أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية














المزيد.....

الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5235 - 2016 / 7 / 26 - 09:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



جاء الانقلاب العسكري الذي أعلن عنه في تركيا قبل أسبوعين، ليثير فينا ذكريات صعبة تعود إلى فترات متعددة من القرن المنصرم، كان البعض يدعوها فترات الانقلابات العسكرية منذ انقلاب أديب الشيشكلي وغيره، وكان ذلك قد ظهر بمثابة خط فاصل بين تأسيس مرحلة الاستقلال الوطني عن الاستعمار الفرنسي وبين ما سيؤدي إليه الوضع اللاحق في سوريا. وتهمنا هنا تلك المواصفات التي حددت مرحلة ما بعد ذلك الاستقلال الوطني، وقد نعمم ذلك، ولو جزئياً، على بلدان انتمت في حينه إلى «العالم الثالث» مقابل العالمين الأول والثاني في النطاق الاقتصادي والسياسي الثقافي، الرأسمالي من طرف والاشتراكي من طرف آخر، هكذا، تبلور الموقف في حينه عالمياً.. ويلاحظ أن «العالم الثالث» وقف بين ذينك النظامين، مُتمسكاً بما ظهر في حينه تحت دعوى «الحياد» أو «الحياد الإيجابي»، واستمر ذلك قائماً طيلة وجود النظام الاشتراكي (الاتحاد السوفييتي) ومنظومة المعسكر الاشتراكي.. ومع تفكك الاتحاد السوفييتي تفكك معه النظام الاشتراكي كله، وكان ذلك بمثابة عودة إلى الخريطة العالمية السابقة.

أما الحديث عن الجيوش غير العسكرية وعن الانقلابات العسكرية فعاصر الحضور العالمي للمعسكر الاشتراكي، الذي قدم نفسه، بصفته نصيراً وحليفاً للعالم الثالث، وقد حدث أن النزوع إلى الشمولية ظهر في النظام السوفييتي، بحيث راح يضعفه، مترافقاً مع ظاهرات أخرى مثل هيمنة الحزب الواحد والأيديولوجيا الشمولية وغياب الديمقراطية البرلمانية، وغير ذلك! وقد أثر هذا في بنية البلدان المنخرطة في العالم الثالث بحيث هيمن فيها مثل ذلك التهيكل بعد أن وصلت إلى السلطة في بلدانها، محتذية، بقدر أو آخر، حذو البنية السوفييتية، منطلقة في ذلك من مناصرة الاتحاد السوفييتي في مواجهة نسبية للعالم الرأسمالي.


إن الحديث هنا يدور على الجيش والحزب القائد في البلاد العالم- ثالثية ومنها البلدان العربية في حينه (مصر والعراق والجزائر وسوريا واليمن وغيرها)، وقد نشأت في هذه البلدان وبدرجات مختلفة جيوش متأثرة بنمط الجيش السوفييتي والجيوش الاشتراكية الأخرى، مع نشوء أحزاب وقادة أحزاب أحادية، ومع نظم سياسية لا تخضع غالباً لتقليد التداول في السلطة وغيرها، وبالمناسبة كان لذلك تأثير على البلدان التي نحت -بالعموم- نحو الاتحاد السوفييتي.

ومع غياب المراقبة الديمقراطية، بقدر أو بآخر، نشأت مفارقات من نمط: الحزب الذي يخضع أولاً للقائد، دون ضوابط أخرى تتحدد بضبط السلطات الثلاث الكبرى التشريعية والقضائية والتنفيذية، وغياب الانتخابات البرلمانية، والرقابة من قبل مرجعيات الدول والقضاء وغيره من مؤسسات المجتمع.

وقد أسهم ذلك في اقتحام الجيوش عالم السياسة، ما أنتج حالة من ارتباط الجيش بالقيادة السياسية على حساب الخصوصية العسكرية في تلك الجمهوريات، وهذا بدوره راح يضعف الجيوش الوطنية (ومنها العربية) بحيث أصبح الانتماء العسكري تابعاً للمسؤول الحزبي، وبحيث أنتج ذلك تفكك البنية العسكرية، وجاءت الارتباطات بين عسكريين كبار ومؤسسات اقتصادية غير مراقبة وفق ضوابط اقتصادية وطنية، لتعمل على تفكيك البناء العسكري الذي يربط العسكريين بمؤسستهم! ومع ازدياد الفساد المالي والاقتصادي والسياسي، وجد الجيش الوطني المعني نفسه تابعاً لأشخاص ذوي حظوة مالية، بعد دخول الجيش في حال من الهُزال العسكري، وهكذا نشأت ظاهرة تتمثل في تحول قادة عسكريين إلى مديرين لمؤسسات اقتصادية مالية وصناعية وغيرها، ما أدى إلى ظهور وليد جديد في حاضنة مغايرة! وهذا ما أفضى إلى مصطلح «الجيش غير العسكري» الذي سيكون حاضراً، مع حضور المصالح والمهمات المالية خصوصاً.

لقد ابتلي الجيش في العديد من جمهوريات العالم العربي ببلاء نزع هويته العسكرية الوطنية، لتضفي عليه مسحة تجارية ومالية ومصلحية حزبية وشخصية، وربما كذلك من مواقع أخرى لا تتوافق مع صفات ثلاث تجعل منه جيشاً جديراً بأن يكون جيش وطن، ونعني صفات الوطنية والعسكرية والأخلاقية. لقد نشأت تلك الجيوش اللاعسكرية، إذن في «العالم الثالث» فأضعفت المناعة العسكرية والوطنية والأخلاقية فيها، إضافة إلى بروز نزعات طائفية ومذهبية وربما عرقية فاسدة، بحيث تشكلت أرضية خصبة لبروز ذلك النمط من الجيوش «العاجزة».

وقد وجد بعض جمهوريات العالم العربي والعالم- ثالثي نفسه أمام فخ تفكك جيوشه الوطنية على ذلك النحو، وكذلك حيث أصبح الأمر يحتمل ظهور انقلابات عسكرية تعود بالوطن إلى الوراء، وتؤسس لحالة من الضعف البنيوي الشامل والماحق، بحيث يصبح أمام حالة مأساوية فظيعة وتدخلات خارجية سلبية، وهذا ما يمثل بجدارة وقوة في المقولة المنهجية السياسية المتمثلة بـ«جدلية الداخل والخارج»، إنه درس للعالم العربي كله ينبغي أن يتعلمه ويطبقه لتلافي حالة واسعة من المخاطر والاستباحة، وخصوصاً الآن، حيث أصبح معظم العالم العربي مستباحاً للأسف الشديد.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب التنوير ضد الإرهاب
- النزيف السوري والتدخل الدولي
- الاستشراق بين الأنا والآخر
- «داعش» وتحديات التاريخ
- أما آن لليل أن ينجلي؟
- من فلسطين إلى سوريا
- الدين لله والوطن للجميع
- سوريا وأسئلة اللحظة
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي
- سوريا مَنْ الصديق ومَنْ العدو؟
- طريق الاستباحة الشاملة!
- وصل السيلُ الزُّبى!
- المشروع النهضوي.. مواجهة حاسمة!
- المواطَنة السعيدة
- الحقيقة الدينية
- استحقاقات راهنة


المزيد.....




- الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
- ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين ...
- أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي ...
- فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم ...
- ترامب يقيل مفوضة مكتب إحصاءات العمل بعد تراجع توقعات نمو الو ...
- مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي ...
- ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات ال ...
- من يقف وراء التخريب في شبكة السكك الحديدية الألمانية؟
- كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
- حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية