أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - في مصر طبقتين الفارق بينهما رهيب















المزيد.....

في مصر طبقتين الفارق بينهما رهيب


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7218 - 2022 / 4 / 14 - 11:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالأمس إختار إتحاد الكرة المصرى السيد إيهاب جلال ليكون المدير الفني الجديد لمنتخب مصر .. عظيم .. بلا خواجات بلا دوشة ... كدة بنخسر .. و كدة حنخسر .
لقد كانت هناك مفاضلة بينه و بين لاعب الكرة الشهير حسام حسن .. إنتصر فيها الباشا إيهاب بسبب قربه من السادة المسئولين بالإتحاد ..و سيحصل لمدة سنتين علي مرتب شهرى قدره 770 الف جنية ( بعد خصم الضرائب ) .
يخرب بيتكم يا بعدا .. في الإتحاد و وزارة الشباب و الرياضة .. هو مال ملهوش صاحب يحاسبكم عليه .. أكثر من ثلاثة إرباع المليون جنيه كل شهر .. تصرفوها من خزائن الحكومة التي تشكو من (( فجوة تمويلية)) تقدر بـ64 مليار دولار.. وعجز موازنة و مديونية .. وعدم قدرة الإنفاق علي مشروعاتها أو ميزانها التجارى ..فتستلف و تشحت لهما من كل من هب ودب .
ليه السفه با ناس ..و لية الإتحاد دة (بيبحتر) في فلوس بلدنا بدون عقل.. رغم كونهم لم يحققوا نجاحا في أى مسابقة إشتركوا فيها منذ عشر سنوات ؟ و كانوا السبب في هبوط مستوى اللعبة في مصر إلي أدني درجة .
أعتقد أنني إشتغلت لمدة خمسين سنة ( 1962– 2022) مهندسا ..و لم يصل إجمالي ما تقاضيته .. خلال هذه المدة .. لمرتب الباشا المختار لخمسة أو ستة شهور .. يعني دخل (عشر سنوات ) لمهندس يساوى (مرتب شهر) لإسم النبي حارسة و صاينه ..اللي حيجيب الديب من ديله .

ست أشخاص ( من إياهم اللي الفلوس بتيجي لهم سهله ) راحوا يتسحروا في مكان ما بالتجمع الخامس .. أكلوا فول و طعمية و بيض و بطاطس وشربوا عناب و حاجة ساقعة .. في نهاية السهرة كانت الفاتورة (4243 جنبه ) يعني الفرد تكلف 700 جنية سحور بطبق فول و كام طعمياية .. دا لو سافر لبنان أو قبرص يتسحر و رجع كان حيبقي أرخص له .
الشيء الغريب إنك لابد من أن تحجز .. و تدخل بالدور لهذا المكان ..اللي طبق الفول فيه تمنه 65 جنية ( يا كفرة ) .. فهناك إقبال عليه شديد من الرواد الذين يصرف كل منهم بسهولة 700 جنيه في سهرة سحور دون أن يهتز له رمش .
في مصر طبقة كونت ثروتها بسهولة من إستنزاف الخزينة المصرية المديونه.. طول السنوات الثمان الماضية ظهر عديد من المليارديرات المعروفين و المجهولين .. شخصيات عادية تراهم يتحركون بيننا و كل منهم علي قلبه قد كده .. فلا تتصور أن هذا الشخص يعيش معنا أصبح مليارديرا .
أصحاب المليارات و الملايين في بلدنا بعد مغامرات إنفتاح الحكام الإقتصادية في السبعينيات .. تزايدوا و يتزايدون بمتوالية هندسية .. بحيث لم يعد يقل عددهم عن مليون شخص ..بعائلتهم و أولادهم يبقوا أربعة أو خمسة مليون مواطن مرفه عرفوا كيف ينتهزون الكارثة الإقتصادية التي نعيشها و كونوا ثرواتهم ..
5% من الشعب متنعمين و مستهلكين شرهين ..يستطيع أى منهم أن يطلب طبق طعمية سادة و يدفع تمنه 45 جنية و ياكل واحدة أو إتنين و يسيب الباقي .
أقرب هؤلاء للذهن .. بعد (الحاج متولي بتاع الخردة .. أو سنبل المليونير) .. أبطال مسلسلات زمان .. بياعين المولات واصحاب توكيلات السيارات و لاعبي كرة القدم و المدربين .. و الشلة المحيطة بهم من سماسرة و كشافين و بتوع الثلاث ورقات .. و بص .. شوف السنيورة فين..ثم يطلعلك بيرسي تاو .
أو المغنيين و الممثلين اللي قصص ثرواتهم و أجورهم المليونية بالجرائد و المجلات لا تتوقف ( عمرو دياب و عادل إمام و هاني شاكر و روبي ..غير بتوع فن الحوارى إياه ).
في مصر2022 رسميا (حسب مجلة فورشن الأمريكية )..سته مليارديرات بمعني وصلت ثرواتهم أو تجاوزت المليار دولار، (( أغلبهم من عائلة ساويرس ومنصور))..... ذكرت المجلة أسماؤهم و ثرواتهم في تصنيفها لـ مليارديرات العالم
(( تصدر ناصف ساويرس مليارديرات مصر والعرب 2022، واحتل المركز الأول، ، بثروة صافية قدرها 7.7 مليار دولار، وفي المركز الثاني نجيب ساويرس بثروة تقدر بنحو 3.4 مليار دولار.. ثالثا، جاء محمد منصور بثروة تقدر بنحو 2.5 مليار دولار .. في المركز الرابع، جاء رجل الأعمال المصري والمقيم في بريطانيا محمد الفايد، وذلك بثروة تقدر بـ 2.1 مليار دولار.. خامساً، جاء يوسف منصور بثروة تقدر بنحو 1.5 مليار دولار وفي المركز السادس ياسين منصور بثروة تقدر بحوالي 1.1 مليار دولار)).
و في بلدنا عشرات غيرهم من المليارديرات الذين لم يوفوا الشروط والقياسات التي يضعها محرري ( فورشن ) لضمان أن يكون مصدر ثروتهم مشروع و شفاف غير غامض . مثل
( أحمد أبو هشيمة..أحمد بهجت ..أحمد عز .. أشرف مروان ..ثروت باسيلي.. حامد الشيتي.. رامي لكح .. طارق نور ..طلعت مصطفى.. علاء عرفة ..عنان الجلالي .. فايز صاروفيم ..ماجد سامي ..محمد أبو العينين..محمد فريد خميس ..منصور عامر .. منير فخري عبد النور.. هشام طلعت مصطفى ..يوسف ندا )
يضاف لهم الذين يملكون مئات الملايين من الدولارات
((أحمد السويدي..- صادق السويدي .. رؤؤف غبور.. عبدالرحمن الشربتلي.. سليمان عبدالمحسن)) و بالطبع لن أذكر أسماء لعيبة كرة القدم و رجال السياسة فهم كثر .. و رؤساء مجالس إدارات الشركات و المقاولين و رجال البنوك و الموظفين العموميين الذين مرتباتهم و مكافئاتهم و حوافزهم الشهرية تتعدى ملايين الجنيهات .رغم أن الحد الأقصي لصافي الدخل الشهرى 35 ضعف للحد الأدني أى لا يتعدى ((42 الف جنية يطبق على غير المخاطبين بقانون ربط الموازنة، و 70 ألفا يطبق على أجهزة الموازنة والهيئات الاقتصادية)).و التي منها وزارة الشباب و الرياضة .
عموما
هؤلاء هم المليارديرات و المليونيرات ..الذين يعملون في الضوء و معروف نشاطهم و مرصود دوليا و محليا .. ولكن بجوارهم مئات من الذين يعملون ( تحت بير السلم) أو في السر.. و يمتلكون أموالا طائلة أغلبها أتي بطرق (مفياوية )غير مشروعة ( أبسطها تهريب المخدرات و الأثار و تجارة السلاح أوإدارة شبكات البغاء بالإضافة إلي الرشاوى و العمولات ) و كلها بالطبع متهربة من الضرائب بصورة أو أخرى ..و بتتغسل و تتكوى و تنضف عندما تطلق الحكومة نفير شراء سندات أو شهادات ال18%التي جمعت 500 مليار جنيه .. أو ما يشبه ذلك
أصحاب الملايين في مصر .. لا يمكن حصرهم ..حتي بتوع الجباية عجزوا عن معرفتهم .... فبمجرد أن تدخل قطعة أرض زراعية في كردون المباني كاف لتحويل صاحبها لمالتي مليونير ..
أو تضرب البلية في أعمال السمسرة للعقارات و يبيع كام قصر علي كام فيلا .. أوينجح في توريد لاعبي كرة القدم للأندية الخارجية و الداخلية ..و لا أريد أن اقول أن أغلب أوامر الشراء و المقاولات التي تدفع فيها الحكومة المليارات تجرى عبر وكلاء ربنا فاتحها عليهم من وسع .. وتحدث تحت الشعار الشعبي (يا بخت من ينفع و يستنفع أو ..كان النقيب خاله..)
هذا هو جانب الأغنياء .. مفيش غني في مصر..عدا ما ندر من العاملين بالخارج .. يمتلك أكثر من مليون دولارجاءت من أعمال مشروعة.. أغلبهم كان حرامي أو مرتشي أو متربح من وظيفته أو يتاجر في العملة أو متهرب من الضرائب أو يقوم بأعمال مشبوهه غير قانونية .
علي الجانب الأخر
من القياسات الدولية أن الذى يعيش على أقل من( 1.90 دولارًا أمريكيًا) في اليوم. يعيش في (فقر مدقع ) بمعني من كان دخلة اليومي 34 جنيه أو الشهرى الف جنية مصرى .. ولا يستطيع أن يؤمن متطلبات حياته من الغذاء فهو فقير فقرا مدقعا .. طيب اللي مش بيلاقي الألف جنية شهرى ( و دول كتير تجدهم يتسولون في العشوائيات و شوارع المدن ) نسميهم إيه .. مش عارف .
في مصر حسب الإحصائيات الرسمية تتراوح نسبة من يعانون الفقر المدقع بين (6.2% و 4.5% ) و في تصورى أن النسبة الحقيقية قد تزيد عن هذا بضعف أو ضعفين .. بمعني قد تصل إلي 20% أى عشرين مليون بشرى يعيشون في (فقر مدقع) أغلبهم في ريف صعيد مصر و عشوائيات المدن .. و أحيائها الفقيرة .. حيث المأسي بالجملة فقر و جهل و مرض و جريمة وزحام و مخدرات و إنفلات جنسي وتوالد غير محكوم.. و تفريخ للخارجين علي القانون .
نسبة الفقراء عموما في مصر حسب القياسات الرسمية تشكل (ثلث السكان ) أى تتراوح بين ( 32.2% و 29.7 % ) و في الغالب النسب إرتفعت بعد الغلاء الفاحش الذى نعيشة في هذه الأيام و التخفيض الثاني لقيمة الجنية .. بحيث لن تقل نسبة فقراء المصريين أو المعرضين للفقر أو الذين يكافحون حتي لا يسقطون طبقيا في براثن الفقر ..عن ( 65% ) ثلثهم يعانون من فقر مدقع .
هذا الأمر رغم خطورته لا يمثل أى مشكلة للحكام من المليارديرات .. فهو في رأيهم أمر طبيعي الحدوث في دول العالم الثالث ولا يمنعهم من بناء القصور و المدن المرفهه و الكبارى أو يستوردون قطارات سريعة و مونوريل لخدمة (الإليت) .
و أدينا بنحاول .. لكن حنعمل إيه زمن المعجزات إنتهي ... و شوفوا .. هذه هي طبيعة الحياة فقر و غني .. في دول أمريكا اللاتينية .. وجنوب شرق أسيا ..و الدول المحيطة أقربها لبنان (اللي فلست) ..الحال أسوأ كثيرا و إحمدوا المولي علي النعمة اللي إنتم فيها علي الأقل بتلاقوا رغيف العيش كل صباح و الحكومة بتدفع له دعم سنوى 45 مليار جنية كانوا يعملوا كام كوبرى و لا قصر .. ( أغلب الدعم يتسرب كسرقات لانه مال و صاحبة نايم في البرلمان )

كتب هيرودوت المؤرخ الإغريقي (حوالي 484 ق.م - 425 ق.م). .. ((كان بمصر طبقتين الفرق بينهما واسع)) ..
نعم لقد كان هذا هو واقعنا كما رأه سائح عابر من الفين و خمسمائة سنة ..و عبر عنه مؤلفي كتاب وصف مصر في نهاية القرن الثامن عشر .. حال مقلوب غير أدمي دام علي مر السنين بحيث لا زلنا نعيشه حتي اليوم بعد أن وقعنا فريسة لخطط صندوق النقد و البنك الدولي وإقترضنا ديونا يصعب تسديدها خلال عمر هذا الجيل .و أضعنا كل مكاسب الأجداد الحضارية و المعرفية منذ نهاية القرن التاسع عشر و حتي منتصف العشرين .
في بلدنا اليوم لا يعيش في يسر تقريبي ( مؤقت ) إلا أقل من ثلث السكان.. و هذا لا ينفي أن أغلبهم بيعافر حتي لا يسقط مع الساقطين ..
باقي المصريين (الثلثين ) يعيشون .. علي شفا الجوع .. علي شفا الجنون ..من عدم القدرة علي التوائم مع نتائج سياسة إقتصادية مضطربة تنفذ بالقوة و القهر .
و الحق لقد تعود المصريون علي هذا الفقر و العوز و ضيق ذات اليد ..و لم يعد يلفت النظر فلقد كان هذا هو حالهم لقرون ..
و كان حلم أبناء جيلي ..بعدما تخلصنا من الإستعمار 1956 أن نروض غول التميز الطبقي الحاد و لا نعود طبقة رفيعة من النبلاء غنية متيسرة متنعمة متحكمة .. و أخرى واسعة من العامة شديدة الفقر و العوز و التخلف .. تجاهد كي لا تبيع أطفالها في سوق النخاسة .
سبب هذا الدوام و الإستمرار أنه .. لسوء حظ المصريين أن ظلوا لخمسة و عشرين قرنا ..فريسة لحكم الأوليجاركية العسكرية تحكمهم عصابات نهب .. تأخذ وتصدر للخارج ولا تعطي أو تطور أساسيات حياة السكان ليظلوا علي حالهم متخلفين . .
مجتمعنا لم يمر بالتطورات الطبيعية للمجتمعات فهو لم يشهد المرحلة الإقطاعية بالمفهوم الأوروبي ... و لم يعش أيضا مرحلة الرأسمالية الصناعية و تطوراتها ..بكل ما حملت من تعديلات في بنية المجتمع..و تغيير لوسائل الإنتاج الأساسية ..
أو تحرير الأقنان.. وتدريبهم و تعليمهم و تشغيلهم في المصانع و الورش .. و ضمان سيادة قدر مناسب من الحريات يكفل للجميع بدساتير عادلة ..
و قوانين يلتزم بها أرباب العمل وأصحاب المصانع وعمالهم الذين حصلوا بسببها علي مكاسب مهنية بعد طرق أساليب مختلفة للكفاح جعلتهم مستقرين أمنين علي حقوقهم ..
معتمدين علي نقابات خاصة بهم تدافع عنهم .. و ترقب تطبيق ساعات العمل المتفق عليها .. والحصول على أجر عادل وعطلة أسبوعية وإجازة سنوية و رعاية في حالة المرض أو البطالة .
لم نشهد هذا المجتمع الجامح الذى يشجع الإبتكار و الإكتشافات الجغرافية .. و السعي خلف المواد الخام و الأسواق .. و ينافس عن طريق تطوير المنتج و تحسينة .. و تعديل مناهج و إسلوب الحياة بما يدفع للنمو و الترقي المستمر .
لقد عشنا ركودا دائما مستسلمين لنوع واحد من الحكم يصنف علي أنه (طغيان شرقي) ..عصبة متغيرة من المستغلين والمحتلين تبتز الشعب ..يسقط بعضها بعضا .. بالتأمر ويحل محله قسرا ..يحكموننا مستخدمين القوة و الإرهاب لإخضاع أفراد المجتمع..و إستنزافهم .. دون أى محاولة لتطوير حياتهم أو تحسينها ..ما دامت الأمور تسير في طريق تحقيق مصالحهم والإبقاء علي نفوذهم و شذوذهم .
في بلدنا بعد أن تأسست الدولة منذ أربعة الاف سنة كان هناك دائما حاكم فرد ديكتاتور( سواء كان أجنبيا محتلا أو من أبناءها ) .. يحيط به بعض المنتفعين ..من أكيلة العيش الذين يؤدون أعمالا داعمة لسطوته خصوصا ما يتصل بالنهب والجباية ..أو القتل و التعذيب و السجن أو تسكين الشعب بطقوس و فتاوى نشر الخرافات و الأساطير..
ديكتاتور يصور له جنونه أن يخلد نفسه بواسطة إنشاءات ضخمة كالأهرامات يشيدها الشعب المسخر تحقيقا لإرادته . .
لقد كان حكامنا بصورة مستمرة ..غير منتمين للبلد أو لأهلها .. حتي لو ولدوا وعاشوا فيها .. فهم إما أسر حاكمة أجنبية ( البطلمية و الطولونية و الإخشيدية و الفاطمية و محمد علي ) تتوارث العرش
أو (والي) مفوض من قبل المستعمرين ( الرومان و العرب و الأتراك و الإنجليز ) يبقي لفترات صغيرة و يستبدل ..
أو إنكشارية مملوكية و عصابات من المرتزقة .. و اللصوص .. والفتوات .. إبتلينا بهم .. يتبادلون بالعنف وظائف كباررجال الدولة و جباة الضرائب ..
أو أمراء العسكر..ويفرضون إرادتهم بالقوة المسلحة .. و السجون و التعذيب .. و التربح من الوظيفة .. و إهمال تطوير من يحكمون .
في كتاب وصف مصر نجد أن هناك طبقة كادحة عريضة مستغلة و إن تفاوتت لديهم درجات الفاقة و البؤس..كما نعيشه اليوم
ففي بعض الأحيان تتميز شرائح هامشية ضعيفة .. فقيرة ..و لكنها أفضل حالا من المعدمين.. تضم كل من له دخل شبه دائم ( حتي لو كان لا يكفي ) تتكون من صغار الموظفين ( الجباة و الإداريين و المساحين و القياسين و الكتبة و رجال الدين ) و صغار الملاك للأرض الزراعية .. و الفنانين و الصناع و التجار ..و بعض المرتزقه من الجنود.. ومعلمي الحرف و الصناعات ( ورق ،زجاج ،مراكب، أقمشة ، أثاث، زيوت و سكرو صابون ) ..
هؤلاء الذين قد نطلق عليهم تجاوزا الشريحة العليا من الطبقة الكادحة .. كان يليهم قاع واسع رهيب من الفقراء شبه الأقنان..و العبيد .. وعمال الزراعة وصغار الحرفيين ..والصيادين ..والملاحين ..والرعاة .. والخدم و الأتباع .يعيشون علي الكفاف .
هذه التقسيمة الطبقية الشاذة التي قدمها لنا كتاب وصف مصر.. لم تتغير إلا قليلا في منتصف القرن التاسع عشر .. عندما كان الخديوى إسماعيل يحاول أوربة البلاد ( من اوروبا ) .. وتعديل نظام الحكم .. فإستعان بالمتيسر من المتعلمين و المؤهلين في زمن والدة..لأداء بعض الأعمال العصرية ..
عمالة لم تكن من الحكام أو المعدمين .. لتتوسع بذلك الشريحة العليا من الطبقة الكادحة و تصبح ( طبقة متوسطة ) .
بكلمات أخرى كان المحتلون علي مر العصور .. منذ زمن الإغريق و البطالسة و العرب.. يرون أن المصريين عبيدا لهم ..يقمعونهم بواسطة حاميات عسكرية في طول البلاد و عرضها ..و أن عليهم ( أى المصريين ) أن يعملوا في الزراعة والخدمات و الأنشطة الدنيا .. و يخضعون لسيطرة جهاز إدارى قمعي من أبناء الجاليات الأجنبية و المحتلين .
و كانت هذه سياسة دائمة للمستعمرين في مصر و حتي عندما إستقلت جزئيا في زمن إبن طولون .. والبطالسة و الفاطميين و محمد علي ..و عبد الناصر ..لم تتغير .. كانت السخرة من نصيب المصريين .. و النعيم للحكام المفتريين .
و الأن يتكرر نفس السيناريو بوجوه أخرى ..لدينا طبقة ثرية متخمة من نهب أموال القروض و تنفيذ المشاريع الوهمية التي لا قيمة لها ..مشغولة بإظهار ثرائها منعزلة عن المجتمع لا تتفاعل معه
وأخرى مطحونة تعيش على حافة المجتمع مشغولة بتوفير أساسيات الحياة، و ما بينهما طبقة تأكلت تحت ضربات المليونيرات و سياستهم ...لقد أضناها التكلفة الفلكية للحياة بعد أن أصبح لكل خدمة ثمنا مضاعفا لعشرات المرات ..فحدثت حالة من الإنفصام التام بين طبقات المجتمع،
أبناء الطبقة العليا صاروا لهم نظم تعليمية تغربهم تماما عن باقى الطبقات ، وعزلوا مساكنهم فى «كمباوندات» داخل أسوار لها بوابات تمنع دخول السوقة و الدهماء.. ولهم مستشفياتهم باهظة التكاليف .. و ملاهيهم المترفة التي يتناول الفرد فيها طبق الفول ب65 جنية و الطعمية ب45 جنيه . حتي لو كان يعيش مواطن أخر علي نصفها 34 جنيه طول يومه
إنها الثمان سنوات الأخيرة التي جاءت كختام لمحاولات بدأت في السبعينيات و لم تنجح .
ثمان سنوات .وضع فيها الضباط الذين يحكمون مصر المسمار النهائي في نعش الطبقة الوسطي بما يسمونه الإصلاح الإقتصادى الذى خسف بقيمة الجنية الأرض .. و زاد و كثف الضرائب و الأتاوات .. و أوحلنا في ديون تستهلك خدمتها أغلب الموازنة .. و غير المجتمع في إتجاه تحكم رأسمالية طفيلية كومبرادورية ريعية عسكرية أمنية .
لتعيد الموقف إلي المربع صفر .. حين كان في مصر طبقتين الفارق بينهما رهيب كما قال عنهما هيرودوت عام 430 ق.م .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين ستذهب 423 مليار جنية ودائع.
- كدنا أن نتداول السلطة عام 2022.
- الربيع و إحباطات المجتمع.
- محمد معيط ..ده تكليف رئاسي
- مثقفي مصر .. صح النوم .
- رزق الهبل علي الطماعين
- المستغلين تعلموا و نحن لا نقبل العلام
- 344 سنة فوضي ..ولم نتعلم .
- شهر رمضان واحسانات الحكومة
- عندما تصبح الحياة عبئا
- لا أرى ، لا أسمع ، و لن أتكلم .
- يا ريتك يا أبويا .. راحت عليك نومة
- ثلاثين ثانية سعادة .
- تعددت الأنظمة .. و الفكر واحد
- الصيغة المصرية للديموقراطية
- هذا التواجد التافه ..ليتني قلت (لا) .
- الحرب في بر مصر
- إستمرار الحكم العسكرى ..أهو قدر
- تأملات في ذكرى ثورة
- مافيا الهدم و الجمهورية الجديدة


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - في مصر طبقتين الفارق بينهما رهيب