ممثلو الثنائي المساكين


محمد علي مقلد
الحوار المتمدن - العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 16:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

اللبنانيون الذين يقدرون تضحيات كل المقاومين لتحرير التراب الوطني من الاحتلال، كانوا ينتظرون من حزب الله أن يتمثل بسواه من الميليشيات اللبنانية، لأن المقاومات تفقد مبرر وجودها بعد زوال الاحتلال، وأن يحذو حذو حزب العمال الكردستاني، آخر أشهر قوى التحرر الوطني في العالم، فيسلم سلاحه للدولة، حتى لا يلقى مصير المسلحين في بعض بلدان أفريقيا الذين تحولوا إلى أدوات للانقلاب على أنظمة الحكم، أو كما تحولوا في بعض بلدان أميركا اللاتينية إلى عصابات تدير الاتجار بالمخدرات.
أما فلسطين، القضية الوحيدة المتبقية من تركة الاستعمار، فقد ثبت بالدليل القاطع، أن مواجهة الاستيطان الصهيوني فيها بالحجارة والانتفاضات الشعبية في الداخل، وبحشد التضامن معها من الخارج أشد إيلاماً للعدو وأكثر جدوى من حروب الجيوش والأنفاق والطوفان والإسناد والصواريخ الباليستية.
غير أن الثنائي الشيعي يفكر على موجة أخرى. هو أصر على الاعتقاد أنه حقق ما حققه بفضل امتلاكه السلاح، وأغفل وتغافل عن العوامل الأخرى التي ساهمت في تضخم دوره في لبنان وخارجه. أغفل مثلاً أنه ورث تشريع السلاح ممن سبقه في حركة تحرر وطني، كان نظام الأسدين جزءاً منها، ظلت قرناً من الزمن تناهض استعماراً غير موجود، ما جعلها تتوسل قضية فلسطين كبدل عن ضائع، وتغافل عن قصد عن أن هذه الحركة انهزمت، وذلك حتى لا يستخلص من هزيمتها أي درس مفيد، ولاسيما الدرس المتعلق بالسلاح وبخطر الاستقواء بالخارج.
قيادة الثنائي التي تغفل أو تتغافل عمداً وعن وعي، تجعل ممثليها في الحكومة يتصرفون كالمغفلين. أحدهم سافر حتى تهدأ العاصفة، وآخر احتج على حصرية السلاح ثم انسحب من الجلسة بعد أن وافق على المذكرة الأميركية، وثالث رح يشكو من تحميله عبء النقاش السياسي وكأن ذلك ليس من اختصاص وزير في حكومة، ورابع قرر الانسحاب من الجلسة لا من الحكومة.
ممثلون أقل ما يوصفون به أنهم مساكين. وافقوا على البيان الحكومي ويعترضون على تنفيذه. وافقوا على أن يتولوا إعادة الاعتبار للدولة والقانون والدستور، ثم راحوا يقترحون العودة إلى لجنة الحوار( فادي مكي) أو إلى صيغة الترويكا(ركان ناصر الدين)، ربما لأنهم يستلهمون التفسير القيادي القائل إن الدستور ينص على وجود المقاومة، وربما على وجود الملائكة، من يدري!؟
يقول الشيخ نعيم قاسم في كتابه، حزب الله، المنهج التجربة المستقبل، أن قيادة الحزب وافقت على الانخراط في مؤسسات الدولة اللبنانية بعد الطائف حين تبلغت القرار بالموافقة من الولي الفقيه. إذا ارتضت القيادة أن تأتمر بأمر ولي النعمة، فما بال من بلغوا درجات عليا في العلم والمعرفة يحجمون عن توظيف العلم في مصلحة إعادة بناء الوطن والدولة؟
لا يستحق أن يكون وزيراً في حكومة الإنقاذ من لا يثق بعلمه وكفاءته ومن ينتظر أن يلقنه الموقف من هو أدنى منه علماً ومعرفة، ومن يرهن شرعية وجوده في الحكومة لرضى قيادة الثنائي، ومن يعتقد أن الثنائي قادر اليوم على التشكيك بالحكومة وشرعيتها ودستوريتها مثلما فعل في عز سطوته بعد اغتيال رفيق الحريري.
لا يستحق أن يكون وزيراً من يغفل أو يتغافل عن حقيقة باتت راسخة، وهي أن أهم حكومة في تاريخ الجمهورية اللبنانية هي الرباعية التي تشكلت من اثنين من السنة واثنين من الموارنة ولم يجد أحد باباً للطعن بميثاقيتها وشرعيتها ودستوريتها. حصل ذلك لأن رجلي دولة كبيرين، فؤاد شهاب ورشيد كرامي، كانا يتوليان قيادة البلاد للخروج من أزمة السلاح غير الشرعي ومن النسخة المصغرة من الحرب الأهلية آنذك.