أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - موظفون ثقافيون














المزيد.....

موظفون ثقافيون


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7084 - 2021 / 11 / 22 - 14:13
المحور: الادب والفن
    


لا شك أن وزارة الثقافة مؤسسة حكومية تهتم وتعنى بشأن الثقافة والمثقفين, وهي حسب قناعتي الشخصية لا تقل أهمية عن وزارة الدفاع أو الخارجية, كون الثقافة هي أس الحضارة والضمير الجمعي للناس والمجتمع, ولهذا تحتفي الدول والشعوب بمثقفيها ومبدعيها الكبار.

ومن المفارقات المضحكة المبكية أن المؤسسات الثقافية العراقيـة في العهد السابق، تولي إدارتها وشؤونها موظفون عتـاة, كان شغلهم الشاغل هو التغني بأمجاد قائد الضرورة والتطبيل له, ويتحكمـون بمصـير الثقافة وأهل الثقافـة, بـالرغم مـن أنـف المثقفيـن المغلوبين على أمرهم.

أولئك الموظفون الحازمون, كانوا يتمتعون بكفاءات عالية في تقديـم فـروض الطاعـة والولاء المطلق للسلطة, ومباركة منجزاتها ومعجزاتها, وتمجيد الدم الذي سفكتها بكرة وعشية, وهـم عـادة يحملون أسماءً وألقابا وشارات تزكيهم في الوصـول الى سدة الكراسي الوفيرة, والحصول علـى الامتيـازات الرئاسية والمكرمات السـخية والمعاشـات الباذخـة والعطايا التي لا تعد ولا تحصى, لكنهم في حقيقـة الأمـر, حـانقون حـاقدون ساخطون على كل ما يمت للثقافة بصلة, لأنهم عقيمون إبداعيا ومعطوبون فكريا وهشون ثقافيا, لـذا تولـوا بجدارة المناصب الفخمة لينعموا ويتريثوا على حسـاب المثقفين الحقيقيين المتعبين, الذيـن يكرزون الـهم ويعلكون الغم, ويبصقون الدم من فرط الآه والحسـرة والتمني.

علما أن بنية الثقافة العراقية, امتازت بخاصيـة الإصالـة والوطنيـة التي تشكلت وترسخت عبر منظومة من القيـم والمفـاهيم التـي أطرتها بأطرها, مثل الالـتزام والمسـؤولية والإنسـانية والتقدمية, وتشربت بنسغ وجدان الإنسـان العراقـي, وتبنـت قضاياه وهمومه وتطلعاته, حتى غدت بمثابة الضمير المستتر للفرد والمجتمع.

وانطلاقاً من هذا المبـدأ والمعيـار, حـافظت الثقافة العراقية على رصانتها ونصاعتها واستقلاليتها, بـالرغم من محاولات التدجين والتهميش والتسطيح, التـي مارستها رموز المؤسسة الثقافية الرسـمية التابعـة لمعظم الأنظمة والأحزاب التي سخرت الجهود والطاقات والامكانيات الواسـعة لاحتواء هذه الثقافة وتفريغها من محتواها الفني والجمالي, لغـرض مسخها وجعلها نسخة مشوهة من خطاب المؤسسة المؤدلـج.

وقد ثابر النظام السابق واجتهد في تكريس ما يسمى بـ (الأدب البعثي) طوال ثلاثة عقود, إلا إنه لم يفلح في مسعاه ولـم ينجـز بالتـالي سوى ركاما من الأدب الهزيل المتهافت الذي يثـير السـخرية والقرف لرداءتها, وبقي المثقف الحقيقي بمنأى عن مـهازل التطبيل والتدجيل, وأنف مكابراً الارتزاق والتكسب والمحابـاة وتفرغ لشغلة الثقافي, ومشاغله اليومية التي اثقلـت كاهلـه متيقنا من زوال الكابوس, وحالما بالغد المشرق وهو يدون مفردات الأمل والألم والحـب والغضـب فـي ذاكرة الناس وذاكرة الثقافة العراقية التي قـاومت الاخـتراق والاحتواء, لتزداد رونقاً وحيوية وبهاء.

وبعد 2003 تولى وزارة الثقافة مثقف شيوعي (مفيد الجزائري) لكن مشكلة هذا الوزير الطيب الدمث أنه لا يعرف الوسط الثقافي العراقي, بل لا يعرف حتى المثقفين الأفذاذ الذين أرسوا دعائم الثقافة العراقية الرصينة, كونه كان بعيدا عن العراق وتفاصيل المبدعين العراقيين, وكان جل كادره من الوكلاء والمدراء والمستشارين أناس غرباء عنا, لا نعرفهم ولا يعرفوننا.

كانوا موظفين ثقافيين بمؤهلات حزبية, فبعضهم من (العائدين) وبعضهم من (المغيبين) وبعضهم من (الانتهازين) المحسوبين على ثقافة الارتزاق والمداهنة, حتى غدت وزارة الثقافة بلا مثقفين وكأن شيئا لم يكن, وعدنا للمربع الأول, بل أكثر سوءاً ومحسوبية.
...
جريدة الأنباء 26 / 10 / 2003
جريدة الصباح 14 / 9 / 2004



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أرشيفي القديم 15
- سماحيات 24
- مسؤولية الكتابة
- اللغة المتعالية
- مسؤولية المثقف
- الفدرالية وازمة المصطلح
- بنية الحكاية في (تيمور الحزين)
- # الأدب و الفعل الإنساني # حين تتوقف الكتابة أمام اللغز الأب ...
- # شاعر وقصيدة # دع أمريكا تكن أمريكا
- الأدب والحياة
- # من أرشيفي القديم # 14
- هواة الأدب مهلا
- المبدع ومعادلة السعادة والألم
- مرثية الذات في الظل الأنيق
- النقد والإنصاف النقدي
- # من أرشيفي القديم # 13
- العولمة وأفق الثقافة
- وحشة منزل الأم
- النقد التهويمي
- نهاد التكرلي .. بقلم سامي مهدي


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - موظفون ثقافيون