أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - مرثية الذات في الظل الأنيق














المزيد.....

مرثية الذات في الظل الأنيق


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7074 - 2021 / 11 / 11 - 21:36
المحور: الادب والفن
    


عرفت الشاعر "زهير بهنام بردى" عام 1982, في خضم معركة شرق البصرة الأولى في قاطع الشلامجة، ومنذ ذلك الحين انطبعت صورة «الشاعر» اليوتيبية في ذاكرتي، تلك الصورة التي رسمتها مخيلتي عبر قراءاتي لشعراء من طراز رامبو وديلان توماس وحسين مردان, لتتجسد في سحنة زهير وملامحه حيث الألفة، واللامبالاة، والعبث، والحزن، والسخرية, والحب أيضاً، فتقاسمنا القصائد والقصص، وتقاسمتنا القنابل والرصاص في جلجلة الحرب وزمجرة المدافع.

وميزة زهير أنه يكتب الشعر, كما يعيش الحياة, من دون رتوش وزركشات وفذلكات، ولا يدعي أكثر مما هو فيه، بقدر ما يحاول أن يكتب قصيدته الخاصة منذ أكثر من عشرين عاما، وتأتي مجموعته الشعرية «ظل أنيق لشكلي» الصادرة عن دار الشؤون الثقافية، مؤكدة هذه الخصوصية الي حد ما, عبر تجربته الشعرية التي امتدت زمنا طويلا.

ظل جد أنيق / يدخل شكلي وأنا فيه مقص / أبتر بشفرة النعناع أعضائي / وأعلقها بالمسمار على خشب أبيض / لقداسة روحي. ص 22

مستمداً رموز هذه التجربة من الإرث المسيحي الذي يشكل الإطار المرجعي والمعرفي المهيمن على ذاكرة الشاعر، إذ حفلت قصائد مجموعته بعشرات المفردات ذات الجذر المسيحي مثل (قداس، وقيامة، وروح، وعماد، وخطيئة، وصليب، ومزامير، وتراتيل، وكهنة، وأجراس، واصحـاح) يوظفها بقصد «شعري» أو غير قصد في سياق ترنيمة رثائية للذات، ذات الشاعر كونها بؤرة البؤس والألم والمعاناة، متخذاً من مفردات (المـوت، والقبر، والنعش، والرماد، الرخام، والعظـام، والجماجم، والتمائم، والقباب، والتعاويذ) قاسما مشتركا لقاموسه الشعري في جل هذه القصائد, التي كونت بمجملها مرثية حزينة للحياة والإنسان والوجود برمته، جاعلاً من ذاته «الشاعرة» مركزاً لهذه الأشياء كلها.

هيكل من عظام / في رخام / يلاحقني بتراب قديم / ويطلق روحاً نحيلة / فيدحرجني نحوهُ ثم يغسلني / أسفل الغيم والموت. ص 13

وهاجس الموت بكل جبروته ولا أباليته ولا منطقيته، يشكل لحمة شعر زهير بهنام وسداه، حتى أنه يكاد يكون الثيمة الأساسية لهذه التجربة.
جسد / بعد الموت / يقوم / فيرفع عنه رخام القبر. ص 8

وفي موضع آخر, من قصيدة أخرى, يفصح ويصرخ متحديا الموت برشاقة شاعر.
بي رغبة, أن أركض, قبل الموت, الى قبري. ص 29

ولأن زهيراً, خرج كأقرانه الشعراء والأدباء من معطف الحرب, مزهوا بفتنة الحياة, التي تغمره بالدخان والغبار والرماد، لذا حملت قصائده نكهة الأسى والتأسي.
هذا رماد شديد الاشتعال / وتلك فاجعتي / شديد الهدوء. ص 33

وهو يكابر أحيانا, ويسخر ويهزأ بالموت, في محاولة لتجاوزه, والحط من جبروته.
أنا أوسع من مكاني / فمن سيرتب هذه الأرض / لتسع هيكلي. ص 27

لكنه في نهاية مطافه الشعري الأنيق, وعبر ترنيمة كنائسية شجية, وبالرغم من كل شيء, يرثي كل الأشياء, لأنها آيلة إلى الرحيل والزوال, إلا الحب والكلمات (في البدء كان الكلمة, والكلمة كان عند الله, وكان الكلمة الله) إنجيل يوحنا.
كل شيء / سوف يرحل / ببساطة / أنا والفضة / أنت والحمار / الملك وحفار القبور / الصحة والسرطان / المقاعد والسلالم / الصوت والحجر / الأبواب والفراغات / السماء وكل الطيور / المساء وضوء العيون / كل شيء / سوف يرحل / إلا الحب والكلمات. ص 45
قصائد هذه المجموعة, هي في مجملها قصيدة واحدة, بوح وجداني أنيق, ورثاء ذاتي عميق.
...
جريدة العراق 24 / 2 / 2001



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد والإنصاف النقدي
- # من أرشيفي القديم # 13
- العولمة وأفق الثقافة
- وحشة منزل الأم
- النقد التهويمي
- نهاد التكرلي .. بقلم سامي مهدي
- سياسة الجعجعة .. وثقافة الطحين
- هؤلاء في إبداع صلاح زنكنه
- ثقافة كاتم الصوت
- القصة القصيرة والصحافة
- عرض حال بصيغة سؤال
- الثقافة وشرط المثقف
- أدب الداخل .. أدب الخارج
- # أدباء المحافظات # 2
- الطريق الى بغداد .. طريق الى الإبداع
- الموت في وطن آخر
- الأمة العراقية
- # تحولات الفضاء السردي من واقعية المحكي إلى إيقاع التخييل #
- عبد الرحمن منيف .. كاتب وقضية
- دوستويفسكي عاشقا مغرما


المزيد.....




- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - مرثية الذات في الظل الأنيق