أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من الخائن الحقيقي . هل محمد السادس ، أم محمود عباس ؟ سكيزوفرانية النظام الجزائري مع التطبيع .















المزيد.....


من الخائن الحقيقي . هل محمد السادس ، أم محمود عباس ؟ سكيزوفرانية النظام الجزائري مع التطبيع .


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7123 - 2022 / 1 / 1 - 06:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الخائن الحقيقي . هل محمد السادس ام محمود عباس ؟
سكيزوفرانية النظام الجزائري مع التطبيع
تناولت القناة الفرنسية " فرنسا 24 " ، ومواقع الكترونية كثيرة ، خبرا خطيرا مفاده ، انّ محمود عباس رئيس السلطة ، وليس الدولة الفلسطينية ، اجتمع مع وزير الدفاع الإسرائيلي Benny Gans بمنزل هذا الأخير ب " روش هعين " بالقرب من تل ابيب .. وكان جدول اعمال اللقاء الذي تم في وقت متأخر من الليل ، هو القضايا الأمنية ، والشؤون السياسية المغلفة بالشؤون " المدنية " .. والغاية منه ، ضبط الشعب الفلسطيني ، حتى ينقاد لما تمليه الدولة الصهيونية من سياسات ، وإجراءات تهويدية للقدس ، وللأراضي الفلسطينية المحتلة ..
ان اول ملاحظة يجب ان تثار في هذا اللقاء ، انه جرى ببيت وزير الدفاع الإسرائيلي ، بالأراضي التي تعتبرها الدولة الصهيونية ، أراضي إسرائيلية .. أيْ ان عباس ، هو من انتقل الى بيت Benny Gans ، وليس وزير الدفاع الصهيوني هو من انتقل الى مقر حكومي ( فلسطيني ) ، فأحرى انْ يطأ رجل Gans بيت محمود عباس ، او بيت احد المتعاونين النجباء من قيادة رام الله ، مع الأجهزة البوليسية الإسرائيلية .. وهنا . هناك احتمالين لهذا اللقاء ..
-- الاحتمال الأول ان يكون Gans ، هو من اصدر الامر لعباس بضرورة الحضور العاجل الى بيت وزير الدفاع الإسرائيلي ، وأمْر الاستدعاء هنا ، لا يختلف عن اعتبار محمود عباس موظفا ساميا يمثل السلطة بالدولة الإسرائيلية . وهنا فقد درج عباس وجماعته على خدمة الدولة الصهيونية ، عندما كان يسلم المقاومين ، والمجاهدين ، والمنتفضين من الشعب .. الى الأجهزة البوليسية ، والى الجيش الإسرائيلي .. والكل يتذكر دعوته الأخيرة للفلسطينيين ، بعدم إيواء الفلسطينيين الذي نجحوا في الفرار من السجون الصهيونية ، ودعوته للفارين بضرورة تسليم انفسهم للجيش الصهيوني .. كما لا ننسى اقباره لتقرير لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة ، الذي يدين قتل الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين في محطات مختلفة . أيْ اقبار محمود عباس لتقرير اممي ، باتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ، كان سيعرف طريقه الى المحكمة الجنائية الدولية .. وهو هنا ، فان الخائن عباس ، يهين الشعب الفلسطيني ، ويسترخص دمه ، مادامت اعينه مفتوحة على الدولار الإسرائيلي ( الضرائب ) ، والمساعدات المختلفة ، والبقاء باسم فلسطين على رأس سلطة رام الله الخائنة ..
-- او ان يكون محمود عباس ، هو من طلب لقاء وزير الدفاع الإسرائيلي ، لأثارة احاسيسه بالتنسيق الأمني ، والسياسي مع الجيش ، والبوليس السياسي الإسرائيلي ، لضبط المقاومين ، والمجاهدين لفائدة الامن الصهيوني .. وهنا تبقى الاخبار التي تناقلت تقديم عباس لتقرير عن زيارته للجزائر ، مؤكدة وصحيحة .. فالتعاون بين السلطة الفلسطينية ، وبين الجيش ، والبوليس السياسي الإسرائيلي في الجانب الأمني الضيق ، مشهود بها منذ زمان .. فما ارتكبه جبريل الرجوب في حق المقاومين ، وفي حق المجاهدين ، ودوره في تسليم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات الى الجيش الإسرائيلي ، واضحة ولا تحتاج الى جهد في الاستنباط والتدليل .. وهنا نطرح السؤال عن الدور الذي قامت به القيادة الفلسطينية / الإسرائيلية في عملية تصفية عرفات بالسم ، وتواطئ دول غربية منها فرنسا وسويسرا ، مع قيادات فلسطينية ، في الالتفاف ، وفي دفن تقرير تسميم الرئيس عرفات . ( هنا يمكن الرجوع الى الدراسة التي نشرناها بالموقع العربي التقدمي / الحوار المتمدن بعنوان " من اغتال ياسر عرفات " ) ... وهنا نتساءل عن مصادر تزويد الجيش الإسرائيلي ، بالمعلومات التي كانت تؤَدي الى اغتيال مقاومين ، ومجاهدين كثيرين أمثال الشيخ ياسين ، أبو علي مصطفى ، الرّنتيسي ... وقائمة الشهداء تطول ولا تنتهي ..
وفي خضم هذا الحدث الخياني ، نستخلص ان عباس هو من دعا للقاء Benny Gans ، بعد شعوره بالتهميش ، وبالورطة التي هو فيها ، والتي تزيد اكثر من ارتباطه بالأجندات الصهيونية كتلميذ نجيب ، حتى يستمر وابناءه ، والعملاء المحيطين به ، يجنون الدولار الذي يسيل لعابهم ، اكثر من اهتمامهم بالقضية الفلسطينية التي اقبرها هؤلاء الخونة الذين باعوا فلسطين .. والدليل انه لو كانت تل ابيب هي من استدعت عباس ، لكان سيكون اللقاء مع رئيس الوزراء ، او مع وزير العدل ، او حتى مع وزير الداخلية .. لكن ان يكون اللقاء مع وزير الدفاع ، وببيت هذا الأخير ، وبضواحي تل ابيب ، فعباس هو من دعا الى لقاء Benny Gans ، وليس وزير الدفاع الإسرائيلي من دعا لقاء عباس .. لان إسرائيل ذات النظام الديمقراطي الأول بالمنطقة ، تلتزم بالبروتوكول . أيْ بسلطة الاختصاص عند الشروع في معاجلة قضية ما .. اللهم ان يكون رئيس وزراء الدولة الصهيونية ، هو من اوكل مهمة لقاء عباس لوزير الدفاع الإسرائيلي ..
ان التنسيق الذي اصبح منذ زمن ليس ببعيد ، بالعضوي ، بين سلطة رام الله برئاسة ، وقيادة محمود عباس ، وعملاءه كحسين الشيخ ، قريع ، عزام الأحمد ، محمد دحلان ، ياسر عبد ربه .. وقائمة العملاء تطول كذلك ولا تنتهي .. ليس وليد اليوم . بل يرجع الى ما يتعدى الخمسة وأربعين سنة خلت ، وتوسعت وتعمقت كثيرا ، منذ اوفاق مؤتمر مدريد في سنة 1982 ، وتطورت اكثر بكثير منذ اوفاق مؤتمر أسلو Oslo في سنة 1993 ، وانتهت اليوم الى ان تصبح سلطة رام الله من خلال تنسيقها البوليسي المحكم ، مع الأجهزة البوليسية ، ومع الجيش الإسرائيلي ، ضد المقاومين ، والمجاهدين ، جزءا من دولة إسرائيل ، لا ضدها ، ولا خارجها .. واصبحت السلطة هي من تشدد على التنسيق البوليسي ، والأمني مع الصهاينة ، معتقدة انها بتنسيقها هذا ، ستحظى برضا الأجهزة البوليسية ، وبرضا الجيش الإسرائيلي ، وتعتقد انها بتنسيقها الخياني هذا ، انها أضحت في نظر الإسرائيليين ، تتصرف تصرف الدولة الفلسطينية التي لن تكون ابدا ، ما دامت القيادة تلجم الشعب ، وتغرق في المؤامرات الصهيونية التي ستنتهي بإقبار حل الدولة الفلسطينية ، التي تنتظر منذ سنة 1982 .. والمخطط المرسوم بدقة من قبل تل ابيب ، وبعلم واشنطن ، وكل العواصم الغربية .. هو اللعب على الوقت ، لإقبار أيّ حلم بالدولة الفلسطينية ، التي اقبرتها بالمرة عملية بناء المستوطنات ، التي انهت مع أي حلم لاستيعاد القدس الشرقية ، التي أضحت عاصمة الدولة العبرية الموحدة ، وباعتراف واشنطن ، والدول الغربية ، والعربية قاطبة ..
الآن سلطة رام الله الغارقة في مسلسل الخيانات المتعاقبة ، تدرك جيدا المآل النهائي الذي أضحت عليه القضية الفلسطينية ، التي لم تعد قضية ، وانّ ما اصبح يهمها ، هو الحصول على الدولار العربي ، والاوربي ، والامريكي ، والإسرائيلي ( الضرائب ) .. وعندما غرقت السلطة في اوساخ الدولار ، الذي كان ، ولا يزال يصب في صناديق محمود عباس ، وازلامه من المتعاونين ، الذين اصبحوا مافيا تقتات على مآسي ، وعذابات الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يشكل امل فلسطين .. غابت القضية . بل ماتت القضية الفلسطينية ، وأصبحت عبارة عن اطلال تدرس للتلاميذ كشيء كان ، ولم يعد كما كان ..
والسؤال هنا . رغم افتضاح تآمر محمود عباس ، وكل أجهزة السلطة التي تسعى الدولار ، بتحولهم من مجرد التنسيق مع الدولة الإسرائيلية ، الى ان اصبحوا عضويّين بالأجهزة المخابراتية الصهيونية ، حين يشددون على خدمة الامن الإسرائيلي ، من خلال عرض خدماتهم باسم التنسيق المزعوم ... فان لا احد من الأنظمة العربية باستثناء النظام السوري ، قرع ، او انتقد هذا الدور القيادي للسلطة ، في خدمة الامن الإسرائيلي .. وكأن الامن الصهيوني أولى وأهم ، من الحقوق الفلسطينية التي بيعت بالدولار الوسخ ، الذي كان سببا في تسميم الرئيس عرفات ..
وهنا . لماذا النظام الجزائري الذي يحتفظ بعلاقات خاصة مع الدولة الصهيونية ، وانْ كانت علاقات تبدو باردة ، لم ينتفض ، ولم ينزعج من تآمر عباس ، وقيادته مع الدولة العبرية ، وانتفض ، وثار ، واحتج ، عندما اخرج النظام السلطاني المغربي ، علاقاته مع الدولة الصهيونية الى العلن .. بل لماذا لزم النظام الجزائري المفتون بالمغرب ، الصمت ، وبلع لسانه من التقارير التي فضحت ما قام به محمود عباس ، عند انتهاء زيارته التّسوّلية الى الجزائر ، بتقديم تقرير مفصل عن نتائج الزيارة الى تل ابيب .. وهي نفس التقارير اشارت الى ان المائة مليون دولار التي قدمها رئيس النظام الجزائري الى محمود عباس ، سيضعها في صندوقه بإحدى الأبناء الإسرائيلية ...
ثم لماذا نجد النظام الجزائري المفتون بالمغرب يلزم الصمت . بل يتعاون مع الأنظمة العربية التي طبعت مؤخرا مع إسرائيل / الامارات – البحرين - عُمان / ، ويتعاون مع الأنظمة التي تعترف بالدولة الصهيونية ، وتتبادل معها السفراء ، كمصر ، والأردن ، وسلطة رام الله .. ولماذا فقد اعصابه عند اخراج العلاقات بين النظام السلطاني المغربي ، وبين الدولة العبرية الى العلن ..
ان مثل هذه الأشياء الغريبة ، لا تجدها سوى في العقل العربي المهزوم والمنافق ، الذي يغطي الحقيقة بثقب الغربال ، ويستعمل القضية الفلسطينية التي تلاشت وانتهت ، بخيانات قادتها المسترسلة عبر التاريخ .. في قيادة صراع جهوي باسم الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها ... في حين ان استعمال القضية الفلسطينية التي انتهت ، كان بهدف خدمة اجندة النظام الجزائري الإقليمية التي هي الصحراء ، وليس التطبيع ، ولا فلسطين .. والسؤال . الا يعتبر تطبيعا اللقاء الذي جمع الرئيس الجزائري الراحل عبدالعزيز بوتفليقة ، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك في المغرب اثناء جنازة الحسن الثاني التي حضرتها وفود كثيرة من العالم ...
وحين يزور الخائن محمود عباس ، ومن معه من المتسولين ، المال العربي باسم القضية الفلسطينية ، النظام الجزائري ، والنظام التونسي ، ويرفض زيارة المغرب بدعوى خيانته القضية الفلسطينية ، التي كان اول من خانها ، هو محمود عباس المتورط في تسميم عرفات .. هنا تظهر سكيزوفرانية النظام الجزائري المندد بالعلاقات السلطانية المغربية الإسرائيلية ، والمصفق باحر من الجمر للعلاقات العضوية بين سلطة رام الله ، والدولة الصهيونية .. وهنا تظهر بلادة وخيانة عباس ، حين يجيز لنفسه ما يريد منع الاخرين منه .. أيْ حلال عليه ان يكون عضوا فاعلا يخدم الأجهزة البوليسية الصهيونية ، ويخدم الجيش الإسرائيلي ، لكنه لا يتردد في اصدار الاتهامات الرخيصة بالخيانة ، للأنظمة التي تحكم دول ذات سيادة .. ومع العلم ان جماعة رام الله المافيوزية مجرد سلطة ، وليست دولة .. ولن تكون ابدا دولة ، والتاريخ يشهد بيننا .. لانهم باعوا القضية بأوساخ الدولار ، وبسيطرة الاستبداد ، والطغيان العروبي ، على مقدرات الشعب الفلسطيني التي تنشد كل فلسطين ، ولا تنشد الخريطة المبرقعة التي أضحت عليها الضفة الغربية ، التي أصبحت إسرائيلية ، بفعل التوسع في بناء المستوطنات ...
فهل ما قام به سلطان المغرب ، عندما اخرج العلاقات بين الدولة السلطانية ، وبين الدولة العبرية الى العلن .. خيانة ، كخيانة سلطة رام الله بقيادة قاتل عرفات محمود عباس ... ولماذا لا يجرأ عباس ، ولا جماعته المتسولة للدولار ، والمفقرين للشعب الفلسطيني ، على اطلاق نعت ووصف الخيانة ، على النظام الاماراتي ، والنظام البحريني ، والعلاقات مع النظام السوداني .. ولم يحتج على زيارة نتنياهو الرسمية كرجل دولة الى سلطنة عمان ؟
ولماذا لم ينعت ولم يصف عباس النظام المصري ، والنظام الأردني اللدين يعترفان بالدولة العبرية ، ويتبادلان معها السفراء ، بالخيانة للقضية الفلسطينية ..
ان نفس الأسئلة نطرحها على النظام الجزائري الذي يصفق للإمارات العربية المتحدة ، وللبحرين ، ولسلطنة عمان ، ويصفق لسلطة رام الله الخائنة بزعامة محمود عباس ، ويصفق للنظام المصري ، وللنظام الأردني ، على الرغم من ان اتفاقية كمب ديفد ، قلصت من سيادة مصر العسكرية في الحدود مع إسرائيل ، واتفاقية وادي عربة ادمجت كل الدولة الأردنية ، ضمن السياسات الصهيونية التي تجري على الأرض ...
أولا ان النظام السلطاني المغربي الذي يتهمه النظام الجزائري ، وتتهمه سلطة رام الله الخائنة بالتطبيع ، فهو لم يطبع مع تل ابيب كما يزعمون .. لكن ما قام به النظام ، وهو عمل مبرر ومشروع ، لنجدة نظامه من السقوط اذا ذهبت الصحراء ، وأصبحت بيد النظام الجزائري .. انه اخرج علاقات بينه وبين إسرائيل الى العلن ، بعد ان كانت تجري من تحت الطاولة .
فإذا كان التطبيع مع الدولة الإسرائيلية ، وهي ابتلعت الجولان ، وابتلعت الأراضي اللبنانية ، وأصبحت تسطير على تسعين في المائة من أراضي الضفة الغربية .. يجسد الخيانة في اجلى صورها ، فان النظام السلطاني المغربي لم يطبع مع الدولة الإسرائيلية ، كما طبعت دول الخليج ، ومصر ، والأردن ، وطبع محمود عباس ، وجبناء سلطة رام الله التي تلهت كالجرو على الدولار .. بل ان العلاقات بين النظام السلطاني والدولة العبرية ، تعود الى استقلال " إيكس ليبان " في سنة 1956 ، وبالضبط الى بداية الستينات حين كان النظام السلطاني يرحل اليهود المغاربة الى إسرائيل ، التي اصبحوا يكوّنون فيها أكثرية عددية ، لكنها أكثرية اكثر متطرفة ، تؤثث أحزاب اليمين المتطرف بأسماء مختلفة .. لان كل الأحزاب الصهيونية هي أحزاب متطرفة عند تعاملها مع قضية الأراضي العربية المحتلة . وهنا لا يفوتنا الإشارة الى مرحلة تبادل السفراء ، بين الرباط وتل ابيب التي جمدها النظام السلطاني المغربي ، بعد الانتفاضة الشعبية الأولى ..
فالعلاقات كانت موجودة منذ سنة 1956 ، وكانت حتى قبلها بالنسبة للدور الذي لعبه السلطان المغربي ، من حماية اليهود المغاربة الذين كانوا معرضين للألوكوست النازي .. وهو ما سهل ربط العلاقات مباشرة بعد استقلال 1956 مع الدولة العبرية التي كانت موجودة منذ سنة 1947 . والاتحاد السوفياتي المنحل ، كان اول دولة اعترفت بالدولة الإسرائيلية ، التي ضمت ما تبقى من الأراضي العربية في نكسة يونيو 1967 . وهي علاقات لا تزال مستمرة في اشكال مختلفة ، تخضع للظروف التي تمر منها وبها المنطقة ..
والنظام السلطاني عند احتفاظه بالعلاقات السياسية والدبلوماسية مع الدولة العبرية ، فتصرفه هذا يبقى مشروعا ، طالما كان يوظف في عملية الصحراء ، التي وانْ كانت تل ابيب لا تعترف بها رسميا ، فهي تعمل بما يجعل الصحراء ، تبقى في موقعها الطبيعي ، والتاريخي ، والجغرافي ..
ان النظام السلطاني الذي يدرك أهمية بقاء الصحراء تحت سيطرته ، يدرك خطر فصلها عنه ، الذي قد يصل الى سقوطه المدوي لفائدة النظام الجزائري عدو النظام السلطاني الأول ، وعدو الوحدة الترابية ، والشعبية للمغرب .. فكل الشر الذي أصاب النظام السلطاني ، كان من الأنظمة التي رفعت شعار فلسطين ، وغرست خنجر سم في ظهر فلسطين . ان عدد الفلسطينيين الذين سقطوا بسلاح الأنظمة العربية ، اكثر بكثير من عدد الفلسطينيين الذي قطوا في معارك مع الجيش الصهيوني .. والنظام الذي يحتفظ بعلاقاته الطبيعية ، والتي لا تعني التطبيع ، لن يضحي بإسرائيل لفائدة أنظمة تآمرت على اسقاطه ، في فترات ومحطات كثيرة .. ومِنْ هم نظام جمال عبدالناصر ، نظام حافظ الأسد ، نظام اليمن الجنوبي ، نظام صومال زياد بيري ، نظام الهواري بومدين ، عبدالعزيز بوتفليقة ، عبدالمجيد تبون ، نظام معمر القدافي ، نظام السلطة الفلسطينية التي تنكر مغربية الصحراء ، وتدعم أطروحة الانفصال التي يقف وراءها النظام الجزائري .. دون ان ننسى المواقف المتقلبة للنظام الموريتاني التي انتهت بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية .. فقضية الصحراء بالنسبة للنظام السلطاني ، وبالنسبة لوحدة الأرض المغربية ، ووحدة الشعب المغربي .. هي قضية حياة او موت ، وهي قضية وجود قبل ان تكون قضية حدود ..
فاذا كان النظام السلطاني الواعي بهذا التآمر عليه ، كنظام فريد من نوعه في العالم من حيث الطقوس ، و على وحدة الأرض المغربية ، ووحدة الشعب المغربي .. يدرك ان المغزى من التآمر ، هو رأسه ، ونظامه السلطاني .. فماذا يمكن انتظاره منه ، غير الحفاظ على علاقاته مع الدولة العبرية ، ومع الأنظمة الغربية ، وواشنطن الذين يتلاعبون بهذا التناقض المفصلي ، بين النظامين السلطاني المغربي ، والنظام المخزني الجزائري .. ومنه الأنظمة التي ناصبته العداء ، وتآمرت لقلبه واسقاطه . وهي انظمة كلها سقطت ، باستثناء النظام الجزائري الذي تورط في قضية الصحراء ، التي ابتلعته ابتلاع يمّ لباخرة تائهة من دون ربان ..
ان التطبيع مع الدولة الصهيونية ، وهي ابتلعت الجولان ، بحيرة طبرية ، الأراضي اللبنانية ، القدس الشرقية التي أصبحت مع القدس الغربية عاصمة إسرائيل ، وباعتراف الاتحاد الأوربي المحتشم ، واعتراف واشنطن الصريح ، واعتراف الدول العربية المطبعة ، من دول الخليج ، الى مصر ، الى الأردن ، الى السودان ، الى سلطة رام الله الخائنة ، الى سلطنة عمان .. هو خيانة لفلسطين وللفلسطينيين ... لكن النظام المغربي الذي يُتهم بالتطبيع ، فعلاقاته مع الدولة العبرية لم تكن نتيجة تطبيع / غدر .. بل كانت علاقات طبيعية تعود الى استقلال 1956 ، واستمرت في اشكلها المختلفة ، طبقا للظروف المستجدة بالمنطقة .. ولم يسبق لهذه العلاقات ان قُطعت بالمرة .. فالنظام السلطاني المغربي الماكر الذي يتقن معاملاته ، وعلاقاته مع أنظمة الشرق العروبية الستالينية التي سقطت ، ومع الدولة العبرية . يعرف ضبط مصالحه والدفاع عنها .. ولن تؤثر فيه شعارات أنظمة تدعي الدفاع عن فلسطين ، وهي من اغرق وانهى شيئا كان يسمى بفلسطين ... وهنا نتذكر ما قاله السلطان الحسن الثاني في تحدي لجمال عبدالناصر " لا يجب ان نرقص في المغرب ، كلما دُقت الطبول في الشرق " .. وهو هنا كان يؤكد على سيادة المغرب ، واستقلال قراره السياسي والدبلوماسي ...
اذن من الخائن .. هل من طبع مؤخرا ( أنظمة الخليج ) ، ام من طبع سابقا ( مصر والأردن ) ، ام الزيارات المتبادلة مع النظام السوداني ، ونظام سلطنة عمان ، وسلطة رام الله الخائنة برئاسة محمود عباس الذي يلح ، ويشدد على التعاون العضوي مع الجيش الإسرائيلي ، والبوليس السياسي الصهيوني .. ام السلطان المغربي الذي لم يطبع ابدا مع الدولة الصهيونية ، لان العلاقات بين النظام السلطاني ، وبين الدولة الإسرائيلية كانت منسوجة قبل استقلال المغرب في سنة 1956 ، وتطورت عبر محطات مختلفة ، دون ان تعرف يوما ما القطيعة ..
بل ماذا حين يزمجر النظام الجزائري المطبع الحقيقي مع الدولة العبرية ، من خلال لقاء يهود باراك ، وعبدالعزيز بوتفليقة في الرباط .. وحين يبلع لسانه الطويل عن تطبيع سلطة رام الله بقيادة محمود عباس مُسمم عرفات ، والمندمج العضوي مع الجيش الإسرائيلي ، والبوليس السياسي الصهيوني .. ويبلع لسانه من تطبيع دول الخليج مؤخرا ، تطبيع مصر والأردن سابقا .. وغض النظر عن زيارات مسؤولين إسرائيليين الى السودان ، وزيارة نتنياهو كرجل دولة الى سلطنة عمان ... ويتهم السلطان المغربي بالتطبيع ، وهذا لم يطبع مع احد ، لان علاقاته عادية مع إسرائيل قبل سنة 1956 ..
ان الهستيرية التي اصابت النظام الجزائري المخزني ، من النظام السلطاني المغربي ، لا يعود سببها الى التطبيع ، ولا يعود الى القضية الفلسطينية التي انتهت بتآمر القيادة الخائنة الفلسطينية نفسها .. بل ان سبب طاعون النظام الجزائري ، هو خسارته لحرب الصحراء التي يرى انها عامل اسقاط النظام السلطاني المغربي ، وعامل تجزيئ المغرب شعبا وارضا ، وعامل تصغير المغرب المنافس الوحيد للنظام المخزني الجزائري بالمنطقة ..
والسؤال . هل جائز ان يكون بجوارك جار غدار، يبطن لك الشر ، ويبذر أموال الشعب الجزائري المفقر، لاقتناء الأسلحة الروسية . امّا لتخويفك ، وامّا يحضر لحرب معك .. بسبب الصحراء ، وليس بسبب التطبيع ، والنظام السلطاني لم يطبع العلاقات .. ولا بسبب فلسطين التي تاجرت بها الأنظمة العربية العسكرية ، وكانت النتيجة ضياع فلسطين ... وانت تجلس جلسة القرفصاء مربع اليدين ، حتى يجرفك السيل الى النهاية الحتمية ..
التطبيع خيانة .. فمن طبّع إذن ؟ وللتطبيع أوجه مختلفة .. اذن من هو الصهيوني الحقيقي الذي طبع مع تل ابيب عن قرب او عن بُعد ؟



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمهورية الصحراوية بعد تصريح ( وزير الاراضي المحتلة والجالي ...
- هل النظام السلطاني معزول ، أم ان الامر مجرد اعادة ترتيب الصف ...
- معارضة الخارج .. هل سيعيد النظام الجزائري ، ضبط آليات تعامله ...
- الحكومة الالمانية تمسك العصا من الوسط بخصوص نزاع الصحراء الغ ...
- جماعة العدل والاحسان ومشروع الخلافة الاسلامية / بمناسبة مرور ...
- جبهة البوليساريو غاضبة من استئناف الاتحاد الاوربي ، قرار الغ ...
- المدير العام للبوليس السياسي
- الملك محمد السادس ابن الحسن العلوي . هشام بن عبدالله العلوي ...
- أولى نتائج وبوادر التعاون ( الاستراتيجي ) بين البوليش الشياش ...
- هل التطبيع بين النظام السلطاني المغربي ، وبين الدولة الصهيون ...
- هل فشلت زيارة وزير خارجية السلطان ناصر بوريطة الى واشنطن ؟
- هل يتعرض النظام الجزائري لمؤامرة ؟
- الحزب السياسي
- جبهة البوليساريو خسرت الحرب ، فخسرت قضيتها ، وعليها ان تعترف ...
- هل بدأ الإلتفاف على قرار محكمة العدل الاوربية ..
- من كومونة باريس الى كومونة الرباط
- تحليل خطاب الملك بمناسبة مرور ستة واربعين سنة من انطلاق المس ...
- النظام الجزائري . استعراض للعضلات ، ام تحضير للحرب ..
- إسقاط النظام . إسقاط الدولة . إسقاط الاستبداد ، أم إسقاط الج ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2602 حول الصحراء .


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من الخائن الحقيقي . هل محمد السادس ، أم محمود عباس ؟ سكيزوفرانية النظام الجزائري مع التطبيع .