أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - # من أرشيفي القديم # 14















المزيد.....

# من أرشيفي القديم # 14


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7076 - 2021 / 11 / 13 - 21:45
المحور: الادب والفن
    


# صلاح زنگنه والحداثة والتجريب #
سعد محمد رحيم

قد يبدو غريباً أن يلتزم قاص مثل (صلاح زنكنه) يرفـع أكثر شعارات الحداثة جرأة وخطورة, أن يلتزم بأهم تقاليد القص الكلاسيكية في كتاباته, فلغة صلاح لغة واضحة جليـة, وجمله في الغالب مألوفة، وأحيانا يستعير حتى الجمل الجاهزة, ومنظومته السردية تشتغل وفق آليات الوحدات الأرسطية الثلاث (البدايـة, الوسط ، النهـايـة) من دون تـوازيـات أو تداخلات أو تقاطعات حادة, فحدثه بتقدم في مسار مستقيم, أي أنه يتبنى شكل الحكاية المتراصة، المترابطة الأجـزاء كما في قصص (وحشـة، الكابـوس، وداعاً أيتهـا الأرض، والـوهم) وغيرها.

وأهم من كل هذا فأن صلاح زنكنه يتكلم عن الإنسان, في الوقت الذي طرد فيه الحداثويون الإنسان خارج منطقتهم النصية وألقوه في الهامش, جاعلين المركز من حصة الأشياء. فـالإنسان حاضر في جميع قصص مجموعته, وقصته هي قصة الإنسان في محنته الفكرية والنفسية والوجودية.
وإذا كانت هذه من سمات قصص صلاح زنكنه فكيف يمكننا وضعه تحت مظلة الحداثة.

إن حداثة صلاح زنكنه تكمن في ...

1- اختصاره العالم في حدث عابر صادم, الجزء الذي ينبأ عن الكل الكبير, واضعاً إياه تحت مكرسكوب دقيق وجاعلا إيانا (نحن القراء) في زاوية الرؤية التي يكون ازاءها المرئي في أقصى حدود سعته ووضوحه وحركته المعلن.

2- شخصياته التي بقدر ماهي موجودة وراسخة, هي على حافة العدم واللارسوخ بقلقها واضطرابها وتناقضاتها ولا يقينيتها, فهي تحس بأنها أبدا في موضع الاتهام والتهديد, وأنها هالكة لا محـالة, حتى من دون ذنب جـلي في حلقـة الاضطهـاد والمـوت الجهنميـة .. أنهـا شخصيـة هـذا العشر الأخـير مـن قـرنـنـا (الشخصية اللاشخصية) المعزولة والهائمة والمنزوعـة من جذورها، والهاربة في اللااتجاه، والـلابطوليـة حد الفجيعـة والمأساة, أنـه الـلابـطـل في المـأسـاة الـجـديـدة, كـمـا تـرسم سيناريوهاتها وتديرها مؤسسات الهيمنة الظاهرة والخفية في عالمنا التعيس.

3- حدثه بمفاجآته وغرائبيته ومفارقاته ودفقه السريع, الذي ينحدر من دون هوادة نحو القاع الصلب, حيث يحصل الارتطام والانفجار والتشظي, ومن ثم الهمود الذي يخلف مشاعر الحيرة والأسف والأسى, كما لو أن الذي ضاع لن يعثر عليه مرة أخرى, والى الأبد.

4- وصلاح يبني قصصه وفق نسق المتوالية, فالكائن الصغير الذي يولد من رأس الأستاذ فكري عبد الخالق في قصة (كائنات صغيرة) سرعان ما يجد له أقرانا يتكاثرون حتى لا تجد بيتا يخلو منهم. وفي قصـة المتواليـة يخبرنـا الراوي بـأنـه سيودع الفقر والبؤس والحرمان لأنه عثر على حقيبة مملوءة بالدنانير فراح يردد (أنا سيد الكون، أنا ملك العالم، أنا رجل غني، أنا .. أنـا) لنراه أخيراً هكذا (وتكومت قرب الرصيف, وثمة رجل حمل الحقيبة وراح يردد ـ أنا سيد الكون، أنا ملك العالم، أنا) ونجد نسق المتوالية في قصص أخرى مثل (قيامة الغبار وقيامة الدم)

5- قصة صلاح زنكنه يخفي أكثر مما يقول في مبناه الحكائي .. إن امتداداً هائلا من اللا مصرح به يتخفى خلف أفق قصة وكذلك حشد عظيم من الأسئلة، فقارئ صلاح زنگنه لابد له أن يتساءل, وأن ينغمس في شبكة من الأسئلة بعدما يفرغ من قراءة مجموعة (كائنات صغيرة)
عالم كائنات صغيرة هو عالمنا نفسه، وأسئلة كائنات صغيرة هي أسئلتنا, وزمانها هي زماننا, وشخصياته هي شخصياتنـا وحيواتهم ومصائرهم وموتهم هي حيواتنا ومصائرنا وموتنا, كون كائنات صلاح الصغيرة, هي كائنات العزلة والدهشة والاغتراب.

6- ففي حدث عابر يتجسد العالم وحركتهُ ليكتسب قوة الإثارة، فيحس الملتقي من الدفق الأول المباغت لهذا الحدث بفكرة مشحونة تحت السطح تنفجر في لحظة قابلة فتتشظى, وتصير الشظايا كلمات في فضاء واسع نقي، تتشكل كما الفسيفساء وتثبت زاهية ورائقة وصادمة أيضاً, تلك هي قصة صلاح زنگنه, كوة صغيرة ننظر منها الى الكون المهيب ووجود الإنسان الغامض فيه.

7- واحدة من ستراتيجيات صلاح زنگنه النصية هي بث الدهشة، ولذلك فهو منذ البدء يُهيء القارئ للامتوقع, فالقارئ يبقى في مستوى حاد من الشد والترقب إلى أن تفجر الجملة الأخيرة كل شيء مخلخلا المنظومة المستقرة للذهن - ذهن القارئ - وواضعاً إياه أمامِ سؤال واخز أو سلسة متناسلة من الأسئلة الواخزة .
مثل هذا النص يتطلب أسلوباً رشيقاً .. جملاً خبرية قصيرة مقتصدة تبتعد عن الترهل .. فقصة صلاح زنگنه لا تحفل بالتفاصيل, إنها قصة (كليانية) إن صح التعبير، تتعامل مع الظواهر الكبرى وتتحرش بالقيم والمفاهيم والأُسس والتقاليد.

8- كائنات صلاح زنگنة معزولة طوال زمن القص .. تواجه مصيرها وحدها من دون سند من الخارج و من دون معين، وحتى دون أمل في مجيء سند او معين, العزلة تجعل علاقة الفرد بالعالم ذات طابع إشكالي، إذا تضع الفرد مراقبا حياديا لما يجري، أو تورطه على حين غزة في موقف من غير اختباره في الغالب.
إن المعزول لا يرى العالم إلا مفككا في صور متناثرة هنا وهناك كما حصل مع بطل هنري باربوس في روايته (الجحيم) عندما كان يراقب العالم من ثُقب في جدار.

لقد اضحت حياتنا في هذا العقد الأخير من القرن العشرين, عبارة عن صورة مجزأة غريبة، لكل صورة استقلاليتها كما تبدو، لا تربطها بالصورة المجاورة أي رباط سوى إنها - أي صورة - تشكل في النهاية إطاراً سريالياً صادماً, وأظن أن هذا الأمر هو الذي جعل القاص يلجأ الى هذا النمط من القص, والذي أشبه ما يكون بسباق المسافات القصيرة, حيثُ يكون ضرورياً التوثب منذ البدء وسرعة الإيقاع والحسم المباغت.

9- صلاح زنگنه في أكثر قصصه, لا يتمرد على تقاليد القصة, فقصته قصة حدث واحد متماسك, حدث يتكون من وحدات متتابعة، مترابطة، يبدأ من نقطة متعينة ويتصاعد باتجاه نقطة أُخرى أعلى .. هذا ما نجده في قصص (كابوس، وحشة، القيد) وفي معظم قصصه, لا يجرؤ الشبح الحداثوي على التوغل بلا ضابط في حقل اللغة - مكونات وسياقات - ولكنه يدخل الفضاء العام للقص ويشيع فيه المناخ الحداثوي.

وفيما عدا بعض النصوص التي لا تنتمي في اعتقادي الى فن القصة مثل (البقرة عاطلة والعالم مشغول) فيما عدا هذين النصين وغيرهما قليل, فأن صلاح لا يغالي في التجريب, ولا يجازف بتحطيم اللغة أملا في اكتشاف ما، مثلما يجازف الآخرون اليوم, والذين في الغالب لا يصلون الى أيما اكتشاف سوى جر القارئ إلى متاهة مظلمة.
...
مجلة الشباب / العدد 27 ايار 1996
جريدة الجمهورية / 1996



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواة الأدب مهلا
- المبدع ومعادلة السعادة والألم
- مرثية الذات في الظل الأنيق
- النقد والإنصاف النقدي
- # من أرشيفي القديم # 13
- العولمة وأفق الثقافة
- وحشة منزل الأم
- النقد التهويمي
- نهاد التكرلي .. بقلم سامي مهدي
- سياسة الجعجعة .. وثقافة الطحين
- هؤلاء في إبداع صلاح زنكنه
- ثقافة كاتم الصوت
- القصة القصيرة والصحافة
- عرض حال بصيغة سؤال
- الثقافة وشرط المثقف
- أدب الداخل .. أدب الخارج
- # أدباء المحافظات # 2
- الطريق الى بغداد .. طريق الى الإبداع
- الموت في وطن آخر
- الأمة العراقية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - # من أرشيفي القديم # 14