أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - بَسَاطة...(قصة)














المزيد.....

بَسَاطة...(قصة)


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7334 - 2022 / 8 / 8 - 01:58
المحور: الادب والفن
    


واحد_مقدمة بسيطة...
إنه رجل بسيط جدا.عشرون سنة خَلَتْ من حياته قضاها مُعَطلا فيما يسمى"الانعاش الوطني".عبد القادر رجل مسكين ولد حرا في الأعالي.حارب الفرنسيس والبرطقيز والإسبان، وقبل ذلك كان يغيرُ على السهول المجاورة للجبل رفقة شباب ذلك الوقت.وبعد ذلك عاش عبدًا لشدق الخبز الأسود المر.يعمل بالبطاقة يتخلص بالبطاقة ينتظر الفرج ويده مزمومة على ركام البطائق المكدسة في جيب سروال قندريسته.عبد القادر يموتُ بالتقسيط. لا حياة له.مشرد.تالف.كل ما يعرفه الآن هو الامتثال للأوامر عندما تنجحُ الصدفُ في مساعدته في إيجاد عمل ما...

جوج_تحولات بسيطة...

كان عبدالقادر سعيدا في زمنه الغابر.يحرثُ الأرضَ.يشقُّها.يزرعُها.يسقيها.يحبُّها تحبُّه، وفي موسم الحصاد يجني الثمار يُقيمُ الاعراسَ يصدحُ بالحُداءِ مع الذئاب والوُعول ثم ينامُ مع النجوم مدثرا بالبهاء.لقد كان غنيا لا مالَ له لا بطائق مُعرَّقة في جيب قندريسته، وكان سعيدا لا هَمَّ له.ماضيه كان بسيطا وحاضرُه أبسط..لقد كان قويا في فطرته في بساطته..يثورُ في وجه الغزاة خارجيين كانوا أو داخليين لا يأبَهُ بالأيام والليالي؛ لكنه الآن بسيط في قوته.أخذوا منه أرضَه وأرضَ أجدادِه بأشجارها وغلالها وقطافها، وقال لاحول ولا قوة الا بالله..مَاتَا والداه بالفَقْصَةِ فقال انا لله وانا اليه راجعون..ماتتْ ابتسامتُه آلسخية، أمسى أدردَ بعد أن كان يعضُّ على أشداق الزمن وأهليه فيُدميه ويدميهم.سقطتْ عليه المصائبُ من كل حَدْبٍ وصَوْب وقال اللهم اني لا أسألكَ رَدَّ القضاء وإنما أسألك اللطْفَ فيه.هاجرَ عبدالقادر الى المدينة الصغيرة وتَبَوَّأَ غرفة ضيقة في أحد دروب القش والقصب والقصدير، وقال القناعة كنز لا يفنى..عبدالقادر يؤمن بالقضاء والقدر.عبدالقادر رجلٌ مؤمنٌ يأكله القرادُ والبق تقسو عليه صَبَّارَة الشتاء وحَمَّارَة القَيْضِ.تتجمع أطرافُه تنكمشُ.يبري الهمُّ جسدَه الضامرَ.يُصيبه الهزالُ تطويه تجاعيدُ الساعات.تتلظى النيرانُ في صدره.يشكو العجزَ والقرحَ وألم بوقليب الروماتيزم وبقايا جروح قديمة عندما يَرْنُو اليها يتذكرُ الزمنَ الجميلَ يتنفس الصعداء ويستعيذ بالله من هذا الحاضر الأغبرِ ويقول صبرا جميلا هذا هو مكتابي أُورْ غَارِي مَانْ غْرَايِّيغْ(*)عبد القادر يبدو في زقاق الدرب عجوزا يدبُّ دبيبا.يتكئ على عَصًى سُليمانية تترنَّحُ به في طرقات متربة.كان يقول لنفسه اِمْشِ بالنعلين حتى يجيء السباط.كان قانعا عبد القادر يمشي حافيا.يصببه الإرهاق والاعياء والدوار.يتعثر.يسقط..يُعينه أطفال صغار.يوصلونه الى قبْوه.يلعن زمنَه وزمنَ الآخرين والأزمنة كلها..يتأففُ.يسخط..يضربُ رأسَه الأشيبَ مع الأرض.يتألم.يبكي.يمسح دموعَه. يستغفر الله ويستمرُّ في صبره..لا يجيء دفعة واحدة الا الموت..هكذا كان يقول لنفسه عندما تعتريه في المنام تلك الأحلام المفزعة.يَرَى نفسَه يغوص في الأرضين أشبارا.يهيلون عليه ترابا يستغيث يسخط يختنقُ..إن الصرعَ والتهيجاتِ العصبيةَ والهذيانَ والتشنُّجَ والماءَ الذي يسْري في الأعصاب والبراغيثَ عندما تقيءُ أشياءَها الدقيقة، فَيُجَوَّفُ الانسانُ يجري دودٌ في الأبدان مجرى الدم يخرب الخلايا يدمر البقايا يُنَوَّمُ الكائنُ الحيُّ كمخبول تُصْرَع جثته..كل ذلك لا شيءَ إذا قيسَ بحالة عبدالقادر البسيط الذي لعبتْ به الدنيا رَمَتْه على التَّمَاسِ هيكلًا خَرِبًا ينتظر النهاية صباح مساء...
في شتائه الأخير، أضاع عبدالقادر جَلاَّبَتَهُ الوحيدةَ، فكاد يموتُ من البرد.ولما آستقر الجو قليلا خرج من قَبْوِهِ ملتمسا الطريقَ الى المدينة، لكنه كان يسعلُ يرتجف يرتعدُ، وإذْ يتذكرُ الأحلامَ التي كان يعيشها جهارا عيانا، يصيبُه الدوارُ، يحس الأرض تشطح تحت قدميه الواهنتيْن، فيدوخ يدوخ، يصرخ والأرض تسوخ به يغوص شبرا ثم شبريْن تَتَوَالَى مسافاتُ غوصه يستنجد يجأر بالصراخ في مَدى سحيق بلا قرار...

بعد ذلك بأيام نَشَرَتْ صحيفةٌ حادثا بسيطا في آخر صفحتها الاخيرة قائلة:
وقعتْ في الأيام الاخيرة حادثةٌ بسيطةٌ جدا في الشارع الرئيس عندما اصطدمت حافلة خاصة بنقل موظفي شركة خاصة بحافلة سياحية تابعة لشركة أجنبية كانت تجتاز الطريق بسرعة بسيطة فصدمت رَاجِلًا شاردَ الذهن مترنحا كان يتوسط الطريق الرئيس غافلا يعبث بأورواق وبطائق جعل يُخرجها من جيبيه دون مبالاة حتى تعثر وتسبب في وقوع الحادثة المؤسفة التي أسفرت عن موت الراجلِ في الحين بعدما غاصت أشلاؤه في الأرض عدة أمتار واصابة اثنين بجروح خفيفة، ولم تكن هذه الحادثة لحسن الحظ لتعرقلَ وتيرة السير، فسرعان ماعادت الأمور الى مجراها الطبيعي المعتاد...

ثلاثا_خاتمة بسيطة...

مسكين وبسيط هو عبد القادر..عاش حياة بسيطة ومات ميتة بسيطة..فطُوبى للبُسطاء...

_تمت

_هذا هو مكتابي أُورْ غَارِي مانْ غْرايِّيغْ:
إنه قدري لا طاقة لي به



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نَهِيق
- تِيمُورَانَّغْ بَيْنَ فِطْرَةِ بَانْجِي وجَشَعِ جاسنْ
- ثُمّ يَقُولُ آلْعَاثرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ صَوَابَا
- تَتَّوفْتْ/مَمْسُوسَة
- ولاداتٌ في سماوات زرقاء يعج في أكبادها الخواء
- العالم الذي هناك..(بخصوص فيلم:-vivre sa vie-لجون لوك غودار)
- فِي آلْعَاشِرةِ أَوْ يَزِيدُ
- لِطَنْجَةَ غَوْرٌ أحِنُّ إلَيْهِ
- هَا أَنَذَا !!
- بَلْدَاتُ أعْمَاقِ آلْعِنَادِ
- ثُمَّ تَنْسَحِبُ ...
- مُطْلَقُ آلجنون وكفى
- مُطاردة
- غِياب
- مُولايْ عَبقادرْ جيلالي تَزَكَّا
- شُمُوسٌ سُود
- أُوَار...(قصة)
- ضرورة آلثقافة
- رَجُلٌ يَنَامُ
- حُلْمٌ بَارِد


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - بَسَاطة...(قصة)