أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - عرض حال بصيغة سؤال














المزيد.....

عرض حال بصيغة سؤال


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7068 - 2021 / 11 / 5 - 22:30
المحور: الادب والفن
    


تشعر أحياناً بالأسى والألم كونك كاتباً في زمن بات فيه فعل الكتابـة مثل اقتراف الإثم، وباتت حرفة الكتابة مهنة كاسدة (لا توكل خـبزاً) و (الكتابات) بضاعة بائرة لا تغري أحدا غيرنا, والمثقف أخر معنـي بـها, وبت تتهرب من الآخر البطر الذي لا يدرك سر اشتغالك واشتعالك بالكلمات, والذي سرعان ما يباغتك بسؤاله الاستفزازي السمج .. كم تقبض ؟

حقا كم تقبض جراء هذا الهوس وهذا الجنـون ؟ هـوس القراءة وجنون الكتابة، وأنت تستهلك كل هـذه الأوراق والصحـف والمجلات والكتب، وتحتسي عشرات الأقداح من الشاي ومثلها مـن فناجين القهوة, وتدخن السجائر تلو السكائر, وقد تحتسي بضع كؤوس من النبيذ مثلي, ليكتمـل طقسك الذي يشبه طقوس المتصوفة, وأنت تتجلى وتتسامى وتحـتـرق, لتتمخض عن قصيدة أو قصة أو مقالة .. فـكـم تقبـض ؟

ساعتها تغص بالمرارة, وتشعر بفداحة الأمر, وتتحسر على السنوات العجاف والسمان التي انفقتـها فـي نفـق الأدب والثقافـة والفكـر والصحافة, وأنت ترى أولئك الذين يحشون رؤوسهم الفارغة بالأرقام والصكوك والدنانير، ويقيمــون متـاريس الأرصـدة في المصـارف والبنوك, ويحشرونك على حافة الوطن.

لهم كل الترف والرفـاه والمبـاهج، سيارات حديثة وقصور فارهة، ونساء فاتنات وفنادق ومطاعم خمـس نجوم وعشرات الأقمار, وسهرات وليالٍ حمر ونهارات أكثر احمرارا, وضمائر ميتة.
ولك أنت ذو الضمير الحي, كل الجوع والفقـر والعوز، تقترض من الغد ساعات لترمم قوت اليوم، لك ان تعمل بقالا أو سباكا أو سائق تاكسي أو بائع كتب أو بائع قلم, أو تموت وأطفالك جوعا وذلا والله المعين.
أنت الكاتب البهي المتبختر بكتابتك، عليـك أن تسمو على الترهات، ولا تغرنك الدنيا ومباهجها، عليك أن تصمد حتى النهاية حيث لا نهاية غير نهايتك, ساعة لا ينفع النـدم، أنـت المكابر تصدأ وتنخر وتتفتت وتأمل عسى أن تصلـح حـال الدنيـا, والعمر يأفل والأحلام تذبل والرغبات تهمد, والحياة تفلت وتتسـرب من بين يديك كمحض سراب.

يا للهول ! ترى من يقَوّم ويقدر جـهدك وكدك ولوعتك, وأنت تشتغل وتنحت بالكلمات مملكة الجمال والخيـال والبهاء, وتشحذ ذاكرة الإنسان والوطن والتاريخ, بـالأمل والحـب والرفعة, وتسعى لصيانة كرامة الإنسان وحريته وعزته، وتسهم فـي وضع دعائم الحضارة الإنسانية, وتجاهد لصنع غـد أكـثـر صفـاء واشراقا وبهاء، كونك أدبيا ومثقفا ومفكرا, بل ومسؤولا من طـراز خاص تقف في طليعة المجتمع، وأنت جائع، حائر بـأمر يومـك، شارد الذهن من فرط الهموم والضغوطات.

أجل, ماذا بوسعك أن تفعل, وأنت متعب ومستلب ومكتئب ؟ غير أن تتأفف وتتذمر, وبالتالي أن تتمرد حين تضيق بك السبل لتحقق شرطك الإنساني، ماذا بوسعك أن تفعل ؟ أيها الأبي الجلد المغوار, حين يحيط بك البؤس, ويزحف عليك الخراب, وتدهمك الكارثة, فتجد نفسك من حيث تدري أو لا تدري, منفيا مغتربا مهانا، غير أن تصرخ وتجار وتزأر لا ، لا ، لا .. ومن الـلاءات تولد الأسئلة, ويبتدئ الاحتدام وتكون الكينونة.
...
جريدة الزمن 25 / 4 / 2000
جريدة النهضة 6 / 5 / 2004



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة وشرط المثقف
- أدب الداخل .. أدب الخارج
- # أدباء المحافظات # 2
- الطريق الى بغداد .. طريق الى الإبداع
- الموت في وطن آخر
- الأمة العراقية
- # تحولات الفضاء السردي من واقعية المحكي إلى إيقاع التخييل #
- عبد الرحمن منيف .. كاتب وقضية
- دوستويفسكي عاشقا مغرما
- حالات حاتم حسن الغاضبة
- # قاب قوسين من المرأة #
- # من أرشيفي القديم # 12
- في الشأن الثقافي 3
- # من أرشيفي القديم # 11
- # من أرشيفي القديم # 10
- # من أرشيفي القديم # 9
- # من أرشيفي القديم # 8
- # من أرشيفي القديم # 7
- # من أرشيفي القديم # 6
- # من أرشيفي القديم # 4


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - عرض حال بصيغة سؤال