس هذا الانطباع، كان متى الإنجيلي الوحيد الذي لاحظ تحقق النبوءات في تلك المشاهد الثمانية. ويبدو أن هذه الإنجازات لم تكن واضحة كما يصورها متى. لماذا؟ في خمس من هذه الحالات، فإن السبب الأكثر ترجيحًا لعدم قيام أي شخص آخر غير متى بتحديدها على أنها تحقق النبوءات هو أن النبوءات التي يقتبسها متى ليس لها صلة واضحة بالقصص التي يُزعم أنها تحققها. متى 1: 23 «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. (إشعياء 7: 14) وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ [هذه ترجمة تيكلا هيمانوت والنص العبري يحتمل امرأة شابّة بدل عذراء] تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». لا ينبغي أن نستغرب إن لم يعتقد أحد سوى متى أن يسوع قد حقق نبوءة أن عذراء [٤١٨] ستلد ولدًا يُدعى عمانوئيل. لم يكن عمانوئيل اسم يسوع فحسب، بل إن الأدلة قبل إنجيل لوقا لا تكفي لإثبات إيمان أي مسيحي بميلاد العذراء.(هامش 6) متى 4: 13-16 وَتَرَكَ النَّاصِرَةَ وَأَتَى فَسَكَنَ فِي كَفْرَنَاحُومَ الَّتِي عِنْدَ الْبَحْرِ فِي تُخُومِ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيمَ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَمِ. الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ». (إشعياء 9: 1) وَلكِنْ لاَ يَكُونُ ظَلاَمٌ لِلَّتِي عَلَيْهَا ضِيقٌ. كَمَا أَهَانَ الزَّمَانُ الأَوَلُ أَرْضَ زَبُولُونَ وَأَرْضَ نَفْتَالِي، يُكْرِمُ الأَخِيرُ طَرِيقَ الْبَحْرِ، عَبْرَ الأُرْدُنِّ، جَلِيلَ الأُمَمِ." من كان ليدرك أن انتقال يسوع إلى كفرناحوم قد حقق نبوءة مفادها أن الناس الذين عاشوا في جميع أنحاء شمال فلسطين قد رأوا نورًا عظيمًا؟ متى 8: 17 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا». (إشعياء 53: 4) لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا." لم يكن واضحًا بالتأكيد أن شفاء يسوع للمرضى وطرده الشياطين يعني أنه هو الذي "أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا". متى 12: 15-21 وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ». قارن مع (إشعياء 42: 1-4) «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ». من غير المنطقي، على أقل تقدير، أن يكون يسوع عندما أمر الذين شفاهم ألا يخبروا الآخرين عنه قد حقق بذلك النبوءة عن خادم الله الذي "لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ"، خاصة وأن يسوع كان كثيرًا ما يعلّم ويجادل خصومه علنًا، وربما بصوت عالٍ. متى 13: 35 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «سَأَفْتَحُ بِأَمْثَال فَمِي، وَأَنْطِقُ بِمَكْتُومَاتٍ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ». (مزمور 78: 2) "أَفْتَحُ بِمَثَل فَمِي. أُذِيعُ أَلْغَازًا مُنْذُ الْقِدَمِ." عندما يتحدث يسوع إلى الجموع بالأمثال فقط، من أجل الكشف عن الحقائق المخفية،(هامش 7) فمن المحير كيف يتمم آية من المزمور عن شخص يروي الأمثال من أجل شرح الحكمة التقليدية (انظر مز 78: 2-4)، خاصة وأن يسوع كان قد قرر في وقت سابق أن يروي الأمثال كوسيلة لإخفاء الحقيقة (متى 13: 10-15). تجدر الإشارة إلى حالة إضافية من التوافق غير الملائم بين النبوءة والحدث، وهذه المرة في قصة لا نجدها إلا في إنجيل متى. عندما اصطحب يوسف مريم وطفلهما إلى مصر هربًا من خطة هيرودس القاتلة، يخبرنا متى أن يسوع بذلك قد حقق النبوءة "من مصر دعوت ابني" (هوشع 11: 1) " لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي." لكن هذا مُربك لأن العائلة هربت إلى مصر (متى 2: 15). هناك مشاكل أخرى هنا. نصف الآية من هوشع الذي اقتبسه متى ليس تنبؤًا. إنه يشير إلى الخروج، وهو حدث وقع (بالأصل) منذ أكثر من خمسمائة عام في ماضي هوشع. علاوة على ذلك، في سفر الخروج، مصر هي مكان العبودية والموت، بينما في قصة متى، مصر هي مكان الأمان. كما يُحرّف متى ما يعنيه هوشع بوضوح بـ " دَعَوْتُ ابْنِي" (انظر أدناه). في كلٍّ من هذه الحالات المذكورة أعلاه، لا تتناسب النبوءة مع "تحقيقها" إلا بطريقة مبهمة أو غير مباشرة، متناقضةً أحيانًا مع ما ينقله متى في موضع آخر عن يسوع، ومتناقضةً أحيانًا أخرى مع معنى النبوءة في سياقها الخاص (انظر أدناه). يتطلب العديد من الروابط التي يربطها متى بين النبوءة والتحقيق خيالًا واسعًا. كان متى يُدرك تمامًا أنه كان يُفرّغ بعض نبوءاته لاستخدامات تتعارض مع معانيها الطبيعية، كما يتضح من الطرق الماهرة التي انتشلها بها من سياقاتها الأصلية. اقتباس خارج السياق هناك عدد من النبوءات التي حددها متى على أنها تحققت في روايته، مُقتبسة خارج سياقها بطرق تُشوّه معانيها الأصلية. لا أقصد بالسياق هنا السياق التاريخي، الذي يتجاهله متى دائمًا، كما يفعل جميع المؤلفين القدماء المهتمين بالمعاني الخفية للنبوءة. إنما أقصد هنا السياقات الأدبية المباشرة للأسطر التي يقتبسها متى. ماذا يحدث للمعاني التي يراها متى في هذه النبوءات عندما نأخذ في الاعتبار الأسطر التي تسبق أو تلي الأسطر التي يختارها متى للاقتباس؟ اكتشف بنفسك في هذا التحليل السريع لسبعة أمثلة. أولا: متى 1: 23 ينطبق على يسوع التنبؤ بأن "هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا." من إشعياء 7: 14. "وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»." يُضمّن متى السطر التالي حول تسمية الصبي عمانوئيل، فمع أن يسوع لم يُدعَ بهذا الاسم، إلا أن متى يعتقد أن يسوع يُحقق رمزيته. ومع ذلك، لا تنطبق الأسطر التالية من النبوءة (إشعياء 7: 15-16) زُبْدًا وَعَسَلًا يَأْكُلُ مَتَى عَرَفَ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ. لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ، تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا»" على يسوع. وينطبق الأمر نفسه على الآية التي تسبق الآية التي اقتبسها متى (إشعياء 7: 13) فَقَالَ: «اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ! هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلهِي أَيْضًا؟(هامش 8) لا يستطيع متى أن يقرأ يسوع في إشعياء 7: 14 إلا إذا عزله عن الآيات التي تسبقه وتليه مباشرة.(هامش 9) ثانيا: يربط متى 2: 13-15 بين "دعوتُ ابني من مصر" (هوشع 11: 1) وهروب العائلة إلى ذلك البلد وعودتها منه. يقتبس متى النصف الثاني فقط من هوشع 11: 1، ومن السهل فهم السبب. «لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي. كُلَّ مَا دَعَوْهُمْ ذَهَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ يَذْبَحُونَ لِلْبَعْلِيمِ، وَيُبَخِّرُونَ لِلتَّمَاثِيلِ الْمَنْحُوتَةِ. (هوشع 11: 1-2) يوضح هوشع 11: 1 أن كلمة " ابْنِي" في 11: 1 هي إشارة جماعية إلى إسرائيل. إن اقتباس الآية كاملةً سيُفسد ارتباطها بيسوع. وينطبق هذا بشكل مضاعف على الآية التالية. فهذه الآية لا تُشير إلى بني إسرائيل بصيغة الجمع فحسب، بل تتحدث أيضًا عن عبادتهم للأصنام. وهاتان الخاصيتان في هذه الآية تجعلان من المستحيل على متى أن يفهم منها دلالات يسوع. ثالثا: يؤكد متى 2: 16-18 أن شعر إرميا عن " هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ، بُكَاءٌ مُرٌّ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا، وَتَأْبَى أَنْ تَتَعَزَّى عَنْ أَوْلاَدِهَا لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ." (إرميا 31: 15) تحقق ذلك بمذبحة هيرودس للأطفال في بيت لحم. ومع ذلك، فإن الآيات التي تلي الآية 31: 15 مباشرةً تُعزي راحيل بوعدها بعودة أبنائها إليها (إرميا 31: 16-17) هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: امْنَعِي صَوْتَكِ عَنِ الْبُكَاءِ، وَعَيْنَيْكِ عَنِ الدُّمُوعِ، لأَنَّهُ يُوجَدُ جَزَاءٌ لِعَمَلِكِ، يَقُولُ الرَّبُّ. فَيَرْجِعُونَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ. وَيُوجَدُ رَجَاءٌ لآخِرَتِكِ، يَقُولُ الرَّبُّ. فَيَرْجعُ الأَبْنَاءُ إِلَى تُخُمِهِمْ. فلا عجب أن يختار متى الآية 31: 15 فقط. رابعا: متى (8: 17) لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا». يقتبس من إشعياء (53: 4) "لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا." الذي يراه متى متحققًا في شفاءات يسوع وطرد الأرواح الشريرة. ليس من الواضح كيف حقق يسوع ما اقتبسه متى، فهو ليس حتى نبوءة، ناهيك عن كونه نبوءة عن مسيح. علاوة على ذلك، فإن السياق الذي استقى منه متى هذا السطر يُفسد المعنى الذي يحاول إيصاله. في إشعياء "وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا" بالإضافة إلى السياق المباشر في الآيتين (53: 3-5) مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. ، يشير إلى أن الآية (53: 4آ) تعني أن خادم الله مريضٌ بأمراضٍ تُعدّ عقابًا على خطايا الآخرين. المعنى الذي يُعطيه متى للآية ٤أ لن يكون صحيحًا لو اقتبس الآية ٤ كاملةً. خامسا: في متى 26: 31 يقول يسوع لتلاميذه بعد العشاء الأخير أنهم جميعًا سيتخلون عنه، "حِينَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ." منقول من مرقس 14: 27 "وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ كُلَّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ الْخِرَافُ." مقتبسًا من زكريا 13:7 هذا السطر مُقتبس ببراعة خارج سياقه، ففي زكريا 7: 9-13 «اِسْتَيْقِظْ يَا سَيْفُ عَلَى رَاعِيَّ، وَعَلَى رَجُلِ رِفْقَتِي، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. اِضْرِبِ الرَّاعِيَ فَتَتَشَتَّتَ الْغَنَمُ، وَأَرُدُّ يَدِي عَلَى الصِّغَارِ. وَيَكُونُ فِي كُلِّ الأَرْضِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَنَّ ثُلْثَيْنِ مِنْهَا يُقْطَعَانِ وَيَمُوتَانِ، وَالثُّلْثَ يَبْقَى فِيهَا. وَأُدْخِلُ الثُّلْثَ فِي النَّارِ، وَأَمْحَصُهُمْ كَمَحْصِ الْفِضَّةِ، وَأَمْتَحِنُهُمُ امْتِحَانَ الذَّهَبِ. هُوَ يَدْعُو بِاسْمِي وَأَنَا أُجِيبُهُ. أَقُولُ: هُوَ شَعْبِي، وَهُوَ يَقُولُ: الرَّبُّ إِلهِي»(هامش 10) . إن الجملة تعبر عن عزم الله على معاقبة الراعي الذي لا قيمة له وقتل معظم خرافه،(هامش 11) وهو معنى يتناقض تمامًا مع المعنى الذي تعطيه الأناجيل. ليس متى، بأي حال من الأحوال، كاتب العهد الجديد الوحيد الذي أعاد صياغة النبوءات باقتباسها خارج سياقها. إليكم مثالين واضحين من إنجيل يوحنا، الذي كان كاتبه بنفس حكمة متى في اختيار أجزاء من النص الكتابي ليقتبسها. سادسا: يوحنا 2:17. عندما عطّل يسوع التجارة في الهيكل، روى يوحنا أن تلاميذه تذكروا آية من المزامير: "لأَنَّ غَيْرَةَ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي" (مز 69: 9). الآيات التي تلي هذه الآية مباشرة في المزمور 69 تتناقض مع تفسير يوحنا ليسوع لأنها تصف المتحدث في المزمور وهو يقوم بالتوبة العلنية عن خطاياه: "وَأَبْكَيْتُ بِصَوْمٍ نَفْسِي، فَصَارَ ذلِكَ عَارًا عَلَيَّ. جَعَلْتُ لِبَاسِي مِسْحًا، وَصِرْتُ لَهُمْ مَثَلًا." (مزمور 69: 10-11) سابعا: يوحنا 15: 25. وبينما يتأمل يسوع في الكراهية التي واجهها بين من أُرسل إليهم، يكشف أن عداوتهم "لكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلاَ سَبَبٍ." وتوجد هذه الشكوى في مزمورين (مز 69: 4 ومز 35: 19). ربما كان يوحنا يعلم ذلك، فدرسهما باحثًا عن آياتٍ تحققت في يسوع. ولكن، بما أن يوحنا يقتبس المزمور 69 سابقًا في إنجيله (2: 17)، ويشير إليه بوضوح لاحقًا (19: 29)، فمن المرجح أن يكون المزمور 69 هو المصدر لاقتباسه في يوحنا 15: 25. المزمور 69 هو دعاءٌ للخلاص والانتقام (انظر مزمور 69: 22-28)، ولكنه أيضًا تعبيرٌ عن الاعتراف والتوبة. الآية التالية مباشرةً بعد اقتباس يوحنا من مزمور 69: 4 تقول: "يَا اَللهُ أَنْتَ عَرَفْتَ حَمَاقَتِي، وَذُنُوبِي عَنْكَ لَمْ تَخْفَ" لم يكن على يوحنا أن يجد الجزء الصحيح من المزمور فحسب، بل كان عليه أيضًا أن يزيل هذا الجزء من سياقه حتى يجد تحقيقه الموثوق في يسوع. هذه الحالات السبع - وهناك المزيد في العهد الجديد - تقتبس من الكتب المقدسة بطريقة تستبعد عناصر أساسية في النبوءات تتعارض مع المعاني التي قرأها متى ويوحنا فيها أو تتعارض معها. تُظهر عملية الاقتباس المدروسة التي اتبعوها أنهم لا يقتبسون من الذاكرة، لأن اقتباساتهم الانتقائية هي مناورات نصية دقيقة. فقط لأن متى ويوحنا يستطيعان الرجوع إلى النصوص المكتوبة، يعرفان بالضبط أي الكلمات يجب تضمينها في اقتباساتهما، والأهم من ذلك، أي الكلمات يجب عدم تضمينها. يشير انتقائيتهما المتعمدة إلى أنهما كانا يدركان أن الأنبياء الذين اقتبسوا منهم لم يعتقدوا أنهم يتنبؤون عن يسوع. يعتقد الإنجيليون أنهم اكتشفوا المغزى الأعمق للنبوءات، والمعاني التي أخفاها الله حتى عن الأنبياء الذين نطقوا بها. اختلاق النبوءات الاقتباس الانتقائي هو إحدى التقنيات التي يستخدمها كُتّاب الأناجيل لتبني أقوال الأنبياء وتكييفها بما يُمكّن من تحقيقها في أناجيلهم. يُظهر تحليل الدقة التي استخرجوا بها عبارات كتابية قصيرة من سياقاتها أنهم كانوا يعرفون ما يجب أن تقوله نبوءاتهم، مما أرشد اختياراتهم الدقيقة لكيفية اقتباسهم من النصوص الكتابية. ومع ذلك، في ثلاث حالات غير عادية، اتخذ متى ويوحنا نهجًا أكثر جرأة بكتابة النبوءات بأنفسهم ونسبها إلى الأنبياء. أولا: متى 2: 23. "وَأَتَى [يوسف خطيب مريم] وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا»." ليست اقتباسًا من الكتاب المقدس، ومتى يعلم ذلك. يمكننا الجزم بأنه يعلم ذلك لأنه يعرض هذه النبوءة بشكل مختلف عن جميع الاقتباسات الأخرى في إنجيله، وذلك بطريقتين. أولاً، لم يقدمها كاقتباس، بل أدرجها في قصته بطريقة غير مباشرة، كإعادة صياغة [كما ترى أعلاه]. ثانيًا، ينسب متى المثل بشكل عام إلى "يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ"، وليس إلى "النبي" (كما في 2: 15، على سبيل المثال "وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني»") أو إلى نبي مسمى.(هامش 12) لا توجد نبوءة عن الناصرة في الكتب المقدسة؛ ولم يُذكر اسمها في أي مكان في العهد القديم. إما أن متى ابتكر هذه النبوءة من العدم، أو أنه استلهم فكرتها من آية أو آيات تُركز على كلمة تُذكره بكلمة "ناصري". إذا كان هذا هو الحال، فلا يسع العلماء إلا تخمين أي مقطع (مقاطع) كان يقصده متى.(هامش 13) سواء كان متى قد أنتج هذه التنبؤات من خلال إعادة صياغة بعض الآيات من الكتاب المقدس أو مباشرة من خياله، فهذا أمر لا يهم كثيرًا، لأن الحقيقة تبقى أنه لا يوجد نص كتابي [من الكتاب المقدّس العبري] يتنبأ بأي شيء عن الناصرة أو أحد سكانها. ثانيا: متى 27: 9-10. بعد أن حُكم على يسوع بالموت، انهار يهوذا ندما على خيانته لسيده [يسوع]، فألقى المال الذي أعطاه له الكهنة في الهيكل ثم انتحر. ثم يستخدم الكهنة المال لشراء مقبرة للأجانب (متى 27: 3-8). "حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ، نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ قَائِلًا: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!» فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. لِهذَا سُمِّيَ ذلِكَ الْحَقْلُ «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ." هذه النبوءة غريبة للغاية. فهي مبنية بشكل فضفاض على زكريا 11: 13" فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «أَلْقِهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ، الثَّمَنَ الْكَرِيمَ الَّذِي ثَمَّنُونِي بِهِ». فَأَخَذْتُ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَلْقَيْتُهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ فِي بَيْتِ الرَّبِّ." ومع ذلك، ومن الغريب أن متى ينسب هذه النبوءة إلى إرميا، الذي تُشير إليه النبوءة بشكل غير مباشر، والتي لم يقتبس منها متى أي عبارة.(هامش 14) تُظهر المقارنة التفصيلية بين النبوة الواردة في إنجيل متى ونص زكريا(هامش 15) أن النبوة المذكورة في متى 27: 9-10 ليست منسوخة ولا مُعاد صياغتها من أي نص كتابي. إنه تفسيرٌ من قِبَل متى، استنادًا إلى زكريا 11: 13، حيث اقتبس منه بعض الكلمات، وأعاد صياغة بعضها الآخر، وأضاف إليه بعضًا من أقواله. لكن الأهم من ذلك، أن الحدث المحوري الموصوف في النبوة، والفعل الذي يرويه متى تحقيقًا لها - شراء حقل من خزاف - لا يوجد لا في زكريا ولا في أي مكان آخر في العهد القديم. ثالثا: يوحنا 7: 37. يُقدّم إنجيل يوحنا مثالاً ثالثاً على نبوءة مُختلقة. قام يسوع وصاح قائلا: " وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلًا: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ." (يوحنا 7: 37-39) من الصعب تحديد ما إذا كان ينبغي تصنيف هذا على أنه تحقيقٌ للكتاب المقدس أم وعدٌ غامضٌ إلى حدٍ ما بتحقيق الكتاب المقدس. ومع ذلك، لا يوجد مثل هذا الاقتباس في العهد القديم ولا في أي نصٍّ قديمٍ موجود. حتى لو كان يوحنا يُعيد صياغة النص بدلًا من أن يقتبس، فلا توجد آيةٌ يستند إليها بوضوح؛ وأفضل ما يمكن للعلماء فعله هو اقتراح عبارةٍ في زكريا 14: 8 " وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ مِيَاهًا حَيَّةً تَخْرُجُ مِنْ أُورُشَلِيمَ نِصْفُهَا إِلَى الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ، وَنِصْفُهَا إِلَى الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ. فِي الصَّيْفِ وَفِي الْخَرِيفِ تَكُونُ." كاحتمالٍ. مختلقة؟ تتضمن الحالات الثلاث المذكورة أعلاه تنبؤاتٍ يصفها مؤلفو العهد الجديد بأنها كتابية، ولكن نظرًا لعدم وجود هذه التنبؤات فعليًا في الكتاب المقدس اليهودي، فقد وصفتها بأنها "مختلقة". في أحد الأمثلة، اقتباس متى لنبوءةٍ نُسبت خطأً إلى إرميا، يُمكن تقديم حجةٍ معقولةٍ حول كيفية بناء متى للنبوءة. في الحالتين الأخريين، لا يستطيع العلماء سوى تخمين أي مقطعٍ من الكتاب المقدس، إن وُجد، استخرجه مؤلف العهد الجديد كموادٍ خامٍ لاختلاقه. ومع ذلك، فمن الممكن أن يكون المؤلفون قد اقتبسوا من ذاكرتهم شيئًا اعتقدوا بصدق أنهم يعرفونه من الكتب المقدسة.(هامش 16) إذا كان الأمر كذلك، فقد كانوا مخطئين. في هذه الحالة، ستكون اختلاقاتهم غير واعية، ولكنها اختلاقات مع ذلك. من الممكن أيضًا أن يكون المؤلفان قد اقتبسا من نصٍّ مجهول لنا،(هامش 17) وفي هذه الحالة قد لا يبدو مصطلح "مُختلق" مُنصفًا. مع أن هذا الاحتمال لا يُمكن استبعاده مُسبقًا، إلا أنني مُتمسكٌّ بمصطلحاتي. إذا اقتبس متى أو يوحنا من نصوص غير موجودة، لكانوا قد فقدوا الآن أجزاءً من أسفار قانونية، أو أعمالًا اعتبرها متى أو يوحنا كتابية، لكنها لم تُقبل في الشريعة اليهودية أو المسيحية. الاحتمال الأول مجرد احتمال، إذ لا يدعمه أي دليل يُذكر. أما الاحتمال الثاني، فهو معقول نوعًا ما، نظرًا لوجود العديد من الكتابات الدينية القديمة المفقودة، ولوجود بعض الغموض في اليهودية والمسيحية الناشئتين بشأن الكتابات التي تُعتبر كتابية.(هامش 18) ينبغي استبعاد الاحتمال الأول لسبب بسيط، وهو أنه لا يمكن ترجيح فرضية لا يوجد عليها أي دليل على الإطلاق. أما الاحتمال الثاني، فيتركنا مع اقتباس من مصدر غير مُتحقق منه، لا يعتبره اليهود ولا المسيحيون كتابيًا. ويُعتبر اقتباس كهذا مُختلقًا، وإن لم يكن من قِبَل مؤلف من العهد الجديد. في النهاية، لا يُهم هذا الأمر حقًا، لأنه، بغض النظر عمّا يُسمى نبوءة كهذه، يبدو من غير اللائق، ولو لأسباب لاهوتية فقط، أن يعتبر المسيحيون تحقيق نبوءة غير موجودة غير كتابية معجزة. تحديث النبوءة بعد ذلك، سنحلل أربعة أمثلة من العهد الجديد على الممارسة الغريبة المتمثلة في إعادة صياغة النبوءات الكتابية بحيث تتطابق بشكل أوثق مع الظواهر التي يُزعم أنها تُحققها. أُطلق على هذه العملية تحديدًا اسم retrofitting "التحديث". يُشتق المصطلح من كلمة "هندسة"، ويُشير إلى عملية تُضاف فيها أو تُعدّل قطعة مبنية بالفعل بحيث تتمكن من أداء وظيفة لم تُصمم من أجلها في الأصل. على سبيل المثال، يُمكن تجديد منزل بُني في منتصف القرن العشرين بألواح شمسية لتحويله إلى الطاقة الشمسية. بتطبيقه على العهد الجديد، يُعدّ التجديد تشبيهًا مناسبًا لكيفية إعادة كتابة مقاطع العهد القديم التي لا تُناسب في حد ذاتها نبوءات عن يسوع، بحيث يسهل ربطها بالمعتقدات أو القصص المتعلقة بيسوع. أحيانًا تتضمن إعادة الكتابة هذه: . حذف أجزاء من نص العهد القديم من شأنها أن تُفسد العلاقة مع يسوع . تغيير الكلمات الرئيسية في المقطع أو إضافة كلمات جديدة . ربط أجزاء من نصين أو أكثر من النصوص المختلفة لإنتاج مقطع هجين تظهر بعض التعديلات قدرًا لا بأس به من التدخل النصي، في حين أن البعض الآخر يتطلب فقط القليل من إعادة الكتابة في المكان المناسب تمامًا. أولا: يسوع / عمانوئيل (متى 1: 23) ولعل المشهد الأكثر شيوعًا لتحقيق النبوءة في الكتاب المقدس هو المشهد الموجود في قصة عيد الميلاد حيث يظهر ملاك ليوسف في الحلم ويقول له، "وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ»." (متى 1: 20-21) ثم يضيف متى: " وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا." الفرق الواضح والمعروف بين اقتباس متى والأصل العبري (إشعياء 7: 14) هو أن نبوءة إشعياء تتعلق بامرأة شابة، بينما نسخة متى تتعلق بعذراء (أو على الأقل تُرجمت تقليديًا كما لو كانت كذلك).(هامش 19) لم يكن هذا التغيير في المفردات من صنع متى، بل وجده مُسبقًا في الترجمة السبعينية التي نقل عنها. لكن هذا الاختلاف لا يعنيني هنا.(هامش 20) بدلاً من ذلك، أود لفت الانتباه إلى ما قد يبدو فرقًا تافهًا: من سيُطلق على الطفل اسم عمانوئيل؟ قارن: (إشعياء في الترجمة السبعينية): "ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتسميه عمانوئيل." متى: "«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ»" وقد تكلم إشعياء بهذه النبوءة للملك آحاز (انظر إشعياء 7: 1)، وهو (الخطاب أنتَ موجه له) الذي سيسمي الصبي. غيّر متى ضمير "أنتم" إلى "هم". التغيير طفيف، أصغر في اليونانية منه في الإنجليزية، إذ يُمكن تغيير فاعل الفعل اليوناني بمجرد تغيير نهايته: "أنت تسمي" هي kaleseis؛ "هم يسمون" هي kalesousin علاوة على ذلك، فإن تغيير متى لا يؤثر على معنى النبوة. فلماذا عدّل فعل إشعياء؟ انظر ما قاله الملاك ليوسف: "وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ". بما أن يوسف فعل ما قاله له الملاك - " وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ" (متى 1: 25) - فإن قصة متى لا تُحقق هذه الجزئية من نبوة إشعياء: لم يُسمِّ يوسف الصبيَّ عمانوئيل. كان متى يعلم ما يجب فعله: إعادة كتابة إشعياء لتتحقق النبوة من خلال مناداة الآخرين («هم») ليسوع بهذا الاسم الغنيّ لاهوتيًا. ومن هم "هم"؟ تأملوا قصة متى. السابق النحوي لـ "هم" هو "شعبه" الذين "سيخلصهم من خطاياهم" فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21). إن تصميم متى النحوي هنا بارع، إذ يجعل جمهوره المسيحي -الذين ليسوا شخصيات في القصة- هم من سيشيرون إلى مخلصهم باسم [عمانوئيل] "الله معنا". وهكذا، يُجنّد متى جمهوره للقيام بدورهم في تحقيق النبوة. ثانيا: ولِ في بيت لحم (متى 2: 6) مثال آخر على تعديل متى للنبوءة يتعلق بادعائه أن ميلاد يسوع في بيت لحم يحقق هذه النبوءة: "وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ»" السطر الثاني من النبوءة، في صياغته الأصلية، يتناول بيت لحم باعتبارها "«أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ»" أضاف متى كلمة يونانية واحدة (oudamōs) تعني "لا على الإطلاق" أو "بأي حال من الأحوال" إلى بداية هذا السطر، مما يتناقض بشكل قاطع مع اعتراف ميخا بعدم أهمية بيت لحم. من وجهة نظر متى، يبدو أن يسوع قد غيّر مكانة بيت لحم. فرغم أنها كانت بلدة صغيرة ومتواضعة، إلا أنها أصبحت الآن مشهورة لأنها مسقط رأس المسيح. تعديل متى هنا مثير للاهتمام لأنه لم يكن ضروريًا. كانت النبوءة لتنجح بدون تعديل متى، ولكن مع الصياغة الجديدة، أصبحت أفضل. وفاة يهوذا (أعمال الرسل 1: 18-20) يُتيح لنا مثالٌ على التعديل من سفر أعمال الرسل فرصةً أخرى لنرى مدى دقة كُتّاب العهد الجديد في تكييف النبوءات لتتناسب مع قصصهم. في هذا المثال، يربط الكاتب بين اقتباسٍ من الكتاب المقدس وموت يهوذا وتأثيره على قطعة أرضٍ مُعينة. ولتوضيح أهمية النبوءة، يقدم المؤلف بعض المعلومات الأساسية حول كيفية موت يهوذا، مستندًا إلى قصة مختلفة تمامًا عن القصة الأكثر شهرة في إنجيل متى، والتي شنق فيها يهوذا نفسه (متى 27: 3-8). "فَإِنَّ هذَا اقْتَنَى حَقْلًا مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ، وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسْطِ، فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. وَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، حَتَّى دُعِيَ ذلِكَ الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ «حَقَلْ دَمَا» أَيْ: حَقْلَ دَمٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ." (أعمال الرسل 1: 18-20) الاقتباس مأخوذ من المزمور 69: 25، والذي يقرأ في العهد القديم على النحو التالي: "لِتَصِرْ دَارُهُمْ خَرَابًا، وَفِي خِيَامِهِمْ لاَ يَكُنْ سَاكِنٌ" وبما أن هذه الصيغة الأصلية لا تتناسب تمامًا مع قصة يهوذا، فقد قام المؤلف بتعديلها لتتناسب مع قصته من خلال مراجعتين دقيقتين: (1) استبدال عبارة "وَفِي خِيَامِهِمْ"، وهي تفصيلة من الواضح أنها لا تنطبق على يهوذا، بعبارة "فيها"، و(2) تغيير كلمة [هم في] "دَارُهُمْ" بصيغة الجمع، التي تشير إلى العديد من الأعداء، إلى صيغة المفرد "له" بحيث يمكن أن تشير إلى يهوذا كفرد. يُقدم هذا المثال دليلاً قوياً على أن التعديلات التي نلاحظها قد أُجريت عمداً. إن مراجعة التفاصيل التي تبدو ثانوية - في هذه الحالة، تحويل الأسماء والضمائر الجمع إلى مفردات - ليست تغييراً يحدث سهواً، كما قد يحدث لو اقتبس المؤلف من الكتاب المقدس من الذاكرة. التعديل هنا دقيق للغاية، ومن الواضح أنه نتيجة دراسة المؤلف الدقيقة، كلمة بكلمة، للنص المكتوب للمزمور. رابعا: رسالة بولس إلى أفسس 4: 7-11 "وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. لِذلِكَ يَقُولُ: «إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا». وَأَمَّا أَنَّهُ «صَعِدَ»، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلًا إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ. وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلًا، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ،" يقتبس كاتب رسالة أفسس (أو بالأحرى، يُعيد صياغة) الآية ٨ من الكتاب المقدس دعمًا لما يقوله في الآية 7. مُسلّمًا بأن ضمير المتكلم في الاقتباس يُشير إلى المسيح، يُوضّح الكاتب معنى ودلالة عبارة "صعد" (الآيتان 9-10). ثم يُشير إلى أن "المواهب" التي يُشير إليها الاقتباس هي مختلف المناصب ذات السلطة في الكنيسة المسيحية (الآية 11). الاقتباس في أفسس 4: 8 هو إعادة صياغة حرة للجزء الأول من مزمور 68: 18. إليكم مزمور 68: 17-18، مع الأسطر التي استخدمتها رسالة أفسس بخط مائل. " مَرْكَبَاتُ الرَّبِّ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى والرَّبُّ فِي وَسَطِهَا، فَصَارَ جَبَلُ صِهْيَوْنَ مُمَاثِلاً لِجَبَلِ سِينَاءَ فِي القَدَاسَةِ. يَصْعَدُ إِلَى الْعُلَى وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبَايَا كَثِيرِينَ؛ يُوَزِّعُ الْغَنَائِمَ عَلَى النَّاسِ وَحَتَّى عَلَى الَّذِينَ تَمَرَّدُوا قَبْلاً عَلَى مَقَرِّ سُكْنَاكَ، أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ." [استخدمت هنا ترجمة الرسالة الزرقاء BLB فهي أكثر دقة في هذا المقطع] يتخيل المزمور 68: 17-18 موكب يهوه المنتصر من سيناء إلى هيكله ("مقدسه") في أورشليم، حيث يتلقى الجزية من سكانه، حتى من أولئك الذين يعارضون وجوده بينهم. كان "الجبل العالي" في الأصل تعبيرًا حرفيًا عن الاعتقاد القديم جدًا بأن الآلهة عاشت على قمم الجبال العالية. أما في سياق المزمور 68، فإن "الجبل العالي" هو إشارة فخمة إلى التل المتواضع في أورشليم، جبل صهيون، الذي كان قائمًا عليه الهيكل. التحديث في السياق التاريخي تُسلّط الحالات الأربع/الخمس المذكورة أعلاه الضوء على طريقةٍ مُحدّدةٍ ساهم بها كُتّاب العهد الجديد في مساعدة يسوع على تحقيق نبوءته. فعندما تُفهم النبوءات المُقتبسة بكلماتها الخاصة، فإنها لا تتوافق بسهولة - أو لا تتوافق إطلاقًا - مع الأحداث أو الظروف التي يُزعم أنها تُحققها، ولذلك أعاد الكُتّاب المسيحيون كتابة النبوءات، مُكيّفين إياها مع تحقيقها. إن إعادة كتابة الكتاب المقدس بهذه الطريقة تبدو لنا اليوم جريئة. يمكننا أن نتسامح مع تفسير واعظ لنص كتابي يبدو لنا خياليًا، لأننا نستطيع رفض هذا التفسير باعتباره مجرد رأيه. لكن قلة من المعاصرين سيتسامحون إلى هذا الحد إذا غيّر واعظ نص الكتاب المقدس عمدًا ليُغير ما أراد قوله. ومع ذلك، غالبًا ما تكون الحساسيات الحديثة غير مفيدة عند السعي إلى فهم القدماء. عند تقييم المفسرين القدماء، علينا محاولة فهم تعاملهم مع النبوءات في سياقاتها التاريخية والدينية. وهنا من المهم إدراك أن أتباع يسوع لم يكونوا اليهود الوحيدين الذين زعموا أن نبوءات الكتاب المقدس قد تحققت في أحداث ماضيهم القريب. تُظهر دراسة تفسيرات الكتاب المقدس من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي أن المؤلفين اليهود استخدموا أساليب متعددة للتلاعب بأقوال الأنبياء لتتوافق مع ما ادعى المفسرون أن النبوءات قد تنبأت به. وهكذا ورث مؤلفو العهد الجديد مجموعة من الأساليب التفسيرية المستخدمة في مجموعة متنوعة من الكتابات اليهودية التي سعت إلى ربط النبوءات بأزمنة وأماكن جماهيرها.(هامش 21) وعندما تلاعب مؤلفو العهد الجديد بالنبوءات بهذه الطرق، كانوا يستخدمون أساليب تأويلية تقليدية في عصرهم. وكان علماء يهود آخرون في عصرهم سيتفاجؤون بتفسيرات المؤلفين المسيحيين، ولكن ليس بأساليبهم التفسيرية. ومن المهم إدراك ذلك لأنه يؤكد أن مؤلفي العهد الجديد كانوا يلعبون وفقًا لقواعد عصرهم، إن جاز التعبير. تداعيات إن شعور كُتّاب العهد الجديد بالحاجة إلى تغيير آيات العهد القديم يُظهر أمرين. (1) كان كُتّاب العهد الجديد مُدركين تمامًا أن العهد القديم، بكلماته الخاصة، لا يُنظر إليه غالبًا على أنه يتنبأ بيسوع. ويبدو أنهم استنتجوا أنه من غير المُرجّح أن يعتقد من يقرأ أو يسمع نص العهد القديم المعني أنه نبوءة عن يسوع. إن الصلة التي رآها مؤلف العهد الجديد بين العهد القديم ويسوع كانت واضحة على الرغم من الكلمات الفعلية للمقطع الأصلي، ولهذا السبب كان لا بد من تعديله. (٢) يُظهر التعديل النصي أيضًا أن "تدفق" الفهم في هذه الحالات هو من المعتقدات المسيحية حول يسوع إلى العهد القديم، وليس العكس. لقد فهم المؤلفون المسيحيون العهد القديم كما فهموه لأنهم آمنوا بيسوع بالفعل. وليس من المؤكد أنهم آمنوا بيسوع بسبب ما قرأوه في العهد القديم. لو كان الأمر كذلك، لما كانت هناك حاجة للتعديلات النصية. تكشف هذه التلاعبات النصية عن إحباط المؤلفين المسيحيين الذين كانوا يبحثون عن نبوءات عن يسوع، لكنهم وجدوا مقاطع لا تتناسب حقًا مع ما أرادوا إظهاره. إن إعادة صياغة النبوة دليل على أن الاعتقاد بأن يسوع قد حقق النبوة كان اعتقادًا رجعيًا. فقط بعد أن آمن أتباعه بأن يسوع هو المسيح الموعود، استنتجوا أنه قد حقق النبوة، لأن هذا ما كان من المفترض أن يفعله المسيح. عندها فقط، بدأوا يبحثون في كتابهم المقدس لاكتشاف أي نبوءات محددة قد حققها. لم يتمكنوا من العثور على يسوع في العهد القديم إلا لأنهم كانوا يعلمون مسبقًا أنهم سيجدونه هناك. وقد وجدوه بالفعل، غالبًا في نصوصٍ لم تبدُ للوهلة الأولى أنها تتحدث عنه. نادرًا ما تتضح المعاني التي نسبها أتباع يسوع إلى النبوءات عند دراستها في سياقاتها الخاصة في كتب الأنبياء. لكن المسيحيين لم يلجؤوا إلى تلك السياقات لإدراك معاني تلك النبوءات؛ بل تأملوا فيها في سياق إيمانهم الجديد بيسوع كونه المسيح. في الحالات التي قاومت فيها صياغة تلك النبوءات المعاني الجديدة التي وجدها المسيحيون فيها، كان من الممكن تعديلها وإعادة كتابتها لتبرز معانيها "الحقيقية" بشكل أوضح. استنتاج لقد فُهمت مجموعة شهادات العهد الجديد الرائعة على تحقيق يسوع لعدد كبير من النبوءات المحددة في التقليد المسيحي على أنها تُشكل دليلاً معجزاً على حقيقة المسيحية. قد يكون التعريف الدقيق للمعجزة أمرًا مُحيّرًا، لكن المفهوم الشائع للمعجزة في عصرنا ومكاننا يتضمن فكرة أن المعجزة شيء لا يمكن تفسيره كنتيجة لعمليات طبيعية أو مهارة بشرية. على سبيل المثال، عندما يضغط أحد مُحبي التقنية على بعض المفاتيح ويعيد النظام إلى الفوضى التي أحدثتها على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، يبدو الأمر لي بالتأكيد كمعجزة. لكنه ليس كذلك، لأنه على الرغم من أن كيفية عمل هذا السحر تتجاوز فهمي، إلا أننا نعلم أنه يمكن تفسيره من خلال القوانين الفيزيائية للإلكترونيات، وغموض البرمجة، وخبرة الفني. جادلت هذه المقالة بأن المعجزة الظاهرية لتحقيق يسوع لنبوءته يمكن تفسيرها كنتيجة للعمل الأدبي البارع للكُتّاب المسيحيين الأوائل. استخدم هؤلاء الكُتّاب عددًا من الأساليب التقليدية للتلاعب بمقاطع من الكتب المقدسة اليهودية، وقد حللنا أربعة منها أعلاه. استخدم كُتّاب العهد الجديد أولا: ربط النبوءات بأحداث لا تتحقق فيها بأي شكل واضح، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى خلق ارتباطات قد يعتبرها القراء الموضوعيون غير معقولة أو بعيدة المنال؛ ثانيا: اقتباس النبوءات خارج سياقها، وفي كثير من الأحيان بدقة جراحية، بحيث يمكن قراءة معاني جديدة فيها، وهي معاني لا يمكن أن تحملها هذه النبوءات في سياقاتها الأصلية؛ ثالثا: استشهد ببعض النبوءات الملفقة، وهي تنبؤات من المحتمل أن مؤلفي العهد الجديد قد ألفوها بأنفسهم أو ربما نسخوها من نصوص غير موجودة غير كتابية؛ رابعا: النبوءات المعدلة، وإعادة كتابتها بحيث تتوافق مع الأحداث المقدمة باعتبارها تحقيقًا لها. هذه الأساليب غير مقبولة اليوم. فربط النبوءات بتحقيقاتها المزعومة لن يكون مقنعًا، بل سيثير تساؤلات حول قوة أدلتك. والاقتباس خارج سياقه لنسب معانٍ لاقتباسات غريبة، وغالبًا ما تكون غير متوافقة، سيضرّ بمصداقيتك بشدة. كما أن اختلاق الاقتباسات أو إعادة صياغتها لجعلها تعني ما تريدها يُعدّ، بحق، خيانةً فكرية. وبالتالي، قد يُطرح السؤال عمّا إذا كان مؤلفو العهد الجديد يحاولون الخداع من خلال التلاعب بالكتاب المقدس بالطرق التي نراها. من الضروري هنا أن نضع في اعتبارنا ما شرحته في بضع فقرات أعلاه، وهو أن الأساليب النصية التي استخدمها كتّاب العهد الجديد لمساعدة يسوع على تحقيق نبوته كانت شائعة الاستخدام بين المثقفين اليهود القدماء. لطالما تساءلتُ عمّا إذا كان هؤلاء الكُتّاب، سواءً كانوا يهودًا أو مسيحيين، قد استخدموا تلك الأساليب بقصد خداع الجماهير غير المُلِمّة بالموضوع. الحقيقة الصادقة هي أننا لا نستطيع معرفة دوافعهم الداخلية. لكن يُمكننا القول - وفي هذا الصدد أريد أن أكون واضحًا تمامًا - إن الكُتّاب المسيحيين لم يكونوا ينتهكون ما نُسميه المعايير المهنية في عصرهم. كان ذلك في الماضي، وهذا هو الآن. إن أي حجة تُطرح اليوم، وتُثبت استخدام التقنيات التي استخدمها مؤلفو العهد الجديد للتلاعب بالنصوص، ستفشل في إقناع ذوي العقول المنفتحة. أي شخص يستخدم هذه التقنيات اليوم عن علم دون الكشف عنها بالكامل سيُحكم عليه بأنه غير أمين فكريًا. عندما نتعلم كيف يُؤدي الساحر خدعة، قد نُعجب بمهارته، لكننا سنرى أنه لم تحدث أي معجزة. وينطبق الأمر نفسه على الحجة القائلة بأن تحقيق يسوع للنبوءة كان معجزة. عندما نفهم كيف قدم مؤلفو العهد الجديد الأدلة الكتابية التي تعتمد عليها هذه الحجة، فقد نُعجب بمهارتهم الأدبية، لكننا سنرى المعجزة المزعومة على حقيقتها، تعبيرًا عن الإيمان الديني وليس دليلًا عليه. ــــــــــــــــــــــــــــــ هوامـــــــــــــــش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هذه المقالة مُقتبسة ومُعدّلة من كتاب روبرت ج. ميلر، Helping Jesus Fulfill Prophecy (Wipf & Stock, 2016) "مساعدة يسوع على تحقيق النبوءة" (Wipf & Stock، 2016). مُستخدمة بإذن. أنظر: Helping Jesus Fulfill Prophecy , 227–319. أنظر: Helping Jesus Fulfill Prophecy , 1–3 and 347–50. خلال زيارتي الأخيرة لمدرسة لاهوتية، سألني طالبٌ جادٌّ في إحدى المعاهد اللاهوتية، بعد أن رأى عنوان كتابي، بشغف: كيف يُمكن للمسيحيين اليوم مساعدة يسوع على تحقيق نبوءته؟ شعرتُ وكأنني Grinch at Christmas غرينش [مفسد فرحة] في عيد الميلاد، وأنا أشهد خيبة أمله المُربكة عندما شرحتُ له حقيقة الكتاب. خمسٌ من هذه الحالات تُناقَش أدناه مباشرةً. أما التفاصيل الثلاث الأخرى عن يسوع التي يراها متى وحده تحقيقًا لها فهي ولادته في بيت لحم (2: 6)، وإقامته في الناصرة (2: 23)، واستخدامه للأمثال (13: 10-15). أنظر: Miller, Born Divine , 207–8. يُناقض متى نفسه في هذه النقطة، إذ ليس صحيحًا أن يسوع علّم الجموع بالأمثال فقط. بل يُخبر متى أن يسوع علّمهم أشياءً كثيرة دون استخدام الأمثال. على سبيل المثال، الخطاب بأكمله في الإصحاح 23 مُوجّه إلى "الجموع والتلاميذ"، ولا شيء منه مُستخدمًا بالأمثال. كل اقتباسات الكتاب المقدّس هنا مأخوذة من ترجمة من موقع الأنبا تكلا هيمانوت https://st-takla.org/P-1_.html لتحليل لغوي وأدبي مفصل لإشعياء 7: 14 في سياقها الأصلي في إشعياء وإعادة استخدامها من قبل متى، انظر: Robert J. Miller, “The Wonder Baby: The Immanuel Prophecy in Isaiah and Matthew,” The Fourth R 28-2 (Mar-Apr, 2015). أضفت الاقتباسات لتسهيل فهم الموضوع. أنظر Helping Jesus Fulfill Prophecy , 159–61. يشير بولس (على سبيل المثال، في 1 كورنثوس 15: 3-4) إلى تحقيق "حَسَبَ الْكُتُبِ"، ويشير لوقا إلى تحقيق "ما تكلم به الأنبياء" (لوقا 24: 25-26 و44)، ولكن في هاتين الحالتين يشير المؤلفان إلى نبوءات متعددة، ولا يقتبسان أي فقرات. أنظر: Helping Jesus Fulfill Prophecy , 126–28 and/or Born Divine , 117–18 للتفاصيل. لا يوجد تفسير مقنع لهذا الإسناد الخاطئ، الذي حيّر العلماء منذ القرون الأولى للمسيحية. لاحظ بعض نُسّاخ إنجيل متى القدماء هذا الخطأ، فصحّحوا المرجع، مغيّرين إرميا إلى زكريا، أو (وهذا غريب) إلى إشعياء. دافع يوسيبيوس، عالم القرن الرابع، عن دقة إنجيل متى، مؤكدًا أن متى نفسه كتب "زكريا" وأن كاتبًا مهملًا هو المسؤول عن "إرميا"، أو أن النبوة كانت في الأصل ضمن مخطوطة إرميا، ولكن حُذفت على يد أحد الأشرار. لم يُقدّم يوسيبيوس أي دليل على أيٍّ من النظريتين، والثانية، بصراحة، لا تُصدّق. ما تُثبته محاولته الفاشلة لتبرئة متى هو أن يوسيبيوس لم يتمكن من تحديد أي نص في إرميا يُمكن أن تُعاد صياغته منه، ولو بشكل فضفاض. لم يُقدّم أي عالم منذ يوسيبيوس أداءً أفضل. أنظر: Helping Jesus Fulfill Prophecy , 129–31. قد ينطبق هذا على متى 5: 43: "سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ.". لا يذكر الكتاب المقدس في أي موضع: "تُبْغِضُ عَدُوَّكَ". ومن الأمثلة الحديثة على مقولة ينسبها الكثيرون خطأً إلى الكتاب المقدس: "الرب يساعد من يساعد نفسه". وقد يكون مثال آخر: "الرجل الذي لا يحمي عائلته أسوأ من الكافر"، وهو قول يستشهد به بعض المسيحيين المؤيدين للجمعية الوطنية للبنادق على أنه من الكتاب المقدس. لم أعثر على هذه المقولة أو جوهرها في أي مكان في الكتاب المقدس. من غير المرجح أن يكون هذا صحيحًا في متى 2: 23، لأن متى يقدم النبوة بطريقة غير مباشرة بدلاً من تقديمها باستخدام صيغة الاقتباس المعتادة. ومن الأمثلة على ذلك 1 كورنثوس 2: 9، الذي يشبه إلى حد كبير إنجيل توما 17. مرة أخرى، ولغرض المناقشة، أستخدم مصطلح "عذراء"، والذي أعتبره ترجمة خاطئة. انظر الملاحظة ٦ أعلاه. الترجمة السبعينية هي ترجمة يونانية قديمة للكتاب المقدس العبري، أُنتجت في مصر في أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن الثاني قبل الميلاد، وذلك لإتاحة النصوص المقدسة لليهود الناطقين باليونانية الذين لا يستطيعون قراءة العبرية. تختلف النسخة اليونانية في كثير من المواضع، أحيانًا بشكل طفيف، وأحيانًا بشكل كبير، عن النص العبري الباقي. تشير ترجمة إشعياء 7: 14 إلى والدة عمانوئيل بـ "almah" أي "فتاة". تُترجم هذه الكلمة في اليونانية بـ "parthenos"، والتي تعني عادةً فتاة لم تُرزق بمولودها الأول، ولكنها قد تعني في سياقات معينة "عذراء". للاطلاع على مناقشة شاملة لجميع القضايا الشيقة المتعلقة بتفسير كلٍّ من إشعياء 7: 14 ومتى 1: 23، انظر “The Wonder Baby” "الطفل العجيب" (ملاحظة 10 أعلاه). ص 65-105 في كتاب Helping Jesus Fulfill Prophecy "مساعدة يسوع على تحقيق النبوءة" لتحليل أمثلة من مخطوطات البحر الميت، والسبعينية، والترجوم (الترجمات اليونانية والآرامية للكتاب المقدس العبري)، وكتابات المؤرخ يوسيفوس.
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القسم 9: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 8: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 7: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 6: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 5: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 4: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 3: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 2: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
القسم 1: الحجّة ضد المعجزات تأليف واعداد: جون دبليو لوفتوس و
...
-
كتاب الحجة ضد المعجزات مترجم عن كتاب الكاتب الأمريكي جون ل ل
...
-
كتابة السيرة بين المسلمين والمستشرقين مع ملحق عن إخفاء المسل
...
-
تعقيب على مقال فيصل القاسم -هل تنتصر البشرية على شياطين الأر
...
-
تاريخٌ اليهودية مارتن غودمان (المدخل) (مترجم)
-
(مقال مترجم) التحدّي... على الرغم من الطعن شبه المميت - وعقو
...
-
رسول النجوم: رؤية كونيّة حولَ الحضارة للكاتب الأمريكي نيل دغ
...
-
ولادة محمّد –نبي الإسلام—بعد أبيه بسنوات
-
الحرب العالمية الثالثة –العراق—و تحليل دعبولي
-
تأمّلات في الإِسْلام و القرآن القسم الثاني في بحث دونية المر
...
-
العراق ... دور المرجعية الشيعية في مائة عام من الفشل
-
هل هناك نسويات إسلاميات؟ مغالطات في غرف النسوية على كلبهاوس
المزيد.....
-
وزير الخارجية الإيراني: لا مكان للأسلحة النووية في عقيدتنا ا
...
-
ايس كريم ايس كريم .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على ال
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على نايل س
...
-
أحلى أناشيد وأحسن تعليم.. استقبل الآن تردد طيور الجنة الجديد
...
-
زيلينسكي بعد اجتماعات في الفاتيكان: نريد وقفًا فوريًا لإطلاق
...
-
-صورة نادرة لا تحدث كل يوم-.. جدل بعد لقطة جمعت رئيس لبنان و
...
-
حدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات وطريقة ت
...
-
“بأعلى جودة سلي أطفالك” ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد
...
-
قداس التنصيب .. البابا الجديد ليو يدعو لوحدة الكنيسة
-
بزشكيان: المسلمون ملزمون بمواجهة الظلم والجور والدفاع عن الم
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|