أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - كائنات بدون ذاكرة ..خيبات مايو















المزيد.....


كائنات بدون ذاكرة ..خيبات مايو


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7255 - 2022 / 5 / 21 - 10:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لو سألت حفيدا من الأحفاد عن 15 مايو فقد يقول لك أنه كوبرى في الزمالك أو أخر في الأسكندرية ..
أما إذا سألت أبوه أو أمه .. فلن يزيد كثيرا عن إنه تاريخ ثورة التصحيح
فهو في الغالب لا يعرف أن هذا اليوم في 1948 كان الموعد الذى أنهت فيه بريطانيا إنتدابها علي فلسطين وبدأت نكبة إعلان إسرائيل نفسها كدولة..
أو أنه اليوم الذى فرض فيه عبد الحكيم عامر عام 1967 الطواريء و حشد جيوشه في سيناء لإرهاب إسرائيل
أو اليوم الذى إنقلب فيه السادات عام 1971 علي قادة الدولة فأودعهم السجون .. وبدأ بعده ديكتاتوريته .
أو يوم كتب كتاب .. أبوه .. و أمه من أربعين سنة .. (عام 1982( .
إنها جميعها تواريخ منسية لدى الأبناء .. فما يحدث خارج ما تبثه أجهزة السيطرة و الدعاية الموجهه يتلاشي من الذاكرة الجمعية و في الغالب لا يذكر هذه الخيبات .. إلا معاصريها من الجدود
و حتي هؤلاء إذا ما سألت أحدهم عن ما حدث للجيش المصرى في فلسطين عام 48 .. فسيحكي ذكريات مبعثرة عن أيام كانت تطلق فيها صفارات الإنذار في القاهرة علي أساس هجوم إسرائيلي جوى .. في حين أنها كانت حيل لإدخال القاهريين للملاجيء حتي لا يروا القطار الحربي و هو عائد بأكفان الموتي و الجرحي ..
أو عن المصريين و هم يستقبلون في الشوارع موكب الضبع الأسود( الأميرلاى السيد طه ) قائد من فكت معاهدة رودس أسرهم في الفالوجا من رجال القوات المسلحة.
أو سيقص بيقين تلك الحدوته السخيفة عن الأسلحة الفاسدة التي وردها الملك للجيش و أدت لهزيمته .رغم أنه ثبت بالدليل القاطع عدم مصداقية هذه الرواية إلا إنها بجوار حكايات عن بطولات عبد الناصر أثناء حصار الفالوجة..و الترتيبات التي قام بها لتنظيم الضباط الأحرار .. هو كل ما ترسب في الذاكرة الجمعية للمصريين عن هذه الحرب .
في نفس الوقت لم يقدهم حب الإستطلاع.المصريين أو مثقفيهم ..لمعرفه لماذا تم الحصار .. و كيف إنتهي .
الأمر ذاته لو تحدثنا عن حرب 1956 .. لن تجد في الذاكرة إلا أغاني حماسية ..و خطاب عبد الناصر في الأزهر ..و ما يحكون عنه من قصص مقاومة أهل بورسعيد الباسلة للعدوان الثلاثي ( إنجلترا و فرنسا و إسرائيل )..و كيف إنتصرنا عليهم و كنا السبب في سقوط الإمبراطوريتين البريطانية .. و الفرنسية ..
وإذا كان المتحدث أكثر عمقا.. سيتكلم عن إنذار بولجانين .. و أوامر إيزنهاور للقوات المعتدية بالرحيل ..و سينسي أن إتفاق الجلاء هذا .. وضع قوات طوارىء دوليه في سيناء علي الحدود .. و سمح للسفن الإسرائيلية بالعبور فى خليج تيران .. و الحدث الأكبر في تلك المعركة .. أى عدم صمود الجيش المصرى و إتسحابه من سيناء و تركها هي و أسلحته غنيمة بيد العدو إلاسرائيلي .

الكذب و المخادعة .. و تغطيه الحقائق .. لا ينتج عنها إلا إستمرار الضعف و تكرار المأساة و هو ما جرى بعد ذلك في كل المعارك التي خاضها جيش المصريين و قلبت فيها الهزائم إلي إنتصارات

حرب اليمن لغز الألغاز لا نعرف عنها سوى أنها كانت تلبية لدعوة نجدة (السلال) و من ثاروا علي الإمام علي أساس الإلتزام القومي بعد إنفصال سوريا .. ثم تحولت بحيث أصبحت المصدر الأساسي لإفساد السوق المصرى ببضائع الحديدة و صنعاء .. وبداية توق المحرومين للإنفتاح ..
المصريون لا يعرفون عن اليمن إلا أن الضباط و الجنود عادوا من هناك و هم يشكلون شرائح طبقية متيسرة بسبب ما حققوه من مكاسب مادية ..و أن هذا كان بداية تميزهم عن الشعب ..الذى إستمر و تفاقم حتي اليوم
أما كيف بدأت الحرب أو دارت أو إنتهت .. و ما ارباحنا أو خسائرنا القومية و المحلية .. فهي معلومات لا تهم أحد .. تجدها باهته في الوعي المصرى الجماعي ..هلاميةغير دقيقة

نفس الأمر لو دار السؤال عن حرب 67.. فما علق منها و تردده الأجيال .. هو أنها بدأت بسبب غلق مضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية ..ثم تحولت إلي نكسة بعد ضرب الطيران المصرى علي الأرض و الإنسحاب الثاني من سيناء .. و هم يلقون اللوم علي عبد الحكيم عامر و عصابته .. و علي الطيارين الذيت سهروا في حفل راقص حتي بدايات اليوم التالي 5 يونيو .
وهم يرددون بحماس ما قالته القيادة إنها تمثل جولة فاشلة في سلسلة المعارك مع العدو الصهيوني ... لكن أعقبها جولات فخار في حرب الإستنزاف .. و ضرب المدمرة إيلات ..و إسقاط الطيارات المغيرة يوم 11 سبتمبر 69 فوق الدلتا .. ثم سيمفونية عبور 73 التي يحكي و يتحاكي عنها العالم .

السبب في هذا الجهل و التجهيل .. أن الحكام (من العسكر) .. لا يريدون الحديث عن فشل حروب من سبقهم.. و يعتبرون هذا مساسا بهيبة الجيش ..و رجاله من الحكام .

لذلك لا يسمحون .. بأى كتب أو معلومات تتداول عن هذه الحروب . أو تنفيذ أى عمل سينمائي تدور بعض من مشاهدة عن تلك الأزمنة ..قبل أن يمر عليهم لتحويل الهزائم لبطولات ...
فتصبح المكتبه المصرية ( عدا كتب أمين هويدى الممنوع تداولها و أخرى قليلة صدرت بعد سنين طويل من الأحداث ).. بالمقارنة بالمكتبة الإسرائيلية التي أصدرت أول كتبها بعد أيام من سكون ميدان القتال .. .. مكتبه فقيرة لا تجد فيها ما يسمح بتكوين أفكار صحيحة عن ما جرى علي الأرض و ما دار من معارك .. فلا نتعلم من السقوط .. و نظل نكرر نفس الأخطاء .
وحتي عندما يتسرب إلي السوق كتاب يحكي ما حدث في الميدان كما رواه شهود عيان مثل ((خطوات علي الأرض المحبوسة )).. أو ((علي شفا الموت علي شفا الجنون )).. أو (( الفرص الضائعة )).. أو ((الطريق إلي النكسة )) .. تقاومها الدولة بكل جبروتها و تعوق إنتشارها أو حتي إعادة طبعها .. ليضيع الصوت الخافت .. في ضجيج .. افلام و مسلسلات إدارة التوجيه المعنوى .

ماحدث في حرب 1948.. لن تجد له مراجع مصرية أو أعمال فنية أو دراسات أو معلومات إلا في كتب الخواجات و علي صفحات العم جوجول.. فهو الوحيد الذى يروى القصة دون أهداف .. و في الغالب .. ليست نقلا عن الضباط و الجنود المصريين. . و رغم أن هذه المعلومات لا تشبع و لا تغني من جوع .. إلا إنها مع قصورها محدودة التداول .

ما حدث منذ 15 مايو 1948 حتي قبول هيئة الأمم المتحدة لإسرائيل كدولة في 11 مايو 1949.. ( حوالي سنة ) الخص عناوينه نقلا عن ما جاء من مدونات علي صفحات ويكيبيديا.
الحرب بدأت في 15 مايو 1948 و إستمرت حتي 10 مارس 1949.. 9 شهور و 3 أسابيع و يومين
و ذلك لأنه بعد قرار تقسيم الأمم المتحدة فلسطين إلي جزئين 56%لليهود.و 43%للعرب.و 1% منطقة القدس (دولية تحت الانتداب بإدارة الأمم المتحدة). .تم طرد الفلسطينين من قراهم و مدنهم .. و إحلال اليهود المهاجرين من شتي بلاد العالم مكانهم.. تحت نظر و سمع الإنتداب البريطاني الذى كان لا زال يحتل و يحكم فلسطين .
سيناريو الأحداث ..كما جرى .. كانت فلسطين حتى العام 1914 ضمن حدود الدولة العثمانية ، وبعد أن دخلت الحرب العالمية الأولى بجانب الألمان .. خسرت كافة أراضيها في البلاد العربية لصالح بريطانيا وفرنسا طبقا لمعاهدة سيفر عام 1920 ومعاهدة لوزان عام 1923.
بريطانيا وفرنسا إقتسمتا الغنيمة .. علي أساس ما جاء في اتفاق سري (سايكس بيكو في 1916 )و كانت فيه فلسطين ضمن الأراضي التابعة لبريطانيا.
و هكذا خضعت للانتداب الإنجليزى حتى عام 1948 عندما أعلنت بريطانبا العظمي إنهاؤه في منتصف الليل بين ال14 و15 من مايو 1948 .

في نوفمبر 1947 أى قبل إنهاء الإنتداب البريطاني بستة شهور ..صدر عن الأمم المتحدة قرار تقسيم البلد ( فلسطين) بين سكانها من اليهود و العرب ((بلغ عدد الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة 57 دولة فقط، وشارك فى تصويت 56 دولة، أى جميع الدول الأعضاء باستثناء دولة واحدة هى مملكة سيام تايلاند حالياً)).
الفلسطينيون رفضوا القرار و جرى تشكّل جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، ليتصاعد العنف بين الطرفين رغم مسئولية قوات الإنتداب عن حفظ الأمن .
بحلول 4 يناير 1948 قامت منظّمتا الأرجون والشتيرن باستخدام السيارات المفخخة، لتفجير مركز الحكومة في يافا مما أسفر عن مقتل 26 مدني فلسطيني.
في المقابل نسف المقاتلون الفلسطينيون غير النظاميين في شهر مارس من نفس العام مبنى مقر الوكالة اليهودية في مدينة القدس مما أدّى إلى مقتل 11 يهوديا وجرح 86.
القوات البريطانية غادرت البلد تباعا ..دون أن تحسم الأمور كعادتها لتترك قانون ( فرق تسد ) يقوم بتحويل المنطقة إلي ساحة حرب لم تتوقف حتي اليوم .
يوم 12 أبريل 1948 أقرّت الجامعة العربية إرسال جيوش إلى فلسطين وأكدت اللجنة السياسية أنها لن تدخل قبل انسحاب بريطانيا في 15 مايو.
الساعة الرابعة بعد ظهر 14 مايو أعلن المجلس الصهيوني في تل أبيب أن قيام دولة إسرائيل ((دولة يهودية في إيرتس يسرائيل)) أى في فلسطين ..سيصبح ساري المفعول في منتصف الليل.
بعد إعلانها ببضع دقائق. أصدر الرئيس الأمريكي هاري ترومان رسالة الاعتراف بإسرائيل .. أما الاتحاد السوفياتي فاعترف بعد ثلاثة أيام..... هكذا بدأت المعارك
أطراف الحرب .
المملكة الأردنية و المملكة المصرية و المملكة العراقية وسوريا و المملكة العربية السعودية و لبنان مع دولة فلسطين (جيش الجهاد المقدس ) و بعض المتطوعين من الدول الإسلامية .
و ذلك في مواجهة ..
جيش الدفاع الإسرائيلي .. منظمات ( هاجانا، بلماخ ، إرجون ،شترين ) ..وحدة البدو و الدروز .. و متطوعين أجانب
حجم القوات :
((مصر 10.000 - 20.000.. العراق: 3.000 - 15.000ثم 18.000.. سوريا: 2.500- 5.000.. الأردن: 8.000- 12.000 .. لبنان: 1.000.. السعودية: 800- 1.200.. اليمن: 300 ..جيش الإنقاذ الفلسطيني : 3.500-6.000)).
أى المجموع من 29000 إلي 63000 في مواجهة مع قوات إسرائيل: التي كانت قبل البداية 95000 ثم وصلت إلي 107000 مع إندلاع القتال
((بلغت أعداد منظمة الهاجاناه في ربيع عام 1947 بحسب المصادر الرسمية الإسرائيلية قرابة 45,300 فرد، وحينما بدأت التعبئة في أعقاب قرار التقسيم انضم إلى الهاجاناه نحو 30 ألف مجند من يهود فلسطين و20 ألف آخرين من يهود أوروبا حتى إعلان قيام دولة إسرائيل في مساء 14 مايو 1948...
و حينما اندلعت الحرب ارتفعت أعداد الهاجاناه في الأسبوع الأول من يونيو 1948 إلى نحو 107,300 نتيجة لرفع سن التجنيد إلى 35 عاماً اعتباراً من 4 مايو مما أضاف نحو 12 ألف مجند زيادة)) .

بمعني أن القوات الإسرائيلية كانت من حيث العدد متفوقة بأربعة أضعاف علي كل قوات المواجهه العربية و الفلسطينية.

تشكيل القوات ..
شكّلت المملكة المصرية أكثرية القوات العربية عددا تحت قيادة اللواء أحمد علي المواوي.. تليها المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلوب باشا. و المملكة العراقية بقيادة العميد محمد الزبيدي وصلت الأردن في 29 إبريل 1948.
المضحك المبكي أن هذه الدول الثلاث كانت لاتزال محتلة بواسطة الإنجليز ..الذين سيطروا علي جيوشها و تدريبهم و أسلحتهم و إمداداتهم .. بل قوات الأردن كان بها 50 ضابط إنجليزى و يقودها إنجليزى ..و القوات المصرية وصلت سيناء عبر 80 الف جندى إنجليزى علي القناة ..بل نستطيع أن نقول أن الجامعة العربية نفسها كانت خاضعة للنفوذ الإنجليزى .. في نفس الوقت كان هناك تعاطفا يصل إلي درجة المؤامرة مع قادة الدولة الجديدة ( إسرائيل ) ... في توظيف واضح لمقولة ( فرق تسد ) .
سير القتال
لاجئون فلسطينيون يفرون من مناطق سكنهم .. الجيوش العربية وصلت إلى فلسطين وهاجمت المستعمرات الصهيونية المقامة هناك .
- أقوى الجبهات وأهمّها كانت الجبهة الأردنية حيث عبرت ثلاثة ألوية نهر الأردن إلى فلسطين في 16 مايو 1948 ثم زادوا إلى أربعة ، بالإضافة إلى عدّة كتائب مشاة.
الجيش الأردني .. رغم قلة العدد إلا أنه كان الأفضل بين جيوش جامعة الدول العربية و كان على درجة عالية من التدريب.
(( وكان الجيش العربي الأردني ربما أفضل الجيوش المتحاربة من الناحية التكتيكية. حيث عانت باقي الجيوش من ضعف شديد في اتخاذ القرارات الحاسمة على المستوى الإستراتيجي والقيام بمناورات تكتيكية)).
معارك الجيش الأردني ثلاث هي( معركة باب الواد، معركة اللطرون ، معركة القدس) إستطاع بها الحفاظ على القدس والضفة الغربية كاملة مع انتهاء الحرب
وكانت خسائر الإسرائيليين في هذه المعارك ضخمة، فقد قال رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون في يونيوعام 1948 أمام الكنيست: ((لقد خسرنا في معركة باب الواد وحدها أمام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة)) .

- القوات النظامية اللبنانية استولت علي قريتي المالكية وقَدَس في الجليل الأعلى جنوب الحدود اللبنانية.

- الجيش المصري ، هاجم تجمعي كفار داروم ونيريم الصهيونيتين في النقب... ففي ليلة 7 يونيو 1948 نشبت معركة نيتسانيم وانتهت بهزيمة الجيش الإسرائيلي وتحرير المستعمرة ورفع العلم المصري عليها
قُتل في هذه المعركة 30 من قادة الكيبوتس الإسرائيليين وأُسر 105 من الجنود وتم نقلهم إلى القاهرة
ثم خاض الجيش المصري معركة التل 69 في مكان قريب ونجح في السيطرة علي كامل الموقع بعد الانسحاب الإسرائيلي غير المنظم .
تقدمت القوات المصرية بعد ذلك في النقب متجهه إلي تل أبيب .. و لكن ..كما هي العادة .. بدأت الأمور تتداعي و تفقد القوات مواقعها بسبب ما عانته من مشاكل في الإمداد بالعتاد والتنظيم..و القيادة غير المدربة
إنتهي الأمر بحصار إسرائيلي لقوات بقيادة الأميرالاي السيد طه.. في الفالوجة ( وسط صحراء النقب ) وكان جمال عبد الناصر ومعه عبد الحكيم عامر من المحاصرين.
يقولون لقد صمدت الفالوجه لحصار شهور طويله ولم تسقط إلا بعد اتفاقية رودس. . حين عادت القوات و إستقبلت في القاهرة بإحتفال شعبي و رسمي كبير .

- الجيش العراقي حرر مدينة جنين وطرد المنظمات الصهيونية منها اثر معارك شرسة. .ولهذا قصة غريبة .. فقد حاصر اليهود مركز البوليس الواقع على طريق حيفا حصارا محكما ، وبدأوا بقصفه بمدافع الهاون
وكان لواء عراقي بقيادة عمر علي يتحرك من مدينة نابلس إلى مدينة طولكرم غرب فلسطين و يتمركز في مدينة قلقيلة وكفر قاسم شرق تل أبيب.
عند مفرق دير شرف التقط قائد اللواء استغاثة المحاصرين لاسلكيا يطلبون النجدة، فما كان منه إلا ان حول اتجاه اللواء إلى جهة الشمال نحو مدينة جنين بدل ان يتجه غربا نحو طولكرم بدون الرجوع للقيادة العراقية!! واندفعت قوات اللواء عمرعلي إلى جنين واتخذوا لهم مواقع عسكرية في سهل قباطية في منطقة بئرجنزور.
الجيش العراقي ومعه قوات عربية فلسطينية كان على حافة تحرير حيفا حيث تمت محاصرتها، ولكن تقدم الجيش توقف فجأة .. بسبب رفض القيادة السياسية في بغداد إعطاءه الاوامر للزحف وتحرير المزيد من الأرض.. ( ماكو أوامر ) مما سبب ارباكا شديدا بين صفوف القوات وكان أحد الأسباب لخسارة الحرب .
العراق أرسل معظم قوة الجيش للمعركة ، كما دافعت القوات العراقية عن منطقة عارة وعرعرة وكفر قرع واجزم ..قبل تسليمها للقوات الأردنية ..
وانشأت فوج الكرمل المتكون من متطوعين فلسطينيين .. وخاضت هناك معارك هجومية ( معركة القصر ومعركة خربة وادي عارة ) بقيادة خليل جاسم الدباغ وغازي الداغستاني .
لذلك يخلد الفلسطينيون ذكرى الضحايا العراقيين ، حيث تقع مقبرة شهداء الجيش العراقي في إحدى قرى جنين وهي جنزور (مثلث الشهداء) شمال قباطية.

استمرت المعارك على هذا النحو لمدة أقل من الشهر .. حتى تدخّل مجلس الأمن وفرض وقفا لإطلاق النار في 10 يونيو 1948 .. تضمن حظر تزويد أي من أطراف الصراع بالأسلحة ومحاولة التوصل إلى تسوية سلمية.

عقب هذا القرار الدولي .. وقف القتال - للمرة الأولي - بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية .. و إن كان جيش الإنقاذ قد واصل عملياته العسكرية في منطقة الجليل.
الهدنة كانت لمدة 4 أسابيع. وبالرغم من حظر التسليح أو إرسال أي عدد جديد من القوات لجبهات القتال فإن إسرائيل ( كعادتها ) لم تلتزم بهذا الشرط وأخذت تسارع في تعويض خسائرها وانهالت عليها الأسلحة بصورة ضخمة خصوصا الطائرات
كذلك تطوّع الكثير من يهود أوروبا للذهاب إلي المعارك .. وفي 8 يوليو 1948 استأنف الجيش الإسرائيلي القتال في جميع الجبهات
عندما استؤنفت المعارك من جديد كان للجيش الإسرائيلي اليد العليا واتخذت المعارك مسارا مختلفا بحيث تعرضت القوات العربية لسلسلة من الهزائم .. واستطاعت إسرائيل فرض سيطرتها على مساحات واسعة من أراضي فلسطين التاريخية.
انتهى القتال في 7 يناير 1949 علي الجبهه الجنوبية..بموقف أفضل لإسرائيل بعد استيلاء جيشها على معظم منطقة النقب ونراجع وحصار القوات المصرية التي كانت مرابطة حول الفالوجة.
بعد توقف القتال بدأت مفاوضات في جزيرة رودس اليونانية بوساطة الأمم المتحدة بين إسرائيل من جانب وكل من مصر والأردن وسوريا ولبنان من جانب آخر.. بدون العراق ..و جرى التوقيع على اتفاقيات الهدنة النهائية و تحديد الخط الأخضر.
في 7 مارس 1949 وصّى مجلس الأمن بقبول إسرائيل عضوا كاملا في الأمم المتحدة وفي 11 مايو 1949 أقرت الجمعية العامة هذه التوصية.

هذه هي القصة غير المروية علي المستوى الحكومي أو الإعلامي أو الشعبي ..أو حتي بين أفراد القوات المسلحة أنفسهم
لقد حارب الجيش المصرى في الجزء الجنوبي من فلسطين .. و بعد أن حاز إنتصارات أولية .. تسببت القيادة غير المحترفة و نقص الإمدادات في هزيمته و إستيلاء إسرائيل علي معظم أراض النقب .. و حصار القوات في الفالوجة ..و لم ينقذ ..القوات المحاصرة ..إلا إتفاق هدنة .. كما لو كنا نتكلم عن ما حدث بعد ذلك بربع قرن في 1973 علي ضفاف قناة السويس . (لاننا لا نتعلم )
و هكذا إنتهي الأمر.. و تحولت عصابات الصهيونية لدولة معترف بها في الأمم المتحدة .. تقف متربصة علي الحدود المصرية تتلمظ للإستيلاء علي سينا بعد ذلك مرتين.
هل تعلمنا في السقوط و الهزيمة .. أم هيصنا فرحا بعودة أسرى الفالوجا..و حملنا وزرالموضوع برمته للملك و أسلحته الفاسدة.. بحيث عندما إنقلب نفس العسكر المنهزمين علية ..وجدوا تأييدا شبه مطلقا من المصريين .

حكام ما بعد 52 فرضوا علي ذاكرة المصرى أن سبب هزيمة 48 كان أن مصر ((اجتازت فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين)) .
و لكنهم بعد ذلك ومع أنظمتهم الثورية خاضوا الحرب بجيوشهم غير الملكية و مع إستقرار الحكم .. ثلاث مرات لم تكن نتيجتها بأفضل من الأولي
لا ألوم السقوط في حرب 1948 فلقد كانت مصر خاضعة لبريطانيا..إرادتها مغلولة .. بقدر ما الوم ما حدث بعد ذلك .. من عدم التعلم و إخفاء الحقائق و تكرار الأخطاء الذى أصبح إستراتيجية لحكام ما بعد 1954 .. كما لو كنا كائنات بدون ذاكرة



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزان ما بعد الماتش .
- عقل جامح و فكر غير معتاد
- الموازنة .. عجز وقروض وضرائب.
- الحوار -غير- المتمدن في مصر .
- أمركة المجتمع بعد فشل الهبة
- لمن أتكلم ..الخطيئة لا حد لها .
- الوقوع في مصيدة التفاهه
- زوار من الفضاء Ancient Alien
- علي مقاعد المعارضة مكاني .
- البرازيت و العائل إنها قسمة ضيزي .
- في البحث عن يقظة ما بعد الإستسلام .
- سينساكم الأبناء كما نسينا الأجداد
- في مصر طبقتين الفارق بينهما رهيب
- أين ستذهب 423 مليار جنية ودائع.
- كدنا أن نتداول السلطة عام 2022.
- الربيع و إحباطات المجتمع.
- محمد معيط ..ده تكليف رئاسي
- مثقفي مصر .. صح النوم .
- رزق الهبل علي الطماعين
- المستغلين تعلموا و نحن لا نقبل العلام


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - كائنات بدون ذاكرة ..خيبات مايو