أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/19















المزيد.....


بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/19


أحمد عبد العظيم طه

الحوار المتمدن-العدد: 7276 - 2022 / 6 / 11 - 07:35
المحور: الادب والفن
    


- ........................................

- ...........

- والقاهره من زماااان وهي عامله زي الأرمله السوده.

- إشمعنى يا عم توفيق؟

- عشان الأول بتشل الفريسه بالسم.. وبعدين تاكلها حيه.. تفرتكها.. هههاهاهـ...

- اللعنة................................

- ......................................................


أغادر ستلا، غاية في الانسجام مع النفس، وقد تخدر اكتئابي شيئاً ما بالكثير من الكحول.. صرتُ أمشي مراعيًا الحفاظ على ثبات المشية، من خطورة التطوح سبعات في ثمانيات كما تدري بالضبط يا أخي.. ويكاد صوتي يكون مسموعًا وأنا أغني: وانت مكتووبلك يا بختك نعمة النسيان... فأكتم فمي بيدي كيلا يرتفع الصوت كثيرًا عن المعقول، بينما أستمع منصتًا إلى غنائي...
منذ فترة أرسلتْ لي رحاب – بريديًا على عنوان المعسكر – بشريط كاسيت يحمل ذات الأغنية على وجهيه، ومن الأكيد أن سماعي للأغنية مرتين، سيفيد شيئًا معينًا– تريد هي إيضاحه – ولكنني حتى الآن لم أصل إلى نتيجة ملموسة، إلا إذا كان التصاق هذه الجملة الرائعة بلساني يُعدُ من النتائج........
وانت مكتووبلك يا بختك/ وانت مكتوووبلك يا بختك/ نعمة النسيااان.. نعمة النسيااااان/ يا بختك...

ثلاثة أيام – من عطلتي الدورية – بالقاهرة، وذي هي ليلة اليوم الرابع تنتصف بسماءٍ رائقة، وبردٌ قليل..
القاهرة، آخر أمكنة العالم إذا كنتَ تريد الابتعاد عن شيء. العجوز المفرطة في شد الوجه، وحشوات السيليكون، الأرملة السوداء كما يقول توفيق صهيب، الرجل الذي قضى ثلثي حياته شيوعيًا، يتمرغ في تراب النظرية، والآن هو ينهي المسألة خمورجيًا دون أدنى متعلقات – نتائج – نضالية. وأكم من تشابيه شنيعة تتصارع للتصور، ولوكلوك لوكلوك كثيرٌ جدًا، تحتويه سيرتها... المدينة التي لا تستطيع إسقاطها عن الحديث عنوة يا أخي، رغم أنها تستحق لها ذلك، ومستهلكة إلى حد التمزق هي المدينة تكون....

العوالم التي كنتُ أستشعرها سحرية هنا منذ بضع سنين، لم تعد موجودة.. مع العلم أنها هي هي ذات الأماكن التي غمرتني انبهارًا فيما مضى.. وسط البلد، المقطم، شارع الهرم.. ستلا، النادي اليوناني، المشربية، السكارى، المثقفون، النصابون، بنات الناس، العاهرات الرخيصات,.....

- وكأن ما قد كان لم يكُ إذ مضى وكأن ما سيكون مثلما قد كان.
مجهول/ حقيقي.
- ومين سمعك.. حاجه جميله جدًا.
جاهل/ حقيقي.

سأتولى السير ناحية رمسيس – المأوى الكلاسيكي للسواد الأعظم من الوافدين المحليين – داعيًا كلما مُنيتْ قدمي بخطوة غير متزنة، ألا أتعثر في مخبرٍ جائل، أو دورية تحري، أو ذكرى موقف لـ رحاب، هنا.. عند محطة القطار.....

*******
- ............
- .....................
- إنجيل بوذا!.. حصل إمتى ده!
- دي كتاب جاميد خاليس
- أيوا يعني بوذا عمل إنجيل إمتى؟
- لأ خاليس ميش عمل.. بس دي عنوان اللي يكتب اللي مؤلف
- شكلك فاهم أوي ربنا يزيدك.. أكيد عندك كتب عربي تاني!
- كتير باس في اللي شقه اللي قديمه.. لسه مش جبته اللي جديده
- على كده ممكن أستعير منك شوية كتب؟ وارجعهملك الأجازه الجايه.. بروميس
- آآستاعير دي يعني ايه؟!
- يعني يستلف. (هكذا قال حاتم بينما يُسبسب لحيته ويرمقني بنظرة فخورة)...
- .....................
- ......
- .........

كانت الحادية عشرة ليلاً، لما بدأنا نتمشى باتجاه عابدين، حيث تقع شقة مارتن القديمة – لم أكن أعرف قديمة من جديدة– وعندما طال الطريق، وتشعب الكلام، كنتُ أشتم رائحة ضيق حاتم بوجودي. على الرغم من أنه لم يُظهر أية بوادر عدائية تجاهي، ولم يبد على وجهه أية تغيرات تشي بما ورد إلى أنفي.. فهو يتابع سيره صامتًا، مستمعًا، ولا يتدخل فيما يدور من حوار – مثقف بعض الشيء – بيني ومارتن.

- ...........................
- ...............
- حتوم.. رحت فين مساء الفل
- مفيش.. بسمعكوا
- طب ماتشارك يا نجم
- مفهمشي حاجه فـ اللي انتوا بتقولوه..
- ............................
- عالفيكرا حاتيم ميش موتعلم.. باس زاكي كيتير
- واضح طبعًا..
- .................
- ...
- .......
- إنما بقولك يا حاتم.. انت ملتحي زهق كده.. وللا انت تبع حاجه؟؟
- دلوقتي زهق.. بس قعدت فترة ملتزم ولسه سايبهم من قريب. (وكان يتلفت حوله فيما بدت كحركة لا إرادية)
- وحاليًا انت لسه على حالك.. ملتزم؟ (لاحظتُ أن سذاجتي من النوع الذي يخدع الشيطان يا أخي، فغاليتُ)
- لأ.. (كانت نظرته صوب مارتن عميقة ومضطربة بعض الشيء)...
- ........................
- .................................

فلما وصلنا إلى العمارة التي تقع بها الشقة، ألفيتُ نفسي أتمنى السكن بها، حيث هذا الإفريز العبقري، مريع الروعة، عظيم الإتقان، يمر أسفل الشرفات الواسعة، ويجعلني أكاد أدمع إعجابًا بكل فرنسيٍ قد احتل القاهرة أيام الإنجليز.

كان البواب شديد التحفظ تجاهه، فلم يَرض إعطاؤه المفتاح، وقال أنه سينجز مشوارًا في نصف ساعة، وحين عودته سيفتح له الشقة، كي يأخذ بقية أغراضه. تأفف مارتن عميقًا، ورطن بجملة – أظنُها بذيئة – ثم أخرج ورقة نقدية، وضعها بيد البواب، فاستدار الأخير تلقائيًا إلى باب الأسانسير، هكذا دون أدنى حرج.. هكذا دون أن يبرر أي شيء.

الشقة وفيرة البراح، عالية السقف، عتيقة النوافذ والأبواب، ومفروشة جيدًا. لكن اللمسة الأخيرة تبدو محلية تمامًا، مما يفسد الذوق العام للمكان، وسيبدو ذلك جليًا بألوان الستائر ذات البلتكانة، أشكال فورمات الجبس الباسقة من السقف كالتكلسات، السجاد الرخيص.. الصندرة جيدة.. وتبًا للمحليين عندما يرثون مبانٍ كهذه.

كان كل ما يخص مارتن هنا، هو ما يربو على الثلاثين كتابًا، بينهم ثلاثة مجلدات انجليزية، وصحيح البخاري، ومجلد يدعى الهند – مترجم للعربية – في نسخة حمراء أنيقة، ويشتمل الأعمال الكاملة للسيد/ طاغور. أما بقية الكتب فهي صغيرة الحجم، وغالبيتها بالتبتية والإنجليزية، عدا كتابين مترجمين إلى العربية، هما الحكمة المجنونة لـ ترونجبا/ شارحًا بادما سامباهافا – هكذا عنوان الغلاف – والطوطم والحرام لـ/ فرويد. إضافة إلى أشياء قليلة أخرى، من قبيل/ نايٍ تبتيٍ يشبه عصاة الغلية في هيئته ويحتاج إلى مهارة استثنائية للتمكن من العزف عليه/ بعض الأمشاط والقلادات الـ hand made. أيضًا هناك حقيبة جلدية بها الكثير من الاسطوانات المدمجة، وأشرطة الكاسيت.. وفقط لا غير، كانت تلك هي ثروة الأجنبي...

- ...................................
- ........................
- ..........................
- كويس انك بتقرا فـ البخاري.. دانت شكلك موسوعي جدًا...
- اللي بخاري دي من أيام كنت موسليم .. انا قريت شويه كيتير باس من اللي كا..كا..اللي ديكشنري!
- القاموس
- yes.. اللي كاموس
- يعني انت أسلمت فعلاً؟
- Yes من سانتين.. وروحت إعلان في أزهر شاريف.. باس انا بوذي دلوقتي.. وموسليم تابعن... (كان يبتسم ابتسامة خبيثة وهو يتكلم، ناظرًا بعيني حاتم!)
- وأكيد عرفت حاتم في الأيام دي.. صح كده؟
- آيوا كان يسلي في اللى جامع كنت أسلي فيه..وكنا نحفاز سورات ساوا...و......... (لم يُعلق حاتم بشيء، ولكن نظراته تجاه مارتن كانت محملة بما لم أستطع تحليله، كذلك نظرات مارتن الحانية جدًا تجاهه، بينما يجتهد في سرد الذكريات!)...
- ........................

عندما غادرنا العمارة، كنتُ أحمل كيسًا ورقيًا، يحتوي كل ما كان بالعربية – عدا الطواسين لامتناع المانح – فيما يقترب مجموع أثمانه من الـ 400 جنيه – كُتبًا – علاوة على بعض أشرطة الكاسيت لفيروز، وصباح، وأحمد منيب، وجابر أبو حسين، والعربي فرحان البلبيسي... وبعض اسطوانات الأذكار التبتية....

*******

S.M.S/m
Masai IL khir، Fareed. My misgivings about our differences have melted away since I understood we have one mind. I have read your beautiful email. I will answer it fully by email. Indebted to you and Marten for showing me my bhodi mind- my healers. I am awake. I want to see you.

مساء الخير فريد. إن شكوكي حول اختلافاتنا قد تبددت، منذ أن وعيت بأننا نتشارك نفس الأفكار. لقد قرأت بريدك الإلكتروني الجميل. وسوف أرد بصورة تامة عبر البريد الإلكتروني كذلك. أدين بالشكر لك ولمارتن إذ تُرياني عقلي البوذي- معالجاي. أنا مستيقظة. أريد رؤيتك.

*******



S.M.S

أحيانًا..
يبدو الوهم كالحقيقة
لكن الأغرب
أن تبدو الحقيقة كالكذب
..................؟

هكذا أرسلتُ رسالة هاتفية إلى رحاب، ردًا على رسالتها الأخيرة.. رغم درايتي بما تُكيله لها مثل هذه العبارات الوجودية الفارهة من حسراتٍ، ورغم هذا التكرار الممض لذات النهاية المأساة للمرة الستين – تقريبًا – إلا أن الحبيبات كلهن واحدة.. كلهن يفعلن نفس الأشياء، ويشعرن بنفس اللوعة القاتلة لفقد الحبيب، الرهيب، الوحيد، المعجز في تصوره للحياة، اللعنة...

أغلقتُ الهاتف.. ومددتُ رجلاي على المقعد المواجه مستغلاً فراغ الدرجة المكيفة.. كنتُ أروح في النوم شيئًا فشيئًا، يساعدني النغم المنتظم، الخافت، لعجلات القطار. بينما تتجول ذاكرتي السمعية بعربات الثالثة العادية.. حينما يُبطئ القطار بمحطة التينة، ولكنه لا يقف، مما يستوجبُ حنكة شديدة بالقفز من بابٍ، لمعاودة الركوب من آخر– في عشر ثوان كأقصى توقيت للتهدئة– فقط لتفادي عجلا ت القطار، والكمساري غير المتعاون بالمرة، وادخار جنيهًا عزيزًا... ويا بورسعيد الشقراء، الغندورة.. كم كان الجمرك كالسراط الحاد، ينحر قدم العابر، المُهرب، أيام عز العرب، والسرجاني، وأبوظه.. وسمنًا بلديًا يتمرغ به أبناء السبيل، البحرية، أيام ريحان، وفلتس، والشيخ التايواني، و... ضحكككـ............

فإذا استيقظتُ في شبرا، سأفرك عيني، وأخرج مفكرة صغيرة وقلمًا، ثم أشرع في الكتابة كأنما يطاردني الوقت بذات نفسه..............

هذه عطلتي الأولى باستعمال الغشم في النزول، والثالثة من حيث أنني لن أمر على البلد.. فالأرملة السوداء تأبى الجمع بينها وبين محل آخر، كما أنها الأمهر بإضاعة المرتب والحوافز في شوارعها.....

*******

S.M.S/m
And how is that?
When I open up - you pull away - I feel it.

What are you afraid of?

فكيف يكون ذلك؟
كلما فتحت للحوار مجالاً - أغلقته أنت - هكذا أشعر بالأمر.

ما الذي يجعلك متوجسًا؟

*******

دولة الوهم

للحزن – تبًا بل لبالغ الحزن – أنني لم أجد من يؤرخ للوهم – كعلم ملموس – في أيٍ من مناحي الوجود التاريخي – بكل ما تحمله الكلمة من معنى وحيد – ولو كنتُ قد وجدت من يضطلع بهذا الدور التقريري، لأوقفتُ الزمان كثيرًا عليه، وكفلتُ له أمنًا وقوتاً – قدر المستطاع وما يرزق الله – إذ هو سيجعلني متفرغًا بشكل تام في تصنيع الأحداث، وتوفيق الرؤوس فيما قدر لها من دوار– متفاوت السرعة – حول محور رئيس.

والوهم – كعلم – لا يمكن قياسه على التوهم – كخاصية بشرية – إلا بحيز محكوم جدًا، ألا وهو حيز المشابهة الشعورية.
على سبيل المثال/ المشابهة.. أنت الآن تحلم بأنك شخص آخر في عالم آخر– أنت به طفقت فجأة – هناك أمورٌ غريبة تجري من حولك، ولكنك تفهم أنها غريبة، وتجري من حولك.. أنت تفكر قليلاً على محمل التريث – ليس الخوف أو اللامبالاة كما يمكن أن تتهم نفسك حينئذٍ/ فتندم بعدئذ – أنت تقترب للاستطلاع، فلا يلتفتُ لكَ أحدًا، ولا تكف الأمور عن غرابتها الغريبة، فتستقل قيمتك عند نفسك وتقترب أكثر..
الآن...
ومن هذه الزاوية المحاذية، أنت توقن بما ترى، وتفرك عينيك بقوة محاولاً التملص مما يعتريك من مشاعر مجهولة تحض على المشاركة.
هناك من يخبطك على كتفك بغشم.. قطعًا سيتبادر إلى ذهنك – الواهم – أنه يريد إيقاظك,، ولكنه لم يُرد ذلك أبدًا.. إنه فقط يؤكد لك ما تحياه.. أنت أغرقت كثيرًا.. سيوقفك قانونيًا.. أنت مازلت تحلم.
مرحبًا بك

........................................... ما الفن إذا لم يكن أنا/ هو؟... ما الحياة إذا لم تُمت قلبي؟؟... ....................................................................................... الوهمي.


*******
شيء 10

الشرق شرقٌ، والغرب غربٌ، ومنطقة الوسط هذه – لقرون خلت – تبدو كالخصية، لا تلج ولا تخلو من الدنس.

*******

- كيف فعل هذا؟
- استغل الظروف
- وما هي الظروف؟
- ظروفه كانت كويسه فاستغلها.. مش محتاجه فكاكه القصه يعني!..
- أين المسأله؟
- يا عم الناس كلمنا عدل ربنا يصلحلك حالك ويهديك على نفسك
- ما هي مشكلتك؟
- حقنا يا جدع انت..
- فـ إيه؟
- انت خنقت تمانين أمي.. ما فارقنا بقى يا عم بقى......
- ............................

- وهكذا لن تفهم شيئًا في شيء..
- يـاWelcome .. معاك وحيد من الاستعلامات.

*******


التوحد!

مباشرة وبلا لغو – زائد – سأقرر أنه لا يحتمل فلسفته – كما أنني لست فيلسوفًا كما نوهت من قبل – ذلك أنه يتبع ملف السريرة، وهو من ملفات النظام التي لا يجوز العبث بداخلها كما تدري سيادتكم كذلك من البدءِ. وقد ارتبك أغلب المراقبين أمام محاولة إعادته إلى برمجيته الأولية، إذ أن الخالق جل جلاله، قد وضع ضدين بحوزة واحدة، وأمرهما بالتوافق، على أن يسير أغلبهما بالكل، فإذا جاز نقاش فإنه ثنائي متنافر طبيعيًا، وسري إلى درجة الجهل، أي أنه من الخطورة بحيثُ لا يمكن إجازته إلا بمراصد التحليل الآمنة، والمشاريع النبشية الكبرى، والتي غالبًا ما يجد مشرعوها أنفسهم، محاطون بما كان بحسبانهم أثناء رصدها بأنفسهم أو بالآخرين، خاصة إذا كان تنظيرهم لهذا الحيد من الملفات شاخصًا بمعية الفن، وليس واقعًا تحت مظلة العلم. إضافة إلى أن حتمية وجود معيارية صائبة – إلى درجة معقولة – للقياس ما بين الكيانات المتباينة، تستدعي التسلل – وأحيانًا القرصنة – إلىprocessor نواة العديد من الأمثلة، وذلك للاستيلاء على البيانات النظامية المتصلة بحيز التحليل، ومطابقتها بالبيانات الخاصة بذات الحيز للمتسلل نفسه أولاً، ثم بما سبقها من بيانات مستولىَ عليها، نهاية للخلاص إلى مطابقات غالبة يمكن تدريجها كمعيار للتوحد.


*******

شكسبيري

- من يقول هكذا أيها الناس؟.. من الشجاع على تلك الشاكلة المرعبة؟.. من الفِقاء الذين يُلحقون الأذى بالقيصر الجديد.
- هه! قيصر! جديد! وما هي كرامات هذا الجديد يا ترى؟
- يسحر أعين الناس
- إنه يقابل الشيطان كل ثلاثاء بحديقة الخالدين
- لقد سمعتُ أنه يطير ليلاً
- له كتابٌ يقولون أنه شغل مصحات نفسية وشديد الفحش...
- اللعنة
- ....................
- تريثوا أيها الخونة العظام.. فكروا بهدوء.. إنه ينشر مسامعه بالمدى....
- ...........................
- سننتظره أثناء خروجه من الدير البحري
- هل سنقتله؟
- لا.. سوف ننتزع منه اعترافًا بكذبه فيما كان منه.
- وما الغرض من هذا؟
- حقنا يا جدع انت.. ( تعقبه استنكارات صرفة)...
- ..........................................

*******

تنكر مي

وإنه قد غدا الأمر لكأنه سيبدو واقعًا، لكنه بات غير ذلك جبريًا – وليس محبة بالتنكر– وإلا لصار أمين الشرطة الغبي يستحق عقابًا سلطانيًا من ضابطه المباشر – عقب الأحداث الأخيرة بالجنوب– ذلك أنه لم يستطع منعي من الهرب، لخلو صحيفتي الجنائية من أية أحكام قضائية واجبة النفاذ.. فقط بضع محاضر تحري من النوع الملفق لا تستوجب ترحيلاً، ولا تبدو بخطورة مئة جنيه مُطبقة...

أيضاً سوف تكون السيدة فريال متورطة إلى حد كبير بتجارة الآثار الأصلية، فالقليل من قطع حجرية مخبأة جيدًا– طرف زوجها الميت– قد انتقلت بها فجأة من وسط إلى آخر، وعبر سنين عديدة كانت – وما انفكت – تحاول جاهدة التماهي قيد هذا العالم الجديد، فتارة بالانعزال وقلة الاحتكاك بأحد عدا المحامي الكبير، ومدير فرع البنك بالمعادي – كشكل كلاسيكي مُجرب بتلك الثيمة من القصص الحياتي – وتغيير الخدم والخفيرين كل بضعة أشهر كيلا يلاحظوا – أو يعلق بذاكراتهم– شيئاً عليها.. وتارة أخرى بشراء شهادة تعليمية ذات قيمة معقولة – كبديل لشهادة معهد الخط العربي – بل والتقدم الكبير الذي أحرزته بينما تدرس الإنجليزية بالـ Council British، وهذا الاختلاط التدريجي المحسوب بالناس النظيفين للغاية، والأجانب اللطفاء بينما يتكلمون العربية المتكسرة...

لكن مي تبقى حالة مختلفة بالطبيعة، إذ هي لا تتنكر من شيء لشيء، ولا أرى أن فرارها من البلد – على الرغم من عجائبيته – يمت إلى التنكر من قريب أو بعيد، فهو لا يخرج عن تسميته بالنهاية. فما الذي تريد فعله هذه الطفلة المحيرة؟ ومن يا ترى سيدفع فاتور..........

- انتَ هتيجي معايا ضروري.. مينفعش اروح لوحدي
- يبقى مفيش داعي للمرواح من أساسه.. أو تتصرفيلك فـ واد شكله ابن ناس من العيال بتوع فرقتك.. أنا مش فاضي نهائي لكلام فارغ من ده يا مي..
- طول عمري وانا نفسي اتعزم على حفله من بتاعت العالم دولن.. عشان خاطري.. اعتبره واجب إنساني زي ما كنت بتقولي زمان.. وبعدين انا لازم يبقى معايا واحد فاهم زي حالاتك عشان ما اطلعشي بحركه بيئه كده وللا كده.. انت عارفني فضحيه..........
- بقولِك ايه يا مي.. هما يومين بلياليهم اللي فاضلين مـ الأجازه وعاوزهم يعدو ببال رايق.. على الأقل عشان افتكرك بالخير وانا سايب الدنيا وداخل من بوابة المعسكر.. بصي يا بنت الناس.. الحاجه الوحيده اللي ممكن اساعدك فيها إني آجي معاكي وانتي بتشتري الماسك.. أو ممكن دلوقتي اقلبلك التلفزيون على فيلم ابيض واسود لأنور وليلى وتفكك مني خالص... ها؟...
- هي بقت كده.. بتبعني عشان تقعد تكتب كلمتين فارغين.. مش موافقه طبعًا! وبعدين المتعهد قال انه هيجبلي ماسك مع البدله.. بس تسدق فكره ممكن اشتري واحد تاني اعيش بيه فـ الحفله...
- احنا مش قلنا يابنتـ.................. (لكأن كلمتين مرتبطة بفارغتين.. اللعنة)...

*******

...، في تلك الليلة، اصطحبت معي المهندس عبد الحكيم رزق غانم بسيارته وصاحبه – الذي مهندس آخر لا أعرفه – نحو الجرابعة.. كانت تعتبر أولى لياليه بحضرة العربي نخوة، إذ هو له قعدة ومجال بغرزة فخمة تقع عند أول القرية...
الحفاوة المعتادة من النخوة زائدة بمقدار بروزتي أمام الضيفين، وحتمًا كان شريط التامول – الأصلي النضيف – له تقديره الخاص، فقد أحضر دومة جوزة الهند الصهباء من المخزن، ثـ....

- اللعنة على الشخاليل يا أخي
- التفاصيل تقصد!...
- محتاجين إنجاز فـ الإنجاز يا هندزه.. وانت عايشلي فـ جوز الهند والفواكه الاستوائيه.. ينفع!..
- هذه كائنات حية تأكل وتشرب وتعيش وتتعايش.. إغفالها تمامًا ليس جيدًا.. تمامًا كعدم إغفال الملابس العادية إزاء الـ سموكن لو تذكر يا أخي....
- تبًا.. تبًا حقيقي يعني...
- .................................

..ـم بعد تدخيني لما بدا أنه الحجر السابع من تحية العربي نخوة – حشيشة فاتحة اللون تأتي من لبنان، فلا يقنصها إلا من له معرفة غرزجية بالميناء – أحسستُ بالتآلف مع العالم كآدمي لا يراقب العالم، فقد تجمد المستوى الاستخباراتي، تلاه التحليلي، مما أتاح للمستوى الشعوري بأن يتسيد على ما عداه من الوكلاء والموزعين، وذلك بعموم الجهات والمراكز التابعة للدولة.. كما نحيط سيادتكم علمًا بأنه قد جرت بعض محاولات إشعال الفتنة، ما بين الأقباط الجدد والسكان الأصليين، مما نتج عنه تنيح العديد مـ..... وهكذا كانت تجري الأفكار – التي لا يمكن توقيفها حتى بالوقفة – ذاتية، ذاتية، كمسح ضوئي دقيق لفرخ فلوسكاب فارغ إلا من تسطيرته الفارغة...

- ................... (ثـ.. ثمة صوت...)
- ............................................. (كم غفوت؟)
- ........................ (عدت إلى العمل فجأة)...
- ..لالالا.. متحكيش في الإمامه بعد إذنك عشان كلامكو فيها مستفز جدًا.. يعني إيه يبقى فيه بشر مأله؟.. مفيش بشر مأله على الأرض ولا حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام... (عبد الحكيم رزق غانم يتكلم لصاحبه...)
- وانت شفتنا مثلاً بنعبد حد من الأئمه.. احنا بنقدسهم عشان هما دول سلسال الوحي ...
- إنت شيعي يا هندسه؟
- نعم... (وكان ينظر كالذي ينظر بتكبر لآخر)...
- مستغرب طبعًا.. أول مره تشوف شيعي فـ حياتك هاهاهاهـ.. (المهندس عبد الحكيم رزق غانم قال لي)...
- على فكره انا اسمع عن الباشمهندس صابر من قبل ما ييجي الفرع بتاعنا.. واحد صاحبي فـ الفرع الغربي فـ اسكندريه كان دايمًا يقولي عندنا مهندس شيعي عندنا مهندس شيعي.. إسمه عبيد هو شيخ لو تفتكره بنضاره.. كان شغال عامل ترميل دهان...
- .........................................
- .............................
- .................................................



#أحمد_عبد_العظيم_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/18
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/17
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/16
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/15
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/14
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/13
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/12
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/11
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/10
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/9
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/8
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/7
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/6
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/5
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/4
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/3
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/2
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/1
- 00
- كتاب التبيُّن


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/19