أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - بخصوص(Voyage au bout de la nuit)لفرديناد سيلين














المزيد.....

بخصوص(Voyage au bout de la nuit)لفرديناد سيلين


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7340 - 2022 / 8 / 14 - 20:53
المحور: الادب والفن
    


في البدء وقع ما وقع، أنا لم أقل شيئا، هو الذي رَوَى، هو الذي حكى ما حكى.."آرْتُورْ جَانيتْ"هو الذي جعلني أتكلم...بهذه الصيغة يتكلم يقتحم(لويس فرديناند ديتوش سِيلينْ)عوالم روايته الشهيرة"سَفَرٌ إلى أقاصي الليل/Voyage au bout de la nuit"التي آعتبرَها النقاد من أجود ما كُتِبَ في القرن العشرين في فرنسا على الأقل..كاتبُها(لويس فرديناند أُغوست ديتوش) روائي وطبيب فرنسي، وُلد سنة 1894 توفي سنة 1961 مَعُروف بآسم جدته(سيلين)منذ نشر كتابه الأول هذا"سَفَر إلى أقاصي الليل"عام 1932المخصص في مجمله لآثار الحرب العالمية الأولى على نفسية "باردامو"الشخصية الرئيسة في الرواية، التي عبثا تحاول البحث عن خلاص لكوابيس ماحقة عبر الحركة في المكان من فرنسا لإفريقيا لأمريكا لِـ..لَا جدوى..كل الأمكنة عتمات.. ليخلص سيزيفُ سيلين إلى عبث دوامة الأقدار وعبث الأفعال الممكنة والمستحيلة في عالم مطوق بكون صامت لا صدى فيه إلا لصراخات أنين ونحيب وجنون وفوضى في جحيم الأرضين والسماوات العُلا والدَّنى سيان..حتى الحب يُمْسي أبدًا مفروضا على شرف جِراء مجروبة تلدغ تلعق تلهث تنبح تهز أذيالها تَذللا في عالم أسود معتم فيه من السديم ما في السديم من عناء، تَغدو الكتابة في هذه الأجواء الكابوسية فعلا أورفيوسيا توازي الاستحالة فيها عوالم الإمكان، فتُفْرَغ الأشياء من دلالاتها المتوارثة المتعارف عليها، ويُضرب بما هو معقول في أعراف الأنام عُرْض الفراغ وتبدأ نهاية الأكوان تفعل فعلها قبل أوان الأوان:"حياتنا رحلة في الشتاء وفي الليل نبحث عن طريقنا في السماء حيث لا يومض شيء"...بهذه الكلمات من إحدى الأناشيد الأوروبية قدم"سيلين"عوالمه المعتمة التي لا ضياء في حناديسها المدلهمة.وحدها السخرية المريرة يمكن أن تُبلسم الجراحات وأوشام كلوم الكلاب المتناسلة في الدياجير المتراكمة..لم يكتف"سيلين"بجعل الشخوص تتكلم لسانها الشعبي الشفهي كما فعل الكاتب"هنري باربوس" في جحيمه الحربي، بل جعل السارد يقتحم غمار الأسْلبَة راويًا بِلسان هؤلاء حاكيا حكاية البائسين المقذوفين في الأرض آعتباطا متكلما بطريقتهم الخاصة متجاوزا الطريقة التقليدية في السرد المعتمدة على رَاوٍ يتحكم في اللغة المحكية يوظفها بقواعدها النحوية والصرفية الصارمة المتعالية الكلاسيكية.إن أسلوب(سيلين)في روايته المعتمة شفهي شعبي آستعمل لهجة"لارغو" الفرنسية بشكل تَجاوز فيه النمط القديم في الرواية الفرنسية عندما كانت واقعية بالزاك وزولا ومن شاكلهما تُقدم شخوصا فقراء أميين بلسان غيرهم ممن يتقنون الحديث بلغة التراث المتوارث في المدارس والمعاهد والجامعات(كأن يتكلم فلاح أو حِرفي أو أمازيغي من الجبال لغة عربية فصيحة في سرد قصصي عربي مُتعال)؛ وتَجاوَزَ سيلين في الآن نفسه أسلوب"هنري باربوس"في نيران جحيمه، عندما ترك الحرية للشخصيات تتحدث بلسانها الخاص في حواراتها العفوية، ليضيف إلى هذا النزوع نزوعا آخر أكثر جرأة في ذاك الوقت بعدم آقتصاره على جعل الشخصية تتكلم بلسانها الدارج فقط، وإقحام السارد نفسه في لعبة اللغة هذه متنازلا عن ثقافته ومعرفته المتعالية ليحكي هو الآخر حكاية البسيطين بلسانهم، فيتحول بذلك من كائن وَرقي أو حَرْفي (من الحَرْف)أو وَهْمي إلى كينونة حيوية تطفح بالحركة، رَاوٍ غير نمطي، بوظائف متعددة مشارك في الأحداث بضمير متكلم مفرد غير حياذي يحس الألم والفرح والقرح يتعالق وباقي الشخوص يؤثر يتأثر يأكل الطعام يمشي في الأسواق..من هنا كانت ثورة(سيلين)في الأسلوب أساسا في طريقة الكتابة السردية، إذ لا جديد في المضمون والأفكار كما يصرح هو نفسه في كثير من تعليقاته وحواراته الصحفية، بل الجِدة كل الجدة في كيفية تقديم المعطيات السردية بصيغ نحوية غير معيارية تخرق تنزاح عن القواعد المتداولة، فتؤخر الفاعل تقدم الموضوع على شاكلة"لم يكن قد نام جيدا الجنيرال"، وتسبق الإحساس عن أي شيء آخر..إنها لغة الطفل قبل أنْ يتحول إلى كينونة ناضجة يقتل نضجَها "العالمون"..كما ذهبت إلى ذلك"جوليا كريستيفا"في مقاربتها للصيغ النحوية المتبناة لدى"دو تروش سيلين"
المشكلة عند الفرنسييين الرسميين أن الرجل تَم آختزاله في بعض مواقفه السياسية الخارجية أو بعض كتاباته المباشرة التي عبر فيها عن معاداته لليهودية سالبين منه حق حرية الرأي والاعتقاد ناهيك عن محاكمته مرارا ونزع شرف المواطنة منه لمناصرته الألمان ضد عرق اليهود.لقد آستطاع اللوبي العقائدي اليهودي السيطرة على عقل المتحكمين في السلطة في فرنسا عبر سنوات تلت الحرب العالمية الثانية، فأقْصِيَ الكاتب مرارا وعُزل في مسكنه الخاص بعيدا عن كل شيء، ولم تعد المصنفات الأدبية تشير إلى وجوده الأدبي إلا لماما، فأضحى نَكرة بين مَنْ نصبوا أنفسهم متكلمين بآسم الثقافة الفرنسية إلى درجة أن وزير الثقافة الفرنسية في زمن قريب جدا عام2011 يزيح سيلين من تكريم كان قد أُعِدَّ له ولكتابته بعد سنين من موته لأن اللوبي العِرْقي لليهود تدخل وضغط لكي لا يتم ذلك في زمن لازالت فرنسا وغير فرنسا تتشدق بالحرية في الرأي والتعبير ووو ما إلى ذلك من سفسطة تُصَدَّرُ لمَن يمثل دور سذاجة مَنْ لا يفقه الأشياء وأسرارها..فكيف يعقل لفرنسا أن تتحدث وتعطي دروسا في الحرية للناس وهي تغبن حق آبن من أبنائها الشرعيين أبا وأما لا لشيء الا لأنه عبر عن رأيه الخاص في كتاباته التي لازال المنع يشمل الكثير منها مما آعتبر معاداة للسامية..فعلا..فرنسا، بمثل هذا النزوع، يأكل نظامُها الرسمي أبناءها جهارا يهمل حضارتها ومبادئها المتجذرة في العلمانية، وتلقي بكِتابة فرنسية لأحد كُتابها الأصيلين في أدراج الإهمال من أجل إرضاء حسابات سياسية ضيقة الأفق ستموت بالسرعة التي عنت بها، ليظل الأصيل أصيلا، والزبد يذهب جفاء في أول عاصفة تجود بها أجواء تَغَيُّرِ أحوال الأمم والحضارات، وما أكثرها في أزمنتنا آلمعاصرة...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثُمَّ هَوَى
- رغم الصخب والجؤار...(قراءة في رائية أبي الصعاليك)
- تَصْفُو حِينَ تَرْتَجِزُ
- عَدَم
- بخصوص(كائن لا تحتمل خفته)ميلان كونديرا
- تَرَى آلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْهَا
- اِنْكِفَاء
- زَعَمُوا أَنَّهُ
- بَسَاطة...(قصة)
- نَهِيق
- تِيمُورَانَّغْ بَيْنَ فِطْرَةِ بَانْجِي وجَشَعِ جاسنْ
- ثُمّ يَقُولُ آلْعَاثرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ صَوَابَا
- تَتَّوفْتْ/مَمْسُوسَة
- ولاداتٌ في سماوات زرقاء يعج في أكبادها الخواء
- العالم الذي هناك..(بخصوص فيلم:-vivre sa vie-لجون لوك غودار)
- فِي آلْعَاشِرةِ أَوْ يَزِيدُ
- لِطَنْجَةَ غَوْرٌ أحِنُّ إلَيْهِ
- هَا أَنَذَا !!
- بَلْدَاتُ أعْمَاقِ آلْعِنَادِ
- ثُمَّ تَنْسَحِبُ ...


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - بخصوص(Voyage au bout de la nuit)لفرديناد سيلين