أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - أميرةُ -الحَضَرِ- تبحثُ عن بَطنِ الحوتِ!














المزيد.....

أميرةُ -الحَضَرِ- تبحثُ عن بَطنِ الحوتِ!


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 1769 - 2006 / 12 / 19 - 07:42
المحور: الادب والفن
    


نَهضت "أترعتا"(1) من أطلالِ"الحَضَِر"(2) المُحتلةِ..
تَنفُضُ أكفانَ مدينتِها من أدرانِ السلفِ الطالحِ..
تسألُ عبثاً عن إخوتِها..
.................أسرى بسجونِ المُحتلينَ..
دَخلت بعد قرونٍ بابَ "الزوراءِ"(3) المُشْرَعِ للشامِ..
قُبَيْلَ مرورِ الدباباتِ بفجرِ الجمعةِ..
سألَتْ ثُلَّةَ "ولدانٍ" سُمرٍ _ دونَ خُلودٍ _ في بَوابةِ قَصرِ "المنصورِ":
مَنْ مِنكُمْ يُرشِدُني لحبيسٍ في "دارِ الحكمةِ"؟ (4)
هَبَّ صَبيٌّ فيهم يَلبسُ قفطاناً اسودَ..
أمْسَكَ يَدَها..
وتَقَدَمَ دونَ كلامٍ لـشريعةِ "بيت النواب"(5)..
صَعَدا الزَورَقَ..
جاءَتْ حُوتٌ يَصحبُها شَبَحٌ من لونِ بَريقِ الشَمسِ..
يَحمِلُ في يُمناهُ كتابٌ اخضرَ..
هَمسَ الحوتُ بأذنِ الولدِ الأسمرِ ..
جَحَظَتْ عيناهُ ..
وتَمْتَمَ في وجلٍ قاطع:
إنّا لا نَعْرِفُهُ..
صَفَقَ المِجذافَ بوجهِ المَوجِ ..وأسرى..
أومأ لفتاةِ"الحَضَرِ" المحزونةِ ..
أن تَخفي وَجْهاً كطلوعِ البَدرِ..
وحَدَّقَ للحوتِ المُتَواري في أعماقِ الموجِ..
وأفصَحَ:
يسألُ عن يونس ليعيدوهُ إلى بطنِ الحوتِ..
خِشْيَةَ أن تَقتِلُهُ السياراتُ الملغومةِ..
أو يخطِفُهُ "وكلاءُ الله" المنتشرينَ بأسواقِ الفقراءِ..
دَخلتْ قصرِ "المنصورِ" الباذِخِ وقتَ صلاةِ الظُهرِ..
تشكو أفعالَ المُحتلينَ الـ حرقوا "عَرَبايا".(6)
لَمَحتْ كومَ رؤوسٍ مقطوعة في أرجاءِ المجلسِ..
سَقطَ الولدُ الأسمرُ مفزوعاً بجوارِ الرأسِ الأشْيَبِ..
يَنشجُ:
................. يـ......ـا أبتي..
فاضَت طوفانُ أمومة..
حَمَلَتْ أحزانَ الولدِ المَهزولِ وآهاتَ الرأسِ المقطوعِ..
وأمْضَت بِضعَ عقودٍ تبحثُ عن قبرٍ تُؤْويهِم..
مَسَّتْ قَدَميها أكوامُ الكُتُبِ المحروقةِ في طُرُقاتِ المُدنِ المنهوبةِ.
وضَعَتْ حِملاً كان ثقيلاً..
رَصَفتْ جَسدَ الولدِ المهزولِ وأكوامَ الكُتبِ المحروقةِ والرأسِ المقطوعِ جوارَ النخلةِ..
حَفَّتْ قِذلَتَها قَدَمٌ تتدلى من تاجِ النَخلةِ..
أوصَتْ صاحبَها المُتَدَلي دونَ كفوفٍ من جذعِ النَخلةِ:
إنَّ الكتبَ المحروقةَ والرأسَ المقطوعِ ورفيقَ الدربِ.."وديعة"..
حتى يأذنَ رَبُّ الموتِ بميعادِ الدَفنِ..
قَطَعَتْ كُلَّ دروبِ الظُلمَةِ تَسالُ عن "بيتِ الحكمةِ"..
أوقَفَها قُطّاعُ الطرقِ المحترفينَ بعُنفٍ في نفقِ البابِ الشَرقيِّ..
خَلَعَتْ نَعْلَيها للتفتيشِ الفائقِ..
قالَتْ لكبيرِ القَتَلةِ:
إنّي من قومٍ نَقطِنُ فوقَ أديمِ الغَيمِ..
لا نَهبِطُ إلاّ ومواسمَ خيرٍ تَغمرُ كُلَّ الآفاقِ..
رُكِلَتْ..
زُجَّتْ في قفصٍ وذئابٍ جَوْعا..
ألقَتْ جَسداً كالشفقِ البازغِ في ليلةِ بَرْدٍ لمخالب مجهولةٍ..
لكِنَّ غنائمَ صيدِ المُحترفينَ تَجاوَزَ أنيابَ المُفتَرسين ..
انْسَلَّتْ من بينَ صريخٍ المُفتَرِسينَ وأنيابِ المُفتَرَسينَ..
وطافَتْ كالريحِ بأحياءِ الفُقَراءِ..
بصمتٍ صوبَ أنينِ النَخلةِ..
طَوَّتْ جَسدَ الولدِ الأسمرِ بين الأضلاعِ..
وعادَتْ لشريعةِ "بيتِ النوّابِ"..
تُنَقِبُ عن مأوى يونس كَيْ تُقبَرِ ووديعتِها فيهِ..
.................................................
(1) أترعتا:آلهة الأنوثة عند سكان مملكة الحضر جنوب الموصل.
(2) الحضر: هي مملكة –عراقية- عربية تاريخية تقع على بعد 80 كم جنوب الموصل.يعتقد أن المدينة أسست في بداية القرن الثاني قبل الميلاد. عرفت مملكة الحضر بهندستها المعمارية وفنونها وأسلحتها وصناعاتها,الحضر كانت في مستوى روما من حيث التقدم حيث وجد فيها حمامات ذات نظام تسخين متطور وأبراج مراقبة ومحكمة ونقوش منحوته وفسيفساء وعملات معدنية وتماثيل (مقتبس من السيدة أمل بورتر) .واحرقها المحتلون عام 262 ميلادية..واليوم يستبيحها الوحوش والمحتلون.
(3) الزوراء:بغداد في زمن المنصور.
(4) دار الحكمة:ملتقى الفكر الإسلامي والعربي والأجنبي ازدهرت في زمن المأمون.
(5) شريعة النواب:مرفأ للزوارق على دجلة سمي باسم أسرة النواب التي ينتمي إليها شاعرنا العزيز مظفر النواب.
(6) عربا يا:مملكة الحضر في لغة الحضريين.



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلةُ الغدر ب -محجوب-
- الوحوش يغتالون الإبداع
- نَخلةٌ طَريدةٌ على الخليجِ!
- الحوار المتمدن و-الجريدة-!
- -هَلْ نَشهدُ إطفاءَ الظُلْمَةِ..وَشيوعَ رَغيدَ العَيشِ؟!-
- -نصبُ الحريةِ- يُسْتَعبَدُ بالخوفِ!
- -سومرُ- تَصْطَّفُ إلى طابورِ الأيتامِ!
- لوحةٌ عاريةٌ في مجلسِ المساءِ!
- مَنْ مِنّا لَمْ يَدفِنَ قَتلاهُ بحَقلِ الحِنْطَةِ؟!
- المَقابرُ تَشْفِقُ علينا؟!
- تَشهَدُ الشوارعُ في يومِ الحَشْرِ!
- نساءٌ عراقياتٌ..وبُرْكَة الدَمِ..!
- تباً لَكُمْ ..أوْرَثتُمْ دجلةَ كُتباً ورؤوساً مقطوعة!..
- -عبير- والجيش المحتل!
- أفولُ الصَنَمِ.. وبزوغُ فَجرِ الأصنامِ
- -نقطة تفتيش-* في رأسي!
- فاطمةٌ ..والسلطة
- -نزيهةٌ-*و-سُلْطَةِ النَزاهَةِ-**
- مفردات التوحش في العراق(1)*
- يُمْنَحُ العمالُ العَقاربَ بديلاً للدنانيرِ!


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - أميرةُ -الحَضَرِ- تبحثُ عن بَطنِ الحوتِ!