أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محفوظ بجاوي - لماذا أنا متشائم؟














المزيد.....

لماذا أنا متشائم؟


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 09:58
المحور: سيرة ذاتية
    


تأملات في تربية العقل وسط صخب الحياة

ما سرُّ هذا العبوس الذي يلوّن أفكاري؟ من أين تسلّل هذا الظل الثقيل الذي يُلقي بظلاله على رؤيتي للأشياء؟ أهو من البيئة التي نشأت فيها، أم من المراجع الفكرية التي تشرّبتها عبر سنوات التكوين؟
لعلّ الإجابة ليست واحدة، بل هي توليفة دقيقة من تلك العوامل مجتمعة، إذ إن الإنسان لا يُولد متشائمًا، لكن الحياة، بتجاربها وتقلباتها، تُعيد تشكيل نظرته حتى يغدو التشاؤم بالنسبة له ليس موقفًا، بل بديهة.
في حضن تربيةٍ شاقة وتعليمٍ أجوف
نشأتُ في بيئة لم تكن مهيّأة للأحلام، ولم تُجبل على الفرح الساذج، ولا على التفاؤل المفرط. كانت الأرض صلبة، والسماء بعيدة، وكان عليَّ أن أتعلم مبكرًا كيف أواجه، لا كيف أرجو. الطفولة التي خُيّلت للآخرين مرحةً ومليئة بالاكتشاف، كانت لي مساحة للمواجهة والاحتمال. ومن ثم، فإن بذور التشاؤم لم تكن زراعة لاحقة، بل تراكمًا أوليًا.
أما التعليم، فقد كان تعليميًا في بُعده العقلي، لكنه جافٌّ في إنسانيته. علّمني كيف أفكّر، لكنه لم يعلّمني كيف أعيش. جعلني أبحث عن المعنى، دون أن يمدّني بأدوات الأمل.
شوبنهاور… حين يتحوّل الفكر إلى قَدَر
أدركت لاحقًا أن الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور كان أكثر من مجرّد قارئ للحياة. لقد منحني مفاتيح لفهم ذلك الأسى الذي كنت أشعر به، فجاءت فلسفته كمرآة داخلية لصوتي الصامت.
في عالمه، الحياة ليست سوى سلسلة متّصلة من المعاناة، والوجود لا يُحتمل إلا بالتسامي عنه، أو بالموت كخلاص نهائي. وجدت في كلماته أرضًا مألوفة، فارتويت منها لا رغبةً، بل لأنها بدت لي منطقية وسط ضجيج الأوهام البشرية.
ومن هنا، بدأ التشاؤم يتحوّل من موقف إلى فلسفة، ومن شعور إلى منظور ثابت يُعيد ترتيب كل ما أراه.
عقلية عسكرية... واستعداد دائم للأسوأ
ثمّة بُعد آخر لتشاؤمي، يتمثّل في خلفيتي ذات النَّفَس العسكري. العقل المُدرّب على الانضباط، على توقع الهجوم، وعلى التخفّي في وجه الخسارة، لا يرى الحياة إلا كميدان حرب مستمر.
في هذا الميدان، لا انتصار دون ثمن، ولا مكسب إلا على حساب شيءٍ ثمين. فحتى لحظات الهدوء تبدو مشبوهة، كاستراحة مقاتل لا يثق في السلام. ومن هنا، صار من الطبيعي أن أستشعر الخذلان أكثر من الأمل، وأن أرى في كل فرصة مشروع خسارة محتملة.
وأخيرًا... رؤية شخصية للعالم
لا أزعم أنني عدوٌّ للأمل، لكنني لا أراهن عليه. لا أنكر أن للحياة أوقاتًا طيبة، لكنها غالبًا ما تأتي متأخرة، وقد فقدت معناها حين يحلّ أوانها.
أنا لست من المتفائلين، ليس لأنني أرغب في الحزن، بل لأن تجربتي، وتربيتي، وقراءاتي، كلها دفعتني إلى أن أكون متحفّظًا تجاه الوعود، حذرًا من المستقبل. إنني أسكن في منطقة بين النور والظل، أعرف ما تعنيه الخسارة، وأتساءل دومًا إن كانت السعادة مجرّد صدفة، لا قاعدة.
لكن، وسط هذا كله، يظلّ في القلب بُرهة انتظار: أن تكون الحياة أكثر إنصافًا مما تبدو عليه. لا زلت أبحث عن الإجابات، وإن كنتُ أدرك أن الأسئلة أكثر خلودًا.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل المتهم... والدجل المحصَّن
- في المرآة لا أحد
- لم أُخلق لأربح بل لأصمد: قصة تشاؤم بلا هزيمة
- غريب بين وطنين
- ركضت طويلا، فوجدت نفسي في النهاية: الحسرات تطاردني، والزمن ل ...
- التعليم الرديء يصنع دولة فاشلة : حين تصعد الرداءة من القسم إ ...
- لأنني محفوظ بكم
- حين يصمت الوعي، ويتجمد الموقف....الحياد يصبح خيانة ناعمة!
- جيل يواجه المجهول : لا تُكرّروا خيانة العقول _أمة تطفيء مصاب ...
- من المعلم إلى الواعظ: كيف فقدت المدرسة الجزائرية رسالتها الت ...
- الأنتماء اللامشروط وخيانة الوطن : حين يصبح الوطن محطة لا أصل ...
- الدبلوماسية الجزائرية بين الأمس واليوم : من الاتزان إلى الار ...
- من الذاكرة : قصتي مع أمي وأبي
- العقيدة الموروثة : حين يصبح الإيمان قيدًا بدلًا من أن يكون و ...
- من ذاكرتي : عندما لا تغادرنا الأوجاع
- هواري بومدين وصناعة الرموز : حين يصبح التاريخ أداة للشرعية ا ...
- رغم إنك كبير يا وطني....
- أحمد أويحيى: رجل الدولة الذي خسرته الجزائر
- الركود الفكري في الجزائر: تحديات المجتمع في عصر الجمود
- الدولة المؤمنة... واستنزاف الجيوب باسم العقيدة


المزيد.....




- -تهديداته عار ولن نتراجع بأي حال-.. رد من خامنئي وبزشكيان عل ...
- -حتى لو طبعت جميع الدول العربية مع إسرائيل-.. تصريحات السيسي ...
- وزير خارجية العراق: جامعة الدول العربية تدرس دعوة بوتين للقم ...
- الموت يحاصر الفلسطينيين في غزة.. الغارات تستهدف مخيمات ومبان ...
- موديز تخفّض التصنيف الائتماني لواشنطن على وقع تصاعد الدين ال ...
- قوات الأمن السورية تداهم أوكارا لتنظيم داعش في حلب
- قمة العرب ببغداد.. وارتدادات جولة ترامب
- مصر.. جريمة أسرية مروعة تهز سكان القاهرة
- مصادر طبية فلسطينية: 74 قتيلا في غارات إسرائيلية على قطاع غز ...
- الحوثيون يعلنون استئناف العمل في مطار صنعاء بعد توقفه بسبب ا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محفوظ بجاوي - لماذا أنا متشائم؟