أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - بنية الحكاية في (تيمور الحزين)














المزيد.....

بنية الحكاية في (تيمور الحزين)


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7079 - 2021 / 11 / 16 - 19:35
المحور: الادب والفن
    


يعد القاص المبدع أحمد خلف, أحد أهم الأسماء الفاعلة في مشهد القصة العراقية، ورمزاً من رموزها، ويقف بجدارة في طليعة كتاب القصة في العراق، متخذاً من الإنسان قضيته الأهم، وبالرغم من ولعه بالتجريب والمغايرة, فأنه ظل مخلصاً ملازماً لخصوصية تجربته, ولم تغره عوالم الكتاب الآخرين «بورخيس، وماركيز ، وايكو، وكاليفينو » الذين كانت لهم سطوة كبيرة على بعض معاصريه من الجيل الستيني، بقدر انجذابه للتاريخ، أعني تاريخه الشخصي وتاريخ أمته معا, وهذا ما نتلمسه عبر مجموعة «صراخ في علبة» ١٩٩٠ التي أعدها فاتحة منجزه الإبداعي, في حين جاءت مجموعته التالية «خريف البلدة» ١٩٩٥ متوجة ومكرسة هذه التجربة القصصية المميزة، لتحقق نجاحا فائق الأهمية في ربيع القصة العراقية، ولتشكل علامة فارقة في مسيرة القصة العربية, لما لهذه التجربة القصصية من خصوصية وعمق وحيوية.

وفي منتصف عام ٢٠٠٠، أي بعد خمسة أعوام من صدور مجموعته تلك، صدرت له مجمـوعة جـديدة بعنـوان «تيمـور الحزين» وتكاد تكون ملحقا للمجموعة السابقة آنفة الذكر وتنهج المنهج ذاته في استلهام التاريخ والموروث الحكائي عبر شخصيات معاصرة لا تمتلك زمام أمرها, وهي تقاوم قدرها من دون أن تصل الى غاية وجودها وكينونتها، فبطل قصص احمد خلف غالباً ما يكون شخصية مثقفة، أستاذاً أو كاتباً أو شاعرا، تعي ذاتها وتعاني تشظي هذه الذات في عالم مليء بالجور والقسوة والضياع، وهي مهشمة مهملة في الظل، منسية وحيدة حزينة، راضية بمصيرها المجهول دون أي احتجـاج.

فالأستـاذ بطل قصـة «الأستاذ» يعود دائما خالي الوفاض الى البيت، يرفض أن يرافقه أحد، يعتاش على خياله وأحلامه ويجترهما، وهو يدرك حجم الخراب الذي يحيط به، لكنه يحلم بغد آتٍ قريب، وهو وحيد وكئيب ومرصود, وحياته فانية, وهكذا نجد الأستاذ في قصة أخرى هي «المتسول» بالمواصفات ذاتها, وجل ما يخشاه أن يموت وحيداً في مدينة الحجر ولا يشيعه أحد، وهذا الأستاذ نراه في قصة ثالثة « كيد النساء في دفع البلاء » ينشغل عن هموم يومه الثقيل بسرد الحكايات والذكريات من ذاكرته ومن بطون الكتب «إنه يلفق حكايات» وما أن يبدأ السرد حتى يندغم في الحكاية، وبطـل الحكايـة، أي أن الشخصية الرئيسية تتلاشى في شخصية ثانوية, هي التي تقع على عاتقها كل المحمولات الفكرية والسياسية, وبعبـارة أخرى نستطيع القول، إن في قصص «تيمـور الحزين» ثمة راوٍ رئيسي يكاد يكون حياديا، وراوٍ ضمني يبث الخطـاب الرمزي، كما هو الحال في قصص «رنين، وحكاية عجيبة، وتيمور الحزين» فهذه القصص تنفلق بنيويا الى مسارين، مسار أفقي «القصة ـ الشخصية» ومسار عمودي «الحكاية - البطل» حيث تنبثق من القصة عادة حكاية، حكاية داخل حكاية، تتلبس أجواء الحكي ولغته بسياقها المعتاد مما يمنح القاص فرصة سانحة للبوح بما يثقل كاهل شخوصه لإدانة الواقع، واقع الحكاية، بنبرة ساخرة، والحكاية عند شخوص أحمد خلف القصصية هي وسيلـة لمقارعة الموت, والامساك بالحياة (سيهرب ملاك الموت إن تكلمتم) ص 36 و(صانع الحكايات, رجل يبيع الحب والسلوى) ص ٧٥
وللموت حضور مهيمن في قصص هذه المجموعة، فثمة شخص على وشك الموت وهو يروي تاريخه السري في قصة «رنين» وثمة أب يحتضر في المستشفى وهو يسرد حكاية حياته العجيبة في قصة «حكاية عجيبة» وثمة فتاة في السابعة عشرة من العمر, ستموت لا محالة قتلا، غسلا للعار في قصة «عين التمساح» والفتـاة تراهم يدفنون شخصا في حديقة المنزل في قصة «كل البيوت» وثمة رجل ميت يحملونه على الأكتاف ليهيمن على متن قصة «رجل فوق الاحتمال»

ويجعل أحمد خلف نهايات قصصه دائما مفتوحةً لا تجزم بأمر ما, بقدر ما تحتمل عدة دلالات، والمفارقة أن هذه الخواتم ترتبط بوجود كلب أو عدة كلاب (هو ذا محاصر بعشرات الكلاب تحدق به عن قرب وتوشك ان تطبق عليه في الحال) ص 16 «الأستاذ» و(أصبح المتسول والكلب يسيران معا، كرفيقين متـلازمـين دون خـلاص) ص ۳۱ «المتسول» و(كان الأولاد يجدون في المطاردة المستمرة للكلب، وهو يحاول الدخول الى أحد المنازل لينقذ جلده من الموت المحقق) ص ۱۰۸ «كل البيوت» و(لم أجد أخي ولم أر الكلب معه، ضاع صوتي في الريح لما ناديته وأختفى في الظـلام) ص ١٢٤ «رجـل فـوق الاحتمال»

وفي الختام أود أن أشيد بقصة «كل البيوت» الرائعة, وما تحمله من دلالات إنسانية, عالجها القاص, بوعي ثاقب واتقان شديد, وقد طورها وحولها الى رواية انتهى منها مؤخرا، أتمنى أن أراها مطبوعة بين دفتي كتاب في الأشهر القادمة لنقراها جميعا بشغف ومتعة.
...
جريدة العراق ٣٠ / ٣ / ٢٠٠١



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- # الأدب و الفعل الإنساني # حين تتوقف الكتابة أمام اللغز الأب ...
- # شاعر وقصيدة # دع أمريكا تكن أمريكا
- الأدب والحياة
- # من أرشيفي القديم # 14
- هواة الأدب مهلا
- المبدع ومعادلة السعادة والألم
- مرثية الذات في الظل الأنيق
- النقد والإنصاف النقدي
- # من أرشيفي القديم # 13
- العولمة وأفق الثقافة
- وحشة منزل الأم
- النقد التهويمي
- نهاد التكرلي .. بقلم سامي مهدي
- سياسة الجعجعة .. وثقافة الطحين
- هؤلاء في إبداع صلاح زنكنه
- ثقافة كاتم الصوت
- القصة القصيرة والصحافة
- عرض حال بصيغة سؤال
- الثقافة وشرط المثقف
- أدب الداخل .. أدب الخارج


المزيد.....




- الناشط علاء عبد الفتاح يفوز بجائزة -بن بنتر- الأدبية رغم سجن ...
- ثبتها الــــآن .. تردد قناة ناشونال جيوجرفيك لأعظم الأفلام ا ...
- الفائزة بنوبل للآداب هان كانغ: لن أحتفل والناس يقتلون كل يوم ...
- علاء عبد الفتاح: الناشط المصري يتقاسم جائزة -بن بنتر- الأدبي ...
- اعلان 1 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 167 مترجمة Kurulu? Osma ...
- -مندوب الليل- يحصد جائزة الوهر الذهبي واحتفاء بالسينما الفلس ...
- عفيف: من المؤسف ان بعض وسائل الاعلام في لبنان تصدق الرواية ا ...
- روسيا تسلم سوريا قطعا أثرية اكتشفها الجيش الروسي في تدمر
- الإمارات العربية إلى جانب 6 دول أخرى تشارك في مهرجان -أسبوع ...
- دور قبائل شرق ليبيا في الحرب العالمية الثانية


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - بنية الحكاية في (تيمور الحزين)