زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 00:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي
8 سبتمبر 2025
في مقال تحليلي نشره الكاتب الأمريكي ميتشل بليتنيك في موقع Mondoweiss بتاريخ 30 أغسطس 2025، يصف المشهد الراهن بين واشنطن وتل أبيب بلغة قاسية تكاد توازي قسوة الصور القادمة من غزة. العنوان وحده يلخص كل شيء: «ترامب يواصل التلاعب بالخيال الخطير فيما نتنياهو يسوي غزة بالأرض».
يرى بليتنيك أن عودة دونالد ترامب إلى واجهة النقاش السياسي الأمريكي لا تجلب معها سوى مزيد من الأوهام والمغامرات الخطيرة. فالرجل، الذي يفتقر إلى أي رؤية متماسكة، يواصل إستثمار القضية الفلسطينية كورقة داخلية، بينما يترك لنتنياهو مطلق الحرية في تحويل غزة إلى ركام. الكاتب يربط بين "خيال ترامب" و"دمار نتنياهو"، ليقدّم صورة مزدوجة عن إنهيار السياسة والأخلاق معًا.
في تحليله، يشير بليتنيك إلى أن ترامب يعيش على وهم إمكانية فرض «إتفاق تاريخي» جديد في الشرق الأوسط، بينما الواقع يكذّب ذلك يوميًا مع إستمرار المجازر في غزة. فواشنطن، برغم إنقساماتها الداخلية، ما زالت عاجزة عن ممارسة أي ضغط فعلي على إسرائيل، بل إن خطابات ترامب تضيف مزيدًا من الشرعية لآلة الحرب التي لا تتوقف.
المفارقة، كما يوضح الكاتب، أن نتنياهو يدرك هشاشة الموقف الأمريكي، ويستغله إلى أبعد حد. فكلما توغل في العنف، وجد أن ردود واشنطن لا تتجاوز بيانات الإدانة الشكلية أو تصريحات إنتخابية جوفاء. أما ترامب، فهو يفضل الحديث عن «صفقات كبرى» وهمية بدل مواجهة الحقائق المريرة على الأرض: آلاف القتلى، مدن محطمة، وحياة فلسطينية تُسحق بلا رحمة.
لغة بليتنيك في مقاله لا تكتفي بالتوصيف، بل تحمل تحذيرًا واضحًا: إستمرار هذه الثنائية – خيال ترامب ودمار نتنياهو – لا يعني فقط إنهيار أي أفق للتسوية، بل يهدد بإشعال المنطقة مجددًا، مع ما يحمله ذلك من إرتدادات خطيرة على الداخل الأمريكي نفسه.
خاتمة
بعيدًا عن رؤية بليتنيك، يمكن القول إن تواطؤ الخطاب الأمريكي مع الممارسات الإسرائيلية لم يعد مجرد سياسة، بل أصبح جزءًا من صناعة الوهم الجماعي: وهم أن القوة العارية قادرة على فرض واقع دائم، ووهم أن واشنطن ما زالت تمسك بخيوط اللعبة. غير أن الحقائق على الأرض تُظهر عكس ذلك تمامًا؛ فكلما إزداد العنف، تعمّقت عزلة إسرائيل دوليًا، وتعرّت إزدواجية المعايير الأمريكية. وإذا إستمر هذا النهج، فإن النتيجة لن تكون «سلامًا تاريخيًا» كما يتخيل ترامب، بل مأزقًا تاريخيًا يضع الولايات المتحدة وإسرائيل معًا في مواجهة عالم لم يعد يقبل بالصمت على جرائم الإبادة والتدمير المنهجي.
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟