أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - النظام العولمي وسيادة القوة














المزيد.....

النظام العولمي وسيادة القوة


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع شدائد القرن العشرين ودخولاً في القرن الحادي والعشرين تأخذ في الإفصاح عن نفسها نبوءة فوكوياما القائلة بأن قطار الحضارة الأميركية يبلغ منتهاه، مجسداً في القاطرة الأخيرة منه، وقد مثل على المسألة بالقطار التاريخي وبقاطرته الأخيرة ليستنبط نتيجة تتوافق مع منظومته المنهجية، التي تعني أن من تمكن أو يتمكن من التعلق بالقاطرة الأخيرة من القطار التاريخي، يحقق الخطوة التاريخية الحاسمة (وهي كذلك الأخيرة)، للمحافظة على مساره التاريخي. وبتعبير آخر، فإن من أنجز ذلك من البشر والمجموعات البشرية، كائنة من كانت، يصير بمثابة من كُتب له البقاء والاستمرار صُعُداً، أما من فاتته القاطرة المذكورة، فعليه أن يقتنع بمصيره المجسد بـ«الخروج من التاريخ»، لأنه دلل بذلك على عجزه في الاستمرارية التاريخية. أما المعيار في ذلك فيتجسد في «قصوره التاريخي» الذي راح يتضح في إخراجه من الرهان التاريخي وفي دفعه في وضع عالمي متسم بالفوضى الشاملة وباستباحة للقانون الدولي، كما بسيادة للقوى الغاشمة الصماء، وهذا ما راح يتجلى في أحداث العالم منذ ذلك الحين إلى عهدنا هذا المعيش.

ذلك أنه مع ظهور النظام العولمي وتعاظمه، أخذ العالم يعيش فصولاً جديدة من التاريخ الجديد، وكان سقوط بغداد إحدى القرائن الكبرى الدالة على ذلك، أما القشة التي قصمت ظهر البعير فقد راحت تتجلى في سوريا وفي غيرها، وقد صدق ذلك متجلياً بما خاطب به كولن باول دمشق، بعد سقوط بغداد عام 2003، حيث قال آنذاك بصفته قائد القوات العسكرية الأميركية التي أسست لذلك السقوط: على دمشق أن تُتقن الدرس البغدادي، لقد كان السقوط البغدادي العراقي مقدمة لهيمنة العصر الأميركي هكذا مباشرة، أو عبر مظاهر أخرى: فقد أتت هذه الأخيرة فاعلة باتجاه تساقط البلدان العربية الواحد بعد الآخر. وراح ذلك يتجلى بالتسويق العميق للمذهبية والطائفية والعرقية، بحيث أصبحت هذه تعبيراً عن استراتيجية إسقاط بلدان عربية عبر التمكين لعصر الطوائف المركب هذا، إلى درجة أن «الثأر» التاريخي لهذا الأمر أو ذاك راح يعلن عن نفسه بوضوح وبكثير من التهديد أولاً، وإلى أن تتدخل قوى أجنبية أخرى تتجسد في بلد عربي هو سوريا، بالتدمير بالطيران وبالوسائل الكيماوية إن لم تركع، وتعلن الترحيب بالغزاة المجرمين، فهي مفتوحة مُستباحة لعالم السوق العولمية وبمواقفهم المختلفة في المصالح، والمتوافقة في الغرب وإسرائيل على طمر الشعب السوري أخيراً.


وببعض التفصيل بالقول بأن إيران تعلن بوضوح أن لها أربع عواصم في العالم العربي، هي دمشق وصنعاء وبيروت وبغداد، لها الحكم (الشيعي) فيها، أما روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي فتأتي إلى دمشق لتجرب أسلحة لها تسلطها ضد قوى «الإرهاب»، ونجد أن أسماء «كبيرة» من المثقفين السياسيين اللبنانيين تسعى لامتلاك أسلحة سورية تفجرها، بالتعاون مع مسؤولين من الجوار، في قلوب وعقول لبنانيين وسوريين وآخرين، ونراقب - والنار تشتعل في جوانحنا- ما يحدث في حلب الشهباء، وغيرها من تفكيك منهجي غير مسبوق ومركز، وهي التي تُعتبر إيقونة الشرق ذات الخمسة عشر قرناً. أضف إلى ذلك ما أعلنه حسن نصر الله حين قال إنه دخل سوريا لحماية المقدسات! وسؤالي الآن له هو التالي: هل تعني أن المقدسات إياها كانت فاقدة لمن يحميها؟ هذا بغض النظر عن حقيقة أن هنالك خلافات بين مؤرخين في تحديد أماكن تلك المقدسات؟ يبرز التساؤل المرير التالي: أين موقع الشعب السوري من هذا الواجب على مدى ألف وأربعمئة سنة؟

والآن، ماذا أضيف إذ أرى سوريا الحضارة والتاريخ صيداً ثميناً لمن لا يؤمن بالحضارة ولا بالتعدد الحضاري؟ فأمامنا مشاهد لا أدري إن كان وجد مثيل لها في زمن آخر. لكن يبدو أن التاريخ له خطاياه ومذلاته الكبرى، التي ظهر أنها لا تدخل حالة النسيان، وأنها لا تستطيع ذلك، فهناك أعين البشر وذاكراتهم وسجلاتهم تعمل جميعاً على الاحتفاظ بها، على الأقل من أجل كرامة الإنسان.

إن مأساة سوريا ذات خاصية مركزية، بقدر ما نراها في محيط هائل من الدماء الحارة، وكذلك بقدر ما تتجلى في أقسى أقدار التاريخ العالمي. ولابد من التذكير هنا بأنه لا شيء يحمل أثقال البشرية الحرة المجيدة أو بعضها، قابل للنسيان أو الذوبان.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية
- خطاب التنوير ضد الإرهاب
- النزيف السوري والتدخل الدولي
- الاستشراق بين الأنا والآخر
- «داعش» وتحديات التاريخ
- أما آن لليل أن ينجلي؟
- من فلسطين إلى سوريا
- الدين لله والوطن للجميع
- سوريا وأسئلة اللحظة
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي
- سوريا مَنْ الصديق ومَنْ العدو؟
- طريق الاستباحة الشاملة!
- وصل السيلُ الزُّبى!
- المشروع النهضوي.. مواجهة حاسمة!
- المواطَنة السعيدة
- الحقيقة الدينية


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - النظام العولمي وسيادة القوة