أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - # الأدب و الفعل الإنساني # حين تتوقف الكتابة أمام اللغز الأبدي














المزيد.....

# الأدب و الفعل الإنساني # حين تتوقف الكتابة أمام اللغز الأبدي


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7078 - 2021 / 11 / 15 - 21:36
المحور: الادب والفن
    


ثمة سؤال سرمدي أبدي يلاحقنا دوما، ترى ما جدوى الكتابة؟ ولماذا نكتب؟ ومن أجلِ ماذا؟ ولمن؟ وهل هناك من يقرأ لنا, ويصغي لنبض كلماتنا؟ أنها لأسئلة محيرة وطالما حاول المفكرون والنقاد حل هذا اللغز ولم يتوصلوا الى نتيجة نهائية.

إن الأدب معرفة تراكمية لا يلغي أخره أوله، بل يزيده حيوية ويضيئه اشعاعاً, كمتوالية أُفقية, منذ ملحمة كلكامش وحتى الآن، وما كان يؤرق شكسبير وتيشخوف مازال يؤرقنا، الهاجس واحد، والأغنية ذاتها, نؤديها بطرق متنوعة.

الكتابة ـ جل الكتابات الإبداعية - باختصار شديد عملية توكيد للذات، حالة انفعالية وقلق خلاق, ووعي ثاقب لكائن فائق الحساسية, يكنى بالأديب, أداته الكلمات, ورأسماله الخيال الذي هو (السمة الفارقة للإنسان كونه كائناً يتقدم) حسب "كولردج " وبما أن الأدباء كائنات ممسوسة بعض الشيء، أو فيها شيء من المس، فلابد أن تلجأ الى البوح، لأن البوح عملية تنفيسية تطهيرية, عن كل ما يعتمل داخل الإنسان من هواجس وأفكار ورؤى, وما يدهمه من مشاعر الخوف والحب والحزن و و و.

فخلف كل نصٍ, نصٌ آخر، ولكل نص منجز نص مفترض، فالقصة التي حاكتها مخيلة قاص حاذق, لها بلا شك أرضية واقعية لا يحيد عنها, لأن العمل الأدبي - مصدره الواقع وتأثيره في الواقع، لكنها ليست بالضرورة واقعية, مهما كانت قوتها التعبيـريـة- كما يقر روجيه غارودي.
إذن ثمة حافز ودافع وراء هذا الواقع, هو الرغبة في البوح, كون أبطال الكاتب ما هم سوى (أقنعة يروي من ورائها قصته) حسب میشال بیتور .

إن الأدب فعل إنساني متفرد, وموقف من الحياة والناس والواقع والوجود, وهو قدر أولئك الحالمين الخياليين الافذاذ, الذين يعتقدون أن الحياة حكاية يرويها معتوه، لكن لا أحد يصغي ولا أحد يصدق سواهم أو المجبولين على شاكلتهم، مخبولون مفتونون بأوهامهم وأحلامهم وعوالمهم التي لا تشبه عالمنا الصلب الصلد الصقيل، البارد الجاف الجائر .

نحن معشر الأدباء, قوم مهشمون، مهمشون، معزولون, ومثخنون بالجراح والجمال, لكننا نتفرد بامتياز بحس إنساني, وبهذا الحس نتحدى كل الهول, وكان بلزاك على حق حين كتب الى أخته لور (ليحيا البقالون, فأنهم يبيعون طوال النهار, ويحصون في الليل أرباحهم، ويسعدون، لكنهم ينفقون وقتهم بين الجبن والصابون، ليحيا الأدباء فانهم جميعاً مملقون من المال وأغنياء بكبريائهم فقط)

لكن ما جدوى الكتابة في هكذا زمن إزاء الجوع والدمار والموت ؟ أتساءل بحرقة ما جدوى الكتابات الماسخة الباذخة الباهتة, التي تناغي وتدغدغ, وتتعامى عن الحقيقة, وتتعالى على الواقع والهم الإنساني.

مساكين أولئك الذين يلجأون الى الأساطير والحكايـات وينبشون في بطون التاريخ, بحثاً عن مادة تلهيهم عن صخب وعنف ما يحيط بهم, صحيح أن الكتابة فعل ذاتي وجداني فرداني يخص الأنا ويعني بالآخر, لكن الكتابة مسؤولية كبرى, والكاتب مسؤول من طراز خاص .. هل يتفرج بهدوء من برجه العاجي على عالم يمور ويغور، عالم غير متوازن، عالم مجنون أجوف، أم يجهر بصوته ويسمي الأشياء بأسمائها, ويملأ الدنيا صخبا وصراخاً, صراخ الفرسان الشجعان؟ !

أوليس الأدب (فعلاً اجتماعياً لإنسان منعزل) كما يذهب الشاعر (ييتس) أوليست الكتابة قتالاً نبيلاً ضد ذلك الوحش الذي يسمونه العبث (المتولد من التصادم الناتج عن هذا النداء الإنساني عندما يصطدم بصمت العالم اللامنطقي) كما يؤكد ألبيركامو.

لا يملك الكاتب الرصين, سوى وسيلة واحدة لمواجهة بشاعة الواقع, هي الكتابة الرصينة آلة الرصد والكشف والاحالة، بما يحيا وبما يكون .. فطوبى له, وهو يكالب زمناً عسيراً لأنه ابن مجتمعه, لكنه لا يمثل بالضرورة ايديولوجية ذلك المجتمع، أنهُ متنافر معها، متمرد عليها، غير مطمئن لها .. أنه شاهد حقيقي على عصره وشهيد ازلي له.
...
جريدة الثورة 2 / 1 / 1998
جريدة الصباح 7 / 12 / 2003



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- # شاعر وقصيدة # دع أمريكا تكن أمريكا
- الأدب والحياة
- # من أرشيفي القديم # 14
- هواة الأدب مهلا
- المبدع ومعادلة السعادة والألم
- مرثية الذات في الظل الأنيق
- النقد والإنصاف النقدي
- # من أرشيفي القديم # 13
- العولمة وأفق الثقافة
- وحشة منزل الأم
- النقد التهويمي
- نهاد التكرلي .. بقلم سامي مهدي
- سياسة الجعجعة .. وثقافة الطحين
- هؤلاء في إبداع صلاح زنكنه
- ثقافة كاتم الصوت
- القصة القصيرة والصحافة
- عرض حال بصيغة سؤال
- الثقافة وشرط المثقف
- أدب الداخل .. أدب الخارج
- # أدباء المحافظات # 2


المزيد.....




- مــوقع وزارة التعليم العالي لـ نتائج المفاضلة سوريا 2024 moh ...
- وصفها بالليلة -الأكثر جنوناً- في حياته.. مغني أمريكي قطع حفل ...
- إختتام مهرجان قادة النصر الأدبي والفني والإعلامي الرابع في ب ...
- صربيا.. قبر تيتو في قلب الجدل حول إرث يوغوسلافيا
- بغداد العريقة.. جهود لإزالة الغبار عن قلب المدينة التاريخي
- صورة لفنان عربي مع مدون إسرائيلى تثير جدلا
- مسرحي أنباري: إهمال الجانب الفني بالمحافظة يعيق الحركة الإبد ...
- الأفئدة المهاجرة التي أشعل طوفان الأقصى حنينها إلى جذورها
- بعد رحلة علاج طويلة.. عبدالله الرويشد يعود إلى الكويت الأسبو ...
- قطر.. افتتاح مركز لتعليم اللغة الروسية في الدوحة


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - # الأدب و الفعل الإنساني # حين تتوقف الكتابة أمام اللغز الأبدي