أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا وأسئلة اللحظة














المزيد.....

سوريا وأسئلة اللحظة


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 08:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نعود اليوم إلى تاريخ منصرم وقع في 31 ديسمبر من عام 2011، حيث نشرت فيه مقالة بعنوان «سؤالان اثنان قد لا يحتملان وقد يحتملان من قبل نظام الاستبداد والفساد»، وكان ذلك في مدينة الرقة، والملفت الإيجابي جاء في ترك عنوان المحاضرة التي دعيت إليها، لي، فكان التالي:

«سوريا في عيون مثقفيها»، أما من حضر تلك المحاضرة فكان منهم بعض أهم المسؤولين في المدينة مثل: رئيس الأمن الوطني في المدينة، ورئيس الدائرة الثقافية، وأخيراً رئيس المرجعية الحزبية، وأعتقد أن محافظ المدينة كان موجوداً أيضاً في إطار رئاسة الدائرة الثقافية.


ومع التئام الجمع في قاعة المحاضرات، قدمت السؤال الأول، وهو الذي ظهر بالصيغة التالية: ما الذي أنجزه السيد الرئيس في الولاية الأولى؟ في حين ظهر السؤال الثاني على النحو التالي: ما هو برنامج السيد الرئيس للولاية الثانية؟ وما إن انتهيت من طرح مثل تلك الأسئلة حتى بدا أن المذكورين الثلاثة المشار إليهم -وقد جلسوا في الصف الأول- اتفقوا بالأعين على أمر ما اتضح حالاً أنه الخروج من قاعة المركز الثقافي، وذلك بحركة تستبطن احتجاجاً أو بعض احتجاج!

كان ما شاهده وأحس به الجمهور أمراً قد يختزل نصف قرن تقريباً من عمر سلطة راحت شيئاً فشيئاً تختزل الوطن والشعب، بحيث انتهى الأمر إلى أننا ربما تمكنا من ضبط القانونية العمومية، التي ضبطت المجتمع السوري على امتداد ما يقترب من نصف قرن. أما هذه الأخيرة فلعلها تكون ما وصفته بـ«قانون الاستبداد الرباعي»، أي الاستئثار بالسلطة وبالثروة وبالإعلام وبالمرجعية المجتمعية، أي الإعلان بأن الحزب الحاكم هو مع رئيسه، الذي يقود الدولة والمجتمع، ومع ثم جاء الخروج من قاعة المحاضرات بمثابة استنكار للسؤالين المعنيين بمثابتهما تعدياً على حقوق الزعامة في ألا يعترض عليها: البقاء في الحكم إلى الأبد أولاً، والتصرف بكل شؤون الجمهورية دونما مساءلة أو اعتراض ثانياً! فكأنما نحن أمام نموذج تاريخي هو فرنسا قبل الثورة الفرنسية الكبرى، وذلك حين أعلن ملك فرنسا عملية التماهي بينه وبين القانون، فقال: أنا القانون، والقانون أنا، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام أكثر من حكم «جمهوري» وراثي، فلقد تحول الوطن إلى حالة فاقدة حتى للضوابط الدستورية والقانونية (المكتوبة والمقر بها).

وفي تلك الحالة الهائلة الدلالة، اتضح أن «الخارج» لم يبقَ صامتاً ودون حراك أمام «داخل منهك ومستباح»، ينادي أن تعالوا خذوني، مشيراً، بذلك، إلى المثل الشعبي الدقيق والحازم القائل إن: المال الدائر يعلم الناس السرقة!

أمام ذلك كله نجد أنفسنا أمام طرفة تقارب الكوميديا السوداء، وتتلخص في أن الحطام الذي أنتجه صناع الفساد المالي والاجتماعي والأخلاقي، يقدمه هؤلاء على أنه تعبير فاقع عن «مؤامرة خارجية من قبل الأعداء»! يسوقها أهل البلد المرتبطون بهؤلاء وبغيرهم، وذلك على نحو يفضي إلى وضع دعاة الحداثة والتعددية والتنوير تحت «قبضة الخيانة»! هكذا، تقلب المعايير والدلالات على عقب، لتقود إلى نتائج تكرس أعمالاً خارجية تقود هي بدورها إلى اللعب بالقيم الوطنية الداخلية، وبذلك يفقد المواطن والباحث القدرة على وضع الأمور في نصابها العلمي والسياسي.

وعلى العكس من ذلك تبدو الحلقة السليمة في الموقف هنا، ماثلة في الحفاظ على جدلية الداخل والخارج، دون تحويل هذه الأخيرة إلى التزامات فكرية وثقافية عامة وميكانيكية، وهذا يضعنا أمام المصداقية المعرفية والسياسية، بوصفها مدخلاً إلى المسألة و«ثابتاً» في البحث العلمي إضافة إلى النشاط السياسي والأخلاقي.

نحن نلجأ هنا إلى المرجعية العلمية الموضوعية، لنتمكن من ضبط ما أصبح مهدداً في معركة معقدة من أجل سوريا، وإلا فإن الأمر يبقى أسير مواقع لا يمكن التزحزح عنها، مؤدياً إلى ما قد يفضي إلى الإطاحة بالوطن السوري نفسه، وليس بالآراء التي نتمسك بها حوله فحسب. إنها، إذن، دعوة للتمسك بالحقيقة الواقعية، التي تتجلى على الأرض مفتوحة وبعيداً عن ثوابت دائمة، بل مطلقة.

هكذا إذن، فإن «الحقيقة السياسية المتحركة» تظهر أنها كذلك، بعيداً عن رغبات ومقولات وأحلام من يبحث عن الحقيقة إياها في الرؤوس وليس في الواقع التاريخي المتدفق بعجره وبجره، ولذا فإن على المتحاورين والمتصارعين، إذن، أن يضبطوا قواعد اللعبة، كما هي، وليس في دعوات وهمية تعقد الأمور، ولابد من القول بأن سوريا الجريحة تنتظر من يقدم لها حقوقها في الكرامة والحرية والتقدم، وذلك بالخروج أولاً من الكارثة غير المسبوقة والملطخة بالعار والدماء والدمار.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي
- سوريا مَنْ الصديق ومَنْ العدو؟
- طريق الاستباحة الشاملة!
- وصل السيلُ الزُّبى!
- المشروع النهضوي.. مواجهة حاسمة!
- المواطَنة السعيدة
- الحقيقة الدينية
- استحقاقات راهنة
- واقع العرب واستحقاقاته
- السوق العولمي والعنف «الداعشي»!
- المحنة السورية والعدالة الدولية
- «داعش» ووحوش العولمة
- سوريا ومسيرة «الإنسان»
- «داعش» وفوكوياما و«الربيع العربي»
- يوم حشر سوري عالمي!
- الإرهاب يواجَه بالفكر


المزيد.....




- زيلينسكي يصف اتفاق المعادن مع واشنطن بالعادل.. ما رأي الأوكر ...
- طبيب أمريكي عمل بمستشفيات غزة بأكثر من زيارة: الأمر يزداد سو ...
- أسطول الحرية: السفينة المتوجهة إلى غزة تتعرض لقصف بمسيرة وما ...
- إسرائيل تشن غارة على محيط القصر الرئاسي في دمشق في -رسالة لل ...
- إسرائيل تعلن شنها ضربات بمنطقة مجاورة للقصر الرئاسي السوري
- هل يوافق ترامب على ضرب إيران بـ-أم القنابل-؟
- -أسطول الحرية- يؤكد خطورة إصابة إحدى سفنه ويدعو مالطا للتحرك ...
- تقرير: الاستخبارات الهندية تشير إلى ارتباط باكستان بمنظمي هج ...
- حادث مروحية مروع في أستراليا.. والشرطة تفتح تحقيقا عاجلا
- بروفيسور بريطاني: ترامب يرى فرصا أكبر للبزنس مع موسكو لذلك ي ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا وأسئلة اللحظة