لدى كيسنجر الإجابات الكافية لخروج الولايات المتحدة من مستنقع سوريا، كمال علم

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7688 - 2023 / 7 / 30 - 17:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لدى كيسنجر الإجابات الكافية لخروج الولايات المتحدة من مستنقع سوريا

بقلم كمال علم
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

كيسنجر هو دليل التحدث مع دمشق ، وقد ناقش صناع سياسة الأمن القومي الأمريكي البارزون في الأربعين سنة الماضية الذين لديهم خبرة فعلية في التحدث إلى سوريا.

وسط الغضب الدولي من تسييس العقوبات الاقتصادية والمساعدات في سوريا ، فإن الشيء الوحيد المفقود هو استراتيجية أمريكية شاملة بشأن سوريا. بينما يسارع المحللون إلى التفكير في الأعمال الداخلية لدمشق ، فإن السؤال الأكثر ملاءمة هو ما هي السياسة الأمريكية تجاه سوريا خارج نطاق العقوبات؟ هل هناك عدسة أنسب من النظر إلى سوريا من منظور إيران؟

تكثر التصريحات المتناقضة وتتأرجح الولايات المتحدة بين المطالبة أولا بإطاحة بشار الأسد وإعلانها لاحقا أنها لم تعد تسعى لتغيير النظام. ومع ذلك ، أعلنت واشنطن في حزيران عن قانون قيصر الجديد لحماية المدنيين في سوريا كوسيلة لمتابعة الانتقال السياسي. يستهدف قانون قيصر ويعاقب كبار المسؤولين ورجال الأعمال السوريين بشدة وكذلك الأطراف الثالثة التي ترغب في التعامل مع سوريا. إنه يهدف إلى ردع الصين والإمارات ودول الخليج الأخرى عن أن تصبح منقذ سوريا اقتصاديا. يعد قانون قيصر أشمل برنامج عقوبات في التاريخ وسيكون له تأثير اقتصادي كبير على سوريا وجيرانها وخاصة لبنان. يتمثل أحد الأهداف الرئيسية لقانون قيصر في تحميل الجيش السوري والحكومة المسؤولية عن أفعالهما.

ومع ذلك ، لم يقتنع الجميع بقانون قيصر ؛ ويشكك حلفاء أمريكا في أوروبا والشرق الأوسط في حكمته. وترى دول مثل مصر والإمارات واليونان المزيد من الحكمة في دعم سوريا كوسيلة للتحوط من العدوان التركي في البحر المتوسط. تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياستها تجاه سوريا وأن تضع في اعتبارها الأولويات المختلفة لحلفائها ، أو قد تراهم يخالفون سياسات واشنطن. للمضي قدما في الموضوع السوري ، تحتاج الولايات المتحدة إلى تبني استراتيجية واقعية في سوريا تعكس السياسات التي نفذها أنصار عهدي نيكسون وريغان عندما تفاوضوا مع سوريا.

تغيير الأولويات في المنطقة:
===============

في حين يعتقد أمثال الممثل الخاص للولايات المتحدة للانخراط في سوريا جيمس جيفري والمبعوث الخاص لسوريا جويل ريبيرن أنه بإمكانهم عزل سوريا من خلال قانون قيصر - فقد أغفلوا بوضوح الأولويات المتغيرة للمنطقة. ليس سراً أن جيفري متعاطف بشكل مفرط مع تركيا ومصالحها في المنطقة خارج سوريا. بينما يدعم جيفري تركيا ، فإنه يواجه موجة متصاعدة من الغضب والإرادة الدبلوماسية والعسكرية في المنطقة لمعارضة تركيا وأفعالها في سوريا وليبيا والبحر الأبيض المتوسط والقرن الأفريقي. تعارض كل من فرنسا واليونان ومصر والإمارات العربية المتحدة العمل التركي ، وترى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الآن أن تركيا تشكل تهديدًا أكبر من إيران لطموحاتها الإقليمية. علاوة على ذلك ، فإن احتضان إيران لتركيا يعقد استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة إيران. وبالتالي ، إذا كانت سياسة جيفري ، وبالتالي أمريكا ، هي ضرب تركيا في سوريا ، فكيف تفسر واشنطن احتضان تركيا لإيران؟ يحدث هذا بينما تصطف الدول العربية الكبرى الأخرى لدعم قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر في ليبيا والأسد في سوريا. ترى جميع الدول العربية الأخرى تقريبا ، باستثناء قطر ، أن تركيا تمثل تهديدا مساويا إن لم يكن أكبر لإيران كما أشير في مقال رأي نُشر مؤخرا في صحيفة عرب نيوز السعودية.

وبالمثل ، تتحد روسيا والصين لاستخدام حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن سوريا ، وكذلك الاستهزاء في الوقت نفسه بقانون قيصر من خلال المضي قدمًا في خططهما الاقتصادية الخاصة بسوريا. مع تنامي العداء الأمريكي تجاه الصين بعد فيروس كورونا ، تبذل الصين قصارى جهدها لتحدي أهداف الولايات المتحدة في سوريا. هناك خطة روسية صينية مشتركة لسوريا قيد الإنشاء منذ عام 2018 وستتسارع بعد الإعلان عن قانون قيصر. روسيا ، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة ومصر ، مصممة على المضي قدمًا في إعادة تأهيل الأسد في العالم العربي. التحالف الإماراتي الروسي في سوريا سيزيد من إضعاف السياسة الأمريكية وقانون قيصر.

تظهر أوروبا أيضا استعدادا للانفصال عن الولايات المتحدة بشأن سوريا. كان هناك عدد من الملخصات السياسية في مراكز الأبحاث الأوروبية المتحالفة رسميا مع الاتحاد الأوروبي والتي دعت إما إلى إعادة التفكير في العقوبات أو الخروج تماما من سياسة الولايات المتحدة الخاصة بالعقوبات العقابية على دمشق. في كتابه لمركز الأبحاث معهد الشؤون الدولية الذي يتخذ من روما مقرا له ، قال الخبير الاقتصادي السوري عامر الحسين إن الوقت ربما حان للانفصال عن الولايات المتحدة بشأن السياسة الأوروبية بشأن سوريا. كتبت فاينانشيال تايمز ، التي قامت بتغطية متعمقة للانهيار الاقتصادي في سوريا ، بالفعل عن كيف أن قانون قيصر لن يكون له أي تأثير ذي مغزى على الأسد أو الحكومة - وبدلا من ذلك ، تقول إنه لن يؤدي إلا إلى تراكم البؤس على السوريين العاديين. .

طريقة كيسنجر في سوريا:
==============

يمكن تعلم الكثير من دبلوماسية كيسنجر تجاه سوريا واتساق عقيدة حافظ الأسد الاستراتيجية ، والتي لخصتها الباحثة الألمانية بنت شيلر في كتابها المعنون "حكمة لعبة انتظار سوريا". يجادل شيلر بأنه مهما كانت الأزمة الدولية أو الإقليمية التي واجهها السوريون على مدى العقود الخمسة الماضية ، فإنهم قد نجحوا في تجاوزها من خلال انتظارها. الدرس الواضح في المفاوض لجيمس سيبينيوس كيسنجر هو أن كيسنجر كان يعتقد أنه من خلال المفاوضات فقط يمكن للولايات المتحدة أن تحقق تقدما في سوريا ، بغض النظر عن مدى إزعاج دمشق في لبنان والأردن والضفة الغربية. موشيه ماعوز ، في أبو الهول بدمشق ، يقتبس أيضا طريقة كيسنجر للمضي قدما عندما يتعلق الأمر بالتفاوض مع دمشق.

الفرضية بسيطة ، لقد نجحت دمشق في التغلب على المصائب الكبرى في بلاد الشام والخليج على مدار الخمسين عاما الماضية على الرغم من كونها دائما في الجانب الآخر من الولايات المتحدة. مع تردد ، كان على الولايات المتحدة أن تفسح المجال لدمشق في لبنان حتى لإجبار الإسرائيليين على الانسحاب في عام 2000. كما كان على الولايات المتحدة أن تعترف بأهمية سوريا فيما يتعلق بالتفاوض في أوسلو وكامب ديفيد. على الرغم من ما اعتقده الإسرائيليون أنه أفضل عرض قدموه لدمشق حتى أواخر عام 2010 من خلال الأتراك ، فإن دمشق ما زالت لا تتوانى عن مسألة سياسية تجعلها تبدو خاضعة لمصالح الولايات المتحدة. في كتاب رائع عن دبلوماسية عهد ريغان مع سوريا ، الملعون هو صانع السلام ، كان تركيز الولايات المتحدة كله على الدبلوماسية السورية هو حقيقة أنه بينما كان رونالد ريغان مكروها للتحدث مع الأسد ، مثل كيسنجر قبله ، لم يكن لديه خيار آخر سوى لحل القضايا العالقة من خلال التحدث بدلاً من العزلة. يرى كميل ألكسندر أوتراكجي ، المتخصص في المفاوضات الأمريكية السورية خلال عهد حافظ الأسد ، أنه "عندما تولى حافظ الأسد الرئاسة عام 1970 كان يفضل في الواقع تحقيق توازن بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ولكن بشروطه ، على أمل أن يؤدي هذا أيضا إلى علاقات دافئة مع الولايات المتحدة. في البداية ، كانت إدارة نيكسون سعيدة للغاية ، ومع ذلك ، أرادت الولايات المتحدة أن تهتم سوريا بأعمالها الخاصة في المنطقة. لكن سوريا ، على عكس مصر المعزولة عن كل جيرانها ، تندمج بشكل طبيعي مع جيرانها في العراق ولبنان وفلسطين. يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في الضغط على سوريا ومعاقبتهم دون بذل الكثير من الجهد ". الفرضية هنا هي أن سوريا ليست فقط سوريا ، فأي شيء يحدث داخلها يؤثر على لبنان وتركيا والعراق وإسرائيل ، ومن هنا تأتي الحاجة إلى استراتيجية مفيدة.

سوريا تحت حكم الأسد صمدت ثلاثين عاما خلال فترة حكمهم التي امتدت لخمسين عاما ، إنها ليست ظاهرة جديدة. وبالمثل ، كلما لزم الأمر ، تمكنت دمشق من الدخول في شراكة مع دول الخليج العربي على الرغم من شراكتها الأمنية المستمرة مع إيران. قطعت سوريا وأصلحت العلاقات مع المملكة العربية السعودية في ثلاث مناسبات على الأقل. تحالف الإمارات والبحرين الحالي يحظى بمباركة السعوديين ، وعلى الرغم من قانون قيصر ، فإن الخليج سيتطلع في النهاية إلى دعم الأسد ضد تركيا ، التي يُنظر إليها الآن على أنها التهديد الرئيسي في بلاد الشام. علاوة على ذلك ، مع اقتراب لبنان من الانهيار الاقتصادي والفوضى الإضافية في العراق ، لن يرغب اللاعبون العرب الرئيسيون مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية في أن يزيد قانون قيصر من إضعاف سوريا نظرا لمركزيتها في العراق ولبنان.

قال المعلقون إن بشار الأسد لن يستمر طويلا بعد وفاة والده ، و هم مخطئون. قالوا إنه لن ينجو من عالم ما بعد الحادي عشر من أيلول ، وسقوط بغداد عام 2003 ، وانسحاب الجيش السوري من لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005. وفي عام 2011 ، قالوا إنه سيسقط في غضون أسابيع. لطالما كانت هذه الأصوات خاطئة. قانون قيصر لن يضعف الأسد أو نفوذ السوريين في المنطقة. مهما كانت دمشق معزولة ، فإن سوريا ستخرج منها. رغم كل شيء ، لم يكن كيسنجر وحده في تحليله لمركزية سوريا في المنطقة. حذر كل من زبيغنيو بريجنسكي وبرنت سكوكروفت ، وهما نصيران أخريان للأمن القومي الأمريكي لأكثر من أربعين عاما ، في عام 2015 من أن قتال الأسد لا معنى له ، وفي مرحلة ما سيكون الحديث مع الأسد وعدم عزله هو السبيل لإنهاء إراقة الدماء. في كتابه الأخير عن الدبلوماسية الأمريكية ، القناة الخلفية ، كتب ويليام بيرنز عن منطق كيسنجر وبريجينسكي البارد حول الحاجة إلى تهدئة الرغبة في الإطاحة بالأسد أو الضغط عليه. كتب في عام 2020 كيف كان جيمس بيكر وبرنت سكوكروفت أيضا سيستخدمان الواقعية بدلا من الأيديولوجية للتعامل مع الأسد. كتب بيرنز أيضا عن كيف أن الإمارات ، على وجه الخصوص ، كانت أقل اقتناعا بسقوط الأسد.

المصدر:
=====
Kissinger Has The Answers To America s Syria Quagmire by Kamal Alam
https://nationalinterest.org/feature/kissinger-has-answers-americas-syria-quagmire-165036

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات