أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - لمن أتكلم ..الخطيئة لا حد لها .















المزيد.....

لمن أتكلم ..الخطيئة لا حد لها .


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7239 - 2022 / 5 / 5 - 14:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أقرأ الأن الجزء الثاني من موسوعة سليم حسن (( مصر القديمة )) فأجد أن قدرأهل (المحروسة) لم يتغير عبر أربعين قرن .. كأن من يسكنها مكتوب عليه العذاب .
- هل السبب أن أهلها إستمروا طول تاريخهم زراعا متمسكين بأرضهم مستسلمين ..يحتملون الجور الذى يحدث لهم في سبيل الحفاظ علي جزء من ناتج عملهم .
(( شكوى الفلاح الفصيح ) تحكي القصة المتكررة .. بحيث لو قدر لأحد فلاحينا المعاصرين أن يمتلك تلك الفصاحة و يقص ما يفعله معه جباة المحافظات.. لما تغير المقال
- هل لان حكامها علي مر العصور و رغم كل التغييرات كانوا من الاوليجاركية العسكرية المتوحشة الذين لا هم لها إلا نهب ما باليد دون رفق أو شفقة .. و لا يعملون علي تطويرحال عبيدهم
أدب القرن العشرين قبل الميلاد .. الذى سنعرضه.. يحعلنا نتصور أن الأمر ممتد كأنه لم يمض علينا أربعين قرنا .
- أم لان كهنتها .. رغم تغير أديانهم .. ضللوا أهلها بشكل مستمر.. و تركوهم لاحول لهم و لا قوة إلا اللطم .. و التأوه .. و الشكوى .. و البكاء .

في الكتاب السابق الإشارة إلية .. نفي لإستمرارية إستسلام المصريين لظالميهم ..فهم بين الأسرة السادسة .. والسابعة .. 2280 ق.م ..أى منذ 4000 سنة ..قاموا بثورة إجتماعية .. أدت إلي سقوط النظام الملكي ..وحدوث فوضي واسعة إستمرت لالف سنة .
و هو الأمر الذى تكرر بعد ذلك عدة مرات .. و في كل العصور ثورات الجياع .. ضد الأشوريون و الفرس ..و البطالسة و الرومان .. و العرب .. و الأتراك.. و في مواجهة نابليون .. الإنجليز .. و أسرة محمد علي ...و حكم العسكر .. و كان أخرها و ليس بأخر 2011 .
و لكن أغلب هذه الثورات لم تؤتي ثمارها .. أى لم يتحسن نظام الحكم ولم تسود العدالة .. فلما ؟؟
الإجابة تتلخص في أن الاوليجاركية العسكرية كانت دائما محبطة للثورة أثناء حدوثها و بعدها .. فهي تنتهز الفرصة و تقوم بالقفز علي كراسي الحكم..ليعم الفساد و تضعف البلاد و تتعرض للغزو الخارجي و الإحتلال.
ثم تنسي الأحداث ..و لا يتبقي منها إلا ما يدونه الأدباء و المثقفون .. فلنقرأ معا ما جاء ببردية الرجل اليائس من الحياة أو الرجل الذي يناجي نفسه .. كما قدمة سليم حسن في موسوعته الشهيرة الجزء الثاني صفحة 433 ..
القصيدة محفوظة الآن في متحف برلين و قد كتبت في زمن الأسرة السابعة و لكنها تصلح أن تتلي في زمننا كما لو كتبها شاعر معاصر يحكي عن طبيعة العصر الذي نعيش فيه، و انعدام الأمن وانتشار الشر بين الناس. فلنتأمل و نتألم .

(( لمن أتكلم اليوم ..الأخوات وضعاء و أصدقاء اليوم الكارهين ليسوا جديرين بالحب .
لمن أتكلم اليوم .. القلوب حاقدة ..و الناس شرهون.. و كل إنسان يغتال متاع جاره .
لمن أتكلم اليوم .. اللطف قد باد و إختفت الرحمة ..و الوقاحة صارت في كل القوم .
لمن أتكلم اليوم .. إن من كان ذا وجه باش أصبح خبيثا ..الخير ممقوتا في كل مكان .
لمن أتكلم اليوم .. إن الذى يستفز غضب الرجل الطيب بأعماله الشريرة يسر منه الناس ويضحكون كلما كانت خطيئته شنيعة .
لمن أتكلم اليوم .. الناس يسرقون و كل إنسان يغتصب متاع جاره .
لمن أتكلم اليوم .. فقد أصبح الرجل المريض هو الصاحب الذى يوثق به أما الأخ الذى يعيش معه فقد صارالعدو .
لمن أتكلم اليوم .. إذ لا يذكر أحد الماضي و لن يفعل أحد الخير لمن يسديه إليه .
لمن أتكلم اليوم.. الأخوات شر و الإنسان صار يعامل كعدو رغم صدق ميوله .
لمن أتكلم اليوم .. إذ لا يرى الوجوه و أصبح كل إنسان يلقي بوجهه في الأرض إعراضا عن أخوته .
لمن أتكلم اليوم .. و القلوب شرهه و الرجل الذى يعتمد عليه القوم لا قلب له .
لمن أتكلم اليوم ..فالصديق الذى يعتمد عليه معدوم و أصبح يعامل الإنسان كأنه فرد مجهول.
لمن أتكلم اليوم ..إذ لا يوجد أحد في سلام و الذى ذهب معه لا وجود له .
لمن أتكلم اليوم .. فإني مثقل بالشقاء و ينقصنى خل وفي .
لمن أتكلم اليوم .. فإن الخطيئة التي تصيب الأرض لا حد لها .))

هذا البؤس .. إستمر في لغة مثقفي مصرعبر العصور .. فلنقرا حديث أخر تلي بعد قرن من هذا الزمن

(( كل يوم يستيقظ الرجال في الصباح كي يعانوا .. و ليس للفقير قوة تنقذة ممن يفوقه
تمر المصائب اليوم و لكن أحزان الغد ليست ماضية بعد )).

ما هذا الرعب من الحياة و الخوف و اليأس من الغد .. و إستمرار ظلم الأقوياء الذى يطحن الفقراء ..

عازف القيثارة في عصر الإضمحلال الأول ..( كفر ).. عندما أنشد .

(( ما أسعد هذا الأمير الطيب و المقدر الجميل .. قد وقع .( اى مات ..بمعني أنه من الجميل أن يموت الشخص و يتخلص من شقاء حياته)
تذهب الأجسام و تبقي أخرى منذعهد الذين كانوا قبلنا .
و الألهه الذين وجدوا في الزمن الغابر راقدون في أهرامهم .
و الأشراف قد دفنوا في أهرامهم .. و الذين بنوا بيوتا قد أصبحت مساكنهم كأن لم تكن
فماذا جرى لهم .
لقد سمعت أحاديث أمحتوب و حارددف ..اللذين يتحدث بكلماتهم في كل مكان فما هي مساكنهم اليوم .
جدرانها دمرت و مساكنهما لا وجودلها كأن لم تكن قط
ولم يأت أحد من هناك ليحدثنا كيف حال من قبلنا .. ( أى من الدار الأخرة )
و يخبرنا عما يحتاجون إليه لتطمئن قلوبنا . قبل أن نذهب نحن كذلك ألي المكان الذى ذهبوا إلية
فتمتع ودع قلبك ينسى اليوم الذي ستدفن به
وضع كل الأشجان خلف ظهرك وامضي بسرور حتى يأتي يوم وفاتك
وسر وراء رغبات قلبك ما دمت حياً))

كما لو كان شعرا لعمر الخيام .. بالطبع (أمحتب) من أشهر حكماء الدولة القديمة .. و لقد جرى تأليهه حتي قيل أنه ضم لثالوث بتاح علي أساس أنه إبنه.... (حرددف) من أبناء الملك خوفو الاقوية .. و الشاعر هنا يعني أن الحكماء القدامي مروا علي هذا العالم بشكل مؤقت .. ثم رحلوا .. حتي أننا لا نعرف مكان مساكنهم.

سليم حسن يعلمنا أنه في نهاية الدولة القديمة أى حول عام 2280 ق... شهد المجتمع المصري على ما يبدو ثورة أو انتفاضة اجتماعية عنيفة ( بين نهاية الأسرة السادسة و بداية السابعة ) .
كانت هذه الثورة نتيجة مباشرة للأوضاع المتردية التي سادت خلال فترة حكم الأسرة السادسة سواء على الصعيد السياسي و الاقتصادي و حتَّى الديني، وتحديداً في عهد الملك بيبي الثاني الذي حكم مصر حوالي التسعين سنة... أكرر .. تسعين سنة ..
لم يستدل علي أحداث عصر الإضمحلال هذا كما يقول الأستاذ إلا من النصوص التي عرضت ثلاثة منها .. بالإضافة إلي ما كتبه الحكيم أيبور.
تعود بردية ايبور.. المحفوظة بمتحف ليدن بهولندا .. إلى نهاية عهد الملك بيبي الثاني أو أحد خلفائه من ملوك الأسرة السادسة، ..هذا يعني أنَّها تؤرخ لعصر الاضمحلال الأول،

(( إن أصدقاءك قد كذبوا عليك ..(يقول هذا للملك دون ذكر إسمه )
الناس تعمل والناس على شفا الهلاك
هذه السنوات سنوات حرب وبلاء
لديك الحكمة والبصيرة والعدالة
ولكنك تترك الفساد ينهش البلاد
الحقيقة أنك أوصلت البلاد إلى هذا الدمار
والحقيقة أنك تتفوه كذباً.
ما هذا الذي حصل في مصر؟
إن النيل ما يزال يأتي بفيضانه
ولا يقوم هناك من يقوم بحرث حقله
لماذا أصبح الفقراء حقاً يمتلكون الكنوز؟
إن من كان لا يملك نعلاً أصبح الآن من الأثرياء
لماذا أصبح الموتى يدفنون في النهر؟ إن النهر أصبح جبّانة وجعل الناس منه مكاناً للتحنيط
لماذا حقاً ضُرب بقوانين البلاد عرض الحائط؟
وأخذ الناس يطؤونها بأقدامهم
انظر كيف أصبحت نساء الأشراف متسولات!
ومن لم يمتلك خرقة ينام عليها أصبح هو اليوم صاحب السرير."
انظر ... القلوب عنيفة والشقاء يعم البلاد بأسرها
والدماء في كل مكان والموت لا ينحسر
انظر... الأغنياء ينتحبون والمعوزون في فرح
وكل المدينة تقول دعونا نطرد الأقوياء من جدارنا
انظر... لقد اختفت البسمة، فلا أحد يبتسم
إن الشكوى تعم البلاد مختلطة بالنحيب
حقاً فقد أصبح كل من العظيم والفقير يقول: ليتني كنتُ ميتاً
والأطفال الصغار يقولون: كان يجب عليه ألّا يجعلنا على قيد الحياة!.)).

هل التاريخ يكرر نفسة لهذه الدرجة .. وهل سيذكر في يوم ما ( بعد أربعين قرن) أنه قد قامت في مصر ثورة إجتماعية عام 2011 .. أعقبها عصر إضمحلال .. إنقلبت فيه القيم.. ويمتلك كل السمات التي ذكرها أدباء مصر القدامي ..
هل يعني هذا أن الأجيال القادمة لن تذكر.. الكبارى و الطرق و القصور و المدن الجديدة التي ستمحي من الوجود .. بقدر ما ستذكر قصيدة شعر أو مقال علي الحوار المتمدن .. يحكي إستمرار بؤس الإنسان علي هذه الأرض ..إذن فلهؤلاء .. أتكلم .
ِ



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوقوع في مصيدة التفاهه
- زوار من الفضاء Ancient Alien
- علي مقاعد المعارضة مكاني .
- البرازيت و العائل إنها قسمة ضيزي .
- في البحث عن يقظة ما بعد الإستسلام .
- سينساكم الأبناء كما نسينا الأجداد
- في مصر طبقتين الفارق بينهما رهيب
- أين ستذهب 423 مليار جنية ودائع.
- كدنا أن نتداول السلطة عام 2022.
- الربيع و إحباطات المجتمع.
- محمد معيط ..ده تكليف رئاسي
- مثقفي مصر .. صح النوم .
- رزق الهبل علي الطماعين
- المستغلين تعلموا و نحن لا نقبل العلام
- 344 سنة فوضي ..ولم نتعلم .
- شهر رمضان واحسانات الحكومة
- عندما تصبح الحياة عبئا
- لا أرى ، لا أسمع ، و لن أتكلم .
- يا ريتك يا أبويا .. راحت عليك نومة
- ثلاثين ثانية سعادة .


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - لمن أتكلم ..الخطيئة لا حد لها .