أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - (ها أنذا) كما جَأرَها آلمسمى عنتره














المزيد.....

(ها أنذا) كما جَأرَها آلمسمى عنتره


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7368 - 2022 / 9 / 11 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


عنترة يحس نفسه عَرَضا في القبيلة، في المجتمع، في الحياة.العالم، عالم آلسّراة عَرَضِيٌّ زائفٌ ليس يدوم فيه رُواء ولا آعْتِراف بجميل:"كُرَّ وأنتَ حُرٌّ!!".. هكذا وَعَدُوهُ..ولَمَّا وضعتِ حربُهم أوزارها وَجَدَ نفسَه وحيدا في آلأغلال..وفي عَالِمٍ مثلُ هذا، لا يوجدُ ضمانٌ للفارس الكريم آلأبيِّ آلتَّواقِ إلى عالمٍ ليس فيه رِياء..ورغم آلجو آلصاخب وآلاعصار، يحاول الشاعر إيجادَ معْنًى ما للحياة، فيجدُ بعضَ السلوى وبعض العَزاء في رصف الكلمات وتحبير صور آلمجاز ومُعانقة طواحين الهواء على شاكلة"ديلامنشا"؛ بَيْدَ أن الأميرةَ هنا قريبةٌ عَصِيَّةٌ يَدُقُّ بإلْحَاحٍ شُرُفَاتِها الوهميَّةَ ليُلْفِيَ الأعين المُشْرَعَةَ مُوصَدَةً بآستمـرار، لا يجدُ إلا الفَصاحة يرسم بها لواعجَه في عالم صفاقة أصم لا يفقه لغةَ شغاف الهائمين إلى المقل آلحور الرائين الى النَّدى والسَّماحةِ بعينِ البهاء والعطاء اللذيْن لا ينتظران جزاءً أو شكورا..لا تَسَلِ الطائر عن شدوه، إنه يشدو وكفى..

_وإِذا صَحوْتُ فَما أَقَصِّر عن نـدى
_إني سَمْحٌ مُخَالَقَتـي
_ولَقَدْ شَفَى نَفْسي وَأَذْهَبَ سُقْمَهَا
قِيلُ الْفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقْدِمِ ....

في عالم زائفٍ لا يؤمن بقيمة آلكلمات لا يَبْقَى للشاعر إلا مُعانقة الموت رغم حرصه على مقارعة آلمطبات مهما كانت صعوبتها، ولعل في هذه المشاكسة شيئا من السلوى وردِّ الاعتبار :

_ وَلَقَدْ خَشِيتُ بأَنْ أَمُوتَ وَلمْ تَدُرْ
لِلْحَرْبِ دَائِرَةٌ على آبْنَي ضَمْضَمِ

وبالترنيمة نفسها، نلفي فتى فارسا شاعرا آخر يدعى(طَرَفة)يشدو متغنيا بلامبالاة بحياة ليس يوجد فيها عشق وكرم ومروءة، فاليوم خمر وغدا أمر...

_ ولولا ثلاثٌ هُنَّ من عِيشةِ الفتى
وجدِّكَ لم أحفلْ متى قام عُوَّدي
فمنهنَّ سَبقي العاذلاتِ بشَربةٍ
كُمَيتٍ متى ما تُعلَ بالماءِ تُزبدِ
وكَرّي إذا نادى المُضافُ مُحنَّبًا
كسِيدِ الغَضا نبَهتَهُ المُتورِّدِ
وتقصيرُ يوم الدَّجن، والدَّجن مُعجِبٌ
ببَهكَنةٍ تحت الطِّرافِ المُعمَّدِ

وبَدَلَ مُعانقة المرأة المفقودة، يتحول آلغزلُ بالحياة الى غَزَلٍ بالموت عن طريق مُناوشة أسبابه في الحروب والطعان والكر والفر..بيد أن الموت_رغم المحاولات المبذولة_يرفض الاستجابةَ لطلب الشاعر رغم الالحاح والاصرار الصادقيْن، ليجد الفارسُ الشاعرُ عنترةَ الإنسانَ في دائرة ضيقة، بدايتها فَقْدُ الحبيب والبكاء على أطلاله الدارسة، ونهايتُها فَتْكٌ بالناعقين الشاتمين للعرض..وبعد..؟؟..لا شيء سوى الغياب..وما من موت يلوحُ في الآفاق غير الرحيبة.. وبين البداية والنهاية حُلْم ألوان تتشكل بأطياف لا نهاية لامتداداتها و مفارقاتها، فاللون الأبيض مثلا قد يوحي بدلالتيْن مُتناقضتيْن في نص فارسنا المضطرب..لون الحياة والموت معا وفي الآن نفسه..تبدأ القصيدة ببياض يُساوي التحية يساوي السلام يساوي الصباح يساوي بداية الحياةَ..ولقاء"عَبْلَةَ" وأجواءَها الساحرة..وبياض آخر مُواز يُساوي الغروب والنهاية والموت والأطلال الدوارس ومتعلقاتها من يَبابٍ وخراب، ولا بأس من آستحضار السواد لتعزيز هذه الثنائية المتقابلة:

_إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا
زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ
_فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً
سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ

وقد يتعالق اللونان، يتقاطع الصبح والمساء، الإشراق وآلغسق سوية لتشكيل لحمة كينونة الفارس بصيغة إيجابية مترعة بالفروسية والقوة والجأش والبأس..

_تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ
وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ

وفي ذروة المعركة يستمر بياضنا في حُضوره اللاَّفت في لون السيوف ولون النواجد غير المبتسمة ولون الوَضَح الطافح وفي غُرَّة الفرس وثغره الضابح، ليمتد في صَفاء الماء وحضور استعارة البئر للدم فيختلط الماء بالدم كما تختلط الحياة بالموت..و ذروة بلاغة هذا البياض المُرَكَّبِ تحضرُ في قول الشاعر في القصيدة نفسها :

_ولقد ذكرتـكِ والرمـاح نواهـل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيـلَ السيـوف لأنهـا
لمعتْ كبـارق ثغـرك المتبسـم

في هذا البياض النادر كالتماع الشفق، تحضر الحياة والموت معا في لحظة واحدة من لحظات الوجود الخاطفة الهاربة، وفي مثل هذه اللحظة ينتفي الزمنُ.. زمن الجُبناء عَديمي الوفاء، وتختفي المِحَنُ، مِحَنُ العاشقين الهائمين المَكْلُومين بجراحات السنين، ويبقَى الفارسُ السامي بأخلاقه وفروسيته وبلاغته وأحلامه حَيّا في الأزلِ والأبد..يتواجدُ بمُهجته المُلتاعة ما وراء لحظات الآخرين الغارقين في مهامه الدنيا العَرَضية..يتواجدُ في لا وقت مع فرسِه المثال..فقط الفارسُ والفَرَسُ ضد طوفان أغبر آسمه:الآخرون...

يدعون عنتـر والرمـاح كأنهـا
أشطان بئر فـي لبـان الأدهـم
ما زلت أرميهـم بثغـرة نحـره
ولبانـه حتـى تسربـل بالـدم
فازور مـن وقـع القنـا بلبانـه
وشكـى إلـى بعبـرة وتحمحـم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لو علـم الكـلام مُكلمـي

و.....و.......و...........



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمتني الرياضيات الشيءَ الكثير..لا..لم تعلمني شيئا
- لَمْ يَعُدْ لِي حَنِين
- سُقوطٌ حُر
- ضَحِكَ وآلسّلام
- حَسْرَة
- لِيَأْتِ جُودُو أو لَا يأتي..لا يهم..
- مُجَرّد سحليَّة في آلقفارِ أنَا
- زِيدُو لْكُودَّامْ
- اِخْتِلَاس
- عِيدٌ سَعِيد
- حِمَارُ آللَّيلِ
- الطفل القديم
- التَّابْعَة
- قَرْنَان
- مُمَارسةُ آلموت
- اِقْرَأْ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ
- فْشِي شْكَلْ
- رَحِيل
- الجوكر أو الأقنعة الموروثة
- التتارُ الجدد


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - (ها أنذا) كما جَأرَها آلمسمى عنتره