أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - القصور التاريخي














المزيد.....

القصور التاريخي


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5125 - 2016 / 4 / 6 - 08:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يعيش العالم العربي بكله وبأجزائه حالة من القصور التاريخي، الذي قد يكون محشواً بعدد هائل وقادم من الانفجارات والأفخاخ، التي يراد منها أن تدخله في حشرجاته الأخيرة، وإذا كنا مذعورين من إدخال العالم العربي فيما يراه البعض تفككاً له وتآكلاً، بسبب المشاريع المنطلقة من مؤخرة التاريخ، مثل التقسيمية الاثنية العرقية والطائفية، فإننا بالمقابل مدعوون إلى اكتشاف ما يجعل منه لُحمة واحدة متعددة المكونات، ولكن موحدة أو متقاربة البنى التاريخية والوظائف والأهداف الاستراتيجية.

إن ذلك الأمر أصبح جزءاً حاسماً في استراتيجيات دول ترنو إلى إعادة تأسيس إمبراطوريات تصدعت وتفككت تحت تغيرات الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية والثقافية فيها وفيما حولها، ويهم في هذا الخصوص أن انتصارات كبرى ومديدة حدثت في مراحل تحقيق الاستقلال الوطني، وقد تبلور ذلك في مرحلة ظهور العالم الثالث، خصوصاً فيما تجلى فيه بالعالم العربي، لكن خطوات أخرى في اتجاه تأسيس عالم عربي مزدهر قلما حدثت.


لقد جرى التوقف بعد إنجاز الاستقلالات العربية، حيث أدرك الغرب ضرورة ذلك التوقف بأشكال شتى، منها الانقلابات العسكرية والإبقاء على السلطة في أيدي هذه الأخيرة وأيدي ورثتها، في سورية ولبنان والعراق ومصر وليبيا وتونس والجزائر واليمن والسودان.. إلخ، هذا مع اقتطاع مناطق عربية هنا وهناك من قبل بلدان أجنبية، بل تم اقتطاع فلسطين بكاملها لصالح القوى الصهيونية، وثلاث جزر إماراتية اقتطعت من قبل إيران.

واتضح أن بعض ورثة الحكم في العالم العربي أخفقوا في الحفاظ على ما ورثوه، حيث فككوه وحولوه إلى احتياجات خاصة بهم عبر ما تبلور على أيديهم تحت دائرة الاستبداد الرباعي: الاستئثار بالسلطة، وبالثروة، وبالإعلام، وعبر ما لفق تحت عنوان المرجعية المجتمعية السياسية، لقيادة البلد والحزب القائد أو الطائفة المهيمنة، أو ما يقوم مقام المرجعية الأولى القطعية، وعلى هذا الأساس، نشأت أحزاب ومجموعات أفرزت ذلك «الحكم».

وهنا، علينا أن نضبط عملية التفكك، التي اخترقت المنظومات السياسية والفكرية والأخلاقية لأولئك، حيث أدى ذلك إلى سقوطهم، لكن أيضاً إلى تفكك ما ظنوا أنه بنيتهم النظرية والسياسية والأخلاقية: إن أجلّ الأفكار تتساقط على أيديهم وربما تتحول إلى نقيضها. هكذا تحولت فكرة العروبة والمشروع النهضوي العربي إلى نقيضها، بل إلى عدوها. وقياساً على هذا، تحولت فكرة العروبة الإنسانية الديموقراطية إلى نمط من التمذهب الفاشي المغلق!

ونلاحظ أن ذلك التمذهب العرقي الفاشي يغدو الوجه الأول للاستئثار الرباعي، ليتحول إلى حالة مندمجة بأيديولوجيا دينية ظلامية، في وجهها الثاني، هذا ما نلاحظه في الأيديولوجيا الشيعية الإيرانية الفارسية، التي تنبع أولاً في اعتقادها أنها الأسمى من بين كل الأيديولوجيات، وفي أنها ثانياً المدعوة إلى إصلاح «الخلل البشري» عبر تدخلها في شؤون البشر جميعاً إن استطاعت.

إن المشروع العربي، الذي واجه انكساره على أيدي من زعموا أنهم بناته وأصحابه، يعود الآن إلى الحلبة، رافضاً -على أيدي جموع متعاظمة من حامله الاجتماعي- الاستبداد والظلامية والاستئثار بالسلطة والثروة والإعلام والمرجعية المجتمعية السياسية، وداعياً إلى فتح عوالم جديدة أمام انتصاراته. والحق، أن الخروج من هذا المشروع لن يعني أقل من تفكك الأقطار العربية واحداً تلو الآخر، يداً بيد مع التأسيس الاستراتيجي لمنظومة فكرية سياسية تتناول عبرها المعيقات بصبر وتأنٍّ ومستقبلية. هكذا، تبدأ نقطة الولوج إلى المشروع العربي النهضوي من ثلاثية التنوير دون الظلامية، ومن الديموقراطية دون الهيمنة، ومن العروبة التي تستوعب البشر أجمعين!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي
- سوريا مَنْ الصديق ومَنْ العدو؟
- طريق الاستباحة الشاملة!
- وصل السيلُ الزُّبى!
- المشروع النهضوي.. مواجهة حاسمة!
- المواطَنة السعيدة
- الحقيقة الدينية
- استحقاقات راهنة
- واقع العرب واستحقاقاته
- السوق العولمي والعنف «الداعشي»!
- المحنة السورية والعدالة الدولية
- «داعش» ووحوش العولمة
- سوريا ومسيرة «الإنسان»
- «داعش» وفوكوياما و«الربيع العربي»
- يوم حشر سوري عالمي!
- الإرهاب يواجَه بالفكر
- من «البعث» إلى الفاشية الدينية


المزيد.....




- تونس ـ السجن لرئيس الحكومة الأسبق ومسؤولين سابقين في قضية -ا ...
- مصر.. البلشي يحسم مسألة سباق نقيب الصحفيين
- لبنان يعرب عن تضامنه مع سوريا في وجه -الاعتداءات الإسرائيلية ...
- الولايات المتحدة تلغي نظام الإعفاء من التأشيرة مع رومانيا
- توصيات الجامعة الربيعية لأطاك المغرب المنظمة بالرباط أيام 25 ...
- ناشطة بأسطول كسر الحصار: قلقون من احتمال حدوث هجوم إسرائيلي ...
- كيف استخدمت الدعم السريع المسيّرات لتغيير مسار الحرب؟
- غارات إسرائيلية جديدة على سوريا ودوي انفجارات في دمشق
- محللون: إسرائيل تستثمر هشاشة الوضع بسوريا لفرض وقائع ميدانية ...
- غارات إسرائيلية تستهدف مناطق متفرقة في سوريا


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - القصور التاريخي