الدولة لا تُبنى بالتكفير والتحقير


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 17:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

هل تستطيع العصابات ان تبني الدولة السورية ؟. وهل بمقدور الفصائل المسلحة المنفلتة ان تنهض ببناء نظام الحكم العادل ؟. وهل تُبنى الدولة بمصادرة الحقوق والحريات ؟. وهل ينجح المتطرفون في ارساء قواعد الامن الوطني ؟. فالدولة لا تبنيها العصابات، ولا تنهض بها المافيات، ولن يتحقق فيها العدل والإنصاف في ظل التوجهات المنحازة نحو فئة طائفية بعينها وترجيحها على بقية المكونات الوطنية الملونة. فالذي يخضع الشعب للمساءلة عن دينهم ومذهبهم وميولهم العقائدية لن يبني دولة، ما هكذا يا سعد تورد الإبل، فالدولة لا تمارس التكفير على أبناءها، ولا تصنّفهم إلى فئات ودرجات ومراتب ومستويات، ولا تضطهد شعبها وتخضعهم للتعسف العرقي والطائفي، ولا تنصب الحواجز في الطرقات وفي مداخل المدن لمحاسبة الناس على الهوية الدينية. هذا مسيحيي، وهذا علوي، وهذا إسماعيلي، وهذا شيعي، وهذا درزي، وهذا كردي، وهذا عربي، وهذا تركماني. . فكل شعوب الارض في شتى ارجاء العالم عبارة عن فسيفساء متعددة الألوان والأبعاد والأعراق والمذاهب، في الهند اكثر من الف ديانة، وفيها ملايين المعابد، لكنهم لا يمارسون التكفير والتحقيز ضد بعضهم البعض، ولا يقتل احدهم الآخر بسبب انتماءه إلى هذه الجماعة أو تلك. .
الانتهاكات التي وقعت في الساحل السوري ليست تصرفات دولة، وما نراه في السويداء ليس سلوك دولة. الدولة لا تقتل أبناءها بأساليب عشوائية، ولا تتفاخر بنشر صور القتلى على منصات التواصل، والدولة لا تهدد شعبها بخطابات تكفيرية غارقة في التطرف. .
لا ريب ان اهل السويداء حملوا السلاح للدفاع عن انفسهم وعن ممتلكاتهم، ولم يشنوا هجوما على غيرهم، بل كانوا يتحصنون داخل منازلهم لصد المعتدين ومنعهم من التغلغل الطائفي. ولا يجوز ان تتحرك العصابات كيفما تشاء تحت مسمى (دولة). ولا ينبغي ان تسمح للفزعات العشائرية من اجل سحق فئات بشرية مستضعفة. .
يتعين على الدولة ان تحمي الأقليات وان لا تهدر دماءهم لانهم لا ينتمون إلى عصابات الدولة. .
ما يحدث في سوريا هو اختبار للنظام الجديد، اما المنظمات الإنسانية التي لا ترفع صوتها الآن، فسوف تفقد حقها في الحديث عن أي عدالة لاحقا. .