أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عِيسَاوَى طنجة














المزيد.....

عِيسَاوَى طنجة


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7537 - 2023 / 3 / 1 - 19:57
المحور: الادب والفن
    


لستُ أدري من أين آنبجسَتْ جلبتهم حتى وسعت آلدروبُ جموعَهم آلحاشدة اللاجبة من كل حدب جعلوا ينسلون يصخبون في فوضى عارمة يجتمعون في باحة واسعة تحمل سواعدُهم راياتٍ عملاقةً بألوان فاقعة وقاتمة حمراء خضراء بيضاء يلوحون بها يمينا يسارا يتحركون في جماعات ينفخون في مزامير حادة يقرعون طبولا بعصي قصيرة من خشب ذات رؤوس معقوفة مددبة وبناديرَ دائرية ضخمة من جلد الماعز يصيحون بأصوات جائرة يرددون ما يشبه لازمة في ترنيمة أو أهزوجة أو تراتيل كورال يرفقونها بحركات متشنجة يُطلق عليها الأهالي الحضرة تصل ذروتها إلى لحظة حسم فاصلة تُعرف عندهم بالحَااال يُغشى عليهم فيها ويغيبون عن الوعي..يبدو أنها إحدى فرق عِيسَاوى في طريقها إلى إحدى الزوايا المنتشرة في الشمال لإحياء موسم(الشيخ الكامل الهادي بنعيسى)الذي جرت العادة الاحتفاء بذكراه مرة كل سنة رغم أن ضريح هذا الولي يوجد في مكناس، فإن الحضرات التي تقام لشرفه تنتشر في جميع ربوع الزوايا التابعة لمقامه الرفيع..

هذا ما كان يدور بخاطر فرديناند فيكتور أوجين ديلاكروَا(Eugène Delacroix) وهو يطل من نافذة إحدى غرف النزل الذي يقيم فيه بطنحة، إذْ جعل يتابع جموعا آنبرت على حين غرة من لا مكان آختلطت الأصوات الهامسة والصاخبة فيها بالحركات بالألوان بالشطحات بالنظام بالفوضى في محفل سحري عجيب أخذ بلباب الغريب الذي لم يعد يعي أو يحدس شيئا مما يلاحظ ويراه..الرسام الفرنسي ولد عام 26 أبريل 1798 وتوفى 13 أغسطس 1863..هو من رواد المدرسة الرومنطقية الفرنسية في الفنون التشكيلية.له العديد من اللوحات الفنية المحفوظة في متحف اللوفر وغيرها من المتاحف.من أشهرها"الحرية تقود الشعب"التي رسمها عام 1830م، ولوحة"سلطان المغرب"التي رسمها عام 1845م، ولوحة"الجزائريات"التي رسمها عام 1834م ويبدو فيها تأثره برحلته إلى شمال إفريقيا على غرار مجموعة من الفنانين الذين آستهوتهم أقمار الشرق وشموس الجنوب وأنوار آلظلال وصمت آلبراري وجلبة آلأسواق التي تسكن شغاف الخيال وفي سبيل معانقة تجلياتها تشد سفريات الرحال..
من بين لوحات دولاكروا لوحة"عِيسَاوَى طنجة"التي رُسمت عام 1838 بألوان زيتية. يبدو من خلال هذا العنوان الذي آختاره"عيساوى طنجة"بلسان المغاربة الدارج الذي يوازي لفظة"الحَـاوي"(١)في لسان المشارقة، و"fanatiques de tanger"بلغة الإفرنج، تظهر رؤيته الخارجية الاستعمارية الأروبية للوضع المغربي المتمرد آنذاك؛ وحتى في صوره الأخرى فإنها ظلت تحمل طابعا سياحيا ايكزوتيكيا يصور الإسان المغربي والعربي والأمازيغي في شمال إفريقيا عموما تصويرا مشوها خرافيا أسطوريا آستيهاميا يحرك في الأوربي نزعته نحو سحر الشرق بليالي ألف ليلة...وهَاهُوَ "فُولتير"يُعَرِّفُ هذا المصطلح آلملتبس بمجموعة من الصفات والمواصفات المتهافتة غير آلموضوغية تجعل شخوص اللوحة_المغاربة طبعا_ يخضعون لخصائص لا علاقة بمعيشهم اليومي:انفعالات النفسية عاطفية غير متحكم فيها كردود الأفعال والغضب والاستيهامات الجماعية والهستيريا والهلوسات والخلط بين الواقع والممكن والمحال والوهم والذهان والتخيلات وغيرها من التوصيفات التي تجعل مغاربة القرنين الثامن عشر والتاسع عشر شعبا ركاما أرْعَنَ لا يتحكم في عواطفه...
" Le fanatisme est à la superstition ce que le transport est à la fièvre, ce que la rage est à la colère. Celui qui a des extases, des visions, qui prend des songes pour des réalités, et ses imaginations pour des prophéties"(٢)

أما الرسام دولاكروا، فقد وصف الظاهرة بطريقة آنطباعية تأثرية مترعة بتلقٍ ملتبس مرتبك مدثر باندهاش وإعجاب بطقوس لا قِبَل لعقل إفرنجي بتجلياتها.. يقول:

"Ces fanatiques portent le nom d Ysssaouïs, de celui de Ben Yssa, leur fondateur. A de certaines époques, ils se réunissent hors des villes et s animant par la prière et par des cris frénétiques, ils entrent dans une ivresse véritable, et répandus ensuite dans les rues, ils se livrent à mille contorsions et souvent à des actes dangereux".(٣)

إنها رمانسية متشظية هشة..ففي الوقت الذي كانت ريشة الرسام تداعب وتتعاطف وتؤيد وتمجد الثورة الفرنسية في تعاطف حماسي فعال حاسم تتفاعل بإيجابية مع لجج المجتمع الفرنسي الثائر في لوحته الشهيرة"الحرية تقود الشعب"، كانت الريشة نفسُها تَـرَى في ثورة المغاربة تعصبا وتطرفا وبذاءة بدائية، مما يجعل لوحات"أوجين" تسقط في هفوات التباس الرؤية الذاتية الانطباعية لمواضيعها المستقاة من واقع لا دراية لها به..
على أي، تبقى مقاربة دولاكروا وجهة نظر فرد تختزل رؤية جماعية لدول أوروبا في ذلك الوقت عكستها ريشة وعين ظلت لوقت طويل تعتقد أن شمال إفرريقيا بطبيعتها وتراثها الغنييْن وتقاليدها الضاربة في العتاقة والأصالة هي المعادل البَصري للثقافة اليونانية والرومانية الكلاسيكيتين..ويمكن هنا الاستئناس توظيف مفهوم(المِـرْآة) الذي يفرض نفسه في أكثر من تحليل للوحات الفنية أو المشاهد السينمائية أو غيرها ..

☆إشارات:
١_العيساوي في المغرب معروف بترويض الأفاعي
٢_"القاموس الفلسفي”،المنشور سنة 1764 Voltaire, Dictionnaire philosophique, 1764

٣_ Art Eugène Delacroix Exotisme dans l art



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اَلْعَيْنُ آلْعَرْجَاء
- VERS tAZA الطريق إلى تازا
- اَلْمَدْعُوُّ تَدْوِيرًا يُقْرِئُنَا آلسَّلَام
- ثمانية وعشرون سطرا من آلخوف
- شَبَق
- وَجْدَة
- لَحْظةَ عُلِّقَ آلمغاربة كقوالب سُكَّر على أغصان آلشجر
- مَا بْقَاتْ شَجْرَة
- سِيلْفِي
- نَجاةُ آلجُنون
- مَاذا لو كُنا مُجَرَّدَ حُلْمٍ في رأسِ أَحَدِ أجدادنا
- بَيْنَ آلْفِجَاجِ فَوْقَ آلْجِبَالِ تَحْتَ آلْمَطَر
- جُؤَارُ
- وَجَيبُ آلكَلاكِل
- لَكَمْ تمنيتُ لو أنكَ هنا
- الوعي الديستوبي
- لَيْسَ لَنَا مِنْ كُلِّ مَا عَلمْنا سِوَى كَلِمَاااات
- رَيْبُ آلْمَكَان
- تَجَاعيدُ البَيْضَاءِ، بخصوص فيلم:(كَازَبْلَانْكَا)
- دُوسْتِي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عِيسَاوَى طنجة