أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - السيد(بِيغُونْجِيهْ)في مواجهة قطيع القرون ...














المزيد.....

السيد(بِيغُونْجِيهْ)في مواجهة قطيع القرون ...


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7342 - 2022 / 8 / 16 - 01:02
المحور: الادب والفن
    


عندما تَغْدُو حَيَواتُنا التي هنا في قلوبنا وعقولنا مُدُنا غريبةً تظهر فيها مجموعة من حيوانات"وحيد القرن"، عندما يصبح الأنام بأشكالهم بظلالهم، بعضهم تلو بعض"وحيدي قرن"يَتَغَيَّرون جميعا يتشوهون يُمْسَخون، عندما تضحى جنائن الحياة مُستنقعات لإِبْحَار البوار وعثْير الغبار..يَخْضّرُ لون بشرتنا، ينتأ يقسو؛ وينبت للمسوخ قَرْنٌ وقرون معقوفة كبيرة صغيرة مُحْدَودبة بجميع الأشكال والألوان، عندما نُمسي لا نُدركُ أنحاءَنا الغائرة في عقولنا..لا عقولَ لنا..لمّا ينتشرُ الوباءُ ونحن مُحاطون بجوقة الفناء وسط جمهور من أناس كنا نعرفهم أو كنا نَخَالُ نعرفهم..أتراهم تغيروا أم نحن الَذينَ سُحِبَتْ بُسُطُ التطور من ألبابنا وأرواحنا..؟؟..لَمّا يستحيل المكانُ غير المكان والزمان غير الزمان..ويتخلخلُ الممكن فينا يضحى مستحيلا وسط عالم يضيق ثم يضيق بأناسه المتحولين..انهم يجأرون في كل وقت وحين، يَصْأَوْن بدلاً من أن ينبسوا كلمات مفهومة، ويهاجمون بدلاً من أن يُفكِّروا..ويصخبون يهتفون كالقطيع في غيابات مُدن عملاقة من صفيح واسمنت ونحاس حديد..لا يشعرون الا كما تشعر البهائم في زرائب الظلام وحظائر القَتام..لَمّا..ولَمّا..كل ذلك وغيره يقع ويمسي وقوعه أمراً عاديا وشأنا انسانيا روتينا من شؤون البَرم والضجر والقرف التي تُعَاشُ الآن هنا مذ أُبْدِعَتِ المشيئةُ وأشكل مفهوم الانسان على الانسان، لما تمسي العادة عبادة، فان الشذوذ عن دوامتها يُمْسي أمرا غيرَ مقبول ومرفوض من لدن الذين ارتضوا الحياة حياة وكفى في سنن الجماعة الخاضعة لمشيئة لا تستشيرُ خصوصية الانسان...
تلك بعض من أفياء الضيق والحنق المعشعشة كالقرف في لحظات غير هاربة من لحظات السيد"بيغونجيه" في مسرحية:«وحيد القرن"«rhinoceros»لأوجين يونسكو...مكان العرض ضيق جدا ضيقَ العوالم التي عشناها ونعيشها والتي سنعيشها.كل شيء يوحي بانقراض وشيك قادم، بزوال آت وبحالة كالقيامة المؤدية الى سراديبَ من جحيم وبوار..يجدُ السيد"بيغونجيه"نفسَهُ ذات لحظة من حياته وحياة الآخرين وسط عالم يتحولُ مُسوخا في شكل خراتيت غريبة..السلطة بشرطتها التنفيذية خراتيت، مشرعو القوانين خراتيت، القضاة خراتيت، الحارس البواب على عتبة المؤسسة خراتيت،السيد المدير المبجل خرتيت كبير بقرن مهيب كما يليق بمقام المديرين، حتى الآنسة السكرتيره الجميلة غَدَا لها قرنٌ صغيرٌ قشيب يتناسق وقسمات وجهها الصغير الجميل..هو وحده"بيرونجيه "الإنسان الشقي الذي آحتفظ بكينونته الانسانية وسط أجمة الخراتيت هذه...
_(كيف يمكن أن يُدارَ العالمُ من قبَل البشر؟)..تسأل الخراتيتُ نفسَها..
_(اسأل نفسك أنتَ:هل حقيقة، أن العالم قد أديرَ يوما ما من قِبَلِ البشر؟..)
إذن،هي الحقيقة التي كنا نعيشها دائما ونحن عنها غافلون..والآن فقط كُشفَ الغطاء فبَصَرُنا اليوم غير حديد..كل شيء يسير بخطى حثيثة ثابتة واثقة إلى حوافي الحُمق واللامعقول.الخراتيت تتجول بحرية ودَعة في شوارع المدينة، بشكل يعطي انطباعا واهما بأنها حيوانات هاربة من حديقة حيوان ليكتشفَ الجميعُ الأمرَ المُريع:سكان المدينة أنفسهم نَمَتْ على جباههم فجأة قرون طويلة، وتصلبت جلودهم واستحالت سُحنةُ بشرتهم لونا أخضر داكنا، مُسِخُوا جميعا الى خراتيتَ تُدمر كل شيء في طريقها..فقط السيد"بيغونجيه"الصامد في وجه موجة التحول الماسخ هذا..وحده الانسان المحتفظ بآدميته التي كانتْ والتي ورثها عن أجداده القدامى من بني البشر مُدْ خلق اللهُ البشر..لقد رفض رغم كل الاغراءات والنداهات والاغواءات الانصياعَ لمذهب الامتثال للتقاليد وتبلـّد المشاعر والانخراط في سياج القطيع، حتى أمسى يُنْظَرُ اليه بغرابة ونفور بل وعدوانية من طرف هدا القطيع الذي لا يستسيغُ شكلا غير شكله الحيواني الجديد وحياةً غير حياته المتحولة..هي معادلة لا تقبل القسمة على آثنين، إما أن تكون أنت أنتَ أو أن تكون أنت سِواك..انها مسرحية لا معقولة، نعم، لكنها تعيش في واقعنا تنتقد حلكه اللامعقولة بقسوة وسخرية لامعقولة عسانا نستفيق لحظة من سباتنا ونعي مسخواتنا التي أُلْنا إليها.



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بخصوص(Voyage au bout de la nuit)لفرديناد سيلين
- ثُمَّ هَوَى
- رغم الصخب والجؤار...(قراءة في رائية أبي الصعاليك)
- تَصْفُو حِينَ تَرْتَجِزُ
- عَدَم
- بخصوص(كائن لا تحتمل خفته)ميلان كونديرا
- تَرَى آلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْهَا
- اِنْكِفَاء
- زَعَمُوا أَنَّهُ
- بَسَاطة...(قصة)
- نَهِيق
- تِيمُورَانَّغْ بَيْنَ فِطْرَةِ بَانْجِي وجَشَعِ جاسنْ
- ثُمّ يَقُولُ آلْعَاثرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ صَوَابَا
- تَتَّوفْتْ/مَمْسُوسَة
- ولاداتٌ في سماوات زرقاء يعج في أكبادها الخواء
- العالم الذي هناك..(بخصوص فيلم:-vivre sa vie-لجون لوك غودار)
- فِي آلْعَاشِرةِ أَوْ يَزِيدُ
- لِطَنْجَةَ غَوْرٌ أحِنُّ إلَيْهِ
- هَا أَنَذَا !!
- بَلْدَاتُ أعْمَاقِ آلْعِنَادِ


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - السيد(بِيغُونْجِيهْ)في مواجهة قطيع القرون ...