صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 7075 - 2021 / 11 / 12 - 21:53
المحور:
الادب والفن
الهوى عشق وجنون وهوس ,والهاوي عاشق مجنـون مهووس, وحين يهوى الهاوي يهيم ويبتلي ولا يرى سوى ما يهواه.
وهواة الأدب كثر كثار, ينشئون القصائد ويحيكـون القصص ويدبجون المقالات, ويؤمنون ايمانـاً مطلقـا بمـا ينجـزون, ويعتقـدون فـي دخيلتهم أن كـل ما يخطونـه ويخربشونه هو جدير بالاهتمام والنشر والتسويق, وعلينـا جميعا أن نرضى راضخين, ونتفهم صـاغرين, عبقريتهم الفذة المنفردة, وإلا غدونا أعداء الأدب والإبداع والتجديد.
والهواة عادة يقلدون ويستنسخون ويأسرون بما ليس لـهم, ويعدون ذلك إبداعا ثمينا, لا يجارى في رصيدهم الخاوي, وهو يبز إبداع المبدعين أجمعين.
الهواة حتى وإن كانوا حقيقيين صادقين, إلا إنهم يتوهمـون بما يصورون لأنفسهم, ذلـك لأن أدواتـهم غير مكتملـة, ورؤاهم ضيقـة وأرضيتـهم رخـوة, وثقافتـهم ناقصـة, ومرجعيتهم الفكرية ضعيفة, لذا تجيء كتاباتهم فجة غـير ناضجـة وغير مستساغة فنيا, كون الفن والخبرة والدراية والدريـة والحرفة عصب الإبداع.
وبالرغم من النصائح والارشـادات والاضاءات, التي تقدم الى هـؤلاء المهووسين بنتاجـهم الأدبي من أجل الارتقاء بنصوصهم (التعبانة) التـي تشـكو من فقر الدم وفجاجة الوعي وجـرب الحيـاة, بيـد أنـهم يصرون بشدة على عظمة ما ينتجون, وقصور الآخرين في استيعاب كتاباتهم العظيمة, واضعين اللـوم علـى أولئك الذين يقفون في طريقـهم (المسـدود) ويعرقلـون مسيرتهم الخالدة.
والكثير من هؤلاء يتوصل الى قناعة بـلا جدوى عمله, ويشعر باليأس والملل, فيترك الجمل بما حمل, ويغادر الأدب ووجع الرأس ومهنة الافلاس, ويتفرغ الى شؤونه وشجونه.
والقليل منهم, يشق طريقه, بطريقة وألف طريقة, ويدخـل عالم الأدب من باب مخلوع أو شباك مقلوع, وقد يصــدر كتابـا أو ثلاثـة أو عشرة, من دون أن يسجل حضورا ملحوظاً.
هواة الأدب والفن والصحافة جاهزون دوما فـي تجـهيز البضاعة حسب الطلب والعرض, بالرغم من كساد سـوقهم وعدم رواج بضاعتهم.
الهواة كل الهواة, جميلون طيبون وخفيفو الظل, لكنهم هواة غير محترفين, وغير معنيين بالصنعة, التي تتطلـــب موهبة ومهارة ومثابرة وجهدا جهيدا.
أيها الهواة الأعزاء مـهلاً, أن النفائس تصنع على مهل, والسفاسف على عجل.
...
جريدة الأنباء 28 / 9 / 2003
عمودي الأسبوعي الثابت (على حافة الثقافة)
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟