أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - حِمَارُ آللَّيلِ















المزيد.....

حِمَارُ آللَّيلِ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7360 - 2022 / 9 / 3 - 00:33
المحور: الادب والفن
    


طَقطقْطقْ..هَلِعًا آستيقظتُ فجر ذلك آلصباح تحت وقع آرتعاش يضطرب بشكل مهول في أرجاء الغرفة يهز مفاصلها وأحشاءها.اِعتقدت في البداية أن الأمر لا يعدو أن يكون خفقانًا في قلبيَ المحموم الذي لا تنقضي عاداته السخيفة، لكن الأمر كان غير ما خمنت.نظرتُ للآثاث القليل فُوَيق طبلة الأكل وعلى طاولة الكتابة يزداد شتاته بتفاقم الارتدادات، فآستنفرت حالي ناهضا صوب الباب أفتحُ خشبته المتداعية باحثًا عن جواب لسؤالي..ماذا يقع؟..إنها أمور غير عادية. تمايلتُ يمينا يسارا، وبعد لأي تمكنتُ من إمساك المقبض الناتئ، ولما جذبته تجاهي لم ينجذب. دفعتُه إلى الأمام، لم يندفع.تذكرت وأنا في حيرة من أمري أني قد أغلقتُه بالمفتاح مساء أمسِ خشية لصوص وزوار ليل مفترضين رغم أني قد ضحكتُ كثيرا من مثل هذا الافتراض السخيف، فما تراهم سيبحثون عند شخص مثلي لا يملك شروى نقير يسد به فجوات أسنانه المتآكلة وما أكثرها في فوهة فاه المفتوحة التي لا يملأ فراغاتها غير ذباب قَرٍّ لا يرحم..لكني رغم كل شيء أغلقتُه..أقصد الباب..نعم..فعلت ذلك، هذا مؤكد.لقد وضعت المفتاح في جيب بنطالي..إنه هناك على الأرض الاسمنتية رميتُه غير عابئ كما أفعل كل مرة.لقد كان في الجيب فعلا كما خمنت. حملت السروال.أخرجت المفتاح، وبلهفة أسرعتُ إلى اليد الخشبية أصرُّ على إمساكها كي لا تنفلت مني.وضعت المفتاح في القفل.أدرته دورة دوتين ثلاثة أعدت العملية دون فائدة لم ينفتح..رباه..ما هذا النحس؟الأمور تزداد تعقيدا وهذا الارتعاد لا ينكفئ لا يتراجع.. أكيد،إن المسألة بدأت تخرج عن نطاقي عن بدني عن فكري عن إدراكي عن عقلي عن قلبي عن آحتمالي عن سيطرتي وكل متعلقاتي النفسية..هذا أكيد، فالخفقان آمتد يخرج من داخلي من مخيلتي ليشمل أنحائي البرانية المجاورة لامتدادي على السرير ولوقوفي الأبله قرب الباب..الطاولة تهتز ومن فوقها الساعة ترتعد متكتكة بأرقام بلهاء يطوف في بطنها العقربان بسرعة كالجنون، والأقلام الملونة وغير الملونة تتراقص تياهة منتشية كسكارى أواخر الليل.ربما هي خائفة مشدوهة كحالي أنا..مَنْ يدري..حتى الأوراق سُمعت لها ضجة خافتة كفسوة رُضَّع لم يُفطموا بعدُ.أما الكتب، فقد آنتشرتْ على الأرض بعد أن هوت من على الرفف المصنوعة من قصب.حملقت في السقف في الجدران، رأيت ظلاما فقط. حاولت آستعمال المصباح الذي لا يبعد عني زره قيد أنملة،فلم أستطع..كل شيء حالك، لكن غرفتي من متعهداتي الخاصة أحفظ كل شبر فيها أضبط موقع الأشياء فيها بدقة متناهية، غير أن هذه الأشياء التي تحدث الآن غريبة عني لم أعتدها.أظن أنها المفاجأة ليس غير..نعم..كل ما يحدث كان مفاجئا بالنسبة لي..رجعت إلى مصطبة من خشب تشبه سريرا مركونة في زاويتها القصية يركن فيها ضيف البارحة ينام قرير العين غير آبه بما يحدث حولي وبما يقرقع داخلي. عندما هممت أوقضه، توقفتِ الوقائع الغريبة فجأة قبل أن ألمسه قبل أن أهمس ببنة شفة.كما بدأتِ الحركة الغريبة آنتهت.كل شيء آستقر..تراجع الارتعاش، ثبت الحال، ذهبت الاهتزازات المخيفة من حيث أتت، وبقيت أنا مذهولا جاثيا حذاءه ينام يشخر ينخر غير مبال.تثبتتُ تشجعتُ أكثر تنفستُ بهدوء أبعدتُ عن رأسي تخيلاته الرعناء حككت القنة مرارا حككت أطرافي وأشياء أخرى كانت تهرش فيها كائنات دقيقة ليست تُرَى، وبسرعة آتجهت نحو الباب،وبدون أن أضرب أسداسا في أخماس وأحصل على نتائج خاطئة كعادتي،وضعت المفتاح في القفل.أوغلته قليلا ليس أعمق مما ينبغي ليس أقل ولا أكثر في المكان المناسب بالضبط، وبالطبع كان عليّ أن أحافظ على نَفَسي في حالة واحدة ينسجم فيها إيقاع الشهيق بالزفير بطريقة تُخلق توازنا في الرئتين وباقي الأعضاء بشكل يعين على الاسترخاء ويزيد في الثقة بالنفس مما يسهل عليّ إنجاز العملية التي تبدو بسيطة في ظروف أخرى غير التي تطوقني متاريسها الآن.أدرته بهدوء وطمأنينة مصطنَعة فآستدار.تجرأت أكثر. أدرتُ سبيكة الحديد الدقيقة في ثقبها المناسب.دققت الإيلاج بتؤدة دون قوة زائدة أو ناقصة.جعلتِ الأسنان تتعالق ببعضها تتعانق تتضاحك تتداخل تنسجم..دورة أخرى صرير آخر.. هووب..ومثلما يقع في الحكايات، انفتح كلية ذاك الباب العنيد بدون كلمة سر ولا افتح يا زمردة...مهرولا خرجت من البيت. ألفيت الجيران وجيرانهم في الأسفل منتشرين في الأزقة وقد ثارت ثائرتهم يتبادلون الأسئلة والاستفسارات الحائرة..لا أحد يدري ما وقع.كثرت الافتراضات والتخمينات وضاعت الحقيقة بين قيل قال، بيد أن الكلمة التي تكررت على الألسنة أكثر من مرة هي"الزلزال".لقد وقع ما وقع دون أن يعيَ أحد هول الكارثة التي كان بالإمكان أنْ...لولا ستر الستار...فالاهتزازات تواترت أكثر من مرة ولو بحدة متفاوتة وفترات متباعدة،لكنها حدثت وتحدث..عيونهم محمرة خائفة مشدوهة وكلامهم عاجز عن وصف أحوالهم أثناء..وبعد..سوف يقضون بقية الليل خارج المنازل..هكذا آتفق معظمهم وقرر البعض اللجوء إلى الجوامع مادامت صلاة الفجر أوشك أوانها بينما راح آخرون يلغون في حديث الكوارث أسبابه وعواقبه وما يجب ويمكن عمله..أوووف.. زلزال إذًا وما شأني أنا.. تنفستُ الصعداء.رجعت من حيث أتيت بعد أن أفرغت ما بداخلي خارجا وهدأت نفسي قليلا.دفعت الباب فآندفع بكل سهولة آستجاب.قصدت ضيفي أستنفرُه أوقضه..انهضْ إنه زلزال علينا المغادرة كبقية الناس كلهم خرجوا..قلت مرارا دون أن أحْضى برَدٍّ ما.تذكرت أني لازلت في العتمة، فقصدت المَقْبِس ضغطت على الزر، فآنتشر ضوء المصباح الأصفر الفاقع في الأرجاء التي لم يتغير فيها شيء البتة..كل المتاع في مكانه..الكتب على رفف القصب.الفوضى التي تركتها البارحة هي هي تحت الأريكة فوق الطاولة على طبلة الأكل..بنطالي مازال مرميا على الأرض وأشياء المطبخ لم تترنح لم يهتز الأثاث..استيقظْ انهضْ أرجوك..شرعت أصيح في وجهه دون جدوى..لم يحن الوقت بعد دعني وشأني..قال ضاربا مخاوفي وحسن اللياقة وشدة قلقي عُرض السقف..قم إنه زلزال يا بارد القلب..فتح عينيه أخيرا بتعب وكسل.حدق فيَّ مليا متلكئا، وبسخرية متشفية قال ضاحكا..اووف إنه حمار الليل يا صاحبي اعرضْ نفسك منذ الصباح الباكر على طبيب ودعني أنام أرجوك...قالها هكذا رمى بها في وجهي ثم عاد ببرودة إلى ما كان فيه من سُبات دون آكتراث، وظللت أنا جاثيا قبالة السرير أردد بغباء..حمار ليل حمار نهار..رباه..ماذا يحصل لي...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفل القديم
- التَّابْعَة
- قَرْنَان
- مُمَارسةُ آلموت
- اِقْرَأْ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ
- فْشِي شْكَلْ
- رَحِيل
- الجوكر أو الأقنعة الموروثة
- التتارُ الجدد
- شَدْوُ آلْفِجَاجِ
- سَيَمُرُّ آلْقِطَارُ بُعَيْدَ قَلِيل
- زَنَابِقُ آلْحَيَاةِ، بخصوص قصيدة-يا صبر أيوب-للشاعر عبد الر ...
- مُجَرَّدُ شَخيرٍ لا غير
- سُعَال
- دُودُ سِكَّةِ آلْحَديد
- شَرْخ
- سُلَالةُ قابيل تُكملُ آلمهمة
- بخصوص شريط(حَلاق درب آلفقراء)لمحمد الرَّكاب)
- السيد(بِيغُونْجِيهْ)في مواجهة قطيع القرون ...
- بخصوص(Voyage au bout de la nuit)لفرديناد سيلين


المزيد.....




- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - حِمَارُ آللَّيلِ