أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - إِغْوَاء














المزيد.....

إِغْوَاء


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7762 - 2023 / 10 / 12 - 19:02
المحور: الادب والفن
    


_مَصْطَبَةٌ تَتَدَاعَى فِي فَرَاغ :
كان يشم رائحة نوم ورطوبة وسخامَ فتيلة لامْبا تحتضر على مهل ومرقَ دواز محروق وشايا بائتا وقهوةً مهروقةً على بوطَغاز محمومة، وأشياءَ أخرى خفية ظاهرة تنبعث من كل شبر في آلمسكن آلكابي، من آلجدران آلمشلوحة، من آلأرضية، من زليج آلبلاط، من آلسقف آلحادر، من آلمتاع .. حتى إن رأسه طفق يلف يَحُومُ حتى كاد يقع لولا تداركَه ذاك آلطيف بقبضة من يديه مُجْلِسًا إياه على مَصْطبة تتهادَى في فراغ ...

_سُبَاتٌ أَخْضَرُ :
_لم أفق، كما حصل لغريغور سامسا ذات صباح سبت أو ضُحَى من أحد، بعد ولادةٍ لي في ليلة ما من ليالي إحدى الجمعات؛بل آستغرقت غارقا في سُبات أخضر ساهما يحدج ظلي ظلَّه آلكابيَ بعد معاينتي شيخوخة آلحياة تزحف في دماء عروق آلحياة .. منتصف ليل كزوال نهار .. كل آلأزمان ذرات غبار .. وفي كل مرة كنت أحاول فيها آلشخوص بعيني في ضياء آلظلام أمامي أو ورائي أجد مصيري آلآتي منتصبا بلا حياء يخصي الشهيقَ يعقر الزفير يقفو الأثرَ الأثرُ تضرب رجلاي آلهواء صاخبا مزمجرا معفرا برغام كنت أصيح .. تبا .. ألا ترون .. ألا تبصرون .. إنهم ينسخونني كي يعيش الوهم بآسمي من جديد .. لكن أذانهم لم تك تلقط غير وعوعة عواء .. رافضا ظللت ممانعا، رغم كل شيء أعاند أشاكس أسارع أردد .. أمي أبي لا أريدُ لا أريدُ .. لكنهم .. لكنهم ..

_يَدُ آلقابلة (١) :
خرج ما يشبه آلكلامَ مكلومًا، مقطوعَ آلأنفاس، مجروحَ آلنبرات، خامدَ آلأوصال، فارغًا بلا هداية حتى صادف في مسيره يَدَ قابلة تحضن آلحياة، احتضنَها متلهفا ظل معلقا طيلة آلممات .. يد القابلة يد والدتي والمولود أنا في فوطة حمراء أو صفراء أو زرقاء آلتُقِفْتُ قِيلَ سقطتُ قيل هويتُ قيل وُلِدْتُ لغرارتي صدقتُ ...

_حُلْمٌ أَحْمَرُ :
تعالَتْ في أحشائه أصوات طفل غارق في جلابة فضفاضة يترنح في حوش بيت عتيق في عهد قديم .. كانت النسوة جالسات أو على ركبهن مقعيات يشكلن دائرة حول وابورغاز موقد لتدفئة طست ماء قصديري تتصاعد منه أبخرة جعلَتْ ضوء المكان ضبابيا أقرب إلى عتمة مكلومة حتى آستحالت الرؤية .. كان الصغير غاطسا في الضباب .. عيناه لا تبصران غير خيوط متقاطعة متشابكة تسبح أمامه يضرب بعضها بعضا .. فقط خيالات نسوة يثرثرن بلا مبالاة في شؤونهن الخاصة والعامة .. اقترب من ضحكاتهن المتعالية ومن المكان برؤوس أصابع محترسة كي لا يسقط على الأرضية المبللة وكي لا يثير آنتباههن .. كان يعلم أنه يختلس شيئا ممنوعا عليه .. كيف أدرك ذلك .. ليس يدري .. كل ما يذكره الآن أنه رأى سيقانا مديدة مزغبة بزغب خفيف، فأحس برعشة مَن آنكشفتْ له عوالم أخرى لكائنات من خرافة غير تلك التي آعتادها في تلصصه على صفحات ألف ليلة وليلة .. وهو الآن يشم العطر نفسه الذي رآه، تَخَيَّلَه بين ثنايا آلحروف آلمسروقة .. رائحة مَلِكة الجان نفسها .. حتى الرأس الملفوف بالفوطة بدا له واضح المعالم .. متقدما ظل يستزيد من المشهد يستزيد من آلحلم الأحمر حتى باغته ذاك الرأس الباسم لائما .. سيرْ آوليدي تلعب .. وأوْصَدَ الباب .. زززييوْ .. في عينيه .. غير أن يدًا بَضّة فتحَتِ آلخشبة العريضة آلسميكة معترضة .. قَشُّووو مَمُّو .. كانت إحداهن تضع يديها على وجهها تسحبها بخفة ورشاقة .. قَشُّووو .. تهمس أكثر من مرة مرحبة مبتسمة ضاحكة .. مازااال صْغِيوَرْ آخالتي آجي آلغْزِيوَلْ ديالي ادخالْ .. فيستمر الصغير مُسمَّرا في مكانه أمام المَرأَة التي تستدعيه وأمام عينيْ أمه الآمرة بالابتعاد .. ولما لم يدر ما يفعل عالجتْه يَمَّاه بصفعة من يمناها صغيرة خفيفة على خده الضئيل لازال لحد الساعة يحس لها خدرا ودُوارا بلون الرصاص إذْ يُصهر على درجة عالية ...

_ضِرْسُ آلْفَرَزْدَقِ (٢) :
لقد بدأتْ يداي ترتعدان وعيناي يرف جفناهما كالفَراش يحوم حول أنوار مزيفة باحثا عن رُواء ليستقر في النهاية تحت ظلف حسيس لهب لا يرحم .. وهذه الرؤى .. هي الأخرى تتناسلُ تتكاثر كالفواجع كملايين صغار الجراد يَسُدُّ الأفقَ جَيْشُهَا الجَرّارُ في هجوم ماحق على الوهاد والسفوح والأجواء .. وأظلُّ أنا ساهما أنتظرُ أن يهدأ ضرس الفرزدق القابع في فمي أو لوحده يزول ينتحر في إحدى صبحيات هذا الخريف المديد ...

_بَلَاسِمُ آلغفران :
تجحدني الحياة .. المستنقع يكبر حولي ينمُو من خلفي ومن أمام .. عندما أحاول تخفيفَ العذاب، أهمُّ أخرج هامتي من الصديد المتقد أفكُّ أصفاد أسياخ قيود الحديد، تتلقفني لحظتئذ القناطسُ بالزغاريدِ وَأُغْمَرَ في الدم من جديد ...
وكما تساقط أوراق الخريف واحدة بعد أخرى، تساقط أشلاء لحمي شِلْوًا شِلْوًا أمام مرأى أعينهم الثاقبة .. ومن صدري يخرج عواء أهل النار، وجماعة الزبانية يستقطرون ماء جسدي .. إنها بلاسم آلغفران .. كانوا يضحكون ساخرين ...

_يَقَظَة :
قيل .. إذا لم تستطع النوم من أول نصف ساعة بعد خلودك للموت، فغالبا لن تموت إلا بعد مُدد من آلعذاب غير يسيرة أو لن تموت أبدا .. كذلك كان آلحال معي منذ آنزلاقي من بطن أمي إلى عالم لم يشأ يأويني .. زلتْ مرارا قدمي .. تعثرتُ سقطتُ نهضتُ غرقتُ في أطيان من طوفان من ظلام تأففتُ سخطتُ سببتُ ما خطر على بالي مِن ومِن؛ لكن عينيَّ ظلتا مفتوحتيْن دائما تريان ما تريان دون أبالي؛ وكسنور شقي حبوتُ زحفتُ شمرتُ على ساعد قلمي، وبقيتُ كأول عهدي بالموات متربصا يقظان مخافة ألدغ من آلجحر مرتين ...

_لا رجاءَ في نَجَاة :
ما كنتُ أعتقد بعد كل هذا العذاب في آلعذاب، أنجو بجؤاري فائزا أو غانما ...

_إشارات :
١_القابلة Sage-femme المولدة سيدة مجربة تساعد الحاملات من النساء على الإنجاب
٢_هنا الفرزدق فرزدق آخر غير الشاعر الأموي المعروف



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آوِيدْ آمَانْ آوِيدْ آمَانْ أَدَسْوَغْ
- الْبَارَحْ كُنْتِي سَارَحْ وَالْيُومْ رَاكْ مَسْرُوحْ
- حتى لا نَنْسَى حتى لا نُنْسَى
- لَمَّنْ نَشْكِي حَالِي
- سَالَّاسْ Sallas
- نَتَمَلْمَلُ بِلَا مَعْنَى
- فِينْ غَادِي بِيَا خُويَا
- مَا هَمُّونِي غِيرْ الرجالْ إِلى ضَاعُو
- وَأُخْرَيَااااتٌ مَازِلْنَ عَلَى بَالِي
- لَا فَااااائِدَة
- عَبْرَ مَعَارِجِ آلْغُيُومِ يَحْلُمُ بِآلطَّيَرَان
- أقْطَعُ بيَدي دابرَ كُلَّ مَنْ يُبْكِي الأمَّهاااات
- باركاااا...
- اَلْمَوْتُ لَيْسَ حَلًّا وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ
- حِنَّاءُ آلْمَوْتَى
- خَاطِرَة عَشْرِينْ
- لَقَدْ كَانَتْ سَعِيييييدَة
- مُنَاجَاة
- لَا لِقَاءَ بَيْنَ آلْمُتَوَازِيَات
- أَشُمُّ أَسْمَعُ أَلْمُسُ وأرَى


المزيد.....




- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - إِغْوَاء