أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/16















المزيد.....


بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/16


أحمد عبد العظيم طه

الحوار المتمدن-العدد: 7263 - 2022 / 5 / 29 - 20:22
المحور: الادب والفن
    


متن الرسائل

إلى / فريد الوهمي
تحية وبعد

أريد أن أكتب لك رسالة بلا رسالة، فعسى الحروف أن تسعفني، وتؤدي الغرض الذي بلا غرض.. هذا أن ما أود التكلم به لا يحتاج إلى لغة مثل السجن، واللغات كلها سجون للمعاني، والمعاني سجون للوجود، ولكنها سجون متفرقة عن بعضها البعض، تجعل الوجود الواحد وجودات متقطعة – كاذب– لذلك فليس من المهم أن تفهم، ولكن الأهم أن تدرك، والفارق بين الفهم والإدراك هو قوة التصور، والتصور يبدأ في درجاته من الافتراض، ويمر بالتقمص، وينتهي بالتوحد – أي وقوع الالتباس بين الذي يتصور الشيء والشيء نفسه – وأنا يا أيها الشخص المخلص، الوفي، أعيش الآن في حالة من الصعود الحقيقي الهائل، المحسوس، الملموس، نحو التتام النفسي – البشري – وأشعر بأنني أنا ولا شخص غيري – كاذب – بداخلي أو بخارجي، رغم إحساسي بالواقع وما يحدث فيه من أحداث، وما يمتلئ به من أناس، وكائنات أخرى، مثل القطط والكلاب والشوارع والبيوت والسماء والأرض والسيارات – كاذب – والحجارة والسحاب والأكل والشرب وماشابه.
ولكن إحساسي بهذا الواقع الذي يقع الآن.. هو يتخذ شكل الأفكار التي تدور بعقلي – أو بمعنى أكثر وضوحاً الأفكار التي تدور داخلي فأنا هو عقلي وعقلي هو داخلي وداخلي هو الواقع – أي أنني أكون كل ما يكون بطريقة حقيقية، وواقعية جدا، وليس الأمر على سبيل التفلسف من فلسفة، أو التخيل من خيال – كاذب – وهو أيضًا ليس نوعا من غياب الوعي، أو زيادة حضوره، أو أي تفسير نظري آخر يمكن قوله الآن – وأقصد بكلمة /الآن/ ما يحدث الآن في هذه الساعة بالتحديد – وكما ترى فأنا أكتب بطريقة منسقة، ومنطقية، لا يوجد بها خلل أو ارتباك. كما أضع النقاط والفاصلات والأقواس – علامات الترقيم – في مواضعها، وأرتب الكتابة حتى تكون مفهومة، وأفكر فيما أكتبه قبل كتابته، وأتعامل مع لوحة الحروف بدقة، ولكن الفارق بين نفسي الآن– وجودي الآن – ونفسي سابقًا– وجودي السابق الذي أذكره جيدًا– هو أنني أنا الرسالة التي أكتبها، والهواء الذي أتنفسه، والسيجارة التي أدخنها، والناس الذين يجلسون قريبا مني بالـ cyber، والشاشة التي تظهر الكلمات عليها أمامي – كاذب؟... – والأغنية التي أسمعها لمطرب يسمى عيضة المنهالي – كاذب – وأنا عيضة المنهالي، وأنا الجاكت الذي ألبسه وأضع يدي اليسرى في جيبه، وأنا يدي اليسرى – كاذب – وأنا الشخص الذي يرى الظلام من زجاج الشباك، وأنا الشباك، والزجاج، والظلام، والأرض التي أضع عليها قدمي – كاذب – وأنا قدمي، وحذائي، والأرض، والمصباح النيون – كاذب – ولوحة المفاتيح، والكهل الكسيح الذي صافحني الآن ثم مضى، وماري التي تراسلني منذ فترة، والفترة، والرسائل، والهاتف، والشبكة، والوهم – كاذب – أنا الشخص الذي يكتب لك ما تقرأه بعينك، وأنا بعينك، وما تقرأه، ولك، ويكتب، والذي، والشخص، وأنا، والآن – كاذب – ومضى، وأنت تفهم أو لا تفهم، وتصدق أو لا تصدق – كاذب – وأنا أنت وأفهم أو لا أفهم، وأصدق أو لا أصدق – أنا هو أنا ولا يوجد غيري حتى وإن كان غيري/ كاذب – أنا كل ما أراه، أو أسمعه، أو أشمه، أو أقوله – كاذب – أنا كل ما أفكر فيه، أي أنني أفكاري التي تدور بداخلي، وداخلي هو خارجي، وخارجي هو واقعي، وواقعي ما يقع حولي، وحولي ليس يبدو يا فريييييييييييييييييييييييييييييييـ................................... كاذب
أنا
فريد عبد القادر حسن
الموجود معك – مثلك تمامًا – في الوجود، وليس بالحكاية أية بارانويا، أو شيزوفرينيا، أو اتحاد، أو حلول، أو كشف حجاب، أو هرطقة وتدجيل، أو أية أمراض نفسية أخرى.. ولا يوجد أي احتمال لطُرُقِ الطارقين، ومسالك السالكين، وليس في الأمر أية شبهة بمعرفة العارفين، ولا تنسكّ المتنسّكين، ولا يوجد مجال للظن بحالات الوجد، والهيام، والتتيّم، والتخلي، والوقوف، والشهود، والفناء عن السِوى.. فكل ما سبق ذكره من أحوال هو – برأيي – أنواع مختلفة من التصور، تقع ما بين ضعة النفس/ وهيولية الذات. وبينهما تكون أنواع أخرى، تقع مراكزها بين: الضعف والدهاء/ والمحاكاة والحكمة/ والوحدة والعزلة/ والمحبة والكراهية/ والخير والشر/ والقدرة على الإغراق في التأمل والمقدرة على تقمص الظل/ وقوة الشعور وحدة الحدس...

ولكنني أبتعد عن كل هذا بمقدار إدراكي له.. أوتقززي منه.. رغم أنني كل هذا حين أفكر في كل هذا ولكنني لستُ شيئًا من هذا حين لا أفكر في شيءٍ من هذا
فأنا هو أنا، لا شخص غيري، لأن شخصًا غيري سيكون أنا
وأنا لست صادقا ولست كاذبا ولست أي شيء
لأنني الآن بذلك الحيز الذي يشتمل بشري بالفراغ كل شيء
ولا أعرف ما أعلمه فأنسى
وأرى ما لا أراه فأكذب

أنا الأنااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا...................... كاذب
فاللعنة يا أنا
وسلام لك أنت أنا أيضًا

......... فريد الوهمي

*******

من اللازم جدًا، أن يكون باطن الجملة، ظاهرًا على مسطحها، دون أن يفقد – أو يزيد – شيئًا من درجة قياسه الصحيح.. لذلك فقد قلت له بلا مراجعة اعتيادية: فيها إيه لو قلت انك بتكرهني والسلام يا رائف؟...
- .....! مفيهاش حاجه! بس انا هقول كده ليه؟ أكيد في سبب...
- مش عارف تحديدًا.. ممكن مثلاً عشان انا أذكى منك.. هه؟..
- ههاهاهاهـ تقريبًا أنا كل اللي اعرفهم أذكى مني.. وعادي جدًا عمري ما كرهت حد فيهم...
- يبقى مي.
- مالها؟
- بتحبها؟
- أكيد.. هي بقت صاحبتي! وانا صاحبها!.. فيعني اللي هو كده...
- يعني انت مبتكرهنيش؟
- أنا شايف انك حابب تهلوس شويه.. أو يبقى انا اللي مش فاهم ذكائك خالص...
- مش قولتلك بتكرهني مسدقتنيش يا رائف هااهااهـ....
- .............................
- ................................

كنت على شفا يقين من كراهيته، أيضًا من أنها لن تأتي، ذلك على الرغم من إقناعي لها – هاتفيًا– بأن الموضوع سيصير عاديًا تمامًا، وأنه من الأجدى ألا يشكل همًا على قلبها، عدا حضوره كمؤثر مؤقت على حضورها باللقاءات التي تجمعني ورائف، مثلاً كهذا الحفل.. وأنه ما دامت هي بحال جيدة سـ......
أعرفها.. لن تأتي.. فهي بالنهاية طفلة، محلية، أصيلة، لن ترضى وجودها بصحبة أمامي، هذا إضافة إلى أن غيرته قد انطلقت بعيدًا على حد قولها.. وعلى حد علمي من التفاته المتكرر إلى مدخل القاعة كلما طرأ داخل...

كان مارتن قد دعا الجميع إلى الحفل بالمركز الهندي – الذي يتعاون مع المركز البريطاني في استقدام الموسيقى الشرق أسيوية وكذا وكذا– مؤكدًا أنها صدفة رائعة أن يأتي الدور على الفرقة التبيتية قبل سفره إلى نيبال بيومين اثنين...

- cut... excellent يا أخي…
- ولكن هناك تفاصيل هامة لم تذكر بعد.. متلجمنيش يا أخي..
- شيقة.. تفاصيل شيقة.. ليست هامة.
- يا عم مقولناش لأ.. بس ياريت بقى تبقى تفتكر إن انت بيبقى.. بيبقى هاين عليك تطردني لما بقاطعك وللا أقولك ملحوظه شبه ديًا!...
- السفينة التي لها ريسان تغرق كما تدري يا أخي.. ثم أنك مرتبط بوقت.. نفد ما أوكلتك من وقت دون تتمة ما اتفقنا عليه!...
- ................................
- Cut...

*******


متن الصمت

الصمت من مجريات الأمر، فلا تنكر أنت ذلك يا دعي، وأيها الصائح لا تصح بوجهي صيحة واحدة، فإذا أنت لصمتي ما تصمت، فاذكر أنه لولاه لم سمعت أنت.. فذلك تذكره جيدًا، ذلك تذكره جيدًا.. هو الصمت يكون ذلك............................. الوهمي


*******




المركب الغرقانة

كيلو متران تقريبًا من الجرابعة إلى القرية المجاورة، حيث المعسكر.. الساعة كانت قد بلغت الثانية بعد منتصف الليل، والمشي هنا بهذا الهواء الصيفي المملح باليود، في كنف هذه الدماغ الهائمة، يجعلني معجزة تمشي على الأرض.
المسافة ما بين القريتين تخلو من كل شيء عدا البحر، والطريق، والسماء.. مثلما أن الحياة ههنا عمومًا لا تحتمل أكثر مما يذكر عنها...

أغيب في أضواء البارجات البعيدة، تأتي خافتة عبر الظلام، وأضوع عطرًا بالمساحة الرملية المظلمة بيني والبحر، مؤتنسًا بأعمدة الطريق ذات الكشافات الصفراء الكابية، كذلك بصوت الــــ فاااااااااااا الذي تصدره السيارات المارة بسرعة إلى جواري في كل بضع دقائق، وتعثرتُ بحجر، ورأيت نجمًا يسقط...

باختصارٍ كنت أتمرغ في الحياة، عندما لاحت النهاية.. اللافتة الفسفورية الكبيرة تبدو من موقعي هذا كشبح هائل الارتفاع، رفيع الساقين، مما يشي بأن روح دالي ما خلت ترف فوق الأماكن السحرية ليلاً...


الشركة العظيمة لتنفيذ المشروعات الضخمة
والأشياء العظيمة

معسكر العاملين


عندما تدخل إلى هذا العِب من العالم، فالشركة هي كل شيء، تسكن كل شيء، الأرض، الهواء، الناس العاملة، البحر من بعيد، السكان الأصليون، السيارات المارة بسرعة.. لكأن الشركة قد نفذت العالم من جديد.. وشرعت تديره.

ألج من بوابة الأمن، وأصافح أفراد الأمن الساهرين على خيرات المخزن. حريصًا على ألا يأخذ أحدهم باله من حالتي المزاجية السامية. ليس لشيء غير أنهم سيسألون إذا ما كان معي أي حاجة، ولو حتة صغيرة تعمل سيجارة حتى، فالليل طويل و.. إسمع حواديت للصباح الباكر...........

غاية في الجمال المعسكر بالليل.. مدينة كاملة، شاملة المرافق، يلفها سورًا سلكيًا عاليًا.. تقوم فوق ما يربو على خمسة أفدنة من الرمل، ويقطن بها قرابة الأربعة آلاف شخص...
وأنا ممنون جدًا لهذه الفرصة الخيالية، التي ستتيح لي أن أتمشى وحيدًا بهذا المكان المبارك، كي أتفقده معك قسرًا يا افندااام. فكما تدري سيادتكم، الليل طويل، والوحدة مملة، والاصطدام بهذا الواقع – الصغير، المتكرر – يُعد نوعًا من مصارعة الموات للروح القلقة.. المصارعة الفظة...

بيوت الأغنياء هنا (المديرون- المهندسون- المحاسبون - الأطباء) تُدعى كرافانات المكيف، وبيوت الطبقة المتوسطة (مشرفون- إداريون- رؤساء طوائف) تُدعى كرافانات الفايزر، ثم بيوت العامة (حرفيون وعمالة عادية) وتدعى إعاشات.

هناك ثلاث قاعات طعام متدرجة الاتساع، والنظافة.. لكل فئة اجتماعية طباخيها وسفرجيتها، ومعدلٌ معروف لنوع وكمية طعامها. أيضًا يوجد مخبز كبير ينتج خبزًا رائعًا، وعيادة بها طبيب أو أكثر بصورة دائمة، وصيدلية حديثة، وصالة جمانيزيوم، وترابيزة بنج، وقاعتان واسعتان لمشاهدة التليفزيون، ومسجدًا مجهزًا يأخذ ألف مصلي، وميدان رئيسي تلتقي عنده كل شوارع المدينة، وكمًا فظيعًا من الحزن، والشحناء، والبغضاء، والمركب الغرقانة.. مكاني الخيالي..
الكرفان بائد النوع، المائل، المتهالك، الملقى بمنطقة نائية من أقصى المعسكر– الجهة الجنوبية حيث يُطل على البحيرات الآسنة – قمتُ بالتفكير في إصلاحه لمدة طويلة، غير أنه ظل في حيز التخيل فقط.. إلى أن بدأت المهمة المستحيلة، بمعاونة كنتاكي، وبونزارع، بعد أن أذكيت حماسهما بتلك السُكنة المستقلة، والبعيدة عن ضوضاء مجاميع العمالة.. فأبدلنا حالته المزرية كالخرابات، إلى ما يُشبه المزار الأثري.. وكان ما قمنا به يُعد منجزًا رائعًا على أقل تقدير، حتى بالنسبة لإداريي المعسكر وعامليه.

المركب الغرقانه – أطلقتُ الاسم فانتشر بالمدينة – وهو عبارة عن مستطيل خشبي مسقوف 4*8 أمتار تقريبًا، يقوم فوق عتبات خرسانية قديمة، المستطيل مقسم إلى غرفتين، يفصل بينهما عدة ألواح سميكة من الخشب السويدي، وبكل غرفة سرير بدورين، ودولاب معدني مزدوج، وبعض الأبسطة المهترئة. وقد سكن الغرفة الشرقية كلاً من كنتاكي وبونزارع، بينما سكنتُ الغربية بمفردي...
...............

*******

اللعنة على الأنا/ ضمير حي أينما تكلم بشيء.

*******


S.M.S /m
I think I am frustrated with myself. I prefer the energy of dead people. The living can feel bad. There is a saying "Good at chess، bad at life". I am always surprised when you say I am a skilled player. You have courage. I want to hide like a scorpion. I am good at chess.

أعتقد أنني محبطة النفس. وأُفضِلُ تلك الطاقة الكامنة بالناس الموتى، فالأحياء يشعرون بالسوء. وكما يقولون "محظوظ في الشطرنج، تعيس في الحياة". أنا دائمًا ما أتفاجأ عندما تقول أنني لاعبة ماهرة. لديك الشجاعة. أريد الاختفاء مثل عقربٍ. أنا جيدة في الشطرنج.


*******

أول ما سيصطدمكَ عندما ستدخل غرفتي بـالمركب الغرقانة، كان أنشوطة تتدلى من سقف الغرفة، فتكون بموازاة وجهكَ تقريبًا عند أول خطواتك بالمكان. أنشوطة حقيقية، جدلتها من حبلٍ ليفي غليظ، يضاهي الحبل القانوني للمشنقة الحقيقية، وقمتُ بعقدها من أعلى الحلقة الخانقة بعقدة الأنشوطة الحقيقية. وهي أربعة لفات من وسط الحبل على طرفي الحبل، ثم يُسحب الطرف الحر– عقدة معقدة – رغم أنه كان من الممكن أن أعقدها بطريقة أسهل كثيرًا، مثل أن أعقد حلقة صغيرة بأحد طرفي الحبل، وأمرر منها طرفه الآخر، ولكنني لم أفعل. كنتُ أريدها حقيقية كما يراها الناس بالأفلام المحلية، ولم يكن ذلك – أبدًا– تنويهًا بانتحار متوَقع، كما ظن بعض الأغبياء من زائري كنتاكي وبونزارع!.. وإنما لإضفاء الرهبة على المكان، فلهذه الآداة المميتة رهبة تبلغ حد الهلع المقدس عند الفضوليين، والمتسكعين للسؤال عن سجائر قديمة، ثم صار أنه بالفعل قد خف عدد الذين يطرقون باب الغرفة إلى بضع أشخاص بالعدد، بيد أن الأمر لا يتعلق فقط بوجود المشنقة، لكنه ينسحبُ أيضًا على البخور كريه الرائحة – يجلبه بونزارع من الجورة ويقول أنه يطرد السحالي الكثيرة هنا – وكذلك تلك الرسوم والصور الملصقة على السقف، والحائط المواجه.. كنتُ أتخيرها سلفادورية مخيفة – كالحقيقة – وأطبعها ملونة، مختلسًا أحبار طابعة الليزر بمكتب التخطيط.. لقد اتفقنا على جعلها سحرية، غرفة سحرية....

أصعد إلى السرير العلوي.. أفتح النافذة على اتساعها.. لتبدو السماء مزينة بكل ما فيها من نجوم وليل.. يُطربني بشدة هذا المشهد المطلق، المحدود بإطار النافذة.. بل قل: كم أعشق السماء بصورة لا يفهمها أحد يا أخي.. هيا.. قل..............

- طكطك/ طكطكطكـ...
- مين الحيوان؟!..
- اصحى يا حزين على عمرك.. انت جيت إمتى.. طككطكطكككـ....
- امبارح.. جيت امبارح...
- انت مش رايح الشغل؟
- لأ.. أنا جاي بدري يوم.. ومش رايح الزفت يا كنتاكي...
- طول عمرك قليل ذوق........
- لما ترجع هاسلم عليك يا برنس.. أنا نايم دلوقتي
- ماشي يا شيوعي يا متعفن يابن الـ...... (بالمعسكر: كل من يقرأ كتبًا غير تراثية الغلاف، هو شيوعي متعفن)
- ............

*******

شيء 104

...وإنني لمشفقٌ عليك من إجهاد الجمع والترتيب، ولا أعرف ما الذي يجعلك تتمسك بالقراءة إلى هذه الدرجة – دونًا عن الناس – .......
لكنه – حقيقة – شيء شديد البشاعة، ذلك الذي يحول الحياة – التي من المفترض أن تكون متصلة – إلى فسيفساء مشوهة الحواف.. حتى أن بعض القطع تلتهم وقتًا كبيرًا، بحثًا عن مكانها الصحيح. أو أنه ماذا؟...

لكن قل لي بربك ماذا أفعل؟.... هه!.. ماذا؟...................
لقد سيقت إليَّ على تلك الهيئة.. لذا تجدني أنوه لكَ مرة أخرى، بألا تعتقد ولو لثانية، في أنني أفتريها على الحكاية، أو أموهها لزخرف القول، أو انتكاس الوضع، أو ابتكار النسق....
إذ أن كل هاتيك المجالي، لا تساوي قسوة يوم واحد، تعيشه كمجموعة من القطع المفككة، يا أخي...... ................................................ فريد الوهمي

- ماتت.. تخيل!
- بتمثل... نوع من أنواع الكهانة...
- ممكن؟!
- واراهنك
- على كام؟
- ......

...، وكانت الأزمة في هوية على أية حال، فلا شيء غير الحقيقة قد قال شيئًا يُعتبر شيئًا بالنسبة إلى أية حال. وما يريد جاهل إذا نطق على الناس بغتة؟............................ فريد

*******


قداس أسود/ من حلم الفرعون الشيخ

لهذا فقد رأى الفرعون الشيخ أنه لا مناص من إقامة قداس، بعد اقتناعه بحساب كبير الكهنة لأفكار الناس، وأنهم سيأكلون وجه الكهانة كاملة، إذا لم يروا قداس قحط قد تمت الدعوة إليه من جميع المعابد بالبلاد والقرى، كما أن وزير الخزانة معت قد أرسل بردية بالصباح يلتمس بها مد مهلته لإيجاد تسوية مناسـ..................................................................
...، ثم وسأل الفرعون الشيخ رئيس الوزارة الوزير الأول: ماذا أفعل وقد اتخذت العروس لنفسي؟

- ليس عندي إجابة سيدي الملك.. ترفض جلالتك أية أفكار تتعلق بالراهبات وإقناع إحداهن أن تهب نفسها إلى النهر الإله...
- لم تهب إحداهن نفسها بالفعل (هكذا صاح الفرعون الشيخ في وجه رئيس الوزارة...) ستموت خائفة.. ترتعد من الموت.. حتى أنني لأظن أن النهر بذاته لن يقبل ذلك...
- أجنادك سيدي الملك.. ليس عندي إجابة حاضرة... (وبدا رئيس الوزارة متأثرًا بالصيحة)...
- سيدي الملك.. (فأشار الفرعون الشيخ إلى وزير خزانته معت أن تكلم) أدعي أنني قارئ ممعن بالتاريخ سيدي الملك.. وأحفظ جيدًا متونًا مهجورة بمعبد كاثفريت لكاهن يدعى جاوث من عهد الدولة الشمالية.. يقول بإحداها أن الفرعون قد استصعب الحياة على النهر الإله، فأبدلها بحجر، ولكن النهر لم يفض عقب التقدمة.. آنذاك.. سيدي الملك...
- إذن أكون أنا السبب إذا لم يفض النهر!
- عفوك سيدي الملك لم أقصد هذا.. ارتأيت أن أقول فحوى المتن كاملاً.. كي أكون أمينًا على كلمته سيدي الملك...
- بحكم عام هي فكرة جيدة.. حال أنه لن توجد أخرى (وشرع الفرعون الشيخ يجيل النظر بالوزراء المبجلين بالأرض، ثم ينظر إلى معت على حدة).. لكن ماذا سنقول للناس؟
- من الممكن ألا نقول شيئاً مخالفاً للعادة سيدي الملك... فإن يقام القداس بغبشة الفجر قبل الضوء ببرهة فلن يسمع أحدًا سوى صلوات الكهنة وصدمة المياه...
- هكذا!.... (وظل الفرعون الشيخ ينظر مبتسمًا للسقف قبل أن ينطلق بضحك قوي)
- ..............................

فتم تأجيل القداس لستة أيام – بحجة أنها الأفلاك تقول هذا– استُضيف خلالها بإرثية القصر موفدو البلاد والقرى، وبعض المتدينين المرموقين "بصلاحهم وإقامتهم الدائمة بأديار الآلهة".. في حين كان نحات القصر الأول ينفذ أمرًا ملكيًا مشددًا، بأن تنجز العروس خلال الأيام الست، وأن يقوم بالعمل وحده من هنا، بين جدران القبو الآمن السري، وليتوفر على اختيار ما يراه مناسبًا للآلهة، من بين الأحجار الخاصة بونائس الملكة، شرط تمثلة هذه الفتاة بكل دقة...

لقد أضاف الفرعون الشيخ شيئًا إلى فكرة الدهي معت، إذ أصر على كون العروس التي سيتم تقدمتها إلى النهر، منحوتة له على مثال، كشبه عروسه الحية...

لذا، ولكل هذه الأجواء بالغة الخطورة كما أحس، فقد تخير النحات قطعة نادرة من الشست الأخضر – لمناسبة طولها – مع وعد صريح من الملك بأنه محمي من محاسبة الملكة...


*******

- ................
- .........................
- ممكن تسألهالي هي كانت لابسه إيه يوم السبت حوالي الساعه اتنين بعد الضهر..
- غاريب خاليس سؤال دا... (وكان مارتن يحدق بوجهي متعجبًا قبل أن يلتفت مترجمًا السؤال لماري)...
- .......... (في حين كانت ترتشف نسكافيه أسود تضحك وتتكلم بانجليزية سريعة معقدة)...
- هي تقول ميش فاكير كان لابس إيه فيوم دا.. نهاردا اللي خميس!
- طب قولها كدااا هي عندها روب احمر ياباني.. كيمونو أكيد انت عارف الكيمونو...
- Yes انا أعرف اللي كيمونو باس ميش أفهم حاجا خاليس! (ثم التفت يحدثها...)
- ... (احتوت دهشة مفاجئة قسمات ماري وكانت تحادث مارتن بانجليزية سريعة معقدة بينما ناظرة بوجهي بينما أبتسم ببلهٍ مقصود بينما تنسخ الدهشة مضاعفة قسمات مارتن)
- هي تقول Yes عندها واحدا كيمونو أحمر كمان هي افتكر كان تعمل مديتيشان في وقت دا يوم اللي سبت دا!! قولي انت ايه حكايا اللي غريبا دي؟... (وكان مارتن قد انتبه جدًا)
- طب بالمره بقى قبل ما احكيلك إسألهالي هي كانت ماسكه عصايه دهب فإيدها؟.... (ما كان ليفهم ماذا يعني صولجان، لكنه حدق وجهي بريبة مبتسمة على أية حال)...
- ................................
...................

*******
انتهازية

أنتهز فرصة خروج الجميع إلى أرض الموقع – لمتابعة العمل عن كثب – أنزل كل النوافذ الحساباتية، والخرائط المساراتية من على سطح المكتب، أفتح برنامج الرسام paint، وأشرع في الرسم.
الخلفية تكون ألوان عدة من الأبيض، والأزرق، والأسود، والأحمر.. فوق الخلفية أبدأ التأسيس لخلفية أخرى من الأخضر المتدرج باخضراره. ثم واحدة أخيرة من البنفسجي.

لا أدري ما أود رسمه بالضبط، لكنني أطلق العنان لأفكاري المتوحشة، وقد أصابتها سِنة الأفيون بمقتل فتوحشتْ، أعطانيها مبتسمًا – السِنة – المهندس عبد الحكيم رزق غانم – على سبيل الاصطباح المغرض فيما يبدو– فهو يعلم أن الأفيون يصنع معي هذا التخدير المحدد، الملموس، أحسه من شعر رأسي، إلى أخمص قدمي. وإنه لا يُكال بالشعور الهمايوني – النفسي– الناتج عن الأدخنة المخدرة كالحشيش مثلاً، بل هو إحساسٌ عميق بالمرارة النادرة، والروح اليقظة، والجسم الفاني...
هناك شبه شديد بين الأفيون، واللون الأزرق.. تحديدًا الدرجة التي أخطط بها هذا الوجه..

- وجه من؟
- لا أدري يا أخي.. وفقط لا أدري...
..................................

عمومًا هو يناسب وجه امرأة غاضبة، أو مبتسمة، أو مرهقة... وصوت عبد الباسط عبد الصمد يأتي سماويًا منيرًا عبر سماعة الأذن، والنسمات المكيفة تجعلني هواءً بالهواء.. وحالة قاسية الجمال ما أمر به من عند هذا الحد.. روحي تُمسكُ الفأرة – وباطلة كل أعضائي عدا الروح – إذا أنا أتلبس المؤشرُ في قلب اللوحة، فتنسكب الألوان من خلالي، من فمي، من عيني، أنفي، أذناي، أظافري...

يتجسم وجهها إنما دون جسد يليه، وتخرج الموجات من رأسها كثيفة، متتابعة، حتى مشارف الصليب المائل. الصليب يحمل ثمة بقايا جسد مأكول، على عارضته الأفقية كفة يد بقيتْ ممسمرة بمكانها، وعلى عارضته الرأسية تكون القدمان مجموعتان بمسمارهما.. هناك طائرٌ شفاف، وآخر مُصمت، يَرفان فوق الصليب...
أعود إلى الوجه مردودًا– ككرة قذفت بحائط فرُدت – كي أضفي الحزن والسكينة معًا على حدقتها الوحيدة.. لقد رسمتها كي تُرى من مسقط جانبي، كما أنها تمتلئ بالتفاصيل والمتناقضات.

التفاصيل الكبيرة والصغيرة تظهر فجأة، وكأنها تتخلق ذاتيًا.....................
أخيرًا تخرج الرائحة الحبيبة من اللوحة.. رائحة الشيء الحي.

كنتُ أرسمكِ أيتها المرأة، رغم أنني لم أكن قد رأيتكِ بعد، إنما أنا أجزم أنني قد رسمتكِ للتو، قبل أن أراكِ بخمسة أشهر ونيف.. ولكن لا بأس.. لا بأس.. يكفي ذلك الآن!. لا بأس.... فريد الوهمي

بملفي المخفي أحفظ لوحتي الأثيلة إلى جوار رفيقاتها، ثم أرفع نوافذ العمل من جديد.



#أحمد_عبد_العظيم_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/15
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/14
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/13
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/12
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/11
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/10
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/9
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/8
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/7
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/6
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/5
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/4
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/3
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/2
- بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/1
- 00
- كتاب التبيُّن
- كتاب الخواطر
- الصورة الكاملة -فصل من رواية-
- ديوان تشوه لا إرادي - 8/8


المزيد.....




- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/16