أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - ثقافة كاتم الصوت














المزيد.....

ثقافة كاتم الصوت


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7070 - 2021 / 11 / 7 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


سأستعير من الشاعر المصري (حلمي سالم) مؤلف كتاب " ثقافة كاتم الصوت" عنوانه الصادم, لأتطرق الى الموضوع نفسه، والذي يسلط الضوء على ظاهرة المنع والقمع والمصادرة في الثقـافة العربـية المعاصرة, منذ منتصف القرن العشرين والى يومنا هذا، بحجة المسـاس بـالدين الحنيف والأخلاق الحميدة, وما الى ذلك من تابوات مصطنعة وملفقة ومفبركة من قبل الجماعات الأصولية التقـليدية, المرتكنة الى أفكار القرون الوسـطي وظلاميتها، والتي تعد نفسـها مالكة ناصية الحقيقة المطلقـة، والناطقـة الرسمية باسم الذات الإلهية، والمخولة بالتالي بتنفيذ الأوامر والعقوبات بحق المارقـين والمرتدين من ذوي الأفكار المتحررة والآراء المناهضة لكل ما هو جاهزي وسكوني وبـليد، حـتى صار شـعار إلغاء الآخر واقـصائه ديدنهم الأزلي الأوحد, ولو بحد السـيـف وأزيز الرصاص، لفرض إرادتهم التي هي إرادة "المقـدس" ووجهة نظرهم التي هي وجهـة نظر "الجمـع الغفير" حسبما يرون، منطلقـين من قناعتهم التامة بقدسـية ما يعتقـدون - ويؤمنون، دون أدنى اعتبـار لناموس الحـياة البشـرية القـائم على مبـدأ الاختـلاف والمغايـرة والتجديـد، مستمدين شرعيتهم عبر العصور من الأنظمة الشـمولية الدكتاتورية والتوليتارية (الاحـادية النظر) والاتوقراطية (حـكـم الأقـلية) التي دعمت مجتمعة خطابـهم وروجته وسوقته لالتقاء مصالحهما المشتركة.

إن الثقـافة كونها نتاجاً معرفياً ذات اشكالية تحريضية، اضحت ومنذ تشكل الحضارات عبئاً وخطراً على السلطات السياسية والدينية والاجتماعية، وأن هذه السلطات عمدت على تكفير وتحريم واقصاء كل من يحاول المساس بحـرماتها وزعزعة ثوابـتها أو وخز وجدانها، وقد شنت عبر التاريخ, حملات تنكيل وابـادة أولئك الذين يخالفونها بـالرأي والرؤية والتفكير.

وقـد أورد المؤلف حلمي سالم عشرات الشـواهد, التي عززت منطق تكميم الأفواه ومصـادرة الآراء وقمع الاصوات, بدءاً من اغتيال المفكر الإســلامي (فرج فودة) ومصادرة رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، ومحـاكمة كتاب "نقـد الفكر الديني" لصادق جلال العظم، مرورا بـتكفير نصر حامد أبو زيد واقامة الحد عليه، وملاحقة سـيـد القـمني وخليل عبـد الكريم وترهيبـهما، وانتهاءً بتقـديم الفنان مارسيل خليفة, والقـاصة ليلى عثمان, والشـاعرة عالية شـعيب, للمحـاكمة بـدعاوى من المتطرفين الذين يحـرمون ويحـللون وفق ما يجتهدون ويفندون, لشـل الفكر الحـر والكلمة الجـريئة والفـن الرصيـن, وبالتالي تقييد حرية الإبداع وقمعها.

واليوم في العراق الجديد الذي لم يشف من جراحه بـعد والمبـتلى بدبابـات الاحتلال وتفجيرات الارهابـيين، وفي ظل فسحة الحــرية التي لم ننعم بـها, والديمقراطية التي لم نمارسها بشفافية، راح بعض المتحزبـين المتحجرين الذين كانوا حتى يوم أمس في سبـات عميق, وكأنهم دمى صماء، متواريـن خـلـف الحجرات، ويمشـون جنب الحـيطان لضمان السـلامة, يرفعون عقـيرتهم، يهددون وينددون بالمثقفين الأحـرار, الذين لم تسكتهم مقـاصل وزنازين الطاغية صدام وأزلامه.
الحزبيون الجدد اتخذوا من شـعار التعددية الحزبـية, وسيلة للتعددية القمعية، وراحـوا في غياب سلطة القـانون والفراغ الأمني, يصولـون ويجولـون، فارضين وصاياهم وأوامرهم على الناس تحـت سـطوة المسدس، فقـتلوا من قـتلوا وهددوا من هددوا من مثقـفين وصحفيين وعلماء وأسـاتذة جامعيين والحبـل على الجرار, حتى بتنا جميعا قاب قوسـين وأدنى من رصاصهـم الكاتـم للصوت، ناسين أن الثقافة هي ما يترسب ويترسـخ في ذاكرة الناس من قيم ومعارف ومواقـف، وأن هؤلاء الناس الذين عايشوا المحـنة, وذاقـوا اللوعة, لن يغفروا لهم خنوعهم وخضوعهم لأمر الواقع, حين كانوا يـتفرجون على المأساة عن بعد، في الوقت الذي قاوم المثقفون الحقيقيون الاستبـداد بـالكلمة الحـرة الصادقة.

وعلى الأدعياء الموتورين الواهمين الخائبين, أن يفهموا ويتفهموا ويستوعبوا جوهر الثقافة الحـرة الحقة الخصبة, إنما يقوم على مبدأ الحـوار والجدل والمناظرة, وليس على لهجـة الويل والثبـور, ولا تملق الآخر, واستجداء الولاء الكاذب، وفرض الوصايا, وعليهم أن يدركوا في النهاية, أن هذا الوطن للجميع ويتسـع لكل أطيافه, وليس لثلة من الانتهازيين والعملاء.
...
جريدة الصباح 22 / 5 / 2004



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصة القصيرة والصحافة
- عرض حال بصيغة سؤال
- الثقافة وشرط المثقف
- أدب الداخل .. أدب الخارج
- # أدباء المحافظات # 2
- الطريق الى بغداد .. طريق الى الإبداع
- الموت في وطن آخر
- الأمة العراقية
- # تحولات الفضاء السردي من واقعية المحكي إلى إيقاع التخييل #
- عبد الرحمن منيف .. كاتب وقضية
- دوستويفسكي عاشقا مغرما
- حالات حاتم حسن الغاضبة
- # قاب قوسين من المرأة #
- # من أرشيفي القديم # 12
- في الشأن الثقافي 3
- # من أرشيفي القديم # 11
- # من أرشيفي القديم # 10
- # من أرشيفي القديم # 9
- # من أرشيفي القديم # 8
- # من أرشيفي القديم # 7


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - ثقافة كاتم الصوت