أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - وحشة منزل الأم














المزيد.....

وحشة منزل الأم


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7072 - 2021 / 11 / 9 - 20:40
المحور: الادب والفن
    


العزلة والوحشة والكآبة والهجر، تلكم هي مفردات الدلالة ومفاتيح (منزل الأم ) مجموعة زعيم الطائي القصصية والتي تتألف من تسع قصص قصيرة هي حصيلة عشرين عاماً بعد مجموعته الأولى (الشرفة) سبع منها كتبت بضمير الغائب (هو) حيث يكون الراوي العليم محايدا في سرد الأحداث والوقائع، واثنتان بضمير المتكلم (أنا) المشارك والفاعل في السرد القصصي، تبدأ (المداخل) الأسطر الافتتاحية عادة, بجمل فعلية (تقدمت الفتاة، سيقف هناك، غادرت الحافلات، توقف الصبي, تحملني قدماي) مما تمنح القصص ديناميكية الحركة واستمرارية الحدث والحضور الآني للشخصية القصصية، لولا الوصف الفائض الملازم للأشجار والزهور والحشائش والحدائق الذي يطبع بعض القصص بطابع الجمود والسكون, ذلك لأن الوصف (يلائم الأشياء التي توجد بدون حركة، وينصب عليها من حيث هي مناظر، وغاية الوصف في تعليق لمسار الزمن وعرقلة تعاقبه عبر النص السردي) كما يؤكد الناقد الدكتور عبدالملك مرتاض.

يرسم القاص زعيم الطائي عبر نصوصه القصصية لوحات قاتمة, لأناس وحيوات متفردة في وحدتها وعزلتها، مسربلة بالهموم والكوابيس، تجاهد من أجل خلاصهما بلا جدوى (أشعر أن كل شيء داخلي يتهاوى ويتفتت، بكاء بكاء، أنه البكاء نفسه الذي أسمعه كل يوم) ص 7 (مريم تعالي معي، أنا خائف، كل أحلامي مخيفة في الليل) ص ٤٨ (أشعر بكل أسف، أن توقعاتي قد توقفت وانتهت رغباتي) ص ٥٩ (لقد فات الأوان، الذكريات تأخذ عقلي، لا تترك فيّ سوى الهذيان، أرجو أن تتحمل صوت عذابي) ص ٧٠
الوحشة بمتاهتها ولوعتها وقسوتها, هي الثيمة المتمركزة والراسخة في جميع القصص بشخوصها الضائعة الحالمة الحزينة في أجواء العزلة والانعزال، هذه الشخوص التي تعيش على الهامش, بلا أسماء ولا أماكن ولا تاريخ ولا آمال, وهم غالبا مسنون متعبون ملولون, فقدوا رغباتهم, وارتضوا بالخسارات معتقدين أن السعادة مجرد وهم, وأن الحياة دوامة سيزيفية.

ترد مفردة (وحشة) في سياق العديد من القصص مثل (ستغمره الوحشة) ص ١٢ و (بساتين العزلة الموحشة) ص ١٨ و(سوف تتسرب الساعات بالوحشة) ص ۷۸ .. بل أن قصة (الأقمار الورقية) تنتهي بهذه الجملة (يا للعزلة التي لا تنتهي، يا للوحشة) ص 68
كما أن اللونين الأصفر والأسود بكل ما يحملانه من رموز ومدلولات, هما اللونان الطاغيان في قصص المجموعة، فـ (أوراق الأشجار مصفرة) في (منزل الأم) وساتان المرأة لونه أصفر والزهور صفر في (معبد الشجرة) والصبية (ترتدي وشاحا أصفر, والحمامات زغبها أصفر والاصفرار يعلو الخدود) في (باب الغزلان) و(الفراشات صفر) في (الأقمار الورقية) حتى (المقاعد صفر) في (كل شيء هادئ الآن) وهكذا اللون الأسود حيث الفتاة (ترتدي ثياب الحداد) في (منزل الأم) والأم تتشح بالسواد في (كل شيء هادئ) وبطل قصة (ساحات الليل) معطفه أسود.
وتدخل الموسيقى كعامل من عوامل الوحشة أو كمحفز لها، فالفتى الذي يعزف على آلة الهارمونيكا يشعر هو وحبيبته في اثناء العزف وكأنهما يستمعان معا (لخفق أجنحة الموت، وصرخات المطعونين، والأجساد المثقوبة الدامية) ثم يتحول صوت الآلة الى (حشرجة القنابل التي تشق الهواء مريرا داميا) في (منزل الأم) وصوت المغنية الذي ينطلق من (جهاز الفونغراف يجعل المستر طومسن أن يسترجع ذكرياته، ويراوده شعور ممض) في (معبد الشجرة) والمرأة في قصة (ممر البعوض) تستمع الى موسيقى (بعيدة ورأسها مملوء بأصوات ونداءات غامضة) وفي قصة (الأقمار الورقية) يرتبط صوت الكمان (الذي ينبعث من مكان بعيد) بالحالة النفسية للشخصية, فكلما تفاقمت حالته (كلما اشتدت انغام الكمان وغطت على كل شيء)

حتى مسرح أحداث القصص أو الامكنة المفترضة, توحي بالوحشة أو الفرار منها مثل الحدائق العامة (منزل الأم، والاقمار الورقية, وممر البعوض، من أجلك أحلم هذه الأيام) والعراء والربوة في (شجرة المعبد، وباب الغزلان) ومحطة القطار والفندق في (كل شيء هادئ، وساحات الليل) والقصة الوحيدة التي فيها منزل بلا أسرة هي قصة (الملكة الأخيرة)

لم يكن هاجس الحرب ببعيد عن اشتغال القاص، وقد تمثل هذا الهاجس في قصتين بديعتين (منزل الأم ، وباب الغزلان) حيث تنتهي القصة الأولى بهذه العبارة الموحية (وجدت نفسها تبكي بحرقة صامتة، وهي تشم رائحة الموت المنبعثة من ثيابه) وقد استخدم القاص في أكثر من موضع تقنية السيناريو أو عين الكاميرا, ليلتقط صوره ومشاهده وينقلها على الورق بذكاء فنان متمرس ومتمترس بالخبرة والتجربة, عبر لغة بسيطة سلسة, متجنباً الحشو والاطناب, عدا بعض الجمل والعبارات الوصفية الطويلة.
(منزل الأم) مجموعة قصصية مهمة, جديرة بالمتابعة والاهتمام, وهي اضافة نوعية تضاف إلى رصيد الإبداع العراقي.
...
جريدة الثورة ٢٥ / ٥ / ١٩٩٨



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد التهويمي
- نهاد التكرلي .. بقلم سامي مهدي
- سياسة الجعجعة .. وثقافة الطحين
- هؤلاء في إبداع صلاح زنكنه
- ثقافة كاتم الصوت
- القصة القصيرة والصحافة
- عرض حال بصيغة سؤال
- الثقافة وشرط المثقف
- أدب الداخل .. أدب الخارج
- # أدباء المحافظات # 2
- الطريق الى بغداد .. طريق الى الإبداع
- الموت في وطن آخر
- الأمة العراقية
- # تحولات الفضاء السردي من واقعية المحكي إلى إيقاع التخييل #
- عبد الرحمن منيف .. كاتب وقضية
- دوستويفسكي عاشقا مغرما
- حالات حاتم حسن الغاضبة
- # قاب قوسين من المرأة #
- # من أرشيفي القديم # 12
- في الشأن الثقافي 3


المزيد.....




- أهم عشرة أفلام تناولت الانتخابات الرئاسية الأمريكية
- مسلسل العبقري الحلقة 4 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على ...
- البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من ...
- البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل ...
- -لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم ...
- بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب ...
- إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
- فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
- -حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - وحشة منزل الأم