أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - يوم الأرض-1















المزيد.....

يوم الأرض-1


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7204 - 2022 / 3 / 28 - 13:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


دولة إسرائيل مشروع الدول الامبرالية وتوابعها بالمنطقة من حيث التخطيط والتنفيذ
هذا اليوم الموافق الثلاثين من آذار يهيب بالجماهير العربية وقواها الوطنية ألنزول الى الساحات تعبيرا عن رفض تطبيع الدول التابعة مع المشروع الصهيوني للاستحواذ على كامل الأرض الفلسطينية. الجماهير العربية وقواها الوطنية ضد المشروع الصهيوني وضد أنظمة الغدر والخذلان لأنبل مواجهة ؛ فالأمور تجري بالضفة وفقا لما قاله رئيس الاستخبارات العسكرية، شلومو غازيت، الذي عمل عام 1967 اول منسق للحكم العسكري : " إسرائيل أرادت للفلسطينيين مواجهة البطالة والنقص في الأرض والمياه والتدمير، وهكذا يمكن ان نخلق الأسباب المؤدية لرحيلهم عن الضفة الغربية وغزة". وإذا ما نجحت إسرائيل في قهر الشعب الفلسطيني فلسوف تتحول بمكائدها وبأذرعها الأمنية، بسعار أشد ضد شعوبَ المنطقة. طوال وجودها بالمنطقة تعاونت إسرائيل مع قوى الامبريالية والسلطات الرجعيةا العربية،في الكيد لقوى الديمقراطية والوحدة القومية في عديد من دول المنطقة. ولم تزل إسرائيل تضمر العداء لقضية التحرر والتقدم في المنطقة، وذلك لعزل الشعبر الفلسطيني عن بعده الاستراتيجي.
كانت الأرض ولم تزل موضوع العدوان الإسرائيلي المتواتر منذ بدايات القرن الماضي، تواصل اغتصابا بالقوة المسلحة بدعم ومساندة قوى الامبريالية. في 30آذار 1976 حين هبت الجماهير خلف الخط الأخضر تقاوم مشروعا جديدا للسطو على ما تبقى من أراض بأيدي العرب، كان العرب ـ وهم يشكلون نسبة 17% من السكان -مضطرين لتدبير أمورهم ب 3% فقط من الأرض فقط، لأغراض الزراعة والسكن. وإذا أخذنا بالاعتبار أن اليهود تملكوا قبل صدور قرار تقسيم فلسطين 6% فقط من الأراضي، بمساعدة الانتداب البريطاني، نجد ان الاغتصاب بالقوة السلطوية بعد قيام الدولة تعمد حرمان العرب من كل وسيلة إنتاج مستقلة . ونقلت مجلة الدراسات "قضايا إسرائيلية" الفصلية عن الكاتب الإسرائيلي "عوزي بنزيمان" في هآرتس العبرية 2006/2/26 إحصائية تفيد أن " عرب 48 الذين يشكلون 18 بالمئة من السكان اليوم يشغلون فقط 2,4 بالمئة من الأرض، والمساحة المخصصة لليهودي بالمعدل أكبر من تلك المخصصة للعربي بثمانية أضعاف"، مشيرا إلى "أنه قبل قيام إسرائيل كانت الأراضي العامة أقل من %10، أي ان 90 بالمائة من الأراضي كانت ملكيات خاصة لأسر تناقلتها عبر الأجيال واغتصبتها إسرائيل بعربدة القوة المسلحة. والمصير نفسه ينتظر الضفة الغربية.
اجرى محمد روحي الخالدي ، وكان عضوا عن القدس في مجلس المبعوثان، دراسة ميدانية استوفت شروط البحث العلمي عنوانها «مقدمة في مسألة الزيونيزم ». جاءت الدراسة نتيجة معاينات ميدانية وثقافة سياسية عميقة. فقد استثمر كاتبها عضويته في مجلس المبعوثان وطاف بالمستوطنات. تجلت المنهجية العلمية الصارمة في بحث روحي الخالدي، فلم يغفل الحقائق؛ فجاءت دراسته وثيقة تاريخية، وأول دراسة أكاديمية بالعربية عن الحركة الصهيونية: الأسباب والدوافع التي أدت إلى قيام الحركة الصهيونية في القرن العشرين، وفي علاقة اليهود الدينية بفلسطين، وعلاقتهم بالعرب والدول الإسلامية على مر العصور، وفي مداولات المؤتمرات الصهيونية وقراراتها، بدءاً بالمؤتمر الأول، وفي المؤسسات الصهيونية واليهودية في فلسطين. استند الكاتب إلى المعلومات المثبتة: "أسسوا بنكاً باسم بنك الاستعمار اليهودي، لاستلام إعانات شهرية". وتناول مسألة مستعمرات اليهود وجمعياتهم وتدريباتهم العسكرية، ومحاكم وإدارة ذاتية. وذكر أيضا التحضيرات التي أعدها الصهاينة تمهيدا لإقامة الدولة، كما أتى على ذكر مدارسهم الراقية والأموال الطائلة التي يجمعونها كي ينفقوها على مشاريعهم الاستيطانية، وكلها موثقة. "وكلاء الإدارة العثمانية يبذّرون ويسرقون، والمستعمرون يعيشون عيشة الترف والقصف". في مقابل الفلاح الفلسطيني المغتصب تقف، كما يشير الخالدي، "مزارع يهودية فيها آلات زراعية من الطراز الأوروبي الجديد ومدارس وأطباء وجمعيات صهيونية منظمة. خلص من الدراسة الى التحذير من "اننا ذاهبون الى كارثة إن استمر التوازن المختل بين المستعمرين اليهود والفلاحين العرب". توفي الخالدي عام 1913 قبل أن يدفع المؤلف للطباعة، وتمت سرقة المخطوط وإخفاؤه حتى العام 1997، ولم يستفد منه المقاومون للاستيطان الصهيوني في الحقبة اللاحقة.
قدر الباحث الفلسطيني أن"المستعمرات التي أسسها في فلسطين اليهود المهاجرون من روسيا وأوروبا الشرقية بأموال روتشيلد وأمثاله من أغنيائهم عددها حتى (1912) ثمان وعشرون مستعمرة، تبلغ مساحتها 279491 دونما، "اشتروها بثمن بخس بمساعدة ولاة البلاد وأغنيائها، وفيها من اليهود المستعمرين 8000 نفس، ويهاجر إليها في السنة نحو ألفين مع عدم تصريح الدولة، لكنهم يستعملون أنواع الحيل والدسائس والرشوات ولا يخرجون منها بعد دخولهم إليها بصفة زائرين".
هكذا تكفل أثرياء الصهاينة بدعم المشروع وألقيت على فقراء الشع الفلسطيني مهمة التصدي.
كشف هيرتزل عن الرغبة في تجنب الاندماج بالسكان الأصليين، دولة "نقية تقيم حظيرة تستوعب السكان الأصليين"، وذلك في كتابه " الدولة اليهودية"، الذي صدر في شباط 1896، وكانت فكرة الاستيطان اليهودي موزعة بين الأرجنتين واوغندا وكندا بعيدا عن تأثير المقدس الديني. وفي نهاية الكتاب يشير الى فلسطين دون الإشارة الى السكان الفلسطينيين. تضمن البرنامج الذي اقره المؤتمر الصهيوني الأول(1897) اعتماد خطة "وطن آمن بصورة مشروعة في فلسطين". استند المشروع الى مظلة دولة عظمى او تحالف دول متنفذة؛ كانت بريطانيا هي السباقة. ولما استقر الاختيار على فلسطين بتأثير الأوهام المقدسة، استمر التفكير بطرد المواطنين الفلسطينيين خارج فلسسطين؛ إذ كتب في مذكراته، " نحاول تشجيع العرب المعدمين على عبور الحدود، حيث توفر لهم في تلك البلدان فرص العمل مع حرمانهم من العمل والتوظيف في بلدنا". والمعلوم أن بن غوريون وحاييم وايزمن ظلا، خلال عقدي العشرينات والثلاثينات، يلحان على سلطات الانتداب ترحيل العرب المعدمين، الى خارج فلسطين؛ وهم ممن هُجِّروا من أراض كانوا يفتلحونها وتملكها الكيرن كايمت. وفي أحايين عبرا عن الاستعداد بتمويل عمليات التهجير.
بعد وفاة هيرتزل نتيجة ازمة قلبية في 3 تموز 1904 انتقلت قيادة الحركة الصهيونية إلى مثقفين وأدباء. ظلت تتردد في كتاباتهم تطلعات العيش المشترك مع العرب وتقديم الخبرة والدعم للعرب وغيرها من الكتابات المنطوية على العيش المشترك. حسمت الظاهرة بمقال نقدي كتبه الصهيوني كلاوزنر ظهر عام 1907 بمجلته الأدبية، حذر من ذلك اللغط، مؤكدا أن الاختلاط أولى بالأوروبيين ، فالعرب أشباه متوحشين والعلاقة معهم يجب ان تكون عدائية مطلقة. منذ ذلك الحين غدت الصهيونية حركة صدامية تعتمد القوة المسلحة لإنجاز مشروعها في فلسطين. يذكر مارتن بوبر في مذكراته ان ماكس نورداو، وقد أيقن من وجود سكان عرب في فلسطين، هرول إلى هيرتزل ليقول له " لم أكن ادري أننا نقترف ظلما". لكنه سريعا ما انسجم مع الخط وراح يروج الكراهية والتبخيس للعرب.
إسرائيل مشروع امبريالي ؛ فقد صدر التصريح الصادر من قبل الحكومة البريطانية في 2تشرين ثاني / نوفمبر 1917، يعد بإنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين؛ وبانتهاء الحرب العالمية الأولى بهزيمة ألمانيا صاغ المنتصرون المؤسسون لعصبة الأمم في مؤتمر سان ريمو، 24 تموز 1922صكوك الانتدابات، واتخذ نص بيان بلفور طابعا دوليا. ورد في نص قرار الانتداب على فلسطين أن تكون الدولة المنتدبة " مسئولة عن تطبيق الوعد المقر من الدول الحليفة لصالح إقامة وطن قومي للشعب اليهودي. ونصت المادة الثانية من صك الانتداب على "ان بريطانيا تتعهد بأن تحيل فلسطين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لإنشاء وطن قومي لليهود" . تضمنت الصياغة الأولى " تحويل فلسطين إلى وطن قومي لليهود"، ثم سحبت لإخفاء الأطماع الحقيقية للصهيونية، وبقيت مضمرة ، الى أن عقد عام 1942مؤتمر صهيوني في فندق بلتيمور بالولايات المتحدة، فأعلن هدف إقٌامة الدولة ، مدشنا انتقال الحركة الصهيونية في حضن الامبربيالية الأميركية.
عينت الجكومة البريطانية ، بترشيح من الحركة الصهيونية هربرت صموئيل أول مندوب سام في فلسطين. وهو صهيوني متعصب، فكان حقا "اول حاكم يهودي لفلسطين "؛ أرسى القوانين والترتيبات الإدارية الكفيلة بإنشاء الدولة اليهودية. شرع في سن الكثير من الانظمة والقوانين ومن أبرزها قانون تصحيح السجلات العقارية عام 1920، والقانون الخاص بنقل ملكية الأراضي عام 1925. اصدر اول قانون للهجرة المنظمة، وكنتيجة اولى لهذا القانون، منح خمسة وعشرين ألف يهودي صهيوني دخلوا الى فلسطين مع جيش الاحتلال البريطاني، الجنسية الفلسطينية ورخص لهم في التوطن والعمل، وألغى جميع القوانين والأنظمة العثمانية التي كانت تحرم على اليهود امتلاك الأموال غير المنقولة.
وضع صموئيل إدارات القضاء والهجرة والتجارة في ايدي صهاينة معروفين.عين أحد غلاة الصهيونية ، لورد بنتويتش، نائبا عامان خوله صلاحيات وضع القوانين والأنظمة التي تسير البلاد، وكان الرئيس الفعلي للجهاز القضائي المشرف على تنفيذ القوانين. كما اصدر دستوراً لفلسطين، تناول صلاحيات المندوب السامي، نصت المادة الثالثة عشرة من دستور فلسطين على ان" للمندوب السامي ان يهب أو يؤجر اية ارض من الأراضي العمومية أو أي معدن أو منجم، وله ان يأذن بإشغال مثل هذه الأراضي بصفة مؤقتة وبالشروط أو المدد التي يراها ملائمة". وجعل اللغة العبرية لغة رسمية ثالثة الى جانب اللغتين العربية والانكليزية في فلسطين، كما وضع موارد الثروة الرئيسية واستغلالها بايدي اليهود الصهاينة ، ومنحهم التسهيلات والامتيازات. اقتطع لليهود مباشرة مائتي الف دونم من اراضي مرج ابن عامر، ومائة وخمسة وسبعين الف دونم من اراضي الكبارة وعتليت وقيسارية. عمد الى المشروعات المهمة فسلمها الى اليهود وحدهم، وكان من أهمها امتياز الكهرباء الذي كان قد عرف باسم امتياز روتنبرغ ، مخولا ، بموجب الامتياز، نزع ملكية الأرض من أصحابها الشرعيين للاستيلاء عليها. منح صموئيل الوكالة اليهودية أرضا مساحتها الف دونم بأسعار رمزية، كما أهدت حكومة الانتداب للوكالة اليهودية اراض مسجلة باسم السلطان عبدالحميد في منطقتي الحولة وبيسان ومساحاتها مائة وخمس وستون ألف دونم. زيدت مساحات الأراضي التي امتلكها اليهود من ستمائة وخمسين الف دونم عام 1920 إلى مليون وتسعة عشرة الفاً وخمسمائة واربع وسبعين دونما عام 1925.

سمح صمويل بشكل سافر تزويد المستوطنات الصهيونية بالسلاح والتدريب على القتال، وحظر على الاهالي سكان فلسطين العرب حمل السلاح واستعماله، وفرض على من يحمله عقوبة السجن المؤبد أو الاعدام. مضى صموئيل في تنفيذ تدابيره القاسية ضد عرب فلسطين للحد من الشعور الوطني المتنامي لديهم. تابع صموئيل الاهتمام بالمستوطنين الصهاينة حتى بعد تركه منصبه، فاستمر رئيساً لشركة فلسطين للكهرباء، ورئيساً للجامعة العبرية وهاجم العداء للصهيونية.
القواسم المشتركة بين الاستيطان اليهودي بفلسطين والاستيطان الأوروبي بالقارة الجديدة يكمن أبرزها في الأسطورة التوراتية في سفر يشوع، بصدد تدمير أريحا وإبادة شعبها ، الأمر الذي لم تثبته الأبحاث الآركيولوجية، مثيرة الشكوك بصدد تاريخية النص التوراتي. يضاف لهذا الاختلاق تزوير آخر تمثل في الدعاية العنصرية المزدرية للشعوب المستهدفة . الشعوب العربية كافة وشعب فلسطين خاصة ضحية نظرة عنصرية اقتنصت حالة اجتماعية لفترة من التاريخ وعممتها خاصية عرقية مزمنة. فقد أجرى الباحث السوري، الدكتور ميخائيل سليمان، بحثا حول نظرة الأميركيين للمجتمعات العربية ، خلصت الدراسة إلى أن "الامريكيين علي العموم يحملون آراء سلبية عن العرب والمسلمين"، جمدت النظرة إليهم، كما اكد إدوارد سعيد، بانهم "شعب متأخر بدائي غير متحضر، شعب ملبسه غريب ويسيء معاملة المرأة، مولع بالحروب متعطش للدماء، غدار ماكر، قاس كسول شهواني حقود انتقامي وخانع للسلطة".
عموما النظرة الامبريالية عنصرية تجاه شعوب آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. أشار الصحفي الاستقصائي الأميركي ، سيمور هيرش في كتاب مذكراته، مرارا الى مشاعر الازدراء تجاه الفييتناميين والقتل العشوائي بالجملة وتبرئة الجناة ، تماما كما يتصرف الصهاينة تجاه العرب في فلسطين.
هاجر كلاوزنر الى فلسطين عام 1919، وارتبط بعلاقة حميمة مع بن زيون نتنياهو، والد بنيامين نتنياهو.كتب في مجلة أصدرها أن شعب الفلسطين أشباه متوحشين. والصفة تطلق للتحريض على التهجير العرقي. دأبت قيادة بن غوريون علىى تهجير المزارعين من أراض أشتراها الكيرن كايمت، أو وهبها هريرت صموئيل. حظر بن غوريون تشغيل العرب في المشاؤيع اليهودية ، كما حظر إشراك العمال العرب في الهستدروت. ورغم ذلك نشرت الصهيونية إشاعات بعد النكبة بأن العرب لم يطأوا أرض فلسطين إلا بعد هجرة اليهود للعمل في المشاريع اليهودية!
حدث أول تهجير للمزارعين العرب عن منطقة الحولة؛ طالب بن غوريون سلطات الانتداب بتهجير العرب المهجرين عن مزارعهم خارج فلسطين. وأثارت عملية الترحيل عام 1930 لعرب وادي الحوارث الرأي العام ونجم عنها عمليات مسلحة أخذت تتشر في الأرياف، قبل انطلاق عز الدين القسام عام1935.
في عرض قدمه الكاتب البريطاني، روبرت فيسك، لكتاب الصحفي الإيرلندي ديفيد كرونين، المقيم في بروكسل " ظل بلفور : قرن من الدعم البريطاني لإسرائيل" ، أشار إلى أن آرثور واتشوب، (المندوب السامي البريطاني تسلم منصبه عام 1931) كتب في مذكراته، "الموضوع الذي يشغل عقول الفلسطينيين اليوم هو... الرعب من زمن قادم يغلبون على امرهم ويكابدون، بينما اليهود يهيمنون على كل مجالات الأرض والتجارة والحياة السياسية". كم كان مصيبا، كتب فيسك. تكمن قيمة كتاب كرونين، كما يقول فيسك، في البحث اللاحق حول مساندة بريطانيا لإسرائيل واستمرار تقديم شحنات الأسلحة لجيشها وتواطئها معها في العدوان الثلاثي على السويس. في عام 1972 جزم هارولد ويلسون ، رئيس الوزراء العمالي، ليس واقعيا على الإطلاق طلب الانسحاب الإسرائيلي من أراض احتلتها عام 1967. وجد كرونين من تحرياته في الوثائق الكولنيالية البريطانية ان الجيش البريطاني قد كذب بصدد "تطهير " حيفا؛ حيث لم يقدم أي حماية للعرب ، وهي سياسة اتبعت في عموم فلسطين ، "باستثناء شجاعة الميجر ديريك كوير وجنوده، حيث بفضل دفاعهم عن العرب في يافا نال وسام الصليب العسكري، (على الرغم من ان كوبر لم يورد ذلك في كتابه)". يقول فيسك: " وكوبر الذي تعرفت عليه أثناء وجوده في بيروت يعالج الجرحى الفلسطينيين عام 1982 لم يسامح حكومته لغدرها وعدم امانتها في نهاية انتدابها على فلسطين
استبق بن غوريون الحل المنتظر، مقررا ضرورة نقاء الدولة اليهودية من العرب، ومن ثم طرد العرب "بالوسائل الوحشية"، كما أورد في مذكراته. اخذ يرتب للأمر في ثلاثينات القرن الماضي. في لقاء مصغر بمقر الهستدروت في تل أبيب، حضره أركان منظمة هاجاناه العسكرية وأنصاره في الهستدروت (النقابة العمالية لليهود) وحضره يوسف فايتسمان مدير الكيرن كايميت والمتحمس لطرد العرب، أطْلع بن غوريون الحضور على مشرع التطهير العرقي. وفي اجتماع لاحق كلف فايتسمان بإعداد خطة للتطهير العرقي ، جاء الى الاجتماع التالي وقد أعدها ونالت موافقة الحضور. وأثناء العمليات المسلحة قاد فايتسمان فريقا خاصا بإنجاز خطة التهجير. هكذا جرت عملية طرد العرب من قراهم ومدنهم، كما ذكرها بالتفصيل المؤرخ إيلان بابه، في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين". ذكر أن عملية قادها يغئال ألون في شهر كانون أول 1947 ضد قرية الخصاص، أي قبل انقضاء شهر على قرار التقسيم في نوفمبر 1947. نسفت البيوت على رؤوس أصحابها وهم نيام. تنبه مراسل نيويورك تايمز الى الجريمة وأجرى اتصالاته؛ وبعد الإنكار عاد بن غوريون واعترف بالعملية معلنا أسفه؛ لكن العملية ظهرت لاحقا بالسجلات ضمن العمليات الناجحة. جريمة قرية الخصاص سبقت جرمة مذبحة دير ياسين. ومذابح عديدة بعد دير ياسين جرت أثناء عمليات التطهير العرقي، خاصة في قرى الجليل وفي قرية الدوايمة بمنطقة الخليل.
وحتى قبل صدور قرار التقسيم كان اتلي ومجلس وزرائه من حزب العمال يناقشون خطة من شأنها ان تفضي إلى " تطهير عرقي" لعشرات آلاف الفلسطينيين. وقبل ذلك في عشرينات القرن الماضي فكر تشرشل، وكان وزير المستعمرات في إبقاء شرقي نهر الأردن مكانا لاستيعاب الفلسطينيين ممن سيطردون إثر إقامة الدولة الصهيونية. وفي العام 1944 ورد في بيان أصدره حزب العمال البريطاني " علينا تشجيع العرب على الهجرة بينما يدخل اليهود إلى فلسطين."
يورد بابه في كتابه [ص203] ، " سمحت بريطانيا بحدوث تطهير عرقي جرى تحت سمع وبصر جنودها وموظفيها؛ اما الأمم المتحدة فلا يمكن تبرئتها من ذنب التخلي بعد 15 أيار عن الشعب الذي قررت تقسيم أرضه وسلمت أرواحه وأرزاقه إلى اليهود... وفي وقت لاحق غض المراقبون من الأمم المتحدة النظر عن عمليات التهجير . ومن المتعذر تفسير لماذا لم تبحث الأمم المتحدة قط في مسألة الوضع القانوني لإسرائيل في المناطق المخصصة للدولة العربية عندما أظهر المجتمع الدولي لفترة وجيزة اهتماما بمصير فلسطين بعد الانتداب وبمصير سكانها الأصليين... وتحت بصر مراقبي الأمم المتحدة الذين كانت دورياتهم الجوية تحوم في سماء الجليل بدأت المرحلة النهائية من عملية التطهير العرقي في تشرين اول / أكتوبر 1948، واستمرت حتى صيف 1949 . لم يكن بقدرة أي امرئ أن لا يرى جموع الرجال والنساء والأطفال ، وهم يتدفقون يوميا نحو الشمال. وكانت النساء والأطفال المرهقون العنصر الطاغي في هذه القوافل البشرية ، إذ غاب الشبان بالقتل أو الاعتقال . قلوبهم تحجرت ؛ وإلا كيف نفسر القبول الصامت بمثل هذا الترحيل الجماعي القسري، الذي كان يجري تحت سمعهم وبصرهم ...وظلت الأمم المتحدة تتبنى بلا إبهام لغة أبا إيبان ، مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة ، الذي كان يتحدث عن اللاجئين كأنهم ‘مشكلة إنسانية’ لا يمكن اعتبار أحد مسئولا عنها أو محاسبته عليها."

يتبع لطفا



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحشية أميركا في العراق فاقت بكثير ما تقوم به روسيا في أكراني ...
- المسئولون عن غزو العراق مجرمو حرب يعاقبون روسيا!
- سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية- الحلقة الأخيرة
- سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية-6
- سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية -5
- سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية -4
- سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية-3
- سيمور هيرش في مذكرات استقصاءاته-2
- سيمور هيرش في مذكرات استقصاءاته .. -1
- التضامن الأممي ..نستثمره ام نتفيأ بظله؟
- ماذا يكمن خلف صخب الدعاية المتصاعد حول أكرينا؟
- نظام التفاهة - الفصل الثالث :: التفاهة إلهاء وإفساد – الحلقة ...
- نظام التفاهة- الفصل الثالث : الثقافة والحضارة - الحلقة الساد ...
- نظام التفاهة-الحلقة الخامسة
- نظام التفاهة: التجارة والمال - الحلقة الرابعة
- نظام التفاهة – الفصل الأول :-المعرفة- والخبرة - الحلقة الثال ...
- نظام التفاهة-2
- نظام التفاهة -حلقة اولى
- بالتعليم والعلوم اكتسبت كوبا المناعة ضد الأوبئة والحصار الام ...
- مفهوم الثورة في النظرية العلمية للماركسية


المزيد.....




- بسرعة 152 ميلًا في الساعة.. ثنائي مغامر يقفزان من مروحية ويح ...
- -ألف حمساوي- في تركيا.. -زلة لسان- إردوغان وماذا وراءها؟
- ماذا يعني إعلان مصر التدخل رسمياً لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد ...
- شتائم واتهامات بين نواب المعارضة والحزب الحاكم في البرلمان ا ...
- وسط التغييرات في الكرملين.. القبض على مسؤول كبير آخر في وزار ...
- حزب الله يرد على -اعتداءات إسرائيل على المدنيين بصواريخ وأسل ...
- الصين تتعهد باتخاذ -جميع الإجراءات اللازمة- ردا على الرسوم ا ...
- القسام تعلن تنفيذ عملية مركبة ثانية في المساء ضد قوة إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل إسرائيلي وإصابة 5 جنود بإطلاق صواريخ ...
- زاخاروفا تصف الاتحاد الأوروبي بالمريض بـ-اضطراب القطب الثنائ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - يوم الأرض-1