أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من كومونة باريس الى كومونة الرباط















المزيد.....



من كومونة باريس الى كومونة الرباط


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7074 - 2021 / 11 / 11 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


De la commune de Paris à la commune de Rabat
قد يبدو هذا العنوان مثيرا للجدل بعض الشيء .. لكن طرحه الآن ، هوانّ الظروف والعوامل التي أدت الى الكومونة الباريسية ، كامنة ليس فقط في الدولة السلطانية التي تفتقر الى المؤسسات الديمقراطية المتعارف عليها عالميا ، حيث يوجد فقط السلطان . بل ان ظروف وعوامل ظهور الكومونة الباريسية موجودة في كل دول العالم ، وبالأخص في الدول التي من المفروض فيها ان تكون حقيقة ديمقراطية ، كما تشيع ، ويشيع قادتها ، وساستها عنها ..
لكن هل الفكر الذي حكم ظهور الكومونة ، هو نفسه موجود في الدولة السلطانية ، وفي كل الأقطار العربية التي تحتكم في ممارستها الحكم ، الى الثقافة الشعبوية ، والاميرية ، والعائلية .. أي سيادة الالتصاق بالتقاليد المرعية ، المحنطة ، والمكبلة لكل بادرة من شانها ان تحدث الاستثناء ، ولو بطريقة خجولة ، بسبب الدروشة ، والمسكنة .. بسبب الخوف من قمع السلطان ، الذي يجتهد في دار المخزن بتربية هؤلاء الاستثنائيين ، حتى وانهم محسوبون مثل اظافر ، او اصبع اليد الواحدة .. وحتى وان خطاباتهم معتدلة ، وليست جذرية ، ولا يترددون في الدعوة لإصلاحاتهم الخجولة .. معتقدين بهكذا دعوات ، انهم يخدمون ( مشروعهم ) ضمن دعوة النصيحة للحاكم ، ان يغير ولو بشكل مقتضب ، حفاظا على بقاء النظام المهدد من قبل ( الاوباش ) الغير منظمين .. ولا تحكم تصرفاتهم نظريات ، او قوانين الجاذبية .. فالسلطان انْ أراد ، وكلما راوده مزاجه العصبي ، لا يتردد في انزال عليهم بعض العقوبات ، تختلف باختلاف قوة المطالب الخجولة الداعية الى شَبَه اصلاح ، او شِبْه اصلاح .. فدار المخزن التي هي دار السلطان ، معروفة منذ 1912 بتخصصها في تربية كل من خرج عن المألوف ، واحتج ، وليس ثار على تقاليد السلطان المرعية .. ومن أساسها الخضوع التام فقط لمولانا السلطان .. لأنه ظل الله في ارضه . فهو ( القضاء ) ، لان القضاء في السلطنة من وظائف الامامة . هو المنفذ التنفيذي ، لان ( الوزراء ) الموظفين السامين يشتغلون بعد قبولهم بإدارته . وهو المشرع الأول ، لأنه هو الممثل الاسمى للامة ، وليس البرلمانيين الذين من خلال الامر اليومي / الخطاب الذي يوجهه لهم عند افتتاح دورة الخريف التشريعية من كل شهر أكتوبر .. يتحول البرلمان الذي من المفروض ان يكون برلمانيه قد جاؤوا بتصويت الناخبين عليهم ، ومن المفروض ان يلتزمون بالبرنامج الذي صوت عليه الناخبون .. حتى ينقلبوا على تلك البرامج .. وليشرعوا متسابقين في خدمة برنامج السلطان الذي سقط من فوق .. وهنا نتساءل . اذا كانت الحكومة تتشكل من ( وزراء ) ، الموظفين السامين المنتمين الى الأحزاب التي شاركت في العملية الانتخابوية .. فما تفسير وجود أكثرية الوزراء لا ينتمون الى أي حزب شارك في الانتخابات .. وما تفسير وزراء الأحزاب الذين انتموا الى الأحزاب عشية الانتخابات ، وليصبحوا وزراء ، ووضعهم لا يختلف عن ما يسمون بالوزراء التكنوقراط الغير المنتمين الى الأحزاب ...
اذا كان الفكر الذي حكم خروج ، وبروز الكومنة ، فكر العمال ، وفكر الشعب المتنور ، والدليل ان عدة فقرات من البيان الشيوعي لكارل ماركس ، كلها مستمدة من الظروف التي انتجت الكومنة ، ومن إجراءاتها خلال الحقبة التي سيطرت فيها على باريس ، ، وعلى العديد من المدن الفرنسية .. فان انتظار قيادة نفس الفكر التنويري ، التثويري .. سيكون من باب العبث ، ومن باب التنظير الاجوف .. فأي مقارنة بين السلطنة ، وظروف الحكم العربي ، وبين ظروف الكومونة ، سيكون خاطئا وغير صائب .. لان في فرنسا ، وفي اوربة ، لا وجود للزوايا ، وللأضرحة ، وللفكر الخرافي الذي حطمته الكومونة ، عندما عزلت الكنيسة ، وفصلتها عن الدولة ..
فالكومونة ( المغربية ) المنتظرة اذا حصل فراغ في الحكم ، سيتلقفها تيار الإسلام السياسي ، الذي يربط المساجد بالدولة ، ومن ثم يسيس الدين ، ويُديّن السياسة لخلق دولة اسلاموية ، غارقة في الاساطير ، والخرافة ، وفي فن اللاهوت الأكثر تحنيطا واستبدادا ، من الفكر السلطاني الذي يمثل الدولة في شخصه ، لا في غيره .. أي اذا كان الفكر التنويري ، والتثويري بمختلف مشاربه السياسية ، والثقافية ، والأيديولوجية ، ينتصر الى الدولة في شكلها الإنساني ، لأنها من المفروض ان تكون في خدمة الانسان من دون تفسيرات لاهوتية .. فان الفكر المسيطر في الساحة ، وعلى العقلية الشعبوية وهي الكثيرة .. ينشد إقامة دولة فاشية ، بأصول ثيوقراطية ، واثوقرطية في شكلها الديني المبني على الاخضاع ، والقهر ، والجبر ، والتحكم .. بدعوى نصرة الشريعة مرة ، ومرة بدعوى نصرة المظلوم ، وهم الظلمة ، ومرة بدعوى الخلافة الراشدة ، ومرة بدعوى جمهورية الإسلام التي لا مفر منها .. وانتظارها حتمي الوصول .. وهي الخطة الذكية التي تتبعها جماعة العدل والإحسان ، رغم التشكيك من جماعات اسلاموية في قصدها ومبتغاها .. أي الخروج من نظام سلطاني فاشي باسم الدين في مظهره ، وبصيغته النفاقي .. الى نظام اسلاموي اكثر من فاشي ، ودائما باسم الدين المغلف بالنماذج الرجعية اللاهوتية ..
فالكومونة الباريسية ، اقبرت الكنسية ، والسلطة الدينية المتحالفة مع الحكام الملوك .. وكومونة الرباط المنتظرة ، تبرمج لإسقاط السلطنة ، ونظام السلطان ، لصالح نظام الإسلام الذي قد يتخذ شكل نظام الخلافة الفاشي ، لان جرائم الخلفاء في حق المسلمين لم يعرف التاريخ مثيلها .. وقد يتخذ شكل نظام طالبان بمواصفات مبتذلة ، لتجنب اثارة الحساسية قبل السيطرة على الدولة .. وقد يذهب ان يماثل نظام داعش الإرهابي ، ما دام ان ما قامت به داعش ، كان باسم القرآن ، والسنة ، والشريعة .. أي إلاه ( المسلمين ) المتأسلمين ، وليس إلاه النصارى النصرانيين ، ولا اليهود اتباع الديانة اليهودية .. وقد يتخذ شكل جمهورية إسلامية على شاكلة ايران الشيعية ، التي بلغ عدد منْ تم اعدامهم منَ المعارضين في عهدها ، اضعاف مضاعفة عدد الذين اعدمهم محمد بهلوي امبراطور ايران المخلوع ...
لماذا هذا الشرح بالضبط .. ولماذا عرض هذه الحقيقة المفصلية ، التي لا علاقة لها بالفكر التثويري، ولا التنويري العمالي الذي كان وراء ظهور الكومونة .. ولا علاقة له بالخطابات السياسية ، والأيديولوجية التي يروج لها بعض مِمَن يفترض انهم من المتشبثين بإرث الكومنة في صورتها الجديدة .. في حين انهم حلة منها .. واعطي هنا بعض الأمثلة عن حزب Podemos ، وحزب Die linke ، و Diem 25 ، وحزب النهج الديمقراطي La voie démocratique ، الذي يعيش ويعترف بالنظام السلطاني ، الذي رخص له بناء على طلبه ، بالنشاط السياسي .. لكن ومن خلال ممارساته ، فهو بعيد كل البعد عن قيم ، وأفكار التنوير ، والتثوير الشعبي الديمقراطي ، عندما يضع يده في يد تنظيم يدعو جهرا الى الخلافة الفاشية . لان الخليفة الشخص هو من كان يستفرد بالخلافة ، ولم تكن هناك مؤسسات مثل البرلمان ، والحكومة ، والقضاء ، كمؤسسات دولة روما ، وبزنطا ، وبلاد فارس .. بلدان الحضارات الديمقراطية والإنسانية .. فحتى عندما أسس معاوية اول دولة بمفهومها العصري .. فهي كانت دولته ، ودولة ابناءه ، واحفاده .. بناها بالجبر ، وبحد السيف .. ومارس فيها كل جبروت القمع ، والقتل ، والتنكيل .. ومارس كل اشكال الرذيلة ، والفحشاء ، والفساد التي من المفروض ان القرآن ينهي عليهم ..
فعندما تجد هذا الانتحار ، المفضي بالنسبة للمجتمع ، والدولة الديمقراطية الثتويرية ، والتنويرية الى Ko .. يكون السبب والعامل في ذلك .. سيطرة الفكر الخرافي اللاهوتي ، بأنماطه الرجعية ، والمستلبة .. وهي الحقيقة الساطعة .. وتغلبه على الفكر التثويري ، والتنويري باسم أي طبقة ، او فئة اجتماعية معينة .. فهل التنوير والتثوير ، هو الارتماء في نظام ثيوقراطي ، اوثوقراطي ، مغلف ( بدين ) يغرس الأفكار الرجعية ، والعنصرية ، التي لا علاقة لها بالغرض من السيطرة على الحكم ، لبناء الدولة الديمقراطية ..
عندما نبحث أسباب هذه المعضلة ، وهذا النكوص ، الحامل الجميع الى الهاوية باسم الدين ، وباسم التقاليد المرعية ، والممارسات القروسطوية البالية ، التي لم يعد لها وجود في زمن الانترنيت ، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة . أي العالم الأخضر الذي تسيطر عليه للأسف منظمات الإسلام السياسي .. فبكل سهولة سنكتشف ان السبب هو التاريخ المشوه ، والذاكرة المنخورة .
ان ذاكرة الرعايا في الدولة السلطانية ، خاصة الرعايا المفقرة ، وليس الرعايا الممتازين Les supers sujets ، المنتمين لما يسمى بالبرجوازية ، وهم متبرجوازيون ليس كفكر برجوازي ، لان البرجوازية فلسفة ومدرسة . بل لسرقتهم ثروة الرعايا المفقرة .. انها ذاكرة لا تحوي أي شيء تقريبا ، حول ماضيها المجيد ، او ماضي الأمم الأخرى الثوري ، والتثويري ، والتنويري .. فكل شيء مما يتظاهرون به ، هو مقتبس نفاقا من الثقافة الغربية ، التي لا علاقة لها بممارسات الرعايا الممتازين ، ولا علاقة لها بما يسمى عندنا بالنخبة ، التي تقتبس كل شيء من الغرب ، الذي رغم تظاهرها باعتناق مدنيته ، فهو يهينها ، ولا يعيرها ادنى اهتمام ، ولا قيمة .. لأنه يعرف انها نخبة منافقة من دون قضية ، والقضية هي أساس الثقافة التي من المفروض ان تكون ثقافة نخبة ، المفروض ان تكون مثقفة ..
فقد عمل النظام السلطاني منذ ما قبل 1912 ، وبواسطة أيديولوجيته القروسطوية ، الغارقة في التقليدانية ، وفي الكهنوتية المزيفة ، للسيطرة ، والتحكم ، وشرعنة ممارسة الاستبداد والطغيان ، وحتى شرعنة قتل المعارضين ، وتشويههم ، والنيل منهم ، بدعوى الخروج عن الملة والدين ، وبدعوى الخروج عن السلطان ، واولي الامر التي يفرض التفسير الرجعي / باسم الإسلام / ، الركوع ، والخضوع لهم ، وحتى ولو كانوا طغاة مستبدين وجبريين .. وهو التشويه الذي كان ضحيته الثائر الجبلي ، الجيلالي ، الزرهوني ، المكنى ببوحمارة ، حين ثار على سلطان وسلطنة فاس .. والقمع والقتل الذي كان ضحيته زعماء القبائل البربرية التي ثارت ضد النظام السلطاني ... لخ .. أقول ان الطبقة التي يمثلها النظام السلطاني ، عملت بواسطة أيديولوجيتها ، وكهنتها ،على تغطيس وعيها بأكوام من الكذب ، ولا يزال الى اليوم نفس الكذب يغلف اللاوعي الشعبي بالوعود الكاذبة .. انّ المعاد والمكرر بشكل بليد ، لا ينتجه الا حاكم بليد ، يعتقد انه ذكي شاطر ..
وعمل كذلك على سلخ الجانب الرائع من تاريخها ، تاريخ ثورات القبائل البربرية بالأطلس المتوسط الوحدوية ، وتاريخ جمهورية الريف الانفصالية ، وتاريخ جيش التحرير الذي تعرض لخيانة النظام السلطاني ، بالتنسيق مع آل الفاسي بزعامة علال الفاسي ..
ان هذه الثورات بطبيعتها العفوية ، والجمهورية ، من دون أيديولوجية مستوردة ، غير النظام والأعراف القبائلي ، التي هددت الحكام السلاطين في عقر دارهم ، ودفعتهم للاستنجاد بالقوى الامبريالية كالفرنسية ، لحماية عروشهم المهددة بالسقوط من قبل الشعب الثائر .. قد حولت بعد الاستقلال المنقوص جلاديها ، الى ابطال ، وعلقت ابطالها على اعواد المشانق بإعدامهم جماعة في يوم عيد الكبش ( الاضحية ) .أي ضحى السلطان بهم للانتقام فيهم وفي عائلاتهم .. فأيّ عيد والسلطان يضحي بمعارضيه لإرسال رسالة الى الخصوم المفترضين ، واللاحقين للجمهم ، وتخويفهم ، وارهابهم .. ومن منا ينسى مآسي سجن تزمامارت الرهيب ... الذي رغم انكار السلطان له .. عاد واعترف به بعد تدخل الرئيس الأمريكي جورج بوش الاب .. بسبب ضغط الامريكية Nancy زوجة Le lieutenant احمد الطويل ..
نعم ليس في ذاكرة الشعب المغربي المفقر ، وفي ذاكرة الجماهير المغربية المفقرة ، سوى إرهاب السلطان ، واجهزته البوليسية القمعية ، والجهاز السلطوي القروسطوي الغارق في التقاليد السلطانية المخزنية ، والقهر المزمن ، وخيبات الامل المتكررة . فالجماهير المسكينة التي كانت قمة الصناديد ، وتحولت الى مجرد خنوعين مساكين ، متسولين مشلولي الإرادة والمبادرة .. حتى تأقلموا مع العيش جياعا وابناءهم اكثر جوعا .. للأسف بليت ايديها من التصفيق لأقزام عمروا المشهد ، بعد ان استسلمت الخيل ، ورفعتهم بأحلامها ، وآمالها الى جبابرة ..
الآن وبعد الهزيمة المشاهدة ، حيث انتصر السلطان ، وانتصرت الدولة السلطانية .. تأتي هذه الدراسة بعنوانها الضخم والمثير " من كومونة باريس الى كومونة الرباط " .. لان نفس المعطيات ، والعوامل ، والأسباب التي أدت الى كومونة باريس ، متوفرة اكثر من اللازم في كومونة الرباط ، التي لن تكون غير اسلاموية فاشية ، وهي متوفرة في كل الدول الديمقراطية .. وقد زاد من تغدية هذا التحول المرتقب ، والذي قد يحصل في كل بلد على حذا ، تبعا للموروث الأيديولوجي ، والثقافي السائد منذ قرون ... فالاطار الأيديولوجي الذي قد يسبب في هزة عنيفة ، بدولة من دول المحيط ، يختلف عن الاطار الأيديولوجي الذي قد يسبب هزة اكثر من عنيفة في العالم الحر ..
فاذا كان أي تحول في الدولة السلطانية محكوم اسلامويا . فهل انّ أي تحول في الغرب الليبرالي سيكون في جزء منه كاثوليكيا ، بروتستانتيا ، نظرا لوجود الكنيسة بصيغة ما ، في قلب الصراع الذي لم يعد يتحكم فيه ماركس ، ولا لينين ، ولا ماو... وتلكم كانت حقبة ، واليوم حقبة أخرى ، بعد افلاس وهزيمة النظريات ، وبعد موت الايديولوجية ..
اذن سنحاول تحليل واقع الكومنة من خلال المقارنة مع الواقع السلطاني للدولة السلطانية .. فالطبقة السياسية البرجوازية الصغيرة في الدولة السلطانية فشلت ، وهو ما يعني ان هناك فراغ اصبح فارضا لوجوده ..
انّ السلطنة العلوية بفعل المرض الحرج للسلطان شفاء الله ، وزاد في عمره ، معرضة لفراغ في الحكم ، لا يمكن ملئه او تعويضه ، بنفس سهولة رحيل الحسن الثاني ، الذي لم يخلف موته فراغا حقيقيا .. فالجميع تضافر كيدٍ واحدة ، و كل من موقفه ، للحفاظ على الدولة من خلال الحفاظ على النظام ، بسبب الإشارات القوية التي تم الترويج لها كملك الفقراء ، الملك الديمقراطي ، المفهوم الجديد للسلطة ...لخ .. وهو ما تبخر بعد تفجيرات الدارالبيضاء في 16 مايو 2003 ، وأصبحت تلك الإشارات ، وحتى الوعود ، أضغاث أحلام حين تكشف وجه حليمة التي عادت الى عادتها القديمة / الجديدة .. أي عودة سيطرة البوليس السياسي الفاشي ، والجهاز السلطوي القروسطوي على الدولة ، باسم السلطان المغيب مثل الشعب ، عمّا يجري من مؤامرات اساءت للشعب ، وللمغرب ، والحقت الأذى بالقضية الوطنية ..
فاذا حصل الفراغ المنتظر، فالنزول الجماهيري الى الساحات والشوارع سيكون حتميا .. ولن يفيد فيه لا المدير العام للبوليس السياسي DGST الحموشي ، ولا صديق الملك الهمة ، ولا وزير الداخلية لفتيت .. الذين ستنتظرهم وامثالهم محاكمات شعبية .. ولن يفيد فيه الجيش ، ولا الدرك ، ولا القيّاد ، والخُلْفانْ ، والْمقْدمينْ ، ولا الشيوخ و لمْخازْنية . لان السيل فات ، وليس بلغ الزبى .. وقد تتطور الأوضاع الى ثورة ستنتظم من تلقاء نفسها ، لأنها ستكون نابعة من قلب الانتفاضة العارمة ، ولن تتحكم فيها الأحزاب . لان هذه غير موجودة اطلاقا .. بمعنى انه اذا كانت الانتفاضات السابقة التي عرفها النظام السلطاني ، استجابة للدعوة الى الاضراب العام الذي كان يتطور منذ اليوم الأول للإضراب ، الى انتفاضة ، فإلى ثورة رفعت فيها شعارات اسقاط النظام السلطاني .. فان نجاح النظام في اضعاف تلك الأحزاب ، التي أضحت تعيش على عون ومساندة الدولة .. وكانت رغم انصهارها في الانتفاضات .. الاّ انها كانت تمثل " بارشوك " واقي للنظام ، من مآل الهزات الخطيرة .. لان سقوط النظام يشكل خطرا على بقاءها .. فهي كانت تستعمل الدعوات المختلفة الى الاضراب ، كضغط لفتح حوار مع النظام ، لترتيب سياسات تعطيها قدرا ، او نصيبا من المقاعد بالبرلمان ، وادماج مناضليها ضمن النسيج الاجتماعي والاقتصادي للدولة ، بتعيينهم في المناصب العليا ...
ان اندثار هذه الطينة من الأحزاب ، وعجز الأحزاب التي تدعي الانتساب الى المعارضة . لأنها لا تعارض النظام . بل تعارض البعض من سياسة النظام . لأنها أحزاب ملكية معارضة اصلاحوية ... لا يعني ان خطر النزول الشعبي العارم الى الشارع قد ضعف .. بل ان الخطر القادم سيكون اقوى واجدر ، لان عند حصول الفراغ في الحكم .. فان الإنزالات اليوم بكل المدن الصغيرة ، والمتوسطة ، وبالمداشر، وبكل المغرب ، للاحتجاج على فقدان او قطع الماء ، او انعدام الانارة ، او الطرقات ، او التطبيب المنعدم ... الخ .. هي رسالة واضحة غير مشفرة للقادم الذي ينتظر المغرب عند فراغ الحكم .. أي ان موضوع النزول المرتقب بعد فراغ الحكم لن يكون من اجل الاحتجاج عن فقدان الماء ، او الكهرباء ، او فقدان مستشفى ... لكنه اكيد سينصب على شكل الدولة التي لن تكون غير الدولة الديمقراطية .. وعندما نؤكد على الدولة الديمقراطية ، فان جميع النماذج تبقى مطروحة تناسبا مع حجم النزول الشعبي ، وتناسبا مع حجم الشعارات التي ستردد ، التي ستنحو الى في الغالب الى الدولة الاسلاموية الفاشية ، اذا لم يقم الجيش بتدارك الخطر لإجهاضه ، حتى قبل ان يقع ليخلق الحالة الإيرانية ، او الأفغانية من جديد ..
لذا فان شروط ، وعوامل ، ومعطيات كومونة باريس في 18 مارس 1871 .. متوفرة وبكثرة في الدولة السلطانية ، كما انها متوفرة بكل الدول الديمقراطية ، حيث لعبت السياسات المخدومة من قبل الأنظمة ، للجم الجماهير بتبرير مقاومة الوحش كورونا كذبة القرن .. دورا أساسيا في جعل الوضع قابل للانفجار شعبيا ، وفي جميع الاتجاهات .. خاصة وان سبب الأنظمة الرأسمالية في معارضتها للكومونة ، هو الخوف من دك النظام الرأسمالي ، لفائدة العمال والشعب المستضعف .... لم تعد اليوم تشجع وتحفز النظام الرأسمالي ، على معارضة بزوغ أنظمة سياسية على شكل كومونات باريسية بدول المحيط ...
ان عوامل ومعطيات المقارنة هذه ، تبقى مقبولة رغم مرور 150 سنة على ثورة الكومونة الباريسية .. فالتاريخ اذا كان يعيد نفسه في المرة الأولى بشكل مأساة ، وفي المرة الثانية بشكل تراجيديا .. فان إعادة التاريخ هذه المرة لن يكون مأساة ، ولا تراجيديا .. بل ستكون حدثا جديدا ، يفند ، ويكذب النظريات .. خاصة ذات التأثير الأيديولوجي .. فمن كان يظن سقوط وتفكك اقوى منظومة التي هي الاتحاد السوفياتي ، وتحطيم جدار برلين ، وسقوط أنظمة برجوازية الدولة الصغيرة في اوربة الشرقية ، التي حكمت أنظمتها باسم شيوعية ، لم يكن لها من الشيوعية غير الاسم ..
لقد طرحت اول ما طرحت ، فرضية تشابه الأوضاع التي تسببت في ثورة الكومونة ، التي كانت بحق النموذج الأول لسلطة الطبقة العاملة ، التي فرضت نفسها كبديل تاريخي ، للدولة البرجوازية والبيروقراطية .. فقد كانت حسب عبارة ماركس الشهيرة " النقيض المباشر للإمبراطورية الفرنسية ، لا لمجرد إزالة الشكل الملوكي للسيطرة الطبقية وحسب ، بل لإزالة السيطرة الطبقية ذاتها " ....
والحال ان في حالة الدولة السلطانية . اذا ما قارناها بالأوضاع التي كان متحكما فيها آنذاك بفرنسا ، سنخرج بخلاصة . انه اذا كانت ظروف الكومونة متوافرة ، فان نتيجتها التي انتهت باستلام العمال السلطة ، ليست موجودة في الدولة السلطانية ، لان من يحسم مسألة السلطة اذا حصل فراغ في الحكم ، لن يكونوا عمالا ، ولا فلاحين ، ولا مثقفين ثوريين .. بل سيكونون أصحاب اللحي الاسلامويين .. وبخلاف تأسيس سلطة العمال والشعب الكادح ، سيتم تأسيس سلطة الفقيه الفاشي ، الذي سيحتكر السلطة لبناء حكم غارق في الرجعية ، واكثر خطرا على الحريات العامة ، وعلى الديمقراطية ، من نظام السلطنة التي على رأسه فقط شخص السلطان ، الذي يحتكر بمقتضى دستوره الممنوح ، وبمقتضى عقد البيعة ، وحده الحكم والنظام .. لذا فالمراهنة على استنساخ حكم الكومونة ، يبقى بعيدا ، ويكفي القاء نظرة على الجماعات التي توظف مصطلحات العمال ، والفلاحين الفقراء ، والمثقفين الثوريين في خطابها ، حتى نخلص الى فراغ الساحة منهم ، واحتكارها فقط من قبل منظمات الإسلام السياسي العدو الأساسي للأنظمة الديمقراطية .. فالقادم سيكون مهددا وخطيرا عند حصول فراغ في الحكم ، وعند عجز النظام في رأب الصدع الذي سيخلفه نزول الناس الى الشوارع ، مع ترديد الشعارات الاسلاموية التي غابت عن نزول المحتجين عن الحقن الاجباري ...
اذا عدنا الى مقارنة الأوضاع اثناء زحف الكومونة على الحكم ، وبالنتائج التي ستترتب من زحف الكومنة الاسلاموية على الحكم ، اذا توفرت بعض المعطيات التي ستؤثر ، وستتحكم في درجة قوة الصراع الذي سينشب .. فإننا سنجد اختلافا في الاوضاع ، واختلافا في السيرورة ، واختلافا في النتائج .
1 ) الكومونة والسلطة :
قبل كل شيء . كانت الكومونة هيئة تشريعية ، وتنفيذية في نفس الوقت ، أعضاءها منتخبون مباشرة من العمال ، وقابلون للعزل في اية لحظة .. كما ان اجرة المسؤولون الثوريون عن الكومونة الباريسية ، كانت لا تزيد عن اجرة عامل .. وبهذا تكون الكومونة قد سددت ضربتها القاضية ، لمبدأ الفصل البرجوازي : الفصل بين السلطة التشريعية ، والسلطة التنفيذية .. الفصل بين العامل ، ووسائل عمله .. بين المنتج ، ونتائج عمله ..
لكن عند تمعننا النظر في أوضاع السلطنة ، مقارنة بأوضاع الكومونة .. سنستخلص إعادة تجربة الخلافة ، وتجربة الحكم الجبري القهري في التاريخ الإسلامي .. حيث سيصبح الفقيه المتزمت الشبقي ، ولوحده ، هو السلطة التشريعية ، والسلطة التنفيذية ، وستصبح الحياة العامة متحكم فيها دينيا ، بإدخال القمع والتحاريم التي يحكم بها الأموات من وراء قبورهم ، حياة الاحياء ..
ان نظام الخليفة ، ونظام الفقيه المتخلف ، والمتزمت ، والمكبوت الشبقي ، ونظام الأقلية القليلة أهل الحل والعقد ، ونظام المرشد .. هي النماذج التي يجب انتظارها ، اذا حصل فراغ في الحكم ، وعجز النظام عن ملئه بالسرعة القصوى .. فنزول الناس المنتظر الى الشارع ، وهو نزول حتمي ، يجب انتظاره .. انْ خضع للإملاءات المتحكم فيها ، برفع الشعارات الاسلاموية ، سينتهي بإسقاط كل الدولة في يد الفاشيين .. هذا اذا اغمض الجيش اعينه ، وترك تغيير الأوضاع يأخذ اتجاهه الانتحاري ... لان النتيجة ستكون صادمة ، وآثارها ستسدي خدمة للجماعات الفاشية ، التي تدغدغ عقول الرعايا بالقران ، وبكلام الله .. أيْ ان الصراع سيصبح دينيا ، للوصول الى السيطرة على الحكم ، للسيطرة على الجاه ، والمال ، والنفود .
2 ) الكومونة والدين :
ومن خلال المقارنة دائما بين كومونة باريس ، وكمونة السلطنة ، سنجد ان القوى الحية التي تشرفت قيادة الكومونة الباريسية ، قد اتخذت موقفا واضحا من العلاقة بين الدين ، وبين الدولة المدنية التي ستكون دولة العمال ، والفلاحين ، والمثقفين الثوريين . أي الدولة المدنية ، وليس الدولة الدينية .. كما ان الكومونة حين وجهت نقدها للدولة السابقة ، دولة لويس بونابارت ( نابليون الثالث ) ، فهي تكون قد الغت الجيش والبوليس ، أداتي القمع المادي .. وعوضتهما بالشعب مسلحا .. وبعدما فرغت من نقد الدولة البوليسية . أي نقد الأرض ، انتقلت الى نقد السماء ، فبذأت بتحطيم أداة القمع الروحي الكنيسة ، من خلال تحطيم سلطة الكهنة ، فأرسلتهم الى هدوء الأديرة ، ليعيشوا على صدقات المؤمنين ..
ان هذا الوضع الثوري والتثويري الذي خلقته الكمونة الباريسية .. لا علاقة له بالوضع الذي توجد فيه ، وعليه دولة السلطنة .. ومن ثم فان الكمونة المغربية ، عوض نقد وتحطيم الدولة البوليسية الفاشية ، ستخطط لخلق الدولة البوليسية الفاشية الأكثر خطرا ، من الدولة البوليسية السلطانية .. وعوض نقد السماء بفصل الدين عن الدولة ، وارسال الائمة ليعيشوا في هدوء على صدقات المحسنين ، سيجري في حينها التخطيط لبناء الدولة الدينية الفاشية ، التي ستشرع في معالجة قضايا الداعين للدولة الديمقراطية المدنية ، بحد السيف ، وبالمشانق ، وبقطع الأطراف والراس .. فتصبح الدولة الدينية الفاشية ، بيد رجل الدين ، الفقيه ، المتزمت ، المكبوت ، والشبقي .. او بيد قلة قليلة من الرّهوط المتاجرين بالدين باسم أهل الحل والعقد ، وليس باسم الشعب صاحب السيادة .. او بيد المرشد الديني التي تؤول اليه الدولة والمؤسسات ، بعد الانتخابات الصورية التي لم يشارك فيها .. لكنه بعد اعلان نتائجها ، تصبح انتخابات تزكي فاشية المرشد الطاغي ، التي لا علاقة لها بالديمقراطية اطلاقا ..
واذا كانت الكومونة الباريسية الثورية قد أحرقت رموز العالم القديم ، وتماثيله .. فأحرقت المقصلة ، والغت عقوبة الإعدام ، واسقطت مسلة النصر الحاملة لتمثال نابليون رمز الشوفينية ، والعداء بين الشعوب .. فان الكومونة المغربية في دولة السلطنة ، ستعيد تثبيت رموز العالم القديم ، وتماثيله ، وستبني كثير من المقصلات لقطع الرؤوس ، والأطراف بطريقة وحشية .. وعوض الغاء عقوبة الإعدام ، ستتشدد كثيرا في تطبيقها .. وعوض تحطيم تماثيل المشعودين ، ستكثر تماثيل الداعشيين من السيد قطب ، حتى امارة امير المؤمنين في أفغانستان ، وفي العراق ، وسورية ... فالخلافة كمشروع فاشي ، يبقى حلم جميع المشتغلين في الحقل الاسلاموي ... فأيّ هزة تحصل بعد حدوث فراغ في الحكم ، وبعد توافر بعض الشروط ، ستكون هزة اسلاموية من خلال ترديد شعارات اسلاموية ... وهنا فلا مجال للتفكير في بيئة تقليدانية بانتظار رفع شعارات تنويرية وتثويرية ، على غرار الكومونة الباريسية ..
3 ) الكومونة والأحزاب :
يقول انگلز " لقد تجاوز عمال الكومونة بسليقتهم الثورية مذاهب القيادات التي حاولت ، شأنها في كل ثورة ، ان تركب حركتهم " .. فبينما كانت الأحزاب المجودة آنذاك تجتر تجارب الماضي ، كان العمال يبدعون ويبنون المستقبل . فالكومونة لم تكن صنع الأحزاب ، بل كانت هي الحزب نفسها ..
اذا عدنا الى الكومونة المغربية في ظل نظام السلطنة ، سنجد ان الكومونة المغربية ، ستبنيها الأحزاب الاسلاموية الفاشية ، لانها تشكل الأكثرية العددية ، والأكثر تنظيما .. وابوابها كما هي مفتوحة للبروليتارية الرثة الوسخة ( أصحاب كسكروط La casse croute ) ستعرف تفق الالاف من هذا البروليتارية الوسخة ، بسبب بساطة الخطاب ، وبسبب رفع الشعارات الاسلاموية الهادفة ، لبناء نظام اسلاموي باسم الخلافة الاسلاموية المتعارضة مع الديمقراطية ، حيث يوجد فقط الخليفة ، وكل شيء اخر يدخل في ملكه .. مثل نظام السلطان في السلطنة ..
فعند نجاح الكومونة الاسلاموية من السيطرة على الأوضاع ، سيتم تأسيس نظام فاشي لن يكون وجود فيه لأحزاب التنوير، والأحزاب الثورية التقدمية التي تدعو الى الدولة المدنية ، وترفض الدولة الدينية كدولة فاشية .. واعتقد ان المآل ، والنهاية التي انتهت اليها وضعية الأحزاب الغير اسلاموية ، في امارة طالبان الفاشية ، وامارة الدواعيش في سورية والعراق .. والنهاية المأساوية للأحزاب التقدمية الإيرانية من الحزب الشيوعي " تودة " ، الى منظمة " فدائيي خلق " ، الى منظمة " مجاهدي خلق " ، الى الأحزاب الليبرالية ، والاشتراكية الإصلاحية .. هو نفسه المصاب الذي يحل بالمغرب عند فوز الكومونة الفاشية الاسلاموية بالحكم وبالدولة ... وهذا التحول المرتقب عند تمكن الإسلام السياسي من ملئ الفراغ ، الذي سيتسبب فيه شغور الحكم بعد غياب السلطان اطال الله عمره .. ستنفخ فيه الثقافة الاركاييكية البالية ، المحنطة لعقل الرعايا التي لا تزال تعيش مع ازلية " سيف دويزن " ، و" عاقيسة " ، و" النمرود " ، و" الجن لكْحلْ " ، و" زازية بنت منصور القاطعة سبع بحور على ظهر النسور " ، و " عذاب القبر " ، و" الثعبان الاقرع في القبر " .. لخ .. فهذه العقلية المرتبطة بالزوايا ، والاضرحة ، والقبور ، وتؤمن بالسحر والشعوذة .. ستكون حطب جماعات الإسلام السياسي ، التي تُنظّر للدولة الاسلاموية في اشكالها المختلفة ..
4 ) الكومونة والمرأة :
لا يمكن الحديث عن الفكر التنويري والتثويري ، دون ربط ذلك الفكر بالحقوق الاساسية للمرأة التي هي المجتمع ، وليس مجرد نصفه .. فاذا كانت الحقوق التي تتمتع بها المرأة في المجتمعات الراقية والمتقدمة ، واعني بها الدول الاوربية ، والولايات المتحدة الامريكية ، وكندا ، وأستراليا ، والكوريتين الشمالية والجنوبية ، وروسيا الاتحادية ، والصين ... ، فان مجرد التذكير بتاريخ ومنجزات الكومونة الباريسية ، يحيلنا أوتوماتيكيا الى حقوق المرأة ، كما كفلتها تشريعات الكومونة الثورية ، التي ارتقت بالمرأة الى مصاف الدرجات العليا .. وهنا تجدر الإشارة الى ان الحركات الثورية في أدبياتها ، تعتبر المرأة ثورة ، ولا تعتبرها بضاعة تصلح للحرث ، وللإنجاب ، وللشقاوة التي تجعل منها عبدا مأمورا ، يتعرض لكل ابشع مظاهر الاعتداء ، والتبخيس المنحط ..
وحتى نلم بحقوق المرأة في المجتمعات الرجعية ، مقارنة بالمجتمعات التي تسودها الثقافة التنويرية ، وهي نفس الوضعية ستعيشها المرأة المغربية في ظل حكم الإسلام السياسي ، سنكتفي بعرض مفارقة وضعية المرأة في اليمن الجنوبي ، أيام دولة اليمن الجنوبي ، ووضعها في عهد الحكم الرجعي لصالح ، ووضعها في ظل الحوثيين ...
وهي نفس المفارقة لوضعية المرأة الأفغانية أيام النظام الملكي ، والنظام الشيوعي ، ووضعيتها في حكم طالبان بين الامس واليوم .. وهي نفس المفارقة التي كانت تعيشها المرأة العربية في مصر ، وسورية ، والعراق ، والمغرب ، والجزائري ، وتونس ، ولبنان ... قبل غزو الإسلام السياسي .. وكيف أصبحت وضعيتها بعد الغزو الاسلاموي ...
انها نفس الوضعية على المرأة انتظارها ، اذا تمكنت الفاشية الاسلاموية من السيطرة على الدولة ، وعلى السلطة .. بل ان الردة الفاشية ستشمل كل الدولة ، وليس فقط مجالا من مجالاتها ..
5 ) أسباب زحف الكومونة الباريسية :
لم يكن لتجربة الكومنة الفريدة كتجربة سياسية في العالم ان تتقدم ، لو لم تحصل شروطا داخلية وخارجية ، هي من مكن الكومونة من السيطرة على العاصمة الفرنسية باريس .
ان اكبر خطأ استراتيجي قاتل ارتكبه لويس بونابارت ( نابليون الثالث ) ، هو عندما اعلن الحرب على بروسيا في مغامرة عسكرية ، سرعان ما انتهت بالفشل التام .. فجيش بروسيا هزم الجيش الفرنسي شر هزيمة ، وتسببت الهزيمة في سقوط الإمبراطورية الثانية ، ثم اعلان الجمهورية ..
الى جانب الهزيمة هذه ، لعبت اقتراضات نابليون المثيرة ، دورا في سبب سقوط الإمبراطورية ، ونجاح الجمهورية .. فبْروسيا وحتى تقبل بالسلام مع نابليون ، اشترطت تسديد الديون التي اقترضها النظام الامبراطوري أولا .. ونسيان الألزاس ، واللّورين ثانيا .. فكان على النظام الملكي الفرنسي ، انْ يمارس القهر ، والقمع ، والتقتيل ، والذبح ، لإجبار الشعب الفرنسي المفقر ، على تسديد تلك الديون التي استفادت منها الاسرة الملكية بكثرة ، واستفادت منها البرجوازية الفرنسية التي كانت مرتبطة بالنظام الملكي ..
في وثيقة تم تبنيها تضامنيا مع الكومونة في 30 مايو 1871 ، من قبل قيادة الرابطة الدولية للعمال ، المعروفة أيضا باسم الأممية الأولى ، شدد كارل ماركس على الثقل الهائل للدين العام الذي افاد الملك ، واسرة الملك ، وأفاد البرجوازية الفرنسية ..
اذن لولا الحرب التي خسرها نابليون ، ولو لا ثقل حجم الديون التي اجبر الشعب الفرنسي على أدائها ، ولو بالذبح والسلخ .. ما كان للكومنة كتجربة ثورية ، ان تتسلم مقاليد الحكم الثوري في باريس ..
انها نفس الأوضاع تعيشها السلطنة المغربية ، حيث اعترف السلطان مؤخرا في خطاب المسيرة ، بعودة الحرب . ورغم ان تأثيرها غير ملاحظ كالحرب التي سبقت سنة 1991 ، فقد تتطور الى اشكال متقدمة ، من شأنها ان تغير مجرى الحرب ، نحو درجات خطيرة ، قد تسبب في رعشة وردة ، قد تعيد الحالة الى ما كانت عليه قبل التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار سنة 1991 .. وهذا التحول الذي يجب انتظاره ، والعمل ما امكن للحيلولة دون حصوله .. قد يتسارع اذا قام النظام الجزائري ، ومكن البوليساريو من أسلحة ثقيلة ، واسلحة نوعية تغير ميزان القوة ، نحو المزيد من التأثير على موقف النظام المغربي ..
هنا فان في اية حرب .. وبغض النظر عن طبيعتها ، وعن الأطراف التي تخوضها .. فهي تلعب الدور الأساسي في تحديد طبيعة الأنظمة السياسية القائمة ، كما تلعب دورا في تقريب سقوطها ، او زيادة قوتها عند احراز النصر المبين ، خاصة وان الحرب المخاضة تأخذ شكل حرب وطنية ، ضد عدو متربص بالوطن ، في وحدة ارضه ، ووحدة شعبه .. وهنا فان حرب الصحراء كادت ان تسقط النظام ، سواء من قبل الجيش ( الجنرال احمد الدليمي في سنة 1982 ) ، اومن خلال الهبّات الشعبية العنيفة التي اندلعت خلال حقب متفاوتة ، كانتفاضة 1981 ، و انتفاضة 1984 ، وانتفاضة 1991 .. التي رفعت فيهم شعارات تدعو الى اسقاط الدولة ، وليس فقط اسقاط النظام .. وهوما جعل الحسن الثاني يتعامل معها بإطلاق الرصاص ، الذي شمل حتى الأطفال المراهقين .. لكن الآن ، وامام التغيير الذي عرفه العالم .. اذا اندلعت انتفاضة على غرار الانتفاضات السابقة .. هل يجرأ النظام على اطلاق الرصاص على المنتفضين .. وانْ تجرأ وبدا في قتل المتظاهرين .. فكم عدد القتلى يجب ان يسقط ، لتشفي غليله الى الحكم ، والسلطة ، والثروة المنزوعة من الشعب صاحبها ... سيما وانّ عيون مجلس الامن ، والأمم المتحدة ، والمحكمة الجنائية الدولية ، والاتحادات الدولية .. ستكون تراقب كلما يجري صغيرا كان ام كبيرا ..
إضافة الى الحرب التي بدأت منذ 13 نونبر 2020 ، وهي حرب ستتطور لتصل درجات من الخطورة .. لان النظام الجزائري الذي تورط في هذه الحرب لما يفوق خمسة وأربعين سنة مضت .. لن يهضم بسهولة الهزيمة كنظام ، ولن يقبل بانتصار النظام المغربي الذي سيكون بالنسبة اليه ، اكثر من تجرع السم .. ومن ثم سيتخذ كل التدابير التي يراها ضرورية ، لقلب المعادلة ، وارجاع الجبهة الى سنوات السبعينات والثمانينات ، لفرض الامر الواقع الذي هو ديمومة الحرب من اجل الحرب ، حتى يتفادى السقوط انْ خسر الحرب ، وربحها النظام المغربي الذي سيصبح رمز القوة الوحيدة بالمنطقة .. وسيصبح المحاور الأول من قبل الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، ومن قبل الاتحادات الدولية ، كالاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ..... هناك ثقل حجم المديونية المرعبة ، التي تغرق النظام المغربي دون تحديد ، ومن دون معرفة المصير ، والوجهة التي اتخذتها كل تلك القروض .. والخطورة ومثل الحالة الفرنسية ، فان النظام السلطاني الذي استفاد ، والطبقة المتحالفة معه من تلك القروض ، سيمارس القمع ، والسلخ ، لإجبار الشعب المغربي الذي لم يستفد من تلك القروض على اداءها .. أي ربطوا عنق أجيال ، واجيال في قروض لم يستفد منها الشعب في أي شيء ..
ومثل فرنسا نابليون بونبارت ، فالسلطنة تعيش ازمة اقتصادية واجتماعية بنيوية جد مستفحلة وعميقة ، وتخوض حربا من اجل الحفاظ على الصحراء ، ومدينة بقروض حجمها يعجر اللسان عن ذكره .. فتكون الأسباب التي أسهمت في انتفاضة 1965 و انتفاضة 1981 وانتفاضة 1984 وانتفاضة 1990 .. وحتى ظهور حركة 20 فبراير الاصلاحوية .. موجودة ، وداعية لكل التقلبات المنتظرة عند حصول فراغ في الحكم ، وعند العجر في ملئه بالسرعة القصوى مع الشروع حالا في الإصلاحات السياسية العميقة التي وحدها تؤجل او تخفض حجم النزول الى الشارع ، اوقد تحدث في النازلين انقسامنا بين المؤيدين للإصلاحات المستعجلة .. وبين الفاقدين الثقة في وعود وخرجات النظام السلطاني ، كما حصل على محمد السادس بعد وفاة الملك الحسن الثاني ...
فإذا كانت الجماهير تنزل اليوم في المدن الكبرى ، وفي المدن الصغرى ، والمتوسطة ، وفي الأرياف ، والقرى والمداشر .. من اجل الاحتجاج والمطالبة بالخدمات الأساسية المنعدمة كالمستشفيات ، الطرقات ، فك العزلة ، التهميش ، المدارس .... فان مثل هكذا نزول يجب ان يكون منتظرا عند حصول فراغ في الحكم .. لان خطورة الازمة المستفحلة والمقصودة و البنيوية .. ستعجل وستحفز الشباب على الانسياق وراء الشعارات الراديكالية الاسلاموية رغم انها ستكون في بدايتها شعارات شعبوية .. لكنها وامام حجم النزول ، والاندفاع ، والنفخ ، والتشجيع .. قد تتطور الى مطالب خطيرة مثل مطالب حراك الريف عندما اخترقته حركة 18 شتنبرا الجمهورية الانفصالية .. وعند اشتداد النزول في كل المغرب ، واشتداد قوة الشعارات .. فالمنتظر وفي غياب الجيش الذي قد يكون يجري مشاورات مع أمريكا ، وفرنسا ، واسبانية ، والمملكة العربية السعودية ، وحتى الكويت ... فان موقف الجيش سيتحدد على ضوء تطورات الانزال ، وتطور القوى القائدة للأنزال ... والتي ستكون قوى اسلاموية .. تنافس السلطان كرسي الامارة ، والامامة .. ولا تعترف له لا بالانتساب الى النبي ، ولا بتمثيل الإسلام الذي لن يكون غير اسلامهم .. أي سنكون امام الحالة الإيرانية ، لكن دون ان يكون الحل بنفس الدولة الإيرانية .. بل قد يأخذ اشكالا منها من يمتح من الحالة الإيرانية ، ومنها من يمتح من نظام الخلافة وليس دولة الخلافة لان هذه لم تكن ابدا دولة ، ومنها من سيعتبر البديل أفغاني ، او داعيشي ... لخ ..
ان طرفي الصراع في الساحة هم النظام السلطاني ، والإسلام السياسي الذي يشتغل على نظام الخلافة التي لم تكن ابدا رشيدة .. بل ان ظلم الخلفاء لجمهوري المسلمين ، لن يبلغ مثيله في الأنظمة الدكتاتورية .. فخالد بن الوليد قطع رأس أبو نويرة حتى يتزوج امرأته الفاتنة .. ولما طلب بعض الصحابة من ابي بكر تطبيق حكم الحد في خالد ، رفض قائلا : كيف اطبق حكم الحد في حق خالد قائد جيوش المسلمين ، وهو يقود حرب الردة .. ومنذ متى كان الدين بالسيف والجبر ...
ان سيطرة الفقيه المتزمت المكبوت ، او سيطرة الاقلية الدكتاتورية باسم اهل الحل والعقد ، او سيطرة المرشد كدكتاتور يستولي لوحده على الدولة .. هو ما يجب انتظاره عند شغور سدة الحكم .. وعند نزول الناس / الرعايا الذين سيثورون على نظام الرعايا الى الشارع ..
فهل اذا نزل الناس ، وبدأوا في رفع الشعارات التي سيلوح بها الاسلامويون في كل المغرب ، سيتجرأ الجيش لكرار مجازر 1965 ، 1981 ، 1984 و 1991 .. ..
المغرب اليوم ليس هو مغرب الامس .. لقد تغير العالم ، وتغيرت قواعد العلاقات الدولية ، واصبح أساس الحكم على الأنظمة هومدا احترامها للقوانين الدولية في مجال حقوق الانسان .. وعند أي تغيير ، فان عيون مجلس الامن ، والأمم المتحدة ، والاتحادات الدولية ، والمحكمة الجنائية الدولية .. تراقب كل ما سيحصل .. وكل شطط في استعمال القمع ، ستكون له تبعات ستأثر على الملفات الاستراتيجية التي يرتبط بها وجود النظام السلطاني في المغرب ..
ان اخطر ما يتهدد اليوم المغرب هو الإسلام السياسي الفاشي الذي يحن الى الخلافة التي كانت دكتاتورية ، ولم تكن ابدا ديمقراطية .. فحتى الشورى التي يرددون ، ستكون بين مُجمّع ( العلماء ) الفقهاء السياسويون ، ولن تكون انتخابات يمارسها الشعب ، ليجسد على أساسها سيادته في تدبير شؤون الدولة ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل خطاب الملك بمناسبة مرور ستة واربعين سنة من انطلاق المس ...
- النظام الجزائري . استعراض للعضلات ، ام تحضير للحرب ..
- إسقاط النظام . إسقاط الدولة . إسقاط الاستبداد ، أم إسقاط الج ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2602 حول الصحراء .
- الجميع يدعو الى التغيير من دون وجود مشروع للتغيير
- إسرائيل لا تعترف بمغربية الصحراء ، لكنها تعترف بالبوليساريو ...
- من يرفض النقد الذاتي بدعوى العصمة ، ويرفض النقد بدعوى الطهار ...
- من السهل ان تردد كالببغاء الصحراء ليست مغربية . لكن من المست ...
- البوليس السياسي يمنع تعسفيا الناشط السياسي المعطي منجيب من م ...
- فشل المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة - ستيفن دو مست ...
- النظام الجزائري يطلب من النظام المغربي الرحيل عن معبر / منفد ...
- هل تدور الحرب في الصحراء ؟
- هل الرئيس المورتاني جاد في رأب الصدع بين النظام المغربي والن ...
- قرار مجلس الامن المنتظر في آخر اكتوبر الجاري بشأن نزاع الصحر ...
- قرار محكمة العدل الاوربية
- بين خطاب وزير خارجية النظام الجزائري لعمامرة بالامم المتحدة ...
- مجرد تساؤل ، والتساؤل والسؤال حق مشروع
- قرع طبول الحرب بين النظامين الجزائري والمغربي .
- الانفصال
- 18 سبتمبر 1921 / 18 سبتمبر 2021 ، تكون مائة سنة مرت ، على تأ ...


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من كومونة باريس الى كومونة الرباط