أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية -5















المزيد.....


سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية -5


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7187 - 2022 / 3 / 11 - 13:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وسائل الامبرطورية وأساليبها القذرة لمقاربة قضاياها
من السمات المميزة لتصرفات المسئولين في الإدارات الأميركية وهيئاتها المشرفة داخليا ودوليا هي ازدراء القانون، بمعنى البلطجة والعمل في الظلام: "ظهرالمزيد من الأدلة في أواخر السنة ، التي تميزت بالفوضى وقلة احترام للقوانين داخل إدارة نيكسون. نفذت اغلب دبلوماسية كيسنغر بطريقة سرية بعيدة عن الأنظار، تحاشت الإعلام"[296]؛ ويقول أيضا: "هناك اعتقاد تام بان البيت الأبيض سيخفي أي فضيحة ، للخوف من أن الأشخاص المهمين، مهما كانوا، سيتم الكشف عنهم . بدأْتُ التركيز ثانية على هنري كيسنغر ، بسبب دوره في خلق الفوضى باتباع الطرق السرية..."[301]. بات التكتم وليش المكاشفة ، التكتم والتكاذب المتبادين والتجسس وسيلة تسليك: "في مقابلة جرت فيما بعد، أخبرني رَدفورد شيئا لم يذكره امام اللجنة (لجنة الشئون الخارجية) بشكل علني. قال انه سرب ما لايقل عن5 آلاف وثيقة سرية من مكتب كيسنغر الى البنتغون خلال فترة 13 شهرا قضاها في البيت الأبيض.[303] وفي الوقت الراهن نجد الامبراطورية تعمد الى الكذب والتلفيق وادعاء الطهارة بدعم الحرية. إنها أساليب ووسائل إشاعة الوعي الزائف للتغلب على الأزمة.
"سئل كيسنجر خلال إجراءات المصادقة على تعيينه (وزير خارجية) امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ عما إذا كانت وكالة المخابرات المركزية قد ساهمت بأي شكل من الأشكال، بإسقاط حكومة اليندي . لقد فعل ما يفعله المسئولون الأميركيون وهو الكذب . قال بالحرف الواحد،‘ ليس لوكالة المخابرات المركزية علاقة بالانقلاب، حسب علمي واعتقادي’ "[309]. وبالمقابل هناك من يراقب الأمور بصمت، وهو ما لا يفضح المزاعم حول "اوسع ديمقراطية في العالم"، تلك اللبوس التيتتزيا بها الامبرطورية العولمية :" ذكرت رسالة عضومجلس الشعب ، هرينغتن، ‘أن نيكسون وكيسنجر كانا يكذبان منذ سنوات بإصرارهما على ان الولايات المتحدة لم تتدخل بشكل غير شرعي في تشيلي’. من المعروف ان عجز حكومة اليندي في الحصول على قروض لم يكن سببه سوء الائتمان في البلد، لكنه نتيجة للسياسة الأميركية. استطعت خلال أسابيع الحصول على وثائق سرية أظهرت أن نشاطات وكالة المخابرات المركزية قد ذهبت الى أبعد من ممارسة الضغوط على الاقتصاد ، الى تمويل عنف الجماعات المتطرفة داخل تشيلي. فهي التي نظمت إضرابات عديدة بهدف تعطيل اقتصاد البلد. كما كان هناك حديث عن اغتيالات، على الأقل الضابط رفيع المستوى في الجيش كان معروفا عنه تأييده الرئيس اليندي، تمت تصفيته بسلاح تم تهريبه من قبل محطة وكالة المخابرات المركزية في العاصمة سنتياغو"[310] .
وفي الداخل ، كما في الخارج تتغول سلطة الدولة، تراقب الجمهور ولاتدع أحدا يراقبها:
"مقالتي التي نشرت بتاريخ 22 ديسمبر / كانون أول 1974عن قضية تجسس وكالة المخابرات المركزية على المواطنين داخل البلاد، كانت أشد قنبلة تفجير طيلة سنوات عملي في نيويورك تايمز.[313]. رغم ذلك عادت الامبراطورية الى عادة مراقبة الجمهور مستغلة تفجيرات 11 أيلول. تم التجسس "في مخالفة لميثاق الوكالة ذاتها "[314]؛ خلال تقصّيه ظاهرة التجسس بدأ بحث هيرش يتوسع من خلال حصوله على معلومات بسيطة عن ‘مجوهرات الأسرة’( الوثائق الداخلية السرية للوكالة- النشاطات غير القانونية للوكالة)[314]. أعرف أن كولبي ذو ذهنية صارمة وكان مسئولا عن برنامج وكالة المخابرات للاغتيالات المسمى فنكس، خلال حرب فييتنام ، حيث تمت تصفية أكثر من 20 الف مدني في جنوب فييتنام إثر اتهامهم بارتباطات بالفيتكونغ او فييتنام الشمالية[320].
في لقاء جمع مساعد مدير الوكالة ، كولبي، وإيب ، رئيس تحرير نيويورك تايمز حضره هيرش، سال إيب: لماذا تساعدون طغما حاكمة تعذب المعتقلين وتقلع الأظافر، في فييتنام الجنوبية وكوريا الجنوبية واندونيسيا والفيليبين وغيرها من البلدان التي سماها ولم أعد أتذكرها؟ أجاب كولبي ببرود بأنه في الأساس لا تقوم الوكالة بإصدار الأحكام أو تقييم قادة العالم المتحالفين معنا. تقوم الوكالة بتنفيذ ما يخبرها به الرئيس.... احيانا تعمل الوكالة مع انظمة تعذب وتقلع الأظافر".[323]
تحصل كل الموبقات والكونغرس لاهٍ بمماحكات حول قضايا تافهة. وإذا ناقش لا يدخل في صلب مهامه، ويستحيل ان يتوصل الى قرارات حازمة، بعكس وظيفته في التشريع والمراقبة والمحاسبة: "في يناير، بعد نشر مقالتي دعيت ، لدى عودة الكونغرمن عطلته بمناسبة الأعياد الى لقاء قصير مع عدد من الأعضاء لمناقشة ما ورد في مقالتي، وما أعرفه من معلومات أخرى". تحدث وناقش مع عدد من الأعضاء لقي منهم التشجيع وعلم المزيد من اغتيالات تحت شعار ‘امر تنفيذي’،"...حث السيناتور كرانستون أعضاء المجلس الآخرين للتصويت على تحقيق شامل، ولكن جرى التحايل على الموضوع. ...اظهرت وثائق المحادثات الجارية في البيت الأبيض، التي رفعت عنها السرية بعد عدة عقود ، ان الرئيس ومساعديه الكبار كانوا مهووسين بالعواقب السياسية نتيجة لنشر مقالتي، وعرفوا أن إدارة كندي كانت ضالعة للغاية في محاولات اغتيال كاسترو... ذكر هيلمز أن تلك العمليات هي فقط قمة جبل الجليد الطافي... فمثلا أدار روبرت كندي بشكل شخصي إحدى عمليات اغتيال كاسترو[337].
علم هيرش ان اجتماع الرئيس فورد برؤساء التحرير ناقش قضية الاغتيالات وكان كاسترو على رأس القائمة . التزم رؤساء التحرير ومنهم إيب، رئيس تحرير التايمز، بكتمان القرار. تبين لهيرش أن "الجماعة الذين يديرون صحيفتي والذين غمروني لسنوات بالمديح والعلاوات المادية، هم أكثر إخلاصا لرئيس عين لجنة تحقيق تتصف بالجبن، من إخلاصهم لزميل أنقذ سمعتهم المهنية من اوحال فضيحة ووترغيت وتخاذلهم وتأخرهم عن تغطيتها. ...سربت الخبر (مشروع الاغتيالات) الى دانييل شور ، الذي كان يعمل في محطة سي بي إس. اخبرت دانييل عن قضية الغداء مع فورد، التي حجبوا عني ما دار خلالها والجهود الخاصة للتخلص من كاسترو... لم يتوان دانييل لحظة عن إذاعة أخبارالقصة ..."[339..] تغيرت حركة البندول الى ما كانت عليه حول مسألة الأمن القومي ، واختيار الرئيس لها كحجة ليقطع الطريق على حق المواطنين لمعرفة ما يجري، وأقنع المحررين والناشرين بذلك العذر الواهي"[339].
بدأ العاملون في مكتبه(مكتب تشرش رئيس لجنة مجلس الشيوخ الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الخارجية) كشف الرشاوى التي تدفعها الشركات الأميركية للحصول على العقود الأجنبية . في الحقيقة ان مدى الفساد الذي كشفته اللجنة كان معروفا لدى المخابرات المركزية. قام مدير مكتب اللجنة بإطلاعي على المعلومات الداخلية بموافقة تشرش، على امل أن أقوم بتدقيق صحتها ، ومن ثم نشرها في التايمز... كشفت إحدى الشهادات عملية سرية لوكالة المخابرات المركزية لتقويض حكومة اليندي في تشيلي."[409]... تبين لي ان وراء نشاط تشرش طموحه بان ينتخب رئيسا. عرف مانسفيلد بنوايا تشرش. .. قال العضو الجمهوري باري غولدووتر امام اجتماع للجنة تشرش ‘ نحن نعرف ما قام به الرئيسان’ (أيزنهاور وكندي) وكيف وافقا على اغتيال الزعماء الأجانب. ثم أضاف ‘ إذا كان التفويض لما قامت به الرئاسة رئاسيا، فمن مسئوليتنا أن نقرر إن كانت تلك المصادقة تتفق مع الدستور أم تخالفه’... في النهاية تركت اللجنة صلاحيات الرئيس على حالها، وأشارت الى أنها غير قادرة‘ على التوصل الى براهين ان خطط الاغتيالات قد تمت المصادقة عليها من قبل الرئيسين او الأفراد الذين كانوا على راس الوكالات الحكومية’."[413] شرعْتُ في متابعة ديفد بوشونغ ، المحقق الجمهوري الذي عمل مع السيناتور غولد ووتر.أخبرني هذا ان السيناتور كان مقتنعا بوجود ادلة بسيطة تثبت ان الطريق للحصول على موفقة الرئيس لابد أن مر بمكتب بوبي كندي’. أشرنا الى بوبي في المساهمة والتصديق على محاولة اغتيال في اجتماع سري’ حسب ادعاء بوشونغ’. كان بوبي منسقا للعمليات السرية في كوبا وساهم بشكل متفرد في اجتماع لا ستخدام عصابة جيانكانا للحصول على حبوب سامة لقتل كاسترو. كما لدينا معرفة أن هوفر (مدير مكتب التحقيقات) قد حذر الرئيس أثناء تناول الغداء معه من قضية تسجيل المكالمات الهاتفية التي يجريها مع جودي أكسنر عارضة أزياء لها علاقات مع رئيس عصابة جيانكانا ومع بوبي كندي. قطع بوبي إثر ذلك التحذير كافة اتصالاته مع آكسنر’ "[414] أضاف بوشونغ " ‘بعد 6 أسابيع صدق بوبي على امر الحصول على الحبوب السامة لا ستخدامها في كوبا. تجمعت هذه المعلومات لدي على شكل قضية قوية ضد تصديق الرئيس عرضتها على مجلس الشيوخ’...قادة الوكالة عرفوا تشرش ‘ عاهرة ذات توجه سياسي ولم يكن يبحث عن الحقيقة’.[415]
تعكرت العلاقات مع إدارة التايمز. "قررْتُ الاعتكاف عن النشر فترة أقضي فيها إجازاتي المؤجلة. أتصل بي كولبي، وكان رئيسا لوكالة المخابرات المركزية، وحضر الى الصحيفة "طلب مني مباشرة ان اكف عن متابعة امر الغواصة الروسية الغارقة... مستوى واطئا من الابتزاز. وعدته أن أفعل ذلك ، لكنني اريد بالمقابل شيئا عن ووترغيت ووكالة المخابرات المركزية . لم يتردد كولبي ، فأخبرني أن لوسن ندزي ، عضو لجنة المخابرات التابعة للكونغرس قد حصل قبل عام على معلومات هامة عن ووترغيت لم يعرها اهتماما . اعتقدت انني حصلت على رأس الخيط لقصة جيدة.[340]
"استردت صحيفة التايمز مكانتها عندي بعد عدة أشهر حين نشرت مقالة لي ملأى بالأسرار، التي كانت بلا شك مبعث إزعاج لوكالة المخابرات المركزية، خاصة وهي تأتي وسط جلسات لجنة مجلس الشيوخ للنظر في قضية التجسس.. ذكرت في مقالتي أن البحرية الأميركية كانت تنفذ عمليات تجسس داخل المياه الإقليمية للاتحاد السوفييتي طيلة 15 عاما على الأقل...أساليب الوكالة المذكورة ومعها القوة البحرية فيها مجازفة باعتبارها مهام غير مصرح بها...أخبرني أحد وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل مغادرتي واشنطون ذلك الصيف ان التزم جانب الحذر، وأن ‘ أراقب خطواتي’. لقد استشاطت إدارة فورد وموظفو البيت الأبيض غضبا لنشري تلك المقالة، وانهم نووا ملاحقتي قضائيا. لم أعط التحذير أي اهتمام، لأنني اعتقدت حينها ، انني اعرف الكثير عن برنامج التجسس هذا ، وكيف بدأ والاخفاقات التي مني بها وتمت التغطية عليها . فإذا تجرأوا على ملاحقتي قضائيا ، فإن المزيد من القذارة سيطفو الى السطح ويخرج الى العلن"[343] . حاول تشيني "تكميم فمي" برفع قضية ضدي، وذلك "ليمنع فضح تقارير عن مخالفات محتملة أمام لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ التي ترأسها فرانك تشرتش؛ غير ان المدعي العام حذر من ان ذلك من شانه ان ‘يثبت عمليات التجسس’ "؛ والأفضل من ذلك " التحدث مع الناشرين حول مخاطر طبع المواد التي تمس الأمن القومي وتلحق الأذى به."[344]
أمضيت عاما وانا أقرأ روايته ( يقصد مذكرات كيسنجر ‘سنوات في البيت الأبيض’)، ذلك الكتاب كنز للمعلومات عن القضايا الهامة ، التي واجهها الى جانب قدر كبير من التحريف والأكاذيب المفضوحة. ...اتصلت بعميلين لوكالة المخابرات المركزية شاركا في تزويد نظام معمر القذافي في ليبيا بالأسلحة والذخائر لقاء مبالغ كبيرة. أقنع إدوِن ولسون وفرانك ترِبل زميلا ثالثا لهما في الوكالة اسمه كَفِن مِلكيهي انهما يقومان بعمل مشروع . استطاع الأخير أن يصل الى جوهر العملية، التي جنى منها زميلاه ملايين الدولارات، فجاء ليخبرني بتفاصيلها.[372]
نجم عن تقاريري عن تشيلي عام 1974 وصول سلسلة من الرسائل كتبها أشخاص مجهولون ساهموا في العمليات السرية ولديهم معلومات مباشرة عن رغبة الإدارة الأميركية اعتبارا من نيكسون وكيسنجر وممن هم دونهما للتخلص من أليندي [373]. من عادة هيرش ان لا يأخذ برسالة مجهول. ونظرا لدأبه على نشر ما يرده من داخل الأجهزة واحتفاظه بأسرار مصادره ، فقد تطوع عدد كبير ممن يشغلون مراكز رفيعة بإرسال المواد الكاشفة . "رحت أهتم بالوفيات ، أحداها استرعى اهتمامي، ضابط بالوكالة اسمه جون مورَي . اتصلت بأرملته بعد ستة أشهر وذكرت لي اسمها وعنوان منزلها ورقم هاتفها . " أكدت السيدة ان زوجها كان أحد الذين اتصلوا بي دون ان يذكر اسمه ، وانه قام بذلك نتيجة غضبه وإحباطه بسبب الوكالة ونشاطاتها الإجرامية في تشيلي.... رحبَت بفكرة زيارتي للبيت واستلام صندوق به وثائق موجود في قبو البيت"[374]. " إن نزعة كيسنجر المتأصلة للخداع قد ساعدتني أيضا . كان لدى موزي الكثير من المعلومات عنه؛ إذ عمل معه كمساعد موثوق به في السنوات الأولى ولديه اطلاع كبير [374]. وغير موزي كثيرون ." من المعروف بين بعض العاملين في مكتبه ان كيسنجر يدعي لنفسه الفضل لأعمال يقوم بها الآخرون . ولذلك يقوم هؤلاء بتهريب نسخ من الوثائق للاحتفاظ بها في بيوتهم.... احتفظ مورس بنسخ من مذكراته بشأن استعمال الأسلحة التكتيكية والنووية في اوقات الأزمات . في عام 1968 وسط حملة انتخابات الرئاسة بين نيكسون وهيوبرت همفري ، كانت النتيجة انه لو تم انتخاب احد المرشحين فإنه سيختار كيسنجر كمستشار للأمن القومي. [375]
مع الزمن اتسعت دائرة المتعاونين مع هيرش ، في ظروف الكبت ينفسون، في غياب المكاشفة وصراحة النقاش مع المسئول، يسربون المعلومات الى هيرش أو غيره من صحفيي التقصي: "تلقيت مكالمة من الأدميرال المتقاعد إلمر زموالت، الذي خدم في الأعوام 1970-1974 قائدا للعمليات البحرية، وكان برتبة أربع نجوم، ودعاني لزيارته في عطلة نهاية الأسبوع.... اخبرني ان لديه بعض الأوراق يود إطلاعي عليها .استأجرت ماكنة استنساخ أستخدِمُها بعد انتهاء الدوام ؛ أمضيت ساعة وأنا أستنسخ ورقة إثر أخرى في حين كان زموالت يسلمني إياها...[376] بدا واضحا من الوثائق انه وسط عام 1972، ومع تسارع جهود المفاوضات مع هانوي في باريس، رغب زموالت معرفة ماذا يجري داخل مكتب كيسنجر للأمن القومي. كلف ضابطا صغيرا يخدم في مكتب هيغ بتدوين ملاحظات وتسجيل مكالماته على أشرطة صوتية وتسليمها مباشرة اليه." استعنت في كتابي عن كيسنجر ببعض الأسطر من محتويات الأشرطة حرصا على سلامة الضابط...ان صورة مدى الجو الكامل للحقارة ونزعة الانتقام وجنون العظمة ، الذي خلقه كيسنجر وهو يبحث عن اتفاقية سلام بمشاركة رئيس لا يتسم بالاستقرار بشكل مثير، بدت تلك الصورة امامي وأنا أقرأما زودني به زوموالت من وثائق.[376].يضيف سيمور: "وكما نشرت في نهاية كتابي ‘ إن كليهما لم يدركا العجز الأساسي في سياستيهما . نسيا انهما يعملان في نظام ديمقراطي يقوم على دستور وأنهما يقودان شعبا يطالب مسئوليه ان يتحلوا بالمبادئ العقلانية ويتصفوا بالأخلاق والنزاهة.’ ...كان نعوم تشومسكي، الذي أعرفه قليلا وأحترمه كثيرا، من بين المعجبين بكتابي (عن كيسنجر) المعنون "ثمن السلطة" . بعث لي برسالة تقول ‘ إنه لأمر رائع ، بالرغم من الشعور أن المؤلف يجوب في اوحال القاذورات كي يطرح مستوى جديدا بعيد المدى وتحليلا ثاقبا لوضع السياسة الخارجية، من الصعب أن تجد له مثيلا’. "[378]
"كنت متحفزا لنشر مقالة حول فشل مجلس الشيوخ للتحقيق في فضيحة إيران كونترا ؛ كنت حينها منغمسا في إعداد كتابي حول إسقاط الطائرة الكورية . انتشرت انباء ذلك الفشل في الصحف اليومية التي لم تقم هي الأخرى بدورها كما فعلت في فضيحة ووترغيت، ولم تركز على دور الرئيس ريغن ونائبه جورج بوش. . كان من المستحيل الاقتناع بأن بوش الذي يعمل الآن برفقة الرئيس لم يلعب دورا أساسيا في تلك الفضيحة. خرج الرئيس ونائبه سالمين ودون ان تلحق بسمعتهما أية لطخة. وحسب اعتقادي فإن ذلك يعود الى فشل المحققين في مجلس الشيوخ. في طليعة ما توصلْتُ اليه أن اعضاء مجلس الشيوخ المساهمين في التحقيق كانت تعوزهم الجرأة والشجاعة كي يلاحقوا ريغن قانونيا. كتبت : ‘ بعد مضي ثلاث سنوات من التحقيق والإجراءات الجنائية ، لم يودع أحد السجن . كما ان فضيحة إيران- كونترا لبيع السلاح من اجل الحصول على الأرباح من مجموعة متمردة من المسئولين في البيت الأبيض لم تنجم عنها أية إصلاحات دستورية أو قانونية’ إن العم رونالد ريغن ، الواهن العقل، قد سلم من أية مسئولية’ ".[395 ]
ثلاث مرات اسبوعيا تقدم المخابرات المركزية للرئيس ريغن معلومات جمعتها الأقمار الصناعية، ولم يكن هناك دليل على أنه قرأها وهو الأمر الذي أجبر مسئولي المخابرات المركزية أن يرسموا في تقاريرهم اليومية المقدمة للرئيس الخطوط الحمراء التي تم تجاوزها(تزويد العراق بآلية صنع غاز الأعصاب) . كان واضحا ايضا انه لم يقرأ تلك التقارير , أُ ُخبِرتُ حينها ، ولكني لم أتأكد من ذلك، أن الوكالة قررت في النهاية ان تجعل تقاريرها اليومية المقدمة للرئيس على شكل أشرطة فيديو تعرض امامه في المكتب البيضاوي على شاشة التلفزيون"[385]
عجز الكونغرس عن وضع رقابة فعالة على نشاطات أجهزة المخابرات، نظرا لعدم رغبة الأعضاء. فشل في جميع المشاريع المقترجة ومنها "تشكيل لجنة دائمة في الكونغريس مهمتها وضع الرقابةعلى صرف الأموال المخصصة لوكالة المخابرات المركزية ومراقبة النشاطات التي تقوم بها "[407]. بدل مراقبة أجهزة السلطة أوغلت هذه في مراقبة الشعب . "ظهرت للعلن قصص حول التنصت غير الشرعي على المكالمات الهاتفية للمسئولين والأكاذيب الرسمية التي تم فضحها بنشر كتاب أوراق البنتغون ، والعمليات السرية لوكالة المخابرات المركزية في تشيلي وإفريقيا. أثارت هذه القضايا الكثيرمن الأسئلة حول نزاهة أولئك الذين يديرون الأمور في واشنطون ومستوى كفاءتهم. "[408]
توجه مانسفيلد رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الى فِلب هارت ليقبل رئاسة لجنة مهمتها النظر في أية تجاوزات ترتكبها الوكالة . اعتذر هارت لأنه كان يخضع لعلاج مرض سرطان. تعرض مانسفيلد لضغوط من تشرش ، الذي ترأس جلسات استماع لشهادات تتعلق بالرشاوى الخارجية والفساد في دوائر شركات الاحتكار متعددة الجنسية...اعتبر تشرش انه يقبل بأنصاف الحلول في السر ، خاصة ما يتعلق بالتشريعات الرئيسة"[408].
وصل الى مكتبي صباح أحد الأيام صندوق كبير حملته لي خدمات فد إكسبرس لا يحمل اسم المرسل . كان الصندوق مليئا بوثائق تتعلق بوكالة المخابرات المركزية، ولم يكشف عنها النقاب خلال جلسات استماع اللجنة الفرعية. وبطبيعة الحال عرفت من قام بإرسالها. أوضحت الوثائق الضغط المستمر لاغتيال فيدل كاسترو، وجاء ذلك الضغط من جاك كندي [415]. كما انها كشفت ان كندي قد عرف بالضبط ماذا كان نكسون يخطط في ذلك الخريف ضد كاسترو، وهو غزو الجزيرة يقوم به المنفيون الكوبيون المتواجدون في فلوريدا.[416]
كانت آخر مقالة لي قدمتها لصاحبي رَمِنك قبل هجوم 11 سبتمبر تدور حول سلسلة من نشاطات الفساد والرشوة، التي ارتكبتها شركة موبيل للنفط، شركة عملاقة استفادت كثيرا من سقوط الاتحاد السوفييتي حين انخفضت أسعار النفط بصورة غير مسبوقة او معقولة خلال فترت الفوضى التي سادت البلاد. قدمت موبيل رشاوى كبيرة للمسئولين السوفييت السابقين من الذين تمكنوا من وضع أيديهم على بلايين الدولارات[430].
الغريب أن هيرش يوجز في ما تعلق بهجمات أيلول . اكتفى بتأكيد مشئولية مجموعة القاعدة ؛ لم يشر ولو تلميحا الى مفارقات في تحقيقات الللجنة الرسمية . فقط أشار مرارا الى تحفظه في نشر معلومات أصدقائه عن تشيني مخافة كشفهم وإلحاق الضرر بهم.
كنت متعبا وبحاجة الى الراحة بعد ثماني سنوات عجاف وانا أعمل ضد إدارة بوش تشيني. رغم انني أقدر رَمِنك واحترمه للغاية ، فإن قربه من اوباما بشكل شخصي قد ازعجني خلال الحملة الانتخابية عام 2008، وكذلك حقيقة كونه يخطط لكتابة سيرة الرئيس الجديد. لقد علمت خلال سنوات عملي الصحفي الا أثق بالتطلعات العلنية لأي سياسي، ولدي حشمة فحواها ان أي محرر صحفي يجب ان لايدخل في علاقة صداقة مع رئيس بالسلطة.[465]
يتبع لطفا



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية -4
- سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية-3
- سيمور هيرش في مذكرات استقصاءاته-2
- سيمور هيرش في مذكرات استقصاءاته .. -1
- التضامن الأممي ..نستثمره ام نتفيأ بظله؟
- ماذا يكمن خلف صخب الدعاية المتصاعد حول أكرينا؟
- نظام التفاهة - الفصل الثالث :: التفاهة إلهاء وإفساد – الحلقة ...
- نظام التفاهة- الفصل الثالث : الثقافة والحضارة - الحلقة الساد ...
- نظام التفاهة-الحلقة الخامسة
- نظام التفاهة: التجارة والمال - الحلقة الرابعة
- نظام التفاهة – الفصل الأول :-المعرفة- والخبرة - الحلقة الثال ...
- نظام التفاهة-2
- نظام التفاهة -حلقة اولى
- بالتعليم والعلوم اكتسبت كوبا المناعة ضد الأوبئة والحصار الام ...
- مفهوم الثورة في النظرية العلمية للماركسية
- جدل السياسة والثقافة في نضال التحرر الوطني
- استعمار ثقافي أشد فتكا بالقيم الوطنية والإنسانية من الاستعما ...
- الصهيونية تواجه بالإرهاب الفكر المعارض
- في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني - يهود متضامنون
- الولايات المتحدة وإسرائيل .. عنصرية في اكناف الفاشية


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - سيمور هيرش في استقصاءاته الصحفية -5