أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد حسين يونس - الوقوع في مصيدة التفاهه















المزيد.....


الوقوع في مصيدة التفاهه


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7237 - 2022 / 5 / 3 - 11:32
المحور: المجتمع المدني
    


ولدت.. و العالم في حالة حرب .. لا نعرف عنها الكثير .. إلا نقص السلع بالسوق وإرتفاع شديد في الأسعار بسببها.. و وجود قوات الحلفاء في المدن مع إستخدامها (جيش) من العمالة المصرية لأداء الخدمات المعيشية لهم فيعودأغلبهم من عمله يردد بيننا همسا أخبار عن ما يحدث حول بلادنا ..و بعض الغارات الالمانية علي معسكرات الإنجليز فيصيبنا منها ما يصيب .
الطبقة المتيسرة .. كانت تمتلك أجهزة راديو .. تسمع منها لعدد محدود من الساعات يوميا .. بث الإذاعة المصرية ( شركة ماركوني ) و بعض الإذاعات الموجهه من أطراف النزاع .
و الطبقة الوسطي كانت تعتمد علي ما يذكر في الجرائد المطبوعة باللغة العربية أو الفرنسية أو الإنجليزية
.. أما أهل الريف و الأحياء الشعبية الفقيرة .. فكان مصدر معلوماتهم الإشاعات القادم بها المجندون منهم في القوات المسلحة أو الذين يعملون في القرنص الإنجليوى .. أو التي تنتشر من دوار العمدة بواسطة التليفون الميرى و الراديو الذى يعمل بالبطارية .. أو عندما يدق بابهم الجباة ..و رجال الدرك ... يستولون علي ما تصل إليه أيديهم من أموال و محاصيل أو ثروات .
في بلدنا .. لم تتغير حياتنا عن ما دونته الحملة الفرنسية في كتاب وصف مصر في نهاية القرن الثامن عشر. نقضي معظم ساعات النهار نكدح خلف لقمة العيش ..نمضي في العمل الوقت الأكبر .. بالإضافة لما يستهلكه الذهاب لمكانة ..و العودة منه ..و الإستعداد له .. من وقت.. ثم ما تبقي نخصصه لتناول الطعام .. و مهام النظافة الشخصية والصلاوات و النوم .
لا وقت للعب ، الترفيه ، التأمل ، الإبداع .. الزيارات للمتاحف ودور الكتب ..أو الأماكن الأثرية ..
حياة قد تبدأ و تنتهي في نفس المكان ..و قد نعيش العمركله في حارة من حارات مدينة القاهرة فلا نذهب لرؤية الهرم أو البحر .. أو نزور معابد الكرنك و الأقصر و حتشبسوت التي يحضر من أجل مشاهدتها السياح قاطعين الأف الأميال
حياة روتينية .. ساكنه ..خالية من التواصل مع البشر أوزيارة أماكن أخرى علي الكوكب . . و مع ذلك لا نشعر بأننا ينقصنا شيء .. لقد تعودنا كفلاحين مصريين علي الهدوء ..وعدم التغيير أو المغامرة و الخوض في مجالات غير مطروقة و نرى أن فعل كهذا يعتبر تهورا (( و إمشي سنة .. ولا تعدى قنا )).
بلدنا فيما قبل التكنولوجيا الحديثة ..كانت الحياة تسيرفيها بالريتم البطيء .. الرجال .. يقضون أوقات فراغهم ( خصوصا في أيام العطلات ) إما مستلقيين علي ظهورهم في سرايرهم أو جالسين في المقاهي يلعبون الطاولة و الكوتشينه و يدردشون فيما يدور حولهم من أحداث سياسية و إقتصادية ..أو بالتزاور بين العائلات ..و كانت أكثر لحظات متعتهم هي زمن حفلات أم كلثوم ثم فريد الأطرش و عبد الحليم .... حيث يجلسون حول المذياع .. جماعات يستمعون و يأكلون المسليات .. أو يدخنون المخدرات .. و ينقدون العمل الفني بأصوات عالية .. مرحة .
النساء يقضين معظم وقتهن في ترتيب المنزل و إعداد الطعام و التوالد و تربية الأبناء والتزاور سواء جسديا أو عن طريق الرغي مع الجيران من شرفات المنازل أو بعد ذلك في التليفون لدى الأسر متيسرة الحال .
أما الأطفال فيتركون يمضون أوقاتهم في الحوارى أو في بير السلم أو علي السطوح يلعبون العابا جماعية و يغنون أغاني بسيطة ..و يمثلون مسرحيات يختلقونها في وقتها ..و يتشاجرون و يبكون ويصخبون و يضحكون ..ويعلم الكبير منهم الصغير .
الحدث الأكبر في تاريخ أى عائلة .. هو ذهاب أحد أفرادها للحجاز حاجا .. فهذا الأمريشغل الأسرة كلها و يصبح له الأولوية في نشاطها .. أثناء فترة الإعداد .. و التي تمتد لشهور .. ومع إجراء طقوس الإستقبالات .. بعد العودة .. و إحتفالات السلامة ..وتفريق التذكارات .. و سرد القصص عن ما جرى لا يمل منها حتي لو إستمرت لسنين .
مع دخول التلفزيون في الستينيات .. تغير المشهد قليلا .. أصبحت مشاهدة الفوازير و المسلسلات و الأفلام و ماتشات كرة القدم ..و ميكي ماوس .. تستقطع وقتا له وزنه من ساعات يوم العائلة .. مجتمعة أو كأفراد
في صباى و صدر شبابي (خمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي) ..لم أمثل شذوذا عن هذا الواقع .. كنت العب مع أبناء الجيران في بير السلم ..و أستمع لبابا شارو من المذياع الموضوع في صالة منزلنا .. و أذهب للسينما أشاهد كينج كونج .. و سندباد .. و كرتون ديزني .. و الأفلام الأجنبية ..
إلا أنني .. لم أذهب للجلوس في المقاهي و لعب الطاولة ولم أدخن مبكرا لإثبات رجولتي ..و إستبدلت هذا بإعطاء مساحة وقت أوسع للقراءة ..والقيام برحلات للقناطر الخيرية و لحديقة الحيوان و الأسماك و الأورمان و الهرم و المتحف ..و مزاولة بعض الأنشطة الرياضية و الترفيهية و الثقافية التي تقام في المدرسة أو جمعية الشبان المسيحين .. خلال العطلة الصيفية .. حتي تخرجت من الجامعة و بدأت أدور في ساقية كسب القوت .
ثم أنني .. بعد هزيمة 67 .. بدأت في التغيير .. لقد أصبحت مهموما .. أهتم أكثر بالكتب المترجمة القادمة من بيروت و المقالات السياسية التي تنشر في جرائدنا .. و تدور معظم أحاديثي عن الهزيمة و كيفية الخروج من براثنها .. حتي نهاية السبعينيات عندما مات عبد الناصر و خلفه السادات .. و بدأ رحلة التحول .. من المجتمع المحمي بإسلوب ( راسمالية الدولة ) و سيطرتها علي مداخل و مخارج الإقتصاد لصالح الناس .. إلي ( الراسمالية الإنتهازية ) و فوضوية السوق التي تفترس الناس .

وهنا إنتهت فترة التوافق و بدأ ينمو معي إحساس .. بعدوانية المجتمع .. و الدولة .. و الإحساس بأن العالم الجديد لا يناسبني .

فتوقفت ( 1983 ) منذ زمن (( تشترى ساعة بكاتينة .. من غير عقارب و لا مينا )).. عن مشاهدة فوازير رمضان .. كذلك مسلسلاته.. بل المسلسلات التلفزيونية بوجه عام .. بعد أن عمتها ..هكذا .. التفاهه و التسطح..و عدم إحترام عقلية المشاهد .
ثم إمتد الحظر (الذاتي) إلي نشرات الأخبار الميرى.. فلم أعد أستثيغ الكذب و التلاعب اليومي بعقولنا من كبار و صغار الكتاب
صاحب هذا فيما يشبه .. العصيان المدني .. توقفي عن متابعة أحاديث و خطب المسئولين وندواتهم التي أصبحت تجهز بمعرفة خبراء في التضليل و خداع الناس تصور لهم أن نهبهم و سرقتهم و كسر أدميتهم و تضليلهم هي أمور تصب في مصلحتهم .
بمرور الزمن ..إنتهت صلتي مع كل المحطات التلفزيونية و الإذاعية الناطقة باللغة العربية حتي لو كانت تذيع أغاني لفيروز أو أم كلثوم .. لقد فقدت ثقتي بها بعد أن إمتلك المقال فيها رجال دين متخلفين و سياسيين كذابين ..أو معدين برامج مبرمجين علي التملق و الخداع .
في نفس ذلك الزمن إخترقت الأقمار الصناعية الحدود و أصبحت قنوات تلفزيونية عديدة متاحة لكل من يركب (دش) طبق إستقبال البرامج و المحطات .. فإستبدلت المحلي بالمستورد وأسرعت بالتواصل مع مصادر المعلومات الجديدة ثم الإ نضمام لشبكة من شبكات الميديا في العالم .
في نهاية التسعينيات توقفت عن شراء الجرائد المطبوعة (حكومية أو خاصة) .. فلم يعد بوسعي أن أدفع قروشي مقابل شراء أداة تستخدمها السلطة لعمل غسيل مخ جماعي للقراء.
مع مطلع القرن الجديد .. إمتنعت عن شراء ..تسجيلات الموسيقي الغثة التي أفرزها سكان الأحياء العشوائية و جعلت من أصحابها مليونيرات .
كذلك الروايات و الكتب التفاهه التي يجيزها رقباء سفلة و يقوم بترويجها ناشرين أكثر منهم سفالة يستغلون شوق البعض للشهرة فيستنزفونهم ماليا .. و يغرقون السوق بنفاياتهم .
بكلمات أخرى مع بدايات القرن الحادى و العشرين .. أصبحت أقاوم بشتي الطرق الإنحدار في المسار الخطر الذى تتحرك عليه الثقافة و الإعلام المصرى ..كنتاج للتدهور السياسي و الإقتصادى لحكم الديكتاتورية .
وهكذا
أثر في ذوقي و فكرى ما إطلعت عليه يجرى في الجانب الأخر من العالم .. فقد حدث لي ما جرى للمصريين في زمن الحملة الفرنسية و هم يشاهدون كيف تطور العالم أثناء سباتهم ..ليتأكد شعورى بأننا نعيش في ظل ثقافة محبطة خاملة لا تساعد علي تطوير مجتمع يغوص يوما بعد يوم عميقا في أوحال التخلف .
وسائط التواصل الإجتماعي التي تعرفت عليها في هذا الزمن وسهلت الإتصال بالعالم الخارجي كانت شبكات الإنترنيت و اليوتيوب أشاهد منه ما وصل إليه الناس من تطور خارج منطقتنا المنكوبة بحيث شكل لدى إنبهارا أغشي بصرى .. مثل هؤلاء الذين يخرجون من القمقم لنور النهار ..لانكب أنهل من علوم و وإمكانيات و معلومات التكنولوجيا الحديثة المتاحة .
فينكشف لي حجم تسطح تفكيرنا و ما كان مستورا عنا بواسطة الإعلاميين المحليين ..ويحفزني هذا أن أحسن من قدرتي و ألإندماج في اللعبة الجديدة .
نعم
لقد إنبهرت بكنز المعلومات التي علي جوجول الذى جعل التعلم و الحصول علي المعلومة من مصادر عدة أمرا متاحا سهلا..و لكنه في نفس الوقت جلب أمام أعيننا رزايا مجتمعاتهم و مجتمعاتنا .. السلوكية والفكرية و العقائدية و الإجتماعية و السياسية .. ورؤية الأخر لنا ..و رؤيتنا لهم .. فيظهر كم هائل من التباين .. و الإختلاف كان مخفيا تحت طبقات كثيفة من الجهالة .
نعم
التشوة الذى أصابنا عبر السنين .. جعل منا نوعا من البشر يختلف عن هؤلاء الذين .. يزاولون حياتهم في يسر بعيدا عن نفوذ الشاويش و الدرويش .
نعم
التخاطب عن بعد بواسطة الفيس بوك و باقي شبكات التواصل الإجتماعي عرانا أمام أنفسنا ..و قام بتصنيف مكاننا بين البشر..لنجد أهلنا بكل القياسات خارج إطار التواجد بين الأصحاء الأقوياء .
اليو تيوب أيضا وضع بين يديك كنوز الماضي و مبتكرات الحاضر في الفن و الموسيقي و العلوم الأجنبية فخسفت بالأرض المنتج المحلي و أظهرت كم تدهورت الثقافة بعد أن تولي وزارتها أشخاص أقرب للأمية
الألعاب الإلكترونية أصبحت وسيلة ترفيه سهلة .. يمكن مزاولتها في ألأوقات الميتة .. وبإمكانها مثل الشطرنج أو (البوكر) أن تجعلك تلاعب أشخاص يبعدون عنك بالاف الكيلومترات و تستمتع بالحوارو النقار معهم كما لو كانوا أصدقاء مقربين .
بكلمات أخرى صرنا أمام بوفية مفتوح من المعلومات و النشاطات .. به الجاد و به الهزلي .. به المفيد .. و به الضار .. و لك حرية الإختيار و هو أمر شاق علي من عاش العزلة الثقافية التي فرضتها علينا لأجيال و أجيال الديكتاتورية العسكرية.
غزارة المعلومات و تنوعها جعلتنا نهتز و نخاف ..و نفقد ثقة من يتصورنفسه صاحب الحقيقة المطلقة.
. وبدأت التغييرات ثم الصراعات بين الثورة .. و الثورة المضادة التي تتواجه من خلال وسائل التواصل المستجدة
و هكذا ..
تغيرت حياتي في العقد الأول من القرن الحالي.. بعد أن فتنت بإسلوب حياة مستجد عليها ..و ملأت ساعات يومي بالكتابة علي صفحتي في الفيس بوك وإدارة الحوار مع العديد من المتابعين الذين أصبحوا أصدقاء عن بعد ..و لعب البوكر و مشاهدة تسجيلات اليوتيوب ..و غيرها من المواقع التي كانت محبوسة عنا .
عمل يومي مكثف .. يلهي عن فقر الواقع .. حتي أنه تحول مع الوقت إلي إدمان. خصوصا بعدما تطورت التكنولجيا التي أعطت للهاتف الشخصي .. كل أدوات اللاب توب أو الكومبيوتر .
لقد أصبحت حياتي كلها تدور حول ما حصلته من (لايكات) أو( شير) ..وما علي كتابته في اليوم التالي بالفيس بوك ..و ما زاد أو نقص به رصيدى من أموال وهمية جاءت من لعب البوكر .
بصراحة حياة تافهة فارغة
و بسبب جلوسي لساعات أمام الكومبيوتر أعاني من مشاكل في نظرى وهيكلي العظمي ..و من إنفعال مرضي يدور حول تطور ملكية وهمية لأموال زائفة .. و تباعدت عن الأصدقاء غير الإفتراضيين
و عندما شاهدت التلفونات الشخصية في كل إيد .. حتي بين الأطفال .. و كيف تجذبهم الألعاب الإلكترونية عن الرياضة أو التواصل مع الأخرين أو الضحك من القلب كان علي إعادة النظر .. فيما يحدث ..و هل كنا مستعدين لهذه النقلة .
لقد أثرت الألات الحاسبة علي قدرة الطلاب في عمل حسابات عقلية ..و أثر عرض لقطات سريعة في أكثر من برنامج علي ثقافة الشباب الجمالية ..و تحولت صفحات الفيس بوك و غيرها إلي اماكن لنشر الصور و الإعلان عن حالات الوفاة ..
ثم إستخدمتها الحكومة في نشر إنجازاتها المدعاة .و الترويج لها . و رجال الدين في زيادة ألارصدة في خزائنهم .. و حتي المجرمين و تجار المخدرات وجدوها وسيلة سهلة للنصب و توزيع بضائعهم ..و أصبحت الشبكات الإلكترونية مصيدة و وسيلة سهلة .. للإيقاع بالضحايا من كل الأطراف .
نعم .. هذا صحيح
فنحن نعيش في العقد الثالث من القرن العشرين في تناقض حاد بين .. معطيات مجتمع زراعي ريعي بدائي شكل ثقافتنا و إسلوب حياتنا و جعل أغلبنا يجهل القراءة و الكتابة .. و منجزات مجتمعات حرة متطورة تكنولوجيا لها قيم خاصة لم نكن مستعدين لإستلهامها .. خصوصا فيما يتصل بالعلاقات الجنسية ..و حرية زواج أطراف متشابهه .. و فلسفة السوق .. و رفض سيطرة الخطاب الديني .. فنسقط في هوة عدم الإتساق .. و نصبح .. صور مشوهه .. من ناسهم .. نحول نعمة المنجزات الحديثة إلي نقمة شيطانية سطحية قد تراها في الكم الهائل من أفلام البورنو التي صنعت بواسطة مصريات
و هكذا عندما تسيطر البنوك علي أموال الناس .. و يقدم لك محصل الكهرباء و الغاز و المياة إيصالات إلكترونية .. و تزداد قيمة إشتراكات التليفونات .. و الإنترنيت بسبب ضرائب الحكومة .. و يؤطر الواقع المريض أساليب نهب الناس .. فإن سكان هذا المكان سيستخدمون التكنولوجيا المستجدة لإحداث مزيد من التخلف و السقوط .
أستاذى الذى كان دليلي للكومبيوتر .. كانت له مقولة ثبت صحتها مع مرور الأيام
(( جاربدج إن .. جاربدح أوت )) .. بمعني أذا أدخلت لكومبيوترك تخاريف مجتمع بدائي .. فلا تنظر خروج منتج بعيدا عن التخاريف .
و هو ما يعاني منه اليوم المتعاملين مع الحكومة الإلكترونية التي تخاطب من فقر الفكر .. و فكر الفقر .. كما قال يوسف إدريس .

و هكذا ..كان علي مراجعة ألانشطة التي تستهلك وقتي .. و التوقف عن اللعب بالأموال الوهمية .. بل بإلغاء اللعبة من علي اللاب توب .. و أقاطع جميع الألعاب الإلكترونية الأخرى التي تتحول مع الوقت للربط و إدمان .
ثم أنه .. بعد عشر سنوات من الكتابة اليومية علي الفيس بوك .. سيطرت مليشيات الحكومة و الأخوان علي صفحاته .. لحرف مسارات الرأى العام في إتجاه عدم كشف واقعهما المذرى .. و نابني منهما الكثير من سخامهم .. فقمت بالغاء صفحتي.
و إستبدلت البوكر و الفيس بوك ..بالإهتمام بمراقبة مباريات كرة القدم التي يشترك فيها النادى الأهلي .
أه
في وطنا .. حيث يجرم النشاط السياسي .. و يحارب الإجتماعي ..و يصعب الحركة في متاهات الكبارى و الطرق المستجدة و المواصلات السيئة .. يصبح إضاعة العمر و الجهد في أنشطة غير بناءة عمل يومي يزاوله أغلب من تقدم في السن وتقاعد..و منها ما يحدث اليوم من التوهه في الشبكات الإلكترونية .. و محاولة مجاراة أبناء الجيل الذين يولدوا .. و في يد كل منهم تليفون شخصي محمول .

و مع ذلك فالتكنولوجيا الحديثة ليست كلها شرور كما تمتطي في بلدى .. ففي المجتمعات الأكثر تقدما يجدونها نعمة تتناسب مع إسلوب حياتهم في المفاضلة بين أكثر من إتجاه .. هناك تغني الحوار و تقل الجهد وتربط العالم في شبكة واحدة وتحولة لقرية صغيرة.. أو ما قد نراه مطبقا في صفحات الحوار المتمدن التي أنقذت من سخم واقع منطقتنا .. و عاشت مفاهيم بناءة في دول المهجر
وهكذا بعد أن توقفت عن العمل في سن الثمانين .. جلست في البيت لا أعرف ماذا أفعل بساعات اليوم فأنا لا اذهب للمقاهي .. و ليس لي أصدقاء أدردش معهم لساعات في التليفون ..ولم يبق لي ..إلا إنتظار ماتشات كرة قدم النادى الأهلي .. و الإستماع إلي تعليقات من يتعصبون له أو ضده ..
لقد وقعت في مصيدة جديدة
اعاني من التوتر مع الهزيمة أو التعادل أو حتي الأداء السيء للفريق .. و تنتابني مشاعر ترهقتي و تتعبني و لا تختلف عن ما حدث لي و أنا العب البوكر
عبئا نفسيا علي مستوى توتر الأعصاب. بالإضافة إلي وخز الضمير المشارك (ولو بالتشجيع) في مأساة التناقض بين الفقر و العوز الذى يعيش فيه أغلب سكان هذا المكان ..و ما ينفق علي المدربين و اللعيبة ..( مدرب الأهلي مرتبة 180 الف دولار في الشهر ) أى ما يزيد عن 3.5 مليون جنية كانت كافية لبناء مدرسة جديدة .. في قرية من القرى المحرومة
كرة القدم في بلدنا تحولت اليوم لبزينيس مربح .. كونت له الأندية شركات نخاسة تبيع و تشترى البشر .. و تستعبدهم في أعمالها .. و الغريب أنهم قد تحولوا إلي نموذج و مثل يحتذى به الشباب .. و يرجو كل منهم أن يجيء اليوم الذى يصبح فيه قنا يباع و يشترى في سوق اللعبة .
نعم بالأمس رأيت شباب مصر و هو يحتفل بالعيد .. أغلبهم إن لم يكن كلهم .. لعبوا في تصفيف ىشعورهم و ملابسهم .. بحيث أصبحوا يشبهون اللعيبة المشهورين
وهكذا بين يوم وليلة .. و بعد خيبة الفريق القومي الذى لم ينجح إلا في تكسير لاعبي الأندية الذين تتعدى أثمانهم الملايين .. و خروجهم من تشكيلة فرقهم لا يستفيدون منهم ..
و سقوط ألاندية المصرية المشتركة في السباقات القارية الإفريقية ..و تعادل فريق الأهلي مع سيراميكا كليوباترا و طلائع الجيش و الهزيمة من النادى المصرى البورسعيدى و كلها فرق تحتل أماكن ليست متقدمة في ترتيب الفرق .. قررت ألا أشاهد أى مباراة كرة قدم سواء للنادى الأهلي أو للمنتخب القومي أو لاى فريق محلي أو خارجي . .. أو متابعة أخبار اللعبة علي اليوتيوب و نشرات جوجول ..
و قد يمتد هذا لعمل بلوك للنشاط الرياضي بكامله من علي برامج اللاب توب . بعد أن أصبحت تديرة شبكات المافيا التابعة للحكومة .. ليلحق بعدم إهتمامي باى نشاط إنساني حديث .ينتج في بلدنا و يبث بواسطة التلفزيون أو وسائل الإعلام أو الكومبيوتر .
إنها وسائل نصب .. و خداع .. تقوم بها السلطة .. لتدوير البشر في قضايا ثانوية بعيدا عن مشاكلهم الحقيقية و تعميهم عن التعرف علي مأساة أن يعيشوا في مجتمع فاسد نخر السوس في كل عظامة .
و الأن
توقف نشاط الرجل المسن علي القراءة في موسوعات عن التاريخ البشرى في كتب لم أقرأها من قبل ..الكتابة لصفحات الحوار المتمدن .. و كي لا تتيبس أعضائي أقوم بالتجول في الشارع لمدة نصف ساعة يوميا لا أحمل أشياء ثمينة تغرى بقتلي أو مهاجمتي للحصول عليها ..
و بالطبع
لا أشاهد السينما أو المسرح أو التلفزيون المحلي و لا أذهب لحفلات الموسيقي المجنونة التي تنتجها أبناء الأحياء العشوائية ..أو للإحتفالات الممجوجة التي تقوم بها الحكومة و إدارة التوجية المعنوى العسكرية مهما كان البذخ في الإنفاق عليها أو مهما علت بها لهجة مخاطبة النزعات الشوفينية للمصريين .
العالم المغطي بغلالة المعاصرة .. الذى يعيش فية الأبناء و الأحفاد .. فيحرفهم عن أنشطتهم الطبيعية و يصبغهم بصبغة التفاهه .. .. لم يعد يناسبني .. علي مستوى الفكر .. أو الجهد العصبي و البدني ..أو القبول
.. لقد جعلتني عزلتي الطويلة منذ (( تشترى ساعة بكاتينة .. من غير عقارب و لا مينا )) أبتعد كثيرا عنه لأراه علي حقيقته .. مجتمع زائف متخلف تافه .. يجتر في صمت نتائج فشل الديكتاتورية العسكرية في تطويره و ليست لدية القدرة علي الخروج من المتاهه .. أكثر منه مجتمع حديث يستخدم الكومبيوتر و الإنترنيت .. و يحول العلاقات داخله إلي علاقات إلكترونية في بلد أغلب سكانة يجهلون القراءة و الكتابة .. ليصير الوضع لفوضي .. لا يستفيد منها إلا المحتالين .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زوار من الفضاء Ancient Alien
- علي مقاعد المعارضة مكاني .
- البرازيت و العائل إنها قسمة ضيزي .
- في البحث عن يقظة ما بعد الإستسلام .
- سينساكم الأبناء كما نسينا الأجداد
- في مصر طبقتين الفارق بينهما رهيب
- أين ستذهب 423 مليار جنية ودائع.
- كدنا أن نتداول السلطة عام 2022.
- الربيع و إحباطات المجتمع.
- محمد معيط ..ده تكليف رئاسي
- مثقفي مصر .. صح النوم .
- رزق الهبل علي الطماعين
- المستغلين تعلموا و نحن لا نقبل العلام
- 344 سنة فوضي ..ولم نتعلم .
- شهر رمضان واحسانات الحكومة
- عندما تصبح الحياة عبئا
- لا أرى ، لا أسمع ، و لن أتكلم .
- يا ريتك يا أبويا .. راحت عليك نومة
- ثلاثين ثانية سعادة .
- تعددت الأنظمة .. و الفكر واحد


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد حسين يونس - الوقوع في مصيدة التفاهه